Friday 22 Nov 2024 |
AFED2022
 
AFEDAnnualReports
Environment and development AL-BIA WAL-TANMIA Leading Arabic Environment Magazine
المجلة البيئية العربية الاولى
 
مقالات
 
تلوث الهواء من وسائل النقل  
أذار (مارس) 2002 / عدد 48
 صدرت موازنة سنة 2002 من دون أن تلحظ أية اعتمادات لتطبيق القانون الخاص بالحد من تلوث الهواء الناتج عن وسائل النقل الذي أقر في آب الماضي. أي أنه سيستحيل استكمال تطبيق القانون في المدى المنظور على الأقل. فهو يلحظ استرداد عشرة آلاف لوحة عمومية بقيمة 6 ملايين ليرة لبنانية للواحدة، ودفع تعويضات للباصات الصغيرة (ميني فان) العاملة على المازوت، بهدف تبديل محركاتها الى البنزين. الموازنة أغفلت ذلك، في حين تطالب وزارة البيئة ولجنتا البيئة والأشغال والنقل والطاقة النيابيتان بتنفيذ القانون، الذي يبدو أن وزير المال وعد بامكان تغطيته لاحقاً من احتياط الموازنة. وبين الإقرار والتنفيذ والوعد، تنفث السيارات سمومها في هواء بيروت ورئات المواطنين.
وإلى الكلفة التي ستتكبدها موازنة الدولة، سيتحمل مالكو السيارات أكثر من مليار دولار ثمن تركيب محوّلات حفازة (catalytic converter) لأكثر من مليون سيارة في لبنان، إذا تم تطبيق القانون قبل أول تموز المقبل. فالقانون، كما صدر، يفرض تركيب المحوّل في جميع السيارات، حتى القديمة منها، وكلفته وحدها تتجاوز كامل ثمن معظم هذه السيارات. وفي حين يعتبر البعض ان هذه الكلفة غير مجدية اقتصادياً وبيئياً، لأن فعالية المحوّل ضعيفة جداً في السيارات القديمة المصنوعة أساساً للعمل مع بنزين يحتوي على الرصاص، يصرّ آخرون على تطبيق القانون كما صدر. وبين الاثنين، يتخوف المراقبون من نسف القانون برمته بسبب الثغرات. ويشدد بعض مستشاري لجنة النقل والطاقة النيابية ووزارة البيئة على ضرورة تركيب المحوّل الحفاز، باعتبار أن استخدام البنزين الخالي من الرصاص لن يحل المشكلة وحده، إذ ان نسبة الرصاص في الهواء ستخف، لكن اوكسيدات الكربون ستبقى مرتفعة من دون تركيب المحوّل. ويردّ آخرون انه لا يجوز فرض المحوّل الحفاز على السيارات القديمة لمجرد ان القانون يمنع البنزين مع رصاص ابتداء من أول تموز، فقد يكون هذا التدبير في ذاته خاطئاً. ويشيرون الى أن دول الاتحاد الأوروبي، مثلاً، ما زالت تبيع البنزين المحتوي على الرصاص في محطاتها بعد 15 سنة على فرض المحولات الحفازة العاملة على البنزين بلا رصاص في السيارات الجديدة، وذلك لخدمة السيارات القديمة. وبينما يطالب هؤلاء بدراسة جدوى بيئية اقتصادية، يحذر البعض من أن يؤدي استمرار السجال حول هذا الموضوع الى تأخير تنفيذ شرطين أساسيين لحظهما القانون، هما وضع مواصفات للمحروقات وتنظيم المعاينة الميكانيكية الدورية للسيارات.
هذا بعض ما توصل إليه "منتدى البيئة والتنمية" حول قانون تلوث الهواء، الذي عقد في نادي متخرجي الجامعة الأميركية في بيروت، بدعوة من مجلة "البيئة والتنمية" وجمعية متخرجي الجامعة الأميركية. وتحدث فيه كل من وزير البيئة الدكتور ميشال موسى، ورئيس لجنة الأشغال العامة والنقل والطاقة والمياه النيابية محمد قباني، ورئيس لجنة البيئة في جمعية مستوردي السيارات المهندس شوقي السعيدي ، والباحث في تلوث الهواء الدكتور فريد شعبان. وأدار النقاش نجيب صعب رئيس تحرير "البيئة والتنمية". وكان بين الحضور الوزير بشارة مرهج والنائب نبيل بستاني ورئيس جمعية متخرجي الجامعة الأميركية محمد المشنوق وحشد من الخبراء والاساتذة الجامعيين والناشطين البيئيين ومستوردي السيارات.
هنا أهم ما طرح في الندوة:
كيف يطبق القانون 341؟
صعب: تطبيق القانون الرقم 341 عن تلوث الهواء من وسائل النقل غاب عن موازنة 2002. وبينما طبقت بعض بنوده حسب ما تيسر، تعثر تنفيذ أجزاء كبيرة منه، في طليعتها المعاينة الدورية ووقف السيارات الصغيرة العاملة على المازوت. لقد أدى تطبيق فارق السعر بين البنزين الخالي من الرصاص والبنزين المحتوي على الرصاص إلى نتائج إيجابية، حيث ارتفع استهلاك البنزين بلا رصاص إلى 80 في المئة خلال شهور قليلة. لكن المازوت ما زال يستخدم في السيارات الصغيرة المخالفة رغم القانون وبلا رقابة. وتأجل تطبيق المعاينة الدورية للسيارات إلى 2003، مما يسمح لآلاف الصناديق المعدنية التي تسمى سيارات ان تجوب الشوارع بلا رقيب، ضد كل مقاييس السلامة العامة. فما الذي يعيق تطبيق القانون؟
موسى: هناك ضرورة لتطبيق القانون 341 كاملاً. ونحن نعتبر إقراره إنجازاً للوزارة، والأولوية الآن للعمل على تطبيقه كما صدر وليس محاولة إعادة النظر في بعض بنوده. ولكن تطبيق القانون يحتاج إلى مراسيم وإجراءات تقنية يجب ان تتخذها وزارات أخرى معنية والحكومة مجتمعة. نحن في بلد يعاني مشاكل اقتصادية واجتماعية وبيئية متعددة، ولا يمكن حلها كلها دفعة واحدة. تباشير تطبيق القانون مشجعة والنيَّات سليمة، والدعم من اللجان النيابية ممتاز.
قباني: القانون وضع لينفذ بكامله وبحرفيته، ولا يجوز الاستنساب. المعاينة الدورية للسيارات كان يفترض ان تطبق من بداية 2002. ولا أفهم كيف أن وزارة الداخلية، التي أعطت في السابق تراخيص إضافية لسيارات عمومية ضاعفت عددها على الطرقات، تؤخر تطبيق قرار المعاينة الدورية على الرغم من قرار مجلس الوزراء. لقد فوجئنا ان الموازنة التي قدمتها الحكومة لسنة 2002 لم تلحظ أية أموال تحتاجها حكماً لتطبيق قانون تلوث الهواء، الذي يقتضي استرجاع تراخيص 10 آلاف سيارة عمومية وإعادة ثمن لوحاتها إلى السائقين، كما يقتضي دفع تعويضات الى أصحاب باصات "الميني فان" العاملة على المازوت بموجب قانون 1995 الذي سمح لها بذلك. وسوف نصر في اللجنة على سحب الأموال اللازمة من احتياط الموازنة.
شعبان: وضع تلوث الهواء من السيارات في لبنان خطر جداً، ومجمل الخسائر الصحية السنوية بما فيها التعطيل عن العمل تتجاوز 130 مليون دولار. لقد أظهرت دراسة أجريناها في أواخر التسعينات ان التلوث بالرصاص في هواء بيروت يصل الى 8 ميكروغرام في المتر المكعب، أي أكثر من خمسة أضعاف الحد الأقصى المسموح به عالمياً. أما التلوث بالجزيئات الناتجة أساساً عن المازوت، فيتجاوز ضعفي الحد المسموح. والى جانب ضرورة تطبيق القانون سريعاً بشأن الحد من الانبعاثات السامة، لا بد من تنظيم النقل العام للتخفيف من الاستخدام الفردي للسيارات، حيث أن نسبة اقتناء السيارات في لبنان تبلغ سيارة واحدة لكل ثلاثة أشخاص، وهي من أعلى النسب في المنطقة، وهي عالية حتى مقارنة مع الدول الصناعية.
صعب: هناك من يحاول تأخير تطبيق القانون، وهناك من يشكك فيه ويطالب بتعديله مما يجعله مهدداً بالنسف، من منطلق أنه ما دام يحتاج إلى تعديل فلماذا نطبقه الآن؟ هل وضعت آلية لتنفيذ القانون ولسدّ الثغرات؟
موسى: قد نسمع آراء متعددة حول القانون فيها كثير من الصحة، ولكننا تخطينا مرحلة مناقشة الأمور تقنياً بعد أن أشبعناها درساً مع كل الخبراء والشرائح المعنية، والمطلوب الآن تنفيذ القانون. لقد اتفقنا على تشكيل لجنة وزارية من الوزارات المعنية، أي الداخلية والنقل والطاقة، وهي خطوة أولى أساسية لتنفيذ القانون. وانطباعي الخاص ان تطبيقه قريب جداً. وأؤيد تماماً ما قاله الدكتور شعبان بشأن تشجيع النقل العام، لأن اتساع استخدام السيارات الخاصة في لبنان أصبح لا يطاق. لكن هذا يقتضي تنظيم النقل العام وخطوط السير بما يحافظ على وقت الناس، فيعرف المواطن أنه يصل الى عمله في وقت محدد اذا استخدم حافلات النقل المشترك. وفي بعض المدن الاوروبية مسارات خاصة على الطرقات لتسهيل مرور الحافلات العامة.
صعب: اذا طال الوقت قبل تطبيق هذا القانون على نحو علمي وواقعي، يكون العالم قد بدأ استعمال مصادر بديلة للطاقة في السيارات غير المازوت والبنزين. العالم المتقدم يطور اليوم سيارات تعمل محركاتها على الهيدروجين.
الوزير موسى: أو الكهرباء كما شاهدنا الشهر الماضي في شوارع مدينة موناكو.
قباني: نحن في اللجنة النيابية أعطينا كل التسهيلات اللازمة لتطبيق القانون، وأجزنا للحكومة استرداد اللوحات العمومية ودفع ثمنها، مع تعويضات لباصات "الميني فان" العاملة على المازوت بهدف تحويلها الى البنزين الخالي من الرصاص. وأعطينا حوافز لشراء السيارات العمومية الجديدة. وهذه كلها كانت مطالب اتحاد النقل. لكن تقاعس بعض الجهات في الحكومة عن تنفيذ القانون شجع السائقين على التراجع عن القبول بالشروط التي كانت أساساً تلبية لما طالبوا به. ومن جهتنا سنصر، كما ذكرت، على تنفيذ القانون، مع أن الموازنة لم تلحظ اعتمادات له. وقد بدأنا نعمل على تكوين مجموعة ضغط (لوبي) من نواب وهيئات بيئية وهيئات حقوق الإنسان للضغط على المسؤولين لتنفيذ هذا القانون. وسوف نصعّد تحركنا تدريجاً كي نحقق ذلك. وليتأكدوا أن هناك من يستطيع ممارسة الضغوط في هذا الاتجاه مقابل ضغوط الجماعات المطالبة باستمرار الفلتان على الطرقات.
السعيدي: نحن في جمعية مستوردي السيارات مع تطبيق القانون طبعاً، ولا تأثير سلبياً علينا من جراء ذلك. بل نحن مع التشدد في تطبيقه. لذلك كان لدينا تحفظ على بعض البنود فقط، حيث طالبنا بمنع استيراد المحركات القديمة كلياً، أكانت تعمل على المازوت أم البنزين، لأن كل ما يستورد مستعملاً من أوروبا هو خردة ومحركات ممنوع تشغيلها هناك. وبسبب السماح باستيراد المحركات القديمة الرخيصة، لا نجد اليوم في لبنان ميكانيكياً واحداً يعرف كيف يصلح المحرك كلياً، إذ يتم استبدال المحرك المعطل بآخر مستعمل، فيخرب ويستبدل مرة أخرى وهكذا كل ستة أشهر. ويظن المستهلك ان في ذلك توفيراً، بينما هو تخريب للبيئة والاقتصاد. في القانون بند يطلب شهادة منشأ وتاريخ صنع المحرك المستعمل، ولكن من خبرتنا نعلم ان هناك مكاتب تزوير خاصة لاستصدار شهادة مخالفة للحقيقة. فمن سيضبط المخالفة وكيف؟ هل الجمارك تستطيع؟ لو لم يسمح باستيراد المحركات المستعملة لما وجدنا اليوم 30 ألف سيارة أجرة تعمل على المازوت بمحركات أحدثها عمره 20 سنة، وهي منعت في بلدان المنشأ.
قباني: لقد تغير القانون، اذ كان المنع الكلي يطول محركات المازوت المستعملة، بينما يشترط ألا يزيد تاريخ صنع محرك البنزين عن ثماني سنوات، وهو تاريخ الانتاج المفروض على السيارات المستعملة نفسها. ولكن مستوردي المحركات المستعملة ضغطوا على النواب فألغي شرط تاريخ الإنتاج وأصبح مفتوحاً.
المواصفات والمقاييس
صعب: الموضوع يطال مواصفات المحركات، كما يطال مواصفات المازوت والبنزين ايضاً، مع رصاص أو من دونه. وحتى المواد البديلة التي تضاف الى البنزين الخالي من الرصاص، تتعدد مواصفاتها وبعضها مضر جداً بالبيئة وخاصة المياه الجوفية. وفي مقابل الوسطاء الذين يسوّقون البنزين المحتوي على الرصاص ومحركاته والمازوت وتكنولوجياته، هناك من يسوّق البنزين الخالي من الرصاص بأنواعه المختلفة. فلا بد من وضع مواصفات دقيقة بدل البقاء في العموميات، وبناء القرارات على البحث العلمي والمعلومات الدقيقة من الاختصاصيين الصناعيين والميكانيكيين.
قباني: لنعد أولاً الى تاريخ موضوع المازوت. فالقانون اللبناني يمنع استخدام محركات المازوت منذ العام 1961، ولم يسمح بها بعد ذلك. ورغم فلتان سنوات الحرب استمر تطبيق قانون منع استخدام محركات المازوت. ولكن عندما سمح في العام 1995 لباصات "الميني فان" العاملة على المازوت، شعر سائقو سيارات الأجرة بالغبن وعدم تكافؤ المنافسة، فتحولوا إلى المازوت وبكثرة بعدما لمسوا تساهلاً في الموضوع. على أي حال، لا يمكن منع استخدام المازوت بالكامل، فالباصات التي تتسع لأكثر من 15 راكباً والشاحنات التي يزيد وزنها الإجمالي عن 3,5 طن لا تصنع اليوم في العالم إلا بمحركات على المازوت. وهذا يحتم وضع مواصفات قياسية للمحركات والوقود على أنواعها.
السعيدي: عندما تم الترخيص باستعمال الآليات العاملة على المازوت في العام 1995، كان المبرر وجود أسطول لا يستهان به من شاحنات وباصات النقل الخارجي العاملة على المازوت، وكانت التوقعات كبيرة بالنسبة لورشة إعمار البلد التي تحتاج إلى وسائل النقل التجاري. وقد كان قانون العام 1961 يمنع آليات المازوت كلياً، ماعدا شاحنات النقل الخارجي. وتزايد هذا الأسطول مع الفلتان في الحرب، فكانت الآليات تستورد وتسجل على أنها للنقل الخارجي وتعمل داخلياً.
شعبان: يجب أن يرافق تطبيق القانون 341 إقرار مواصفات للانبعاثات ولنوعية المحروقات وأساليب نقلها وتخزينها، فالضرر من انبعاثات محركات البنزين هو بخطورة الانبعاثات من محركات المازوت، ان لم يكن اخطر. والمازوت المستخدم في لبنان ليس معداً أصلاً لوقود السيارات وإنما هو مازوت صناعي يصلح للمحركات ذات السرعة الثابتة. إن مشكلة المازوت تتفاقم مع مرور الوقت، إذ عندما أجريت دراسات على تلوث الهواء وأظهرت نتائج خطيرة في العام 1999، كان هناك نحو 10 آلاف سيارة، ازدادت تباعاً خلال سنوات قليلة إلى 21 ألفاً ثم الى 23 و35 ألفاً، وما زالت أعدادها ترتفع حتى اليوم رغم إقرار القانون، بسبب التقاعس في تطبيقه. وأود أن أشير الى ان منظمة علمية عالمية أشارت إلى 10 نقاط كارثية بيئياً على المتوسط، اثنتان منها في لبنان: الهواء الملوث في بيروت وتآكل جبل حريصا.
السعيدي: المطلوب البدء بالمعاينة الدورية ووضع مواصفات للمحروقات وللانبعاثات المقبولة للسيارات. هذه التدابير كانت كفيلة بتحقيق أهداف القانون من دون الحاجة إلى كثير من المنع والإلغاء. ودول العالم المتقدمة تستخدم حالياً محركات المازوت ضمن شروط محددة. المطلوب بالفعل كان المنع الكلي لاستيراد المحركات القديمة، سواء أكانت عاملة على البنزين أو على المازوت. ولو أن المعاينة السليمة تتم وفق شروط واضحة فأنها ستضع تلقائياً كــل السيارات غيــر الصالحة للسير خارج العمل خلال فترة وجيزة.
قباني: المواصفات ضرورية جداً. وقد طالبنا مراراً وزير الطاقة بذلك، لكنه أجاب أن القضية غير ملحّة ولا تشكل أولوية، مع استمرار مصانع توليد الطاقة وغيرها في نفث الكبريت والسموم في الهواء بلا رقيب، وعدم القدرة على إيقافها الآن. نحن رفضنا هذا التوجه لأنه اذا أمكن تأجيل مشكلة انبعاثات صناعية محصورة في منطقة محددة، لا يمكن تأجيل التلوث من السيارات التي تجوب كل البلد وتوزع السموم على الناس في الشوارع والبيوت والمكاتب والمدارس. غير أن وزير البيئة قدم لنا خلال الجلسة الأخيرة للجنة النيابية قانوناً لمواصفات انبعاثات الهواء أعدته وزارته بمبادرة منها، بدلاً من وزارة الطاقة.
موسى: يتطلب تطبيق القانون في المواعيد والمهل المحددة تحضير مجموعة من المراسيم والاجراءات التقنية، على الوزارات المعنية القيام بها. وفي هذا الاطار، بادرت وزارة البيئة الى تحضير مشروع مرسوم يتعلق بالمواصفات المقبولة لانبعاث عوادم المركبات الآلية، وارسلته الى الامانة العامة لمجلس الوزراء لاجراء المقتضى. وكذلك اعدّت مشروع مرسوم حول المواصفات المقبولة لانواع الوقود المستعملة في المركبات الآلية. وسنتابع العمل مع اللجان النيابية والوزارات الأخرى لاستكمال إعداد المواصفات واقرارها وتطبيقها.
المحول الحفاز والمعاينة الدورية
صعب: في أول تموز المقبل، أي بعد خمسة أشهر، نحن على موعد جديد مع القانون 341، حيث يشترط أن يتم قبل هذا التاريخ منع استعمال البنزين المحتوي على الرصاص ومنع استيراده كلياً، كما يشترط أن يكون في كل سيارة محوّل حفاز بما فيها السيارات القديمة. هناك من يؤكد استحالة تطبيق هذين الشرطين. ويقول خبراء ميكانيكيون إن السيارات القديمة، المصنعة للعمل على بنزين مع رصاص، يمكن نظرياً أن تسير على بنزين خالٍ من الرصاص، لكنها تفقد فعاليتها وتستهلك كمية أكبر من الوقود، وتتعرض أجزاء فيها إلى التلف السريع، لأن المواد المصنوعة منها تحتاج إلى الرصاص كمليّن. كما يتساءل خبراء السيارات عن الجدوى الاقتصادية والبيئية لتركيب المحولات الحفازة في السيارات القديمة غير المصنعة لها أساساً، ويتخوفون من أن يكون المستفيدون الوحيدون مجموعة من التجار الذين يستوردون المحولات، المستعملة والجديدة، ويركبونها مثل الديكور لارضاء شرطي السير، إذا تقرر فرض القانون في تموز.
شعبان:من حيث المبدأ، يمكن تركيب المحول الحفاز على جميع السيارات المصنعة منذ منتصف الثمانينات، حيث بدأ التشدد في استعمال البنزين الخالي من الرصاص. وتتفاوت فعاليتها وفق نوع السيارة ومواصفات محركها.
السعيدي: يمكن إضافة المحول الحفاز بفعالية إلى السيارات التي كانت مصنعة له أصلاً وسُحب منها. اما السيارات المصنوعة منذ أكثر من 10 سنوات والمخصصة للعمل على البنزين برصاص، فإضافة المحوّل الحفاز إليها لن يكون ذا جدوى بيئياً واقتصادياً. هناك نحو مليون وثلاثمئة ألف سيارة حالياً في لبنان، معظمها لا يحتوي على محوّل حفاز، وستكون كلفة إضافته إليها جميعاً أكثر من مليار دولار. فهل يتحمل البلد والمواطن هذا؟ هل يمكن تركيب محول حفاز بكلفة ما بين 600 و1000 دولار لسيارة بالكاد يبلغ ثمنها ألفي دولار أو أقل؟ وهل يعطينا النتيجة المرجوة؟ وتشير أرقام مصلحة تسجيل السيارات الى أن 70 في المئة من السيارات العاملة يزيد عمرها عن عشر سنوات، و18 في المئة يزيد عمرها عن 20 سنة، ما يعني أن معظمها غير مجهز لتركيب محوّل حفاز يعمل بفعالية. المطلوب هو إخراج السيارات القديمة من الطرقات تدريجاً، وتحديث أسطول النقل في لبنان، ووضع مواصفات للمحروقات والانبعاثات، وفرض فرق السعر بين البنزين مع الرصاص ومن دونه، والمعاينة الدورية، كلّها تدابير توصل الى هذه النتيجة خلال فترة وجيزة.
قباني: الرقابة هي أهم شيء بالنسبة لهذا الموضوع. رقابة الميكانيك والرقابة الطرقية على الانبعاثات. والقانون يفرض الرقابة الميكانيكية كل 6 اشهر على سيارات المازوت وكل سنة على سيارات البنزين. وكان المفرض ان يبدأ ذلك منذ بداية 2002، وكنا في اللجنة النيابية ندعو ونذكر الحكومة كل شهرين، وكانت وزارة الداخلية تتعهد بذلك، ولكن الموضوع تأجل بقرار منفرد من وزارة الداخلية.
السعيدي: لا يمكن مراقبة تطبيق ما يفرضه القانون إلا عبر المعاينة الميكانيكية الدورية. وأعتقد ان مجرد تطبيق ذلك يخرج أكثر من 20 في المئة من السيارات القديمة من الطرقات. وقد اقترح مستوردو السيارات انشاء مؤسسة مختصة بالمعاينة الميكانيكية، لا تتوخى الربح، مع فروع في جميع المناطق، باشراف الدولة.
صعب: في النتيجة، لا بد من إجراء دراسة جدوى اقتصادية ـ بيئية لمفاعيل قانون تلوث الهواء من السيارات، والاستفادة من تجارب الدول الأخرى في هذا المجال، خاصة المجموعة الاوروبية، والاستناد الى أحدث المستجدات العلمية التي تتطور يومياً. ويتطلب تطبيق القانون وضع سلم للأولويات، لا يغفل تطوير مواصفات للوقود وتحديد الانبعاثات ونوعية المحركات وفرض نظام عصري للفحص الميكانيكي الدوري.
 
كادر
هواء القاهرة بين الرصاص والـ...MTBE
القاهرة ـ "البيئة والتنمية"
البنزين الخالي من الرصاص دخل أيضاً حلبة النقاش حول ظاهرة "السحابة السوداء" في مصر، وذلك من خلال مادة MTBE المضافة اليه كبديل عن الرصاص. فمنذ بدأت هذه السحابة بالظهور في تشرين الأول (اكتوبر) 1999، وتكررت في السنوات اللاحقة، تفاوت تفسير مصدرها بين تقلبات مفاجئة في الضغط الجوي، وحرق قش الأرز في الحقول، وحرق النفايات في المكبات. الدكتور صلاح الحجار، استاذ الطاقة والبيئة في الجامعة الأميركية في القاهرة، أضاف مؤخراً إمكانية رابعة الى هذه العوامل، هي الانبعاثات من مادة MTBE البديلة عن الرصاص، التي تضاف الى البنزين الخالي من الرصاص المستخدم في مصر منذ خمس سنوات. وهي تؤدي الى تحسين رقم الاوكتان بدلاً من مركبات الرصاص. ويقول الدكتور الحجار إن هذه المادة ليست السبب الرئيسي للسحابة السوداء، بل قد تكون واحداً من أسباب أربعة يؤدي تفاعلها الى ظهور السحابة خلال فترة معينة من السنة. فحرق القمامة والقش والتغيرات الجوية ليست عوامل جديدة، ولم توصل سابقاً الى انتاج سحابة سوداء. أما مادة MTBE فهي العنصر الجديد في الأجواء منذ ظهور السحابة.
وفي حين كانت الولايات المتحدة وما زالت المنتج والمستخدم الأكبر لمادة MTBE، فقد حذرت مراكز الأبحاث الأميركية من خطر هذه المادة وتسببها بالسرطان اذا تسربت الى المياه الجوفية. وقد منع استخدام هذه المادة في البنزين في تسع مدن أميركية كبرى مكتظة بالسيارات والسكان، هي لوس أنجلس وسان دييغو وشيكاغو وهيوستن وميلووكي وبلتيمور وفيلادلفيا وهارتفورد ونيويورك، لأنها تسبب الضباب الدخاني (smog)، إضافة الى تسببها بتلويث المياه والاصابة بأعراض سرطانية. وقررت ولاية كاليفورنيا منع استخدام مادة MTBE في نهاية سنة 2002. وفي حين أكدت الأبحاث تسبب هذه المادة بسرطان للحيوان، ما زال البحث العلمي جارياً حول أثرها السرطاني على البشر. ويلاحظ الدكتور الحجار ازدياد الاصابات بالسرطان في مصر خلال السنوات الثلاث الأخيرة، مطالباً بالاستقصاء عن علاقة استخدام مادة MTBE في البنزين بهذا الأمر.
ويدعو المراقبون الى عدم التسرّع بالتحول الى البنزين الخالي من الرصاص قبل استقصاء تأثيرات البدائل على البيئة وصحة الناس. فبعض هذه البدائل قد يؤدي الى آثار لا تقل خطورة عن مركبات الرصاص، ولا بد من اعتماد مواصفات دقيقة تستند الى آخر مستجدات العلم.
الدكتور ابراهيم عبدالجليل، رئيس جهاز شؤون البيئة المصري، ردّ على الدكتور الحجار بالقول إن سبب منع استخدام مادة MTBE في الولايات المتحدة "ليس له علاقة بتلوث الهواء أو السحابة السوداء، بل إن منع استخدامها قد يؤدي الى زيادة انبعاثات أول اوكسيد الكربون والاوزون الأرضي. فالسبب الرئيسي لمنع تلك المادة ليس الحرص على الهواء بل احتمال تسرّبها الى مصادر المياه وتلويثها". ويؤكد الدكتور عبدالجليل أن قياسات رصد نوعية الهواء في القاهرة الكبرى أظهرت انخفاض تركيزات الرصاص بنسبة 34 في المئة بين عامي 1998 و2001، وذلك بسبب تعميم استخدام البنزين الخالي من الرصاص.
وقد يكون الدكتور الحجار والدكتور عبدالجليل كلاهما على حق، في انتظار بلورة سياسة شاملة لتخفيض كل الملوّثات وعدم استبدال مشكلة بأخرى.
 
 
 
 

اضف تعليق
*الاسم الكامل  
*التعليق  
CAPTCHA IMAGE
*أدخل الرمز  
   
 
بندر الأخضر صديق البيئة
(المجموعة الكاملة)
البيئة والتنمية
 
اسأل خبيرا
بوغوص غوكاسيان
تحويل النفايات العضوية إلى سماد - كومبوست
كيف تكون صديقا للبيئة
مقاطع مصورة
 
احدث المنشورات
البيئة العربية 9: التنمية المستدامة - تقرير أفد 2016
 
ان جميع مقالات ونصوص "البيئة والتنمية" تخضع لرخصة الحقوق الفكرية الخاصة بـ "المنشورات التقنية". يتوجب نسب المقال الى "البيئة والتنمية" . يحظر استخدام النصوص لأية غايات تجارية . يُحظر القيام بأي تعديل أو تحوير أو تغيير في النص الأصلي. لمزيد من المعلومات عن حقوق النشر يرجى الاتصال بادارة المجلة
©. All rights reserved, Al-Bia Wal-Tanmia and Technical Publications. Proper reference should appear with any contents used or quoted. No parts of the contents may be reproduced in any form by any electronic or mechanical means without permission. Use for commercial purposes should be licensed.