Friday 22 Nov 2024 |
AFED2022
 
AFEDAnnualReports
Environment and development AL-BIA WAL-TANMIA Leading Arabic Environment Magazine
المجلة البيئية العربية الاولى
 
مقالات
 
اسماعيل البلوشي أسماك لا تؤكل  
أيلول (سبتمبر) 2004 / عدد 78
 تزداد أهمية المخاطر التي تهدد سلامة الأسماك في الدول التي تؤكل فيها نيئة أو تُصاد من بحار مغلقة وقريباً من أماكن الصرف الصحي.
وتتنوع الأخطار التي تصل إلى الأسماك، وتسبب بدورها مشاكل صحية للإنسان، من الميكروبات المرضية الى السموم الميكروبية والمعادن الثقيلة.
ميكروبات تسبب الأمراض
الميكروبات المرضيةهي التي تسبب العدوى الغذائية. ويحدث المرض نتيجة مهاجمة الميكروبات للأغشية المخاطية في الأمعاء والنمو فيها وتفكيك الأنسجة السليمة في الجسم. وتصاحب العدوى الغذائية أعراض كالتقيؤ وآلام البطن والإسهال، مع احتمال وجع الرأس. ولحسن الحظ أن الوفاة من العدوى المرضية قليلة.
وفي ما يأتي بعض أهم الميكروبات المرضية التي تتواجد في الأسماك.
السالمونيلا والشايقلا: بخلاف الأغذية الحيوانية الأخرى، تعتبر الأسماك بعد الصيد مباشرة خالية من السالمونيلا والشايقلا. والمصدر الرئيسي الذي ينقلهما إلى الأسماك هو مياه الصرف الصحي. لذلك فإن أسماك المياه العذبة وتلك التي تصاد بالقرب من مصبات الأنهار تكون أكثر عرضة للميكروبات من الأسماك البحرية التي تصاد من بحار مفتوحة.
تصل السالمونيلا الى الأسماك بعد الصيد عن طريق عدة عوامل، منها الثلج الذي تستخدم في صنعه مياه ملوثة، وتداول الأسماك في أماكن ملوثة بالميكروب كالعرض والبيع بالقرب من مواقع الصرف الصحي وروث الانسان والحيوان، وصناديق نقل الأسماك غير النظيفة، وعمال المسامك الذين يهملون النظافة الشخصية، وعدم كفاءة الصرف الصحي في وحول أماكن التصنيع.
الكوليفورم:تعتبر الكوليفورم من البكتيريا التي تشير الى كفاءة وفاعلية الظروف التي يتم فيها تداول الأسماك ونظافة البيئة البحرية. فوجودها يدل على سوء النقل والتعرض للتلوث، خاصة من روث الإنسان. ويشكل هذا الميكروب أحد أهم التسممات الغذائية، خاصة في الدول التي تؤكل فيها الكائنات البحرية بشكل كثيف كاليابان. ولحسن الحظ، لا ينمو هذا الميكروب تحت ظروف التبريد، مثل الحفظ في الثلاجة أو في الثلج. ووجوده في الأسماك يدل على تلوثها من قبل العاملين.
فيبريو: يهدد هذا الميكروب سلامة الأغذية البحرية التي تؤكل نيئة. لذلك ينتشر بكثرة في أطباق السوشي والساشيمي التي تستهلك بشكل خاص في اليابان. وهو يتطلب الملح للنمو. كما أنه حساس جداً للحرارة، لذلك فإن الطبخ الجيد كفيل بقتله. ينمو هذا الميكروب على درجة حرارة الغرفة والجسم، لكنه لا ينمو على درجة حرارة أدنى من 10 درجات مئوية، لذلك فإن التبريد وسيلة أخرى لوقف نموه. وهو يسبب أحد أخطر الأمراض الوبائية التي تفتك بالبشرية: الكوليرا.
ليستيريا: ظهرت أهمية ليستيريا كأحد أهم الميكروبات التي تسبب المشاكل الغذائية خلال الثلاثين سنة الماضية. ويعد "ليستيريا مونو سايتوجينس" أهم أنواعه التي تسبب الأوبئة في أميركا الشمالية وأوروبا. وعلى رغم أن هذا الميكروب لا يسبب المرض إلا في فئات معينة، كالحوامل والأجنة والأشخاص ذوي المشاكل المتعلقة بجهاز المناعة، إلا أنه يعد من الميكروبات الخطرة نظراً لنسبة الوفيات العالية منه والتي تصل إلى 30 في المئة. وتظهر خطورته في الأغذية التي لا تطبخ أو تطبخ بدرجة بسيطة.
السموم الميكروبية
تنتج بعض الميكروبات سموماً تتحمل الحرارة وتبقى في الأغذية المعالجة حرارياً. لذلك، عند فحص سلامة الأسماك، ليس مهماً فقط أن نعرف وجود الميكروب، بل أيضاً مقدار السم الذي أنتجه في الغذاء. ومن أهم الميكروبات التي تنتج سموماً غذائية في الأسماك:
ستافلوكوكس ايوريس: يندر وجوده ضمن الحمل الميكروبي الطبيعي للأسماك. في الغالب، ما بين 10 و30 في المئة فقط من الأسماك التي يتم تداولها على السفن أو تعمل منها شرائح أو تشترى من خلال المنافذ طازجة أو مجلّدة أو مصنَّعة تحتوي على هذا الميكروب. ويتوقع وجوده في الأسماك أثناء التداول، إذ إن 40 في المئة منه يستوطن أنف وحنجرة الإنسان وتحت أظافره. وهو يستطيع النمو في تراكيز ملحية عالية، لذلك تكمن خطورته عند تخزين الأسماك المملحة والمجففة عند درجة حرارة الغرفة، حيث يوفر ذلك التغذية والرطوبة المناسبتين لنموه. ويشكل التبريد على 4 ـ 6 درجات مئوية وسيلة فعالة لوقف نموه ويحد من إنتاج السموم. ومن أعراض التسمم به الغثيان والتقيؤ والإسهال، وهي تبدأ سريعاً كما تنتهي سريعاً.
كلوسترديم بوتولينم: هذا من أخطر ميكروبات التسمم الغذائي، إذ يطلق مجموعة من السموم تسمى بالحروف الأبجدية، وهي ثابتةوتتحمل الحرارة. ينتج هذا الميكروب في الأسماك سماً يرمز إليه بالحرف "هـ". ويعتبر طين ورمل البحار والبحيرات المصدرين الرئيسين له في الأسماك. وتشجع درجة حرارة الغرفة نموه وإنتاج السم. لكن الجراثيم التي تنتج النوع "هـ" تفقد نشاطها عند تعريضها لدرجة حرارة من 80 درجة مئوية لمدة 20 دقيقة. من هنا أهمية الطبخ الجيد للأسماك.ويعتبر الكلوسترديم من الميكروبات اللاهوائية التي يتطلب نموها كمية قليلة من الأوكسجين. وهذه الخاصية تشكل أحد التحديات التي تواجه مصانع التعليب التي تعلب الأسماك بالتفريغ الهوائي لإطالة صلاحية المنتج.
سموم ذاتية في الأسماك
تنتشر في البيئة البحرية أسماك صدفية سامة تودي بحياة الإنسان إن تناولها. كثير منها يمكن التعرف عليه من قبل الصيادين والسكان المحليين، لكنها تعتبر من الأسماك التجارية "الفاخرة" التي تقدم على الموائد في بعض الدول، خصوصاً الآسيوية. وهنا أهم السموم السمكية التي يمكن أن تتواجد في العالم العربي.
التترادوتوكسين: يوجد في بعض الأصداف والأسماك، وأشهرها أسماك البقمة (puffers)، وهي لحسن الحظ ليست من الأسماك التجارية في المنطقة العربية، وترمى في البحر مباشرة عند اصطيادها. تشير الدراسات إلى أن كمية السم تتفاوت من نوع الى آخر من أسماك البقمة، وأن بعض أجزاء السمكة كالكبد والبيض تحتوي على أعلى الكميات، بينما العضلات تحتوي على أقل كمية من السم.
السقواتوكسين: يظهر بشكل رئيسي في أسماك المناطق المدارية الواقعة بين الخطين 35 شمالاً و35 جنوباً، وبشكل رئيسي في البحر الكاريبي والمحيطين الهندي والهادئ. اكتشف هذا السم في نحو 425 نوعاً من الأسماك، أهمها أسماك تجارية وذات جودة عالية. وقد وجد أنه يتركز في الكبد وبقية الأحشاء ويقل في العضلات. وهو من السموم التي تتحمل الحرارة، لذلك فان المعاملات الحرارية التي تتعرض لها الأسماك كالتصنيع والطبخ والتجميد لا تؤثر فيه. في المنطقة العربية، ومنطقة الخليج بصفة خاصة، لا توجد دراسات ميدانية تحليلية تؤكد أو تنفي وجود هذا السم في الأسماك التجارية. غير أن ظروف انتاجه موجودة في المنطقة العربية، ومنها:
- وجود الطحالب المسؤولة عن إنتاج هذا السم، لكن سميتها لم تحدد بعد.
- الأسماك المستهدفة لهذه السموم تعتبر من أهم الأسماك التجارية في المنطقة العربية.
- المصايد الرئيسية في منطقة الخليج قريبة جداً أو تشكل جزءاً من المحيط الهندي، الذي يعد أحد المناطق الرئيسية لإنتاج هذا السم.
- ترتفع حرارة المياه في الخليج العربي إلى أعلى من 20 درجة مئوية، وهي الدرجة المفضلة لإنتاج هذا السم.
- يشير جبسون (1995) إلى أن هذه السموم تظهر في الخليج العربي.
تبدأ أعراض التسمم خلال 2 ـ 12 ساعة من تناول الأسماك السامة، وذلك بالشعور بوخز خفيف في اللسان والشفة والحنجرة يتبعها خدر هذه المواضع. الأعراض الاعتيادية تشمل الصداع والتعب، وتتطور إلى التقيؤ وهبوط ضغط الدم واختلال ضربات القلب، وفي حالات نادرة إلى الشلل وربما الموت. تستمر هذه الأعراض في المعدل 8 ساعات، وقد تبقى أشهراً أو سنوات حتى تختفي.
المعادن الثقيلة: ركزت الأبحاث في الدول الغربية خلال السنوات الأخيرة على أهمية ونسبة وجود ثلاثة معادن ثقيلة في الأسماك، هي الكادميوم والرصاص والزئبق. ويشكل الزئبق أهم هذه المعادن الثقيلة، لأنه يتراكم في الجسم ويسبب السمية وتزداد خطورته في فئات معينة. لذا وضعت بعض الأسماك ضمن القائمة الواجب تناولها بكميات أقل بالمقارنة مع الأسماك الأخرى.
يوجد معدن الزئبق بصورة طبيعية في التربة والصخور والبحيرات والمحيطات. وتزداد نسبته في الطبيعة بفعل الإنسان، كما هي الحال في صناعة الورق والتعدين وصرف النفايات السامة وحوادث ناقلات النفط. يمتص جسم الإنسان كمية صغيرة من الزئبق من مصادر مختلفة، مثل حشوة الاسنان والماء والهواء الملوث والغذاء. وتعتبر الأسماك أكثر المصادر الغذائية احتواء للزئبق، ولا سيما الزئبق العضوي المتكون بواسطة البكتيريا البحرية ويمتاز بقدرته على الاتحاد مع بروتين الأسماك، ومن أهم أنواعه الزئبق المثيلي. ومعظم الأسماك تحتوي على آثار الزئبق، ويتوقف محتواها على نوع السمكة وبيئتها البحرية وموقعها في السلسلة الغذائية. ويزداد تراكم الزئبق في الأسماك الكبيرة. وأكثر الأسماك المحتوية على الزئبق هي التونة والقرش والسنسول، لذلك ينصح خبراء سلامة الأغذية بالإقلال من تناولها، خاصة للأطفال والحوامل.
يبدأ التسمم بالزئبق بالأعراض الأولية، وهي فقد الإحساس في الأطراف، والضعف العام، والتعب، والصداع العصبي، وفقد القدرة على التركيز. ويسبب الزئبق المثيلي الكثير من المشاكل الصحية، منها تدهور نظام الأعصاب وتشوش السمع والبصر والنطق، وصعوبة حركة العضلات، وصعوبة البلع والمضغ، وقد يتدهور جهازا المناعة والإنجاب. ويعتبر التسمم الذي حدث في اليابان عام 1960 أعظم التسممات الغذائية بالزئبق المثيلي، إذ خلف 111 شخصاً بين مريض وميت، حيث وصل محتوى الزئبق المثيلي في الأسماك المتناولة بين 9 – 24 جزءاً في المليون (تتراوح الكمية عادة بين 0,01 و0,5 جزء في المليون). ويعتبر الزئبق من المعادن الثابتة حرارياً، اذ لا يتأثر بالمعاملات الحرارية كالطبخ. وفي دراسة أجريت في الولايات المتحدة، تبين أن طرق الطبخ المختلفة كالقلي والغلي والتدخين لا تؤثر على محتوى الزئبق في الأسماك. لذا فإن خير وسيلة لتجنب التسمم بالزئبق هي الفحص الروتيني المكثف للأسماك، ومن ثم الابتعاد عن تلك التي تحتوي على كميات أعلى من الحدود المسموح بها وهي 0,5 جزء في المليون.
ضبط سلامة الأسماك
بخلاف عناصر الجودة الأخرى، كالطزاجة أو الفساد، التي تظهر واضحة، لا يستطيع المستهلك أن يتحقق من سلامة الأسماك. فجميع المخاطر التي ذكرناها لا تحدث أي تغير في المظهر الخارجي ولا في طعم الأسماك. من هنا يأتي دور جهاز الرقابة الغذائية في تأمين غذاء آمن. ويلعب الوعي الغذائي دوراً مهماً في التقليل من المخاطر الميكروبية، وذلك بأن يعلم المستهلك أن الطبخ الجيد يقضي على معظم الميكروبات المرضية. لرفع الوعي الغذائي لدى المستهلك وتفعيل دور جهاز رقابة الأغذية لتوفير أسماك آمنة للاستهلاك، علينا اتباع القواعد التالية:
- معظم الميكروبات حساسة للحرارة، لذا فإن التبريد الجيد كفيل بوقف أو تقليل النشاط الميكروبي، بينما يقضي الطبخ الجيد على الميكروبات بشكل عام. من هنا أهمية عدم تعريض الأسماك لدرجات حرارة عالية أثناء التداول، وتخزينها في الثلاجات المنزلية على درجة حرارة لا تزيد عن 5 درجات مئوية لمدة لا تزيد عن 3 أيام، أو تجميدها على درجة حرارة لا تزيد عن 18 درجة مئوية تحت الصفر لفترة لا تتجاوز 6 أشهر. كذلك يجب الحرص على أن تصل درجة الحرارة داخل المادة الغذائية الى 70 درجة مئوية على الأقل للقضاء على الحمل الميكروبي.
- يصل الكثير من الميكروبات المرضية عن طريق التلوث، من خلال تعريض الأسماك للأسطح الملوثة وللأشخاص المرضى وحاملي الميكروبات. لذا فان استخدام الثلج المصنوع من مياه صالحة للشرب، وتقطيع الأسماك على الأسطح النظيفة وبأدوات نظيفة، وعدم لمس أي جزء من الجسم أثناء إعداد الأسماك وخاصة الجيوب الأنفية، تشكل وسائل فعالة لمنع تلوث الأسماك بالميكروبات وتقليل فرص إنتاج السموم الميكروبية في الأسماك التي تتحمل درجة حرارة الطبخ.
- عرفت بعض الأسماك بسميتها منذ القدم، لذلك فإن الاستعانة بالأشخاص ذوي الخبرة يقي من تناول الأسماك السامة. وبشكل عام، يفضل الابتعاد عن الأسماك ذات الأشكال الغريبة وغير المألوفة ما لم يثبت جهاز الرقابة الغذائية سلامتها.
- تزداد حوادث ناقلات النفط في المياه العربية سنوياً، وهي تؤدي إلى تدمير للبيئة البحرية وضخ السموم المختلفة في الأسماك المهاجرة. لذا فإن دور جهاز الرقابة يكمن أيضاً في مراقبة البيئة البحرية عن كثب وإجراء التحاليل المخبرية بشكل روتيني ودوري للمياه والأسماك التي تعيش في مستويات معينة في البحر، للتأكد من خلو المياه من المعادن السامة وضمان سلامة الأسماك للاستهلاك الآدمي.
اسماعيل بن محمد البلوشي باحث في قسم علوم الأغذية والتغذية في كلية العلوم الزراعية والبحرية بجامعة السلطان قابوس في سلطنة عمان isab@squ.edu.om
 
 
 
 

اضف تعليق
*الاسم الكامل  
*التعليق  
CAPTCHA IMAGE
*أدخل الرمز  
   
 
بندر الأخضر صديق البيئة
(المجموعة الكاملة)
البيئة والتنمية
 
اسأل خبيرا
بوغوص غوكاسيان
تحويل النفايات العضوية إلى سماد - كومبوست
كيف تكون صديقا للبيئة
مقاطع مصورة
 
احدث المنشورات
البيئة العربية 9: التنمية المستدامة - تقرير أفد 2016
 
ان جميع مقالات ونصوص "البيئة والتنمية" تخضع لرخصة الحقوق الفكرية الخاصة بـ "المنشورات التقنية". يتوجب نسب المقال الى "البيئة والتنمية" . يحظر استخدام النصوص لأية غايات تجارية . يُحظر القيام بأي تعديل أو تحوير أو تغيير في النص الأصلي. لمزيد من المعلومات عن حقوق النشر يرجى الاتصال بادارة المجلة
©. All rights reserved, Al-Bia Wal-Tanmia and Technical Publications. Proper reference should appear with any contents used or quoted. No parts of the contents may be reproduced in any form by any electronic or mechanical means without permission. Use for commercial purposes should be licensed.