شملت فعاليات أسبوع أبوظبي للاستدامةالقمة العالمية لطاقة المستقبل، والقمة العالمية للمياه، واجتماع الجمعية العامة للوكالة الدولية للطاقة المتجددة (ايرينا)، ومعارض ونشاطات متفرقة
«استمرار الاعتماد على النفط عمل انتحاري»، قال عبدالله آل الشيخ الرئيس التنفيذي لشركة تقنية المياه المتقدمة في السعودية، مضيفاً أن بلاده تبني محطتها الأولى لتحلية المياه بالطاقة الشمسية التي ستنتج 60 ألف متر مكعب من المياه المحلاة يومياً بعد سنتين. جاء كلامه خلال جلسة عن التعاون الإقليمي من أجل تحقيق استدامة المياه، خلال «القمة العالمية للمياه» في أبوظبي، وأدار الجلسة نجيب صعب الأمين العام للمنتدى العربي للبيئة والتنمية (أفد).
التقنيات الكفوءة والمجدية اقتصادياً لتحقيق الإدارة المستدامة لموارد المياه وتلبية الطلب المتزايد عليها كانت محوراً رئيسياً في القمة العالمية للمياه، خلال أسبوع أبوظبي للاستدامة الذي أقيم في الفترة بين 17 و24 كانون الثاني (يناير) في ضيافة «مصدر»، مبادرة أبوظبي المتعددة الأوجه للطاقة المتجددة. وقد جمع سياسيين وأصحاب أعمال وأكاديميين ومنظمات دولية وإقليمية، بهدف تسريع نشر حلول تجارية تساهم في التصدي للتحديات المترابطة لضمان أمن الطاقة والمياه والحد من تداعيات تغير المناخ ونشر حلول الطاقة المتجددة.
حملت القمة هذه السنة شعار «تعزيز استدامة المياه في المناطق الجافة»، وتناولت العلاقة التلازمية بين المياه والطاقة وتأثيراتها البعيدة المدى على الأمن الغذائي الإقليمي والعالمي. وأتت في وقت تنفذ فيه الحكومات في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا مشاريع طموحة لزيادة قدرة تحلية المياه لتلبية الطلب المتزايد. وأكد الخبراء أن معظم الحل لضمان الأمن المائي يكمن في ترشيد الاستهلاك، إضافة إلى نشر تقنيات جديدة، بما فيها الطاقة الشمسية، لزيادة قدرة التحلية وتخفيض الطاقة اللازمة لمعالجة مياه البحر وتحويلها إلى مياه صالحة للشرب.
ونظم «أفد» خلال القمة التي دامت أربعة أيام جلسة حوارية رئيسية بعنوان «ترابط المياه والطاقة في الغذاء»، لمناقشة تقريره حول الأمن الغذائي في البلدان العربية. وعقدت بعد الجلسة أربع طاولات مستديرة حول: تغير المناخ والعلاقة التلازمية بين المياه والطاقة والغذاء، الاستدامة البيئية والاقتصادية والاجتماعية للزراعة في المناطق القاحلة، استيراد الغذاء والمياه الافتراضية بالمقارنة مع الإنتاج المحلي، الأساليب الزراعية البديلة وتغيير العادات الغذائية. (تفاصيل الجلسة في الصفحة 26 من هذا العدد).
القمة العالمية لطاقة المستقبل
حلول التصدي لتحديات الطاقة كانت مدار مناقشات «القمة العالمية لطاقة المستقبل» التي عقدت أيضاً ضمن فعاليات أسبوع الاستدامة في أبوظبي. ومن محاورها الرئيسية آليات التمويل المبتكرة لمشاريع الطاقة النظيفة، من «السندات الخضراء» إلى الشراكات بين القطاعين العام والخاص والمنهجيات الجديدة المتاحة لفتح أبواب رؤوس الأموال، خصوصاً في فترات التباطؤ الاقتصادي.
وشدد الدكتور أحمد عبدالله بالهول، الرئيس التنفيذي لشركة «مصدر»، على الاهتمام المتزايد بالطاقة المتجددة في منطقة الشرق الأوسط، لافتاً إلى «تطور حلولها وتقنياتها من حيث الكفاءة وانخفاض التكاليف، حتى أصبحت منافساً جدياً للطاقة التقليدية في كثير من مناطق العالم».
وناقش المشاركون مساهمة «المدن الذكية» في مواجهة التحديات المترابطة للمياه والطاقة وتغير المناخ، مع حفز النمو الاقتصادي في الوقت نفسه. وقال أنطوني مالوس مدير إدارة مدينة مصدر في إحدى الجلسات: «تتسبب المدن في 75 في المئة من انبعاثات غاز ثاني أوكسيد الكربون في العالم. ولا شك في أن التحديات الحالية كبيرة، خاصة في ظل التوقعات بأن 60 في المئة من سكان العالم سيعيشون في المدن بحلول سنة 2030، أي نحو 5 بلايين نسمة». وتعتبر مدينة مصدر في أبوظبي إحدى أكثر مدن العالم استدامة، وتستضيف المقر الرئيسي للوكالة الدولية للطاقة المتجددة (أيرينا) التي عقدت اجتماعها الخامس قبل قمتي الطاقة والمياه.
وتمت مناقشة شراكات في مجال الطاقة المتجددة والاستدامة، بينها مشروعان في الإمارات. الأول هو مشروع «الريادة» بين شركة بترول أبوظبي الوطنية (أدنوك) وشركة «مصدر»، لتطوير نظام ذي جدوى اقتصادية لالتقاط الكربون من منشآت صناعية وحجزه واستخدامه في تعزيز استخراج النفط. والثاني هو مركز أبحاث الطاقة الحيوية المستدامة بين معهد مصدر للعلوم والتكنولوجيا وشركة الاتحاد للطيران وشركة بوينغ، لإنتاج وقود حيوي بديل لا يؤثر سلباً على أمن الغذاء ومعدلات استهلاك المياه في الري.
وعُقدت جلسة ختامية مشتركة بين قمة طاقة المستقبل وقمة المياه.
ابتكارات ومعارض
تزامن انعقاد أسبوع أبوظبي للاستدامة مع بداية سنة 2015 التي تم إعلانها سنة لتشجيع الابتكار في الإمارات وجذب الاستثمارات إلى قطاعات رئيسية بينها الطاقة المتجددة والنقل والمياه والتعليم. وشهد الأسبوع تقديم نماذج مميزة للابتكار التكنولوجي. من ذلك التحليق التجريبي لطائرة «سولار إمبالس 2» التي تعمل بالطاقة الشمسية وستقوم برحلة حول العالم من دون وقود انطلاقاً من أبوظبي. كما أقيم سباق للسيارات الشمسية على مسافة 1200 كيلومتر في إمارة أبوظبي، شارك فيه 14 فريقاً جامعياً من دول مختلفة، بينها فريق المعهد البترولي في أبوظبي الذي حل في المرتبة الثانية بعد فريق جامعة ولاية ميشيغان الأميركية.
وأقيم معرض مرافق للقمة العالمية لطاقة المستقبل، ومعرض مرافق للقمة العالمية للمياه، إضافة إلى معرض «إيكو ويست» المتخصص بنظم الإدارة المستدامة للنفايات وإعادة تدويرها.
وتم تكريم الفائزين بجائزة زايد لطاقة المستقبل في دورتها السابعة. وشملت قائمة الفائزين، الذين نال كل منهم جائزة نقدية هي 1,5 مليون دولار، شركة «باناسونيك» وشركة «إم كوبا سولار» ومنظمة «ليتر أوف لايت». وفاز نائب الرئيس الأميركي الأسبق آل غور عن فئة أفضل إنجاز للأفراد لدوره في رفع الاهتمام العالمي بقضية تغير المناخ. كما فازت خمس مدارس ثانوية من أنحاء العالم، حصلت كل منها على جائزة نقدية بقيمة 100 ألف دولار لتمويل مشاريعها المقترحة لاستخدام الطاقة المتجددة.
كادر
اجتماع «أيرينا»: الطاقة المتجددة أرخص من الطاقة التقليدية
عقدت الجمعية العامة للوكالة الدولية للطاقة المتجددة (أيرينا) اجتماعها الخامس في أبوظبي من 17 الى 18 كانون الثاني (يناير)، قبل قمتي الطاقة والمياه، بحضور ممثلين عن نحو 150 دولة.
وتم تقديم تقرير «أيرينا» عن تكاليف توليد الطاقة المتجددة سنة 2014، الذي أظهر أن كلفة التقنيات الحديثة لإنتاجها انخفضت بشكل كبير مع تشجيع القطاع الخاص ليدخل في الاستثمارات المتاحة لإنتاج هذه الطاقة. فقد انخفضت كلفة الكهرباء المنتجة من خلايا فوتوفولطية إلى النصف بين عامي 2010 و2014. وبلغت في بعض المشاريع 8 سنتات فقط للكيلوواط ساعة من دون دعم مالي، أي أرخص مما ينتجه كثير من محطات الطاقة العاملة بالوقود الأحفوري. وجاء في التقرير أن الطاقة المائية وطاقة الشمس والرياح والطاقة الحرارية الأرضية كلها قادرة على المنافسة مع طاقة الفحم والنفط والغاز. والطاقة المتجددة هي القطاع الأسرع نمواً، وقد ازدادت الاستثمارات فيها 16 في المئة عام 2014 فبلغت أكثر من 310 بلايين دولار، نتيجة للفرصة التجارية المتاحة لها، مقرونة بتنامي الطلب العالمي على الكهرباء.
وقال الدكتور سلطان الجابر، وزير الدولة الإماراتي ورئيس مجلس إدارة «مصدر»، إن الطاقة المتجددة عنصر حاسم لبناء مستقبل مستدام، «وقد تحولت من بديل باهظ الكلفة إلى خيار تكنولوجي قادر على المنافسة».
كما أصدرت «أيرينا» تقريراً عن العلاقة التلازمية بين المياه والطاقة والغذاء. ومما جاء فيه أن وصول دول مجلس التعاون الخليجي إلى أهداف الطاقة المتجددة التي وضعتها ستخفض 20 في المئة من كمية المياه اللازمة لأغراض التبريد في عمليات توليد الطاقة التقليدية. وأطلقت «أيرينا» موقع البحث الإلكتروني
www.resourceirena.orgالخاص بالبيانات والمعلومات حول الطاقة المتجددة.
وأعلن في الاجتماع تقديم قروض ميسرة بقيمة 57 مليون دولار لتمويل خمسة مشاريع للطاقة المتجددة في موريتانيا والأرجنتين وكوبا وإيران وجزر غرينادين في البحر الكاريبي، بموجب برنامج التمويل المشترك بين «أيرينا» وصندوق أبوظبي للتنمية. وتبلغ الاستطاعة الإجمالية لهذه المشاريع 35 ميغاواط، وستضمن إمدادات مستدامة من الطاقة لأكثر من 280 ألف شخص في المناطق الريفية التي تفتقر الى خدمات الطاقة العصرية.
وقال المدير العام للوكالة عدنان أمين، الذي أعيد انتخابه لأربع سنوات أخرى: «لقد تغيرت اللعبة. تراجع أسعار الطاقة المتجددة خلق فرصة تاريخية لبناء نظام طاقة نظيف ومستدام ويجنب كارثة تغير المناخ».