Thursday 21 Nov 2024 |
AFED2022
 
AFEDAnnualReports
Environment and development AL-BIA WAL-TANMIA Leading Arabic Environment Magazine
المجلة البيئية العربية الاولى
 
مقالات
 
عبدالهادي النجار ناطحات السحاب العربية  
تموز-آب /يوليو-أغسطس 2014 / عدد 196-197
 تشهد دول الخليج العربية نهضة عمرانية غير مسبوقة إقليمياً وعالمياً، إذ تأتي مجتمعة في المرتبة الثانية عالمياً بعد الصين في عدد ناطحات السحاب التي يزيد ارتفاعها عن 240 متراً، ويبلغ عددها خليجياً 66 برجاً في مقابل 75 برجاً في الصين، من أصل 298 ناطحة سحاب في جميع أنحاء العالم.
وغني عن الذكر أن أعلى ناطحة سحاب في العالم حالياً هي برج خليفة في مدينة دبي، التي تستحق بجدارة لقب العاصمة العالمية لناطحات السحاب، إذ تضم وحدها 45 ناطحة يزيد ارتفاعها عن 240 متراً، تليها مدينة نيويورك برصيد 19 ناطحة سحاب.
تشير المتابعة التاريخية لتطوّر فن العمارة الحديثة في الحواضر الخليجية إلى تزايد الاهتمام بالقضايا البيئية، خصوصاً مسائل الحفاظ على الطاقة من خلال تحسين العزل الحراري والاستفادة من الإنارة الطبيعية والاعتماد على الطاقات المتجددة.
وقد تطوّر التوجه نحو تطبيق قواعد العمارة الخضراء إلى مواضيع ذات أولوية، كتوفير الموارد المائية من خلال اعتماد نظم «حصاد مياه الأمطار»، في خطوة متقدمة بعد رواج تطبيقات معالجة مياه الصرف الصحي والإفادة منها في ري المسطّحات الخضراء ضمن مواقع المشاريع العمرانية نفسها.
ما يلفت النظر في مسألة العمارة الخضراء في دول الخليج أنها نتيجة لتراكم الخبرات الفردية للشركات الاستشارية، وهي لا تمثل خبرة تشاركية قائمة على الإفادة من الإخفاقات والنجاحات التي تحققها هذه الشركات مجتمعة. أي يمكننا القول إن العمارة الخضراء تتقدم في الخليج ولكن في مسارات ضيقة منفردة وليس ضمن تيار مشترك يحقق الفائدة للجميع.
إن تبادل الخبرات بين الشركات الاستشارية هو أمر مصيري لتطّور تقنيات العمارة الخضراء في منطقة الخليج، وفي العالم أجمع. وهو مصلحة مشتركة لهذه الشركات ولأصحاب المشاريع وللبيئة عموماً. ولئن تكن بعض الشركات تنأى بنفسها عن هذا الطرح، إذ قلما توجد شركة مستعدة للاعتراف بإخفاقاتها علناً، فإن المؤسسات الأكاديمية والمنظمات التخصصية مدعوة قبل غيرها لتقييم المنشآت من حيث النجاح أو الفشل في تلبية المتطلبات البيئية.
على سبيل المثال، تم الاعتماد في إكساء واجهة برج العرب في مدينة دبي على النسيج الزجاجي المغلّف ببوليمير التيفلون PTFE. وهذا النسيج يتصف بمقاومة ممتازة للأشعة فوق البنفسجية وتغيّرات الحرارة الكبيرة والعواصف الرملية والحريق، وبالتالي فإن استخدام هذا الإكساء يبدو نموذجياً لطبيعة المناخ في المنطقة. ولكن في المقابل، نجد أن مجمل الأبنية المرتفعة التي تمّ تنفيذها لاحقاً تتبنى الإكساء بالواجهات الزجاجية العاكسة. أما التطوير الذي حصل في هذا المجال فهو في تحسين نوعية الزجاج ومواصفات تقسيته وتسليحه وترتيبات عزله. ولكن هل تمّت الإفادة من تجربة استخدام النسيج الزجاجي في واجهة برج العرب وجرى تطوير هذه التجربة؟ وهل الواجهات الزجاجية التي يتم تنفيذها تتواءم بشكل مجد مع مناخ المنطقة، وخصوصاً كفاءتها في مواجهة تغّيرات الحرارة الكبيرة والعواصف الرملية ومعدّلات الرطوبة المرتفعة في المدن الساحلية؟
مثال آخر هو مركز التجارة العالمي في المنامة عاصمة البحرين، المكوّن من كتلتين برجيتين تصل بينهما ثلاثة جسور ركبت عليها ثلاث مراوح توربينية لتوليد الكهرباء من طاقة الرياح. من حيث السمة العامة للمشروع، يفترض بهذا التصميم أن يروّج لاستخدام الطاقات المتجددة. ولكن هل بالإمكان تحقيق جدوى فنية من تصميم كهذا يتعذر فيه استثمار التوربينات على مدار الساعة نتيجة الضجيج الذي تحدثه، ويستلزم ترتيبات إنشائية إضافية لمقاومة الحمل الديناميكي الناتج عن حركة التوربينات ومعالجة مسألة الطنين؟ هل يؤدي تعذُّر تشغيل التوربينات بشكل دائم إلى انطباع خاطئ بعدم جدوى الطاقات البديلة؟
البناء الأيقوني الثالث الذي يمكننا طرحه كمثال حول العمارة الخضراء هو برج الدار المستدير في مدينة أبوظبي، حيث تمّ تنفيذ البرج لتقع واجهتاه الدائريتان في مقابل قرص الشمس عند الشروق وعند الغروب. فعلى رغم أن توجيه البناء بهذا الشكل يعرّضه لإشعاع شمسي كبير، إلا أن الاعتبار الجمالي في إظهار انعكاس الشمس على الواجهتين الزجاجتين طغى على الاعتبار البيئي في توفير الطاقة اللازمة للتبريد والإنارة. ولا شك في أن ذلك كان أمراً معروفاً لدى الشركة الاستشارية المصممة للبرج، ولكن هل تمّ اعتماد هذا الخيار من دون تقييم مادّي فعلي للخسائر الناتجة عنه طوال فترة استثمار المشروع؟ هل يستحق هذا الاعتبار الجمالي فعلاً تقديم هذه الخسائر؟
إنه لمن الرائع أن تكون بلادنا حاضنة لروائع فن العمارة العالمية، وأن تكون من بين أسرع مناطق العالم نمواً عمرانياً، إلا أن الأمر المؤسف حقاً هو توافر كلِّ ذلك من دون أن نعمل على تطوير خبراتنا ونعزز ممارساتنا في تنفيذ منشآت ذات استدامة أطول وتآلف أفضل مع البيئة.
 
كادر
أرقام
في العالم 298 ناطحة سحاب يزيد ارتفاعها على 240 متراً، منها 66 في بلدان الخليج العربية. وفي دبي وحدها 45، تليها نيويورك برصيد 19 ناطحة سحاب. ويعتبر برج خليفة أعلى ناطحة سحاب في العالم حالياً إذ يبلغ ارتفاعه 830 متر ويضم 163 طابقاً.
 
 
 
 

اضف تعليق
*الاسم الكامل  
*التعليق  
CAPTCHA IMAGE
*أدخل الرمز  
   
 
بندر الأخضر صديق البيئة
(المجموعة الكاملة)
البيئة والتنمية
 
اسأل خبيرا
بوغوص غوكاسيان
تحويل النفايات العضوية إلى سماد - كومبوست
كيف تكون صديقا للبيئة
مقاطع مصورة
 
احدث المنشورات
البيئة العربية 9: التنمية المستدامة - تقرير أفد 2016
 
ان جميع مقالات ونصوص "البيئة والتنمية" تخضع لرخصة الحقوق الفكرية الخاصة بـ "المنشورات التقنية". يتوجب نسب المقال الى "البيئة والتنمية" . يحظر استخدام النصوص لأية غايات تجارية . يُحظر القيام بأي تعديل أو تحوير أو تغيير في النص الأصلي. لمزيد من المعلومات عن حقوق النشر يرجى الاتصال بادارة المجلة
©. All rights reserved, Al-Bia Wal-Tanmia and Technical Publications. Proper reference should appear with any contents used or quoted. No parts of the contents may be reproduced in any form by any electronic or mechanical means without permission. Use for commercial purposes should be licensed.