ارتفاع الكلفة، ودعم الوقود الأحفوري، ونقص الخبرة في مجال التمويل الأخضر، عقبات رئيسية تعيق تنفيذ مشاريع الطاقة المتجددة في المنطقة العربية، وفق استطلاع حول التكنولوجيا النظيفة والطاقة المتجددة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لسنة 2013، الذي أجراه مركز Cleantech في شركة «إرنست أند يونغ» الدولية للاستشارات، بالتعاون مع مجلس أعمال الطاقة النظيفة (CEBC) وجمعية الشرق الأوسط لصناعة الطاقة الشمسية (MESIA).
أوضح مدير مركز Cleantech نمر أبوعلي أن الاستطلاع «يقيِّم آراء الصناعيين وخبراء الصناعة والمستثمرين والمشرعين في ما يتعلق بالصناعات القائمة على التكنولوجيا النظيفة وتنفيذ مشاريع الطاقة المتجددة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. وهو يحدد أهم القوى الدافعة لهذه السوق وإمكانات النمو وقضايا رئيسية أخرى».
شمل الاستطلاع أشخاصاً منتسبين إلى هيئات ومؤسسات متنوعة، مثل المصارف والمرافق العامة والصناعة وتطوير المشاريع والجامعات والمنظمات غير الحكومية، من داخل المنطقة وخارجها.
أبدى المشاركون تفاؤلاً أكبر بإمكانات الطاقة الشمسية في المنطقة، بالمقارنة مع استطلاعين سابقين. ورأوا أنها ستستمر في اجتذاب غالبية الاستثمارات نتيجة وفرة الإشعاع الشمسي. وخلافاً للاتجاه السائد خارج منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، توقعوا إقبالاً على تكنولوجيا الطاقة الشمسية المركزة (CSP) كما على الخلايا الفوتوفولطية (PV). ويعود هذا التفاؤل بشكل كبير الى محطات الطاقة الشمسية المركزة العاملة في المنطقة والخطط الإقليمية الطموحة لبناء المزيد منها.
ورأت نسبة كبيرة من المشاركين أن كفاءة الطاقة وقطاع المياه مجالان إضافيان لنمو كبير في بلدان مجلس التعاون الخليجي. وهذا يعود أساساً إلى ارتفاع استهلاك الطاقة للفرد، والافتقار الى موارد مياه عذبة، والعلاقة التلازمية بين المياه والطاقة عبر تحلية مياه البحر. لكن 10 في المئة فقط اعتبروا أن قطاع المياه يتمتع بأكبر إمكانات النمو.
وقال ستيف مرسيكا، الرئيس التنفيذي لمجلس أعمال الطاقة النظيفة، إن تركيز المشاركين المحدود على المياه مثير للقلق، مؤكداً أن تكنولوجيات المياه وكفاءة استخدامها يجب أن تلقى اهتماماً كبيراً في المنطقة وأن تتصدر أولويات صنع القرار. ولفت إلى التمويل الكبير الذي تتطلبه مشاريع الطاقة النظيفة، كما في السعودية التي تعتزم إنتاج 41 جيغاواط بحلول سنة 2032، داعياً إلى «تطوير أدوات تمويل بديلة، مثل الصكوك الخضراء التي يدعمها المجلس، للمساعدة في فورة الطاقة النظيفة التي نتوقعها خلال السنوات المقبلة».
سوق شمسية
بالنسبة الى المشاركين من دول المشرق العربي، احتلت طاقة الرياح المرتبة الثانية كمجال رئيسي للنمو بعد الطاقة الشمسية، سابقة الطاقة المائية. وبيّن الاستطلاع أن تفضيل طاقة الخلايا الفوتوفولطية على الطاقة الشمسية المركزة هو أعلى في منطقة المشرق مما في منطقتي الخليج وشمال أفريقيا.
وفي شمال أفريقيا، اعتبر المشاركون أن الطاقة الشمسية المركزة هي التكنولوجيا التي تتمتع بأعلى امكانات النمو، تليها الخلايا الفوتوفولطية بفارق ضئيل. واعتبر 20 في المئة أن طاقة الرياح هي تكنولوجيا النمو الرئيسية، وتأتي قبل كفاءة الطاقة والمياه. وقد ارتفعت «أسهم» طاقة الرياح بدرجة ملحوظة بالمقارنة مع استطلاع السنة السابقة.
يقول وليد فتوحي، رئيس جمعية الشرق الأوسط للطاقة الشمسية: «لكي تقوم سوق شمسية حقيقية في الشرق الأوسط، يجب أن نشهد قيادة قوية من المعنيين داخل كل من الأسواق الرئيسية، خصوصاً السعودية والمغرب والإمارات والكويت والأردن وقطر. فلدى هذه البلدان جميعاً المقومات الرئيسية: طلب متنام على الكهرباء مقرون بموارد شمسية هائلة. وكل ما تحتاج اليه هو الربط بين الإثنين، بكل بساطة».
الدوافع والعوائق
كما في السنوات السابقة، اعتبر المشاركون في الاستطلاع أن الافتقار الى الدعم الحكومي وغياب أطر للسياسات هما التحديان الرئيسيان لاجتذاب القطاع الخاص الى الاستثمار في الطاقة النظيفة. هذا الاعتقاد لم يتغير، مع أن استطلاع السنة السابقة شهد زيادة في النشاطات الحكومية لخلق أطر للسياسات في بلدان الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
وعلى رغم أن تكاليف مشاريع الطاقة المتجددة تستمر في الانخفاض، فان 24 في المئة من المشاركين في الاستطلاع ما زالوا يعتبرون أن الكلفة هي العقبة الرئيسية لتنفيذها. كما أشار 16 في المئة إلى عدم قدرة الطاقة المتجددة على منافسة الوقود الأحفوري المدعوم بشكل كبير والذي يتوافر بأدنى من أسعار السوق، خصوصاً في بلدان الخليج.
واعتبر 13 في المئة من جميع المشاركين في الاستطلاع أن افتقار المصارف الى الخبرة في تمويل مشاريع الطاقة المتجددة يشكل عقبة. بل إنه اعتُبر العقبة الرئيسية والتحدي الأكبر للاستثمار في التكنولوجيا النظيفة في بلدان المشرق. ورأى مشاركون أن التحديات المتعلقة بالتمويل الأخضر سوف تتضح أكثر عندما تشرع حكومات المنطقة في طرح مناقصات المشاريع.
أظهرت نتائج الاستطلاع أن السعودية هي السوق الأكثر جاذبية لمشاريع الطاقة المتجددة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، تليها الإمارات وقطر. فلدى الأسواق الثلاث موارد مالية كبيرة في تصرفها لتوفير مخصصات كبيرة من موازناتها العمومية لمصادر الطاقة المتجددة، فضلاً عن توافر موارد مالية للاستثمارات. وفيما التمويل متاح من الحكومات أو المنظمات الدولية أو القطاع الخاص في هذه الأسواق، فان هذا الرأسمال سوف يحتاج إلى دعم من الحكومات والى سياسة ذات إطار قوي للبناء على القاعدة الأولية لتوليد الطاقة المتجددة.