Friday 22 Nov 2024 |
AFED2022
 
AFEDAnnualReports
Environment and development AL-BIA WAL-TANMIA Leading Arabic Environment Magazine
المجلة البيئية العربية الاولى
 
مقالات
 
باتر وردم تحرير التجارة وحماية البيئة في الأردن  
أيلول (سبتمبر) 2002 / عدد 54
 إنتهج الأردن منذ تولي الملك عبد الله الثاني مقاليد الحكم في بداية العام 1999 توجها اقتصاديا ليبراليا مباشرا وتسارعت الخطوات التشريعية والهيكلية لتحرير الاقتصاد الأردني وجذب الاستثمار الأجنبي من خلال عدة خطوات أهمها  الانضمام إلأى منظمة التجارة الدولية واتفاقية الشراكة المتوسطية الأوروبية وتوقيع اتفاقية التجارة الحرة الأردنية الأميركية الثنائية وتحويل منطقة العقبة إلى منطقة اقتصادية خاصة.
ومن الطبيعي أن تكون لهذه التحولات الاقتصادية الجوهرية تأثيرات عديدة على المستوى البيئي خاصة أن الأردن بالرغم من اندماجه في الاقتصاد العولمي الليبرالي فإنه حتى الآن لم يضمن الأبعاد البيئية في استراتيجياته التنموية ولا زالت الخطط التنموية والمؤشرات الاقتصادية بعيدة عن استخدام مؤشرات التنمية المستدامة البيئية والاقتصادية والاجتماعية.
ولكن من الجدير للإنتباه أن اتفاقية التجارة الحرة الأردنية-الأميركية كانت هي الاتفاقية التجارية الوحيدة التي تضمنت نصوصا بيئية ضمن الاتفاقية. وكان السبب الرئيسي في ذلك يعود إلى الأولويات السياسية الداخلية في الولايات المتحدة. فقد بدأ التفاوض على الاتفاقية مع الإدارة الديمقراطية للرئيس كلنتون في بداية العام 2000  وكانت إدارة كلنتون تؤيد إدخال البعد البيئي في اتفاقيات التجارة وعلى هذا الأساس تعاملت الإدارة مع اتفاقية التجارة الأردنية كنموذج لما ترغب هذه الإدارة في تطبيقه على اتفاقيات التجارة الحرة اللاحقة وخاصة اتفاقية ما بين الأميركيتين. وأصر الأميركيون على وجود بنود في الاتفاقية تتضمن عدم المساس بالتشريعات والمعايير البيئية من أجل جذب الاستثمارات. وقد تم إنشاء لجنة تفاوضية خاصة حول البيئة وذهبت بعيدا في شفافيتها إلى درجة عقد اجتماع عام دعيت إليه القطاعات الأردنية الصناعية والتجارية والبيئية لمناقشة ما يجب أن تتضمنه الاتفاقية وعرضت نتائج دراسة شاملة قام بها الطرفان لتحديد الآثار البيئية المتوقعة للاتفاقية. وقد أنتهى التفاوض على الاتفاقية مع نهاية عهد الإدارة الديمقراطية والتي تركت خلفها نصا لإقراره في الكونغرس. ولكن الإدارة الجمهورية الجديدة " غير الرفيقة بالبيئة" اعترضت على تضمين الاتفاقية لبنود بيئية وعمالية وحاولت إزالتها من النص وإعادة التفاوض من جديد لكن قرارا سياسيا أميركيا ساهم في إقرار الاتفاقية كما هي ولكن مع التعهد بعدم إدخال البيئة في أية أتفاقية لاحقة. وبالتالي فإن الاتفاقية الأردنية-الأميركية هي الاتفاقية التجارية الوحيدة التي تتضمن أبعادا بيئية.
أما انضمام الأردن لمنظمة التجارة العالمية فقد تم بالطرق الاعتيادية ومن خلال التفاوض بدون اتخاذ أي موقف من الشؤون البيئية والالتزام بمبادئ المنظمة في عدم الموافقة على دمج البيئة بالتجارة، وبشكل عام فإن موقف الأردن في المنظمة متجانس مع مواقف معظم الدول النامية التي ترفض الربط ما بين تحرير التجارة ومعايير البيئة باعتبارها تمثل نوعا من الإجراءات الحمائية التي تطالب بها دول الاتحاد الأوروبي لمنتجاتها وهذا الموقف نابع من عدم قناعة الكثير من الاقتصاديين بجدوى تحسين المعايير البيئة.
وكان العديد من الصناعيين والاقتصاديين في الأردن أعربوا عن خشيتهم في أن تتسبب البنود البيئية في اتفاقية التجارة الحرة في تقييد وصول البضائع الأردنية إلى الأسواق الأميركية، ولكن الطريقة التي تم الاتفاق فيها على صيغة النص البيئي لا تفرض على أي من البلدين اتخاذ إجراءات معينة من منطلقات بيئية أكثر مما يتم تطبيقه في منظمة التجارة الدولية، وهذا يعني أنه في التطبيق الفعلي فإن البنود البيئية في الاتفاقية هي عبارة عن "التزامات ومعايير" أخلاقية أكثر من كونها ملزمة قانونيا للطرفين.
صناعات صديقة للبيئة
حول استجابة القطاع الصناعي في الأردن إلى البنود البيئية في اتفاقيات التجارة وأهمية الكفاءة البيئية في التنافسية العالمية قال مدير البيئة في غرفة صناعة عمان ينال أبدة أن النصوص البيئية في اتفاقيات تحرير التجارة تفرض تحديا على الصناعات المحلية الأردنية وذلك لأن الصناعات المتوسطة  الحجم والصغيرة ستتحمل أعباء مالية قاسية في سبيل رفع كفاءتها البيئية. ومع أن اتفاقيات تحرير التجارة تنص على إزالة العوائق غير الجمركية فإن العناء الذي يجب أن تتكبده دولة نامية مثل الأردن لرفع كفاءة منتجاتها البيئية هو عائق بحد ذاته. وأضاف أبدة أنه على الصناعات الأردنية أن تمر في هذه المرحلة الصعبة وأن تتحملها فلا خيار لنا كدولة نامية سوى أن نفعل كل ما في وسعنا لضمان تصدير منتجاتنا للعالم. وكممثل للقطاع الصناعي يقول أبدة أن دخول الأردن في منظمة التجارة العالمية وتوقيعها على اتفاقيات تحتم خلق مناطق تجارية حرة هو شر لا بد منه فلا مناص من ركوب موجة العولمة حتى ولو لم تخدم مصالح الأردن في التطور والإزدهار بالشكل الذي نراه مناسباً.
وتحاول بعض المنظمات غير الحكومية لعب دور ايجابي في تسهيل مقدرة القطاع الصناعي على التعامل مع تطورات الكفاءة البيئية في العالم وضرورة التحول نحو وسائل الإنتاج النظيفة، فقد بدأت جمعية أصدقاء البيئة بتنفيذ مجموعة من برامج الإنتاج النظيف مع عدد من الصناعات الصغيرة والمتوسطة، ويقول رؤوف الدباس رئيس جمعية اصدقاء البيئة حول هذه التجربة أن انضمام الأردن إلى اتفاقيات تحرير التجارة المختلفة قد حتم على الصناعين والبيئويين في الأردن التفكير بطريقة عقلانية حول أسلوب يستفيد منه القطاع الصناعي في تصويب أوضاعه البيئية وذلك باستخدام خبرات البيئيين المحليين وعلاقاتهم مع خبراء من الخارج. ومن هنا جاءت فكرة إنشاء " الشبكة الأردنية للصناعات الصديقة للبيئة" عام 1999 والتي تبلغ في عضويتها حتى الآن 92 مصنعا من الصناعات الصغيرة أو متوسطة الحجم. ويرى الدباس أن الشبكة لا تساعد هذه الصناعات على ركوب موجة العولمة فحسب بل وتسهم في تخفيض الانبعاثات الملوثة منها مما يؤدي إلى حماية أكبر للبيئة داخل الأردن وهذا في حد ذاته إنجاز يستحق الذكر.
وبسبب أقبال الصناعات على فكرة تحسين أداءها البيئي فقد تأسست منذ وقت قصير شبكة أوسع من الأولى تضم شركاء من المجتمع المحلي والمؤسسات الفاعلة مثل أمانة عمان ووزارة البلديات والجمعية العلمية الملكية بالإضافة إلى مراكز بحوث مختلفة هدفها تحويل الصناعات إلى الإنتاج النظيف والذي يضمن للصناعات الأردنية دخول الأسواق الأوروبية والأميركية. ويؤكد الدباس أن التحول إلى الإنتاج النظيف لا يعني تحمل أعباء مالية أكثر بالضرورة لأنه من خلال ترشيد استهلاك المياه والطاقة في المصانع المعنية يستطيع الصناعيون خفض فاتورة منشآتهم الشهرية.
في غمار المعايير
وبالإضافة إلى اتفاقية التجارة الحرة مع الولايات المتحدة واتفاقية منظمة التجارة الدولية هناك اتفاقية الشراكة الأوروبية المتوسطية والتي تشكل للصناعيين والبيئيين تحديا تجاريا جديدا. وقد وقع الأردن عام 1997 اتفاقية الشراكة الاوروبية-المتوسطية والتي يعتقد الكثير من البيئيين والصناعيين انها شائكة لأن كل دولة أوروبية لها معاييرها البيئية الخاصة. ففي حين تمتلك ألمانيا معايير بيئية قاسية فإن ايطاليا أكثر مرونة وبالتالي فإن تفاوت المعايير البيئية في الأسواق الأوروبية يضع أمام الصناعيين تساؤلا هاما حول ماهية المعايير البيئية التي يجب الالتزام بها. وإلى أن يتم توحيد معايير السوق الأوروبية المشتركة فإن الدول العربية المنضوية في هذه الاتفاقية مثل الأردن ولبنان وسوريا سوف تضطر إلى "خوض غمار" العديد من المفاوضات لتضمن الحصول على نصوص عادلة وواضحة.
وعلى كل حال فإن اختلاف وتنوع اتفاقيات تحرير التجارة يخلق تحديا للقطاع البيئي والصناعي الأردني يتمثل في التمييز ما بين متطلبات كل اتفاقية والإطلاع على المحاذير التي تفرضها الدول الموقعة وهذا بحد ذاته تحد كبير ينبغي مواجهته بالكثير من المعرفة والدراية وتنسيق المواقف بين القطاع العام والخاص. 
 
 
 
 

اضف تعليق
*الاسم الكامل  
*التعليق  
CAPTCHA IMAGE
*أدخل الرمز  
   
 
بندر الأخضر صديق البيئة
(المجموعة الكاملة)
البيئة والتنمية
 
اسأل خبيرا
بوغوص غوكاسيان
تحويل النفايات العضوية إلى سماد - كومبوست
كيف تكون صديقا للبيئة
مقاطع مصورة
 
احدث المنشورات
البيئة العربية 9: التنمية المستدامة - تقرير أفد 2016
 
ان جميع مقالات ونصوص "البيئة والتنمية" تخضع لرخصة الحقوق الفكرية الخاصة بـ "المنشورات التقنية". يتوجب نسب المقال الى "البيئة والتنمية" . يحظر استخدام النصوص لأية غايات تجارية . يُحظر القيام بأي تعديل أو تحوير أو تغيير في النص الأصلي. لمزيد من المعلومات عن حقوق النشر يرجى الاتصال بادارة المجلة
©. All rights reserved, Al-Bia Wal-Tanmia and Technical Publications. Proper reference should appear with any contents used or quoted. No parts of the contents may be reproduced in any form by any electronic or mechanical means without permission. Use for commercial purposes should be licensed.