Monday 25 Nov 2024 |
AFED2022
 
AFEDAnnualReports
Environment and development AL-BIA WAL-TANMIA Leading Arabic Environment Magazine
المجلة البيئية العربية الاولى
 
مقالات
 
راغدة حداد السعودية تقلّص بصمتها المائية  
أذار (مارس) 2013 / عدد 180
 
 
تطوِّر مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية نظاماً لقياس البصمة المائية الزراعية وترشيد الري في السعودية
 
راغدة حداد
 
تطالعك الأبقار في الأفق مثل سراب. بعد اجتيازك نحو 160 كيلومتراً في الصحراء جنوب شرق الرياض، تصل إلى موقع أحد أكبر قطعان الأبقار في العالم. هنا تربّى نحو 40 ألف بقرة حلوب من نوع هولستين في أحد أكثر الأماكن جفافاً وحرارة على هذا الكوكب. في هذه المزرعة الصحراوية، تعيش الأبقار في ست زرائب ضخمة مكيَّفة، وتنتج نحو 200 مليون ليتر من الحليب في السنة، تُنقل على الطريق السريعة في أسطول من الشاحنات المقفلة.
 
هذه الصورة رسمها مقال في «ناشونال جيوغرافيك» في تشرين الثاني (نوفمبر) 2012. وفيه أيضاً أن المسافر فوق الأراضي السعودية يرى الصحراء «منقَّطة» بزرائب الأبقار ودوائر خضراء حيث تُزرع المحاصيل لإطعام البشر والمواشي. والمياه التي تروي تلك الحقول وتبرِّد تلك الأبقار لا تأتي من الأنهار، فلا أنهار هناك، بل من حوض جوفي كان في الماضي القريب من أضخم أحواض المياه الجوفية في العالم.
 
فعلى مدى نحو 30 عاماً، وسعياً إلى تحقيق حلم الاكتفاء الغذائي، عكفت الحكومة على شراء القمح من المزارعين بخمسة أضعاف سعره العالمي، مع تأمين المياه والكهرباء للمزارع بشكل شبه مجاني.
 
قبل 40 سنة، حين بدأت هذه الفورة الزراعية، كان هناك نحو 500 كيلومتر مكعب من المياه تحت الصحراء السعودية، تجمعت على مدى عشرات آلاف السنين. ولكن مع ضخ ما يصل إلى 20 كيلومتراً مكعباً في السنة للاستخدام في المزارع، يقدِّر خبراء أن أربعة أخماس تلك المياه «المتحجرة» قد تم استنفادها.
 
لكن الوضع يتغير، إذ قررت الحكومة السعودية وقف زراعة القمح بحلول سنة 2016. ويتوقع أن يترافق ذلك مع إقفال كثير من مزارع الأبقار. فالمياه تتناقص. وفي هذه الأثناء، توظف استثمارات كبيرة لإقامة مشاريع زراعية سعودية في بلدان أفريقية غنية بالموارد المائية.
 
قياس البصمة المائية
في بداية كانون الثاني (يناير) 2013، أعلنت مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية إنجاز مشروع البصمة المائية واستراتيجيات ترشيد استخدام المياه في القطاع الزراعي في السعودية. وسوف تطبق من خلاله استراتيجيات الاستخدام الآمن لمياه الري وغسل التربة من الأملاح، مع أخذ مصادرها في الاعتبار، من المياه «الخضراء» كالأمطار والمياه المحلاة، والمياه «الزرقاء» أي الجوفية، والمياه «الرمادية» المعالجة.
تُحتسب البصمة المائية لبلد ما استناداً إلى كمية المياه العذبة التي يتم استهلاكها أو تلويثها. وتعتبر البصمة المائية السعودية من الأعلى عالمياً، خصوصاً بسبب الاستهلاك المفرط للمياه الجوفية والتلوث الناجم عن تحلية مياه البحر وضآلة نسبة مياه الصرف التي يعاد تدويرها.
 
يتضمن المشروع إنشاء قاعدة بيانات للحاجات المائية للمحاصيل الزراعية في جميع مناطق المملكة استناداً الى المناخ والتربة والموقع الجغرافي. وتُخزَّن تلك المعلومات على هيئة خرائط لاستخدامها في حسابات البصمة المائية للمناطق المختلفة. وبناء على ذلك، يتم تقدير البصمة المائية لكل محصول في كل منطقة، وتوضع سيناريوهات مبسطة للاستهلاك المائي في الري لتحليل أثر التغيرات في أنماط الاستهلاك المائي. وسوف يتم تطوير برنامج حاسوبي لاختيار مصادر المياه المناسبة للري، إضافة إلى احتساب المياه الافتراضية المستوردة وتأثيرها على البصمة المائية في المملكة. وذلك بالتعاون مع معهد علوم البيئة الطبيعيـة وإدارة الموارد في جامعـة يستوس ليبيغ في ألمانيا.
 
ويـرى القيمـون على مشـروع البصمة المائية أن جهات كثيرة ستستفيد منه، خصوصاً وزارة الزراعة ووزارة المياه والكهرباء وشركة المياه الوطنية والبنك الزراعي، فضلاً عن الشركات الزراعية. فالزراعة تستأثر بنحو 85 في المئة من الاستهلاك المائي في السعودية.
 

البصمة البيئية السعودية
تحتل المملكة العربية السعودية مساحة 185,6 مليون هكتار من الأراضي والمياه المنتجة. من تلك المساحة هناك 977 ألف هكتار من الغابات، و3,7 مليون هكتار من الأراضي الزراعية، و170 مليون هكتار من المراعي، و 1,4 مليون هكتار لدعم البنية التحتية في البلاد. وفي المملكة كذلك 9,6 مليون هكتار من الجرف القاري والمياه الداخلية لدعم مصائد الأسماك.
 
وإذا أخذنا بعين الاعتبار الفوارق بين معدّلات الإنتاجية الإقليمية بالنسبة للأراضي الزراعية والمراعي والغابات ومصائد الأسماك مقارنةً بمستويات الإنتاجية العالمية المقابلة، فإن إجمالي القدرة البيولوجية للسعودية هو 17,1 مليون هكتار عالمي. وهذا أقلّ بكثير من بصمتها البيئية الإجمالية البالغة 104 ملايين هكتار عالمي.
 
يبلغ معدل البصمة البيئية للفرد في السعودية 4 هكتارات عالمية، ما يعادل مرّة ونصف البصمة البيئية العالمية البالغة 2,7 هكتار عالمي. وبالمقارنة مع بقية العالم، فإن معدّل البصمة البيئية لكل مقيم في المملكة هو أكبر، إلى حدّ ما، ويوازي المستويات في كثير من البلدان المتوسطة الدخل من الشريحة العليا. وإذا ما أريد تخفيض البصمة البيئية للبلاد فلا بدّ من اتّباع عدة استراتيجيات، أهمها: تحسين ملحوظ في كفاءة الموارد وتغيير أنماط الاستهلاك، وتنمية القدرة البيولوجية من دون تكثيف إنتاج الموارد.
 
البصمة البيئية للفرد في السعودية هي أعلى بكثير من القدرة البيولوجية المتوافرة للفرد والبالغة 0,7 هكتار عالمي. وهذا التجاوز عائد لزيادة الاستهلاك وارتفاع معدّل النموّ السكاني. فلقد ارتفع عدد سكان البلاد من 4,2 مليون في العام 1961 إلى 26,2 مليون في العام 2008. وخلال الفترة نفسها، تدنّت القدرة البيولوجية المتوافرة للفرد بنسبة 27 في المئة.
 
المصدر: تقرير «خيارات البقاء: البصمة البيئية في البلدان العربية»، المنتدى العربي للبيئة والتنمية، 2012
 
 
 
 
 

اضف تعليق
*الاسم الكامل  
*التعليق  
CAPTCHA IMAGE
*أدخل الرمز  
   
 
بندر الأخضر صديق البيئة
(المجموعة الكاملة)
البيئة والتنمية
 
اسأل خبيرا
بوغوص غوكاسيان
تحويل النفايات العضوية إلى سماد - كومبوست
كيف تكون صديقا للبيئة
مقاطع مصورة
 
احدث المنشورات
البيئة العربية 9: التنمية المستدامة - تقرير أفد 2016
 
ان جميع مقالات ونصوص "البيئة والتنمية" تخضع لرخصة الحقوق الفكرية الخاصة بـ "المنشورات التقنية". يتوجب نسب المقال الى "البيئة والتنمية" . يحظر استخدام النصوص لأية غايات تجارية . يُحظر القيام بأي تعديل أو تحوير أو تغيير في النص الأصلي. لمزيد من المعلومات عن حقوق النشر يرجى الاتصال بادارة المجلة
©. All rights reserved, Al-Bia Wal-Tanmia and Technical Publications. Proper reference should appear with any contents used or quoted. No parts of the contents may be reproduced in any form by any electronic or mechanical means without permission. Use for commercial purposes should be licensed.