Sunday 24 Nov 2024 |
AFED2022
 
AFEDAnnualReports
Environment and development AL-BIA WAL-TANMIA Leading Arabic Environment Magazine
المجلة البيئية العربية الاولى
 
مقالات
 
بيروت – "البيئة والتنمية" الاعلان العربي عن التنمية المستدامة  
نيسان (أبريل) 2002 / عدد 49
 ورقة ضائعة على جدول القمة العربية في بيروت
 
كان يفترض أنه الخطاب العربي الرئيسي الى قمة جوهانسبورغ حول التنمية المستدامة. فهل يعوّض مروره بين أوراق القمة العربية عن عدم بحثه أصلاً من الوزراء المعنيين؟ ومن سيتبنى تطبيقه؟
 
بين مواضيع جدول أعمال القمة العربية التي عقدت في بيروت في نهاية آذار (مارس) الماضي، كان هناك تقرير تحت عنوان "الاعلان العربي عن التنمية المستدامة". قد نسمع بعد فترة أنه أُقرّ من القمة، من بين ما أقر من تقارير. غير أن الوزراء المعنيين لم يلاحظوا وجوده. فلم يحصل تنسيق مع وزير البيئة اللبناني الذي كان بين الذين صاغوا الاعلان، وكان ينتظر أن تطلب منه جامعة الدول العربية متابعته مع المجتمعين في قمة بيروت. ومع أن البيان تبنى الاعلان، لم يبحثه الوزراء في المجلس الاقتصادي الاجتماعي الذي سبق القمة، ومعظمهم لم يلاحظ وجوده.
وكان قد تم اعداد هذا الاعلان خلال اجتماع في مقر جامعة الدول العربية في القاهرة في تشرين الأول (اكتوبر) الماضي، على أنه "الخطاب العربي الى مؤتمر القمة العالمي للتنمية المستدامة" الذي يعقد في جوهانسبورغ الصيف المقبل. واذ يبدأ نص الاعلان بأنه صدر عن "الوزراء العرب المسؤولين عن شؤون التنمية والتخطيط والبيئة"، فالحقيقة أنه لم يحضر اجتماع القاهرة سوى ستة وزراء بيئة ووزير تخطيط واحد. وهكذا، لم يعتبر الوزراء المجتمعون في المجلس الاقتصادي الاجتماعي أن "الاعلان" يعنيهم.
غير أن هذا لا يقلل من قيمته كورقة عمل تعرض أوضاع وفرص ومعوقات التنمية المستدامة، أي المتوازنة بيئياً، في العالم العربي. والملاحظ في "الاعلان" ان بعض مقاطعه شبيهة بمانيفستو، يتحدث عن ضرورة تطوير استراتيجية عربية مشتركة لتحسين الأوضاع المعيشية والاقتصادية والاجتماعية والصحية للمواطن العربي وصون بيئته، وتخطيط الموارد البشرية بما يتناسب مع الموارد الطبيعية المتاحة، وترتيب الأوضاع الاقتصادية العربية بتعزيز مقومات السوق المشتركة، في اطار تكتل اقليمي قوي لمواجهة العولمة، وترشيد استهلاك مصادر الطاقة التقليدية بالتوازي مع تطوير مصادر للطاقة المتجددة، وتشجيع مشاركة القطاع الخاص والجمعيات الأهلية في آليات صنع السياسات ومراقبتها وتنفيذها.
غير أنه من الملاحظ أيضاً أن "الاعلان" يتسم بلهجة التعميم حين يعرض للانجازات، بينما يتحدث بلغة حذرة حين يعرض للمعوقات، فكأن "الانجازات" كانت القاعدة التي شملت جميع الدول بلا تحفظ. أما "المعوقات" (لتخفيف وقع الكلمة الأصح وهي "الاخفاقات") فقد عرضها الاعلان وكأنها حالات شاذة محصورة.
الانجازات والاخفاقات
أكد الاعلان حصول إنجازات كثيرة في مجال التنمية المستدامة في المنطقة العربية، شملت النواحي الاقتصادية والاجتماعية والبيئية "التي برزت آثارها جلية في حياة المواطن العربي الصحية والتعليمية والاقتصادية". ومن هذه الانجازات ارتفاع مستوى دخل الفرد، وتحسين مستوى الخدمات الصحية والسكنية، وانخفاض مستوى الأمية وزيادة حصة المرأة العربية في التعليم وفرص العمل، وانخفاض نسبي في معدل النمو السكاني وارتفاع متوسط عمر الفرد، وإنشاء وتطوير المؤسسات التنموية والبيئية، وسن وتطوير التشريعات، وبناء القدرات والمساهمة في تنفيذ الاتفاقيات الاقليمية والدولية وتعزيز التعاون الاقليمي خاصة منطقة التجارة الحرة العربية الكبرى، وتنفيذ مشاريع النقل والربط الكهربائي والغاز الطبيعي بين بعض الدول العربية، وتعزيز المجالس الوزارية العربية المختصة بالتعاون الاقليمي في مجالات التنمية والاقتصاد والتخطيط والزراعة والبيئة والصحة والاعلام والخدمات. "كما شهدت المنطقة العربية جهوداً واعدة نحو ترشيد استهلاك الموارد الطبيعية وتناميا في دور القطاع الخاص والمجتمع المدني والمشاركة الشعبية".
وأشار الاعلان الى انه بالرغم من النتائج الايجابية التي تحققت، فان جهود التنمية المستدامة في الوطن العربي تواجه معوقات جمة، تمتد آثار بعضها لسنوات عدة، من أهمها عدم الاستقرار في المنطقة الناتج عن غياب السلام والأمن وعدم تمكن المجتمع الدولي من معالجة القضية الفلسطينية والأراضي العربية المحتلة على أساس من العدالة وفي إطار القرارات الدولية ذات العلاقة. وركز الاعلان على مشكلة الفقر في بعض الدول العربية، التي تزداد حدة مع الأمية وارتفاع عدد السكان والبطالة وتراكم الديون وفوائدها، كما عرض لاستمرار الازدياد السكاني في المدن العربية، والهجرة من الأرياف الى المناطق الحضرية وانتشار ظاهرة المناطق المناطق العشوائية، وتفاقم الضغوط على الأنظمة الايكولوجية وعلى المرافق والخدمات الحضرية، وتلوث الهواء وتراكم النفايات.
واذ أرجع الاعلان ظاهرة الجفاف وزيادة التصحر الى تعرض المنطقة العربية بصفة عامة لظروف مناخية قاسية، وخاصة انخفاض معدلات الأمطار عن المعدل العام السنوي، وارتفاع درجات الحرارة في فصل الصيف، أشار الى محدودية الموارد الطبيعية وسوء استغلالها، بما فيها النقص الحاد في الموارد المائية وتلوثها وندرة الاراضي الصالحة للاستغلال في النشاطات الزراعية المختلفة، و"ضعف الاهتمام بالطاقة غير المتجددة في بعض الأقطار العربية".
وتحدث عن "ضعف إمكانيات بعض المؤسسات التعليمية والبحثية العربية وتأخرها عن مواكبة مسيرة التقدم العلمي والتقني في العالم"، كما ألمح الى حداثة تجربة المجتمع المدني وعدم مشاركته الفعالة في وضع وتنفيذ استراتيجيات وبرامج التنمية المستدامة. واعترض على "عدم ملاءمة بعض التقنيات والتجارب المستوردة من الدول المتقدمة مع الظروف الاقتصادية والاجتماعية والبيئية في الوطن العربي، ونقص الكفاءات الوطنية القادرة على التعامل معها". ثم أبرز نقص الموارد المالية وتدني وضع البنية التحتية والحصار الاقتصادي على بعض الدول العربية، كمعوقات رئيسية لمسيرة التنمية.
واقترح الاعلان بعض الأفكار لمواجهة تحديات التنمية، في طليعتها الاستغلال الرشيد للثروات المتاحة، وإيجاد المناخ الملائم للاستثمار محلياً وإقليمياً، ووضع آلية للتكافل الاجتماعي على المستوى الوطني، اضافة الى تحقيق التكامل بين الدول العربية في جميع المجالات، بما فيها إعطاء الأولوية للعمالة العربية لتساهم في الحد من البطالة وانتشار الفقر. ودعا الى تخطيط سليم للموارد البشرية يتناسب مع الموارد الطبيعية.
وفي حين حذرت من أن العولمة تحد من امكانية تحقيق التنمية المستدامة في المنطقة العربية، مؤكداً الحاجة الى ترتيب المنطقة العربية لأوضاعها الاقتصادية والمؤسسية وإيجاد تكتل اقليمي عربي قوي مبني على المقومات الثقافية والحضارية والاقتصادية للمنطقة. و"ان قيام كيان اقتصادي عربي قوي يتطلب تعزيز مقومات السوق العربية المشتركة لتوفير سوق كبيرة ودعم الموقف التفاوضي للدول العربية مع التجمعات الاقليمية والتكتلات الاقتصادية الأخرى، بما فيها منظمة التجارة العالمية".
استراتيجية التنمية العربية
أكد التقرير أن تحقيق التنمية المستدامة "يستوجب وضع استراتيجية عربية مشتركة ومتكاملة لتحسين الأوضاع المعيشية والاقتصادية والاجتماعية والصحية للمواطن العربي، وصون البيئة في المنطقة العربية". وشدد على ضرورة تحقيق السلام والأمن على أسس عادلة، وإزالة بؤر التوتر وأسلحة الدمار الشامل وفي مقدمتها السلاح النووي من منطقة الشرق الأوسط. كما دعا الى القضاء على الامية وتطوير مناهج وأساليب التربية والتعليم والبحث العلمي والتقني بما يتلاءم مع احتياجات التنمية المستدامة، ودعم وتطوير المؤسسات التنموية والبيئية وتعزيز بناء القدرات البشرية وإرساء مفهوم المواطنة البيئية.
وتناول ضرورة الحد من تدهور البيئة والموارد الطبيعية، والعمل على إدارتها بشكل مستدام يحقق الأمن المائي والغذائي العربي، والمحافظة على النظم الايكولوجية والتنوع الحيوي ومكافحة التصحر. وتطرق الى "تطوير القطاعات الانتاجية العربية وتكاملها واتباع نظم الادارة البيئية المتكاملة وأساليب الانتاج الأنظف وتحسين الكفاءة الانتاجية لرفع القدرة التنافسية للمنتجات العربية". ودعا الى دعم مشاركة القطاع الخاص ومؤسسات المجتمع المدني، تعزيز دور المرأة ومكانتها في المجتمع.
وقال التقرير إن تحقيق أهداف التنمية المستدامة في العالم العربي يتطلب صياغة أولويات للعمل المشترك، أبرزها تعزيز التعاون والتنسيق مع المنظمات الاقليمية والدولية ومجموعة دول الـ77 والصين، بما يحقق فرصاً أفضل للتفاوض في المحافل الدولية، وتطبيق سياسات متكاملة للحد من الفقر، أهمها تيسير التأقلم مع سياسات الاصلاح الاقتصادي ورفع مستوى التأهيل المهني والتعليم العام والفني وإيجاد فرص العمل المناسبة للمواطن العربي، وإيجاد حلول عملية لمشكلة الديون، وتعزيز دور القطاع الخاص والمجتمع المدني في المشاركة في وضع وتنفيذ برامج التنمية المستدامة.
وبين الأولويات التي عرضها التقرير تطبيق أساليب الادارة المتكاملة للموارد المائية، وتطوير مصادر إضافية للمياه كتحلية مياه البحر، وتنمية الموارد المائية باستخدام تقنيات عملية ومتطورة كحصاد المياه واعادة تدوير مياه الصرف المعالجة والحد من الفاقد. كما برزت دعوة التقرير الى "سياسات اقتصادية وبيئية تأخذ بعين الاعتبار المحافظة على مصادر الطاقة غير المتجددة وتطويرها وترشيد استغلالها والحد من آثارها السلبية على الانسان والبيئة، وتشجيع استخدام مصادر الطاقة المتجددة على أسس بيئية واقتصادية سليمة". وركّز التقرير على "تحديث التشريعات والقوانين، ودعم منطقة التجارة الحرة العربية الكبرى، وتطوير أساليب الانتاج والتسويق للمنتجات العربية لجعلها أكثر قدرة على المنافسة، وحماية الصناعات والحرف والمعارف التقليدية".
تمويل التنمية المستدامة
دعا الاعلان الى آليات لتمويل التنمية المستدامة في الاطار الاقليمي، أبرزها تطوير الصناديق القائمة في الدول العربية، والتركيز على مبادئ التكافل الاجتماعي ودعم المؤسسات غير الحكومية. كما حدد آليات تمويلية في الاطار الدولي، منها وفاء الدول المتقدمة بالعهد الذي تبناه مؤتمر الأمم المتحدة للبيئة والتنمية عام 1992، وهو زيادة المساعدات الرسمية للدول النامية لتصبح 0,7% من إجمالي الناتج المحلي الاجمالي للدول المتقدمة.
وانتهى الاعلان بالدعوة الى إنشاء آليات للرصد والتدقيق لبرامج التنمية المستدامة، حتى يتسنى ضمان توافقها مع أهدافها وفاعليتها في تحقيقها، وتطوير مؤشرات ومعايير لقياس مدى تطور التنمية في المنطقة العربية في اتجاه الاستدامة. وغاب عن الاعلان تحديد التزامات واضحة بتخصيص نسبة من الموازنات العربية لبرامج حماية البيئة داخل المنطقة العربية نفسها.
لكن على الرغم من الملاحظات حول الاعلان، يأمل البيئيون أن يكون حظه في التطبيق أوفر من المقررات المعتادة التي توافق عليها القمم العربية.
 
 
 
 

اضف تعليق
*الاسم الكامل  
*التعليق  
CAPTCHA IMAGE
*أدخل الرمز  
   
 
بندر الأخضر صديق البيئة
(المجموعة الكاملة)
البيئة والتنمية
 
اسأل خبيرا
بوغوص غوكاسيان
تحويل النفايات العضوية إلى سماد - كومبوست
كيف تكون صديقا للبيئة
مقاطع مصورة
 
احدث المنشورات
البيئة العربية 9: التنمية المستدامة - تقرير أفد 2016
 
ان جميع مقالات ونصوص "البيئة والتنمية" تخضع لرخصة الحقوق الفكرية الخاصة بـ "المنشورات التقنية". يتوجب نسب المقال الى "البيئة والتنمية" . يحظر استخدام النصوص لأية غايات تجارية . يُحظر القيام بأي تعديل أو تحوير أو تغيير في النص الأصلي. لمزيد من المعلومات عن حقوق النشر يرجى الاتصال بادارة المجلة
©. All rights reserved, Al-Bia Wal-Tanmia and Technical Publications. Proper reference should appear with any contents used or quoted. No parts of the contents may be reproduced in any form by any electronic or mechanical means without permission. Use for commercial purposes should be licensed.