مع اتساع نشاط المصانع الغذائية والمطاعم ازدادت الإصابات بالأمراض التي يحملها الغذاء، وأصبحت تشكل خطراً على الصحة العامة. وذلك لاعتبارات عديدة، منها حساسية المواد الأولية للفساد والتلف، واحتمال إصابة القائمين على الخدمة ومعدّي ومجهزي ومقدمي المواد الغذائية بالأمراض المعدية التي تنتقل عن طريق الطعام، كذلك تعدد الأساليب الحديثة في تصنيع وتركيب الأطعمة والوجبات مما استلزم زيادة استخدام المضافات الغذائية مثل الملونات ومكسبات الطعم والرائحة والمنكهات والمواد الحافظة.
تتأثر قطر، كبقية الدول، بالآثار السلبية لهذه الاعتبارات نظراً لانفتاح أسواقها على العالم وتغير أنماط الغذاء فيها بشكل مستمر. وتقوم الشؤون الصحية في بلدية الدوحة بجهود حثيثة لمواكبة التطورات في مجال السلامة الغذائية ومكافحة الأخطار التي تسبب التسمم الغذائي. ويؤكد الدكتور عبدالله الحمق مساعد مدير البلدية للشؤون الصحية أن الدولة بصدد تطبيق نظام وقائي لمراقبة الجودة وضمان السلامة الغذائية، وهو ما يعرف بنظام تحليل المخاطر والنقاط الحرجة(HACCP) الذي يقوم بتحديد وتحليل وضبط أي مصدر للخطر يحتمل أن تتعرض له العمليات التي تقوم بها منشآت الخدمة الغذائية، من شراء وتخزين وتجهيز وطبخ وإعداد وتداول وحفظ وتقديم.
وعند تطبيق هذا النظام لا بد من مراعاة بعض الاشتراطات أثناء تحليل مصدر الخطر، وخطوات التطبيق التالية مثل تأثير المواد الأولية، والمنتجات الكاملة أو الوسيطة المشتراة، والمكونات والمضافات، وطريقة التصنيع والتجهيز الفعلي للغذاء، ودور مراحل العمل في مراقبة وضبط مصدر الخطر، ونوعية وتعداد مستهلكي الوجبات الغذائية، وذلك خصوصاً عند احتمال حدوث مخاطر ووبائيات متعلقة بالسلامة الغذائية. وأوضح الدكتور الحمق أن هذا النظام يحتاج إلى فريق عمل متجانس، وسيتم تدريب المفتشين عليه، كما سيتم ربطه بالرخص التجارية للمطاعم وأماكن الأغذية ليصبح ضمن المواصفات القطرية القياسية.
وينشأ تسمم الغذاء عن سببين: الأول، سموم طبيعية ناتجة عن وجود مواد سامة في بعض النباتات والحيوانات، مثل أنواع من عش الغراب والأجزاء الخضرية من البطاطا. وهناك من النباتات ما يحمل السموم كالداتورة، كما أن أنواعاً عديدة من الأسماك والأحياء البحرية سامة للإنسان. والسبب الثاني هو تلوث الغذاء بالمواد الكيميائية السامة. ويكون هذا التلوث ناشئاً عن مصادر مختلفة، كالمبيدات المستعملة في رش المحاصيل الزراعية وخاصة الفاكهة والخضر، ويحتوي بعضها على مواد كالزرنيخ والرصاص، وكذلك المواد المبيدة للحشرات المنزلية.ومن مصادر التلوث أيضاً الرصاص المختلط بالقصدير المستخدم في طلاء الأواني النحاسية، والسيانيد الموجود في مواد تلميع الملاعق والأدوات المعدنية المنزلية، والمواد الحافظة في الغذاء إذا زادت عن النسب القصوى المسموح بها، والمواد الكيميائية السامة التي تختلط بالطعام خلال بعض مراحل الإنتاج أو الأعداد أو التخزين أو التداول.
وحول الإجراءات المطلوب اتباعها فور ظهور أعراض التسمم يقول الدكتور عبدالله الحمق: "يجب التبليغ الفوري عن الحالة وتحويلها إلى المستشفى، والبحث عن بقايا الطعام وإرسالها إلى المختبر لفحصها، وكذلك عينات من القيء إذا تيسرت. كما يجب فحص العاملين بتحضير الأغذية في محيط الإصابة، والعاملين ببيع المواد الغذائية، والتأكد من أنهم غير حاملين للميكروب وغير مصابين بجروح متقيحة".
وللوقاية من التسمم الغذائي، يجب حفظ المأكولات بالتبريد لدرجة تمنع تكاثر الميكروبات، ومنع المصابين بجروح في أيديهم من تحضير الأغذية لحين شفائهم، والفحص الطبي الدوري للعاملين في مجال الأغذية للتأكد من خلوهم من الأمراض المعدية وعدم حملهم للميكروبات السامة، والارتفاع بالمستوى الثقافي الصحي للعاملين بالأغذية، بالإضافة إلى البحث عن منشأ العدوى من الأطعمة الملوثة وإتلافها.
"البلدية والزراعة"، قطر
|