Thursday 21 Nov 2024 |
AFED2022
 
AFEDAnnualReports
Environment and development AL-BIA WAL-TANMIA Leading Arabic Environment Magazine
المجلة البيئية العربية الاولى
 
مقالات
 
دمشق ـ نائلة علي مواجهة جريئة للتحدي السكاني في سورية  
كانون الثاني (يناير) 2002 / عدد 46
 لعل أهم حصيلتين خرج بهما المؤتمر الوطني للسكان، الذي عقد في دمشق في تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي، هما تشخيص واقع الحال السكاني في سورية وضغوطه الاقتصادية والبيئية والاجتماعية، من خلال الدراسات والأبحاث التي قدمت معززة بالأرقام والإحصاءات، واستشراف التحديات المستقبلية حتى سنة 2025 المرتبطة بالسكان وانعكاساتها على التربية والخدمات والبيئة والتوزع الديموغرافي، بمقاربة علمية اتسمت بالصراحة والجرأة.
تناولت أبحاث المؤتمر، الذي اختير له شعار عريض وواقعي هو "المواءمة بين التنمية الاقتصادية والاجتماعية من أجل غد مزدهر"، مختلف جوانب المسألة السكانية في البلاد:
- التوزع الجغرافي للسكان والهجرة الداخلية.
- التحدي السكاني واستراتيجية التنمية.
- النمو السكاني وسياسات الصحة الإنجابية واستراتيجياتها.
- الاتجاهات السكانية والموارد المائية.
- السكان والبيئة.
- النمو السكاني وتنمية الموارد البشرية والقدرات التقنية ومستقبل التنمية البشرية.
- السكان وتمكين المرأة.
- المحددات الثقافية والاجتماعية للمسألة السكانية.
وركزت هذه الأبحاث والدراسات على مسألة الربط بين النمو السكاني والنمو الاقتصادي، وتأثير التزايد السكاني على البيئة والموارد الطبيعية والأراضي الزراعية، وأهمية تنظيم النمو السكاني ليوائم ذلك. وهو ما اعتبره المؤتمر يبدأ من الأسرة والفرد ومن ثم المجتمع، حيث يلعب الوعي الفردي والجماعي لأهمية الصحة الإيجابية دوراً أساسياً في تنظيم النمو السكاني والاقتراب من المعدلات العالمية. وهذا يتعلق بتغيير مفاهيم مجتمعية حول الإنجاب والأسرة الحديثة.
وقائع وأرقام
شكل انعقاد المؤتمر ومستوى المشاركة فيه ورعاية رئيس الجمهورية له بداية غير مسبوقة لطرح هذه المسألة بوضوح في سورية، وبداية عملية لمعالجة قضية حساسة في الحياة  والمجتمع. وان كانت بدايات طرح مسألة تنظيم الأسرة تعود إلى مطلع السبعينات، لكنها ظلت في إطار الشرائح المثقفة في المدن، وظل الريف بعيداً عن تأثيراتها. ولئن تكن الضغوط الاقتصادية فرضت نوعاً من التفكير باتجاه خفض الإنجاب إلى ما بين 4 و6 أولاد بغية تأمين احتياجاتهم من التعليم والرعاية الصحية، وهذا يعتبر نموذجاً للأسرة السورية الحديثة، إلا أن ذلك انحصر بالشرائح المتعلمة. ففي الريف لا يزال عدد أفراد الأسرة يقارب العشرة أشخاص.
ازداد عدد سكان سورية من 6,3 ملايين نسمة عام 1970 إلى 16,3 مليوناً عام 2000. ويتوقع أن يصل إلى 26,5 مليوناً سنة 2025، رغم أن معدل النمو السكاني انخفض إلى 3,8 خلال الفترة 1981 ـ 1994 ثم إلى 2,6 عام 2000. وذلك رغم ارتفاع سن الزواج من 25,9 سنة إلى 29 سنة للذكور ومن 6،20 سنة إلى 25,1 سنة للإناث بين عامي 1981 و2000، وارتفاع نسبة العزوبية في الفئة العمرية 35 سنة من 34% إلى 49% للذكور ومن 12% إلى 30% للإناث بين 1970 و2000، وما رافق ذلك من انخفاض الخصوبة الكلية من 7,5 مواليد عام 1978 إلى 3,66 مواليد عام 1999.
هذا التزايد السكاني الكبير يفرض تحديات اقتصادية وبيئية وتنموية كبيرة جداً لمواجهته، وأيضاً لمواجهة الخلل في التوزع الديموغرافي. إذ تستقطب أربع محافظات، هي دمشق وريف دمشق وحلب وحمص، 52% من مجموع سكان سورية. وهذا أفرز ضغوطاً بيئية وخدمية واقتصادية، وأثر على الموارد الطبيعية وعلى جهود الإصحاح البيئي. فأصبحت البلاد تعاني من زحف التصحر وشح المياه وتدهور التربة وانحسار الأراضي الزراعية والمشجرة وتمدد السكن العشوائي والتلوث بأشكاله، مما يتطلب توزعاً جغرافياً أكثر توازناً مع الموارد الاقتصادية في ظل تنمية اقتصادية واجتماعية متوازنة للريف والمدينة.
وفي تقرير "النمو السكاني والتحديات المستقبلية للفترة 2000 ـ 2025"، الذي ربما كان الأهم بين تقارير المؤتمر، تحديد صريح لأبعاد المشكلة السكانية مدعم بالأرقام والإحصاءات، واستشراف من خلالها للتحديات المستقبلية في مجالات المتغيرات السكانية والتوزع الجغرافي للسكان والهجرة الداخلية والتعليم والتدريب للقوة العاملة والبطالة والموارد الطبيعية والغذائية والمياه والطاقة والبيئة. وفي التحدي البيئي تأكيد على أن مشاكل التلوث ستتفاقم إذا لم يتم التعاون الوثيق بين المؤسسات الوطنية المعنية، وبينها وبين المنظمات الإقليمية والدولية ذات الصلة، مع التزام سورية قرارات المؤتمرات الدولية وإبلاء أهمية خاصة للعلاقة بين النمو السكاني والبيئة والتنمية المستدامة.
أقرت الأبحاث والمداخلات الكثيرة والمناقشات التي دارت في المؤتمر بالخلل القائم بين النمو السكاني والمستوى الاقتصادي، وبين النمو والتحديات البيئية والاقتصادية التي يفرزها. وفي هذا الإطار نبه الدكتور عصام الزعيم وزير الدولة لشؤون التخطيط إلى مخاطر العولمة على بلدان العالم النامي من الناحية الاقتصادية والديموغرافية. واعتبر أن ذلك يتجسد في سورية بضغط على الموارد. وتوقع أن يستمر 50 عاماً مقبلة ريثما تتمكن البلاد من النهوض الاقتصادي ورفع معدلات التنمية، لافتاً إلى الاتجاه نحو ضبط السياسة السكانية مع الإبقاء على دعم الحكومة للخدمات الاجتماعية، منتقداً في هذا الإطار سياسة تحرير الاقتصاد التي سيعاني منها الفقراء، مطالباً برفع الرواتب لتتوازى مع معدلات المعيشة المرتفعة.
استراتيجية وقوانين
لقد فعلت وزارة التخطيط السورية خيراً حين استقدمت خبرات من لبنان ومصر وتونس والجزائر وإيران عملت في مجال السكان، لتعرض نتائج تجارب بلدانها في مسألة المواءمة بين النمو السكاني والاقتصادي. وهي ساهمت مع الخبرات السورية في وضع المقترحات والتوصيات، وخاصة لجهة المطالبة ببلورة وإقرار استراتيجية وطنية للسكان في سورية للفترة 2000 ـ 2020، على مدى قصير ومتوسط وبعيد، بما يحقق تنمية سكانية تتواءم مع متطلبات التنمية الاقتصادية والاجتماعية، وضمن الخطط التنموية الوطنية. وأكدت التوصيات أن تتضمن الاستراتيجية أوسع مشاركة نسائية وشبابية وعلمية، ومن الهيئات التشريعية والمؤسسية والشعبية والأهلية والإعلام والفعاليات الدينية، في تنفيذها ومناقشتها وشرح أبعادها. وشددت على أن تقترن الاستراتيجية بسياسات قطاعية وإقليمية مساندة تتناول الصحة العامة والإنجابية والتعليم والخدمات الاجتماعية وحماية البيئة. وأكدت أهمية الربط المنهجي بين السياسات السكانية وسياسات التنمية الاقتصادية، وإعداد دراسات علمية يتم التركيز فيها على هذه المسائل.
ولعل الأهم هو التأكيد على أن تنفيذ الاستراتيجية يستوجب تطوير التشريعات والقوانين ذات الصلة، وتعديل بعض القوانين والتشريعات القائمة التي تتناقض مع الاستراتيجية، وخاصة ما يتعلق منها بالصحة الإنجابية وتنظيم الأسرة وحقوق المرأة، وإعادة النظر في بعض مواد قوانين الأحوال الشخصية والعقوبات والعلاقات الزراعية والتأمينات الاجتماعية.
كان انعقاد المؤتمر بداية حقيقية للتصدي للمسألة السكانية والاقتصادية في سورية. وكل الطموح والأمل أن تجد الاستراتيجية الوطنية للسكان والتوصيات التي أقرها المؤتمر طريقها إلى التحقيق. وإلا فتظل التحديات السكانية بأبعادها المختلفة قائمة، بل ستتفاقم لتصل إلى وضع ينذر بالخطر، وخاصة من النواحي البيئية والاقتصادية. وهذا ما جاهر به المؤتمر، وإن لم تصل المجاهرة إلى صرخة عالية جداً.
 
 
 
 

اضف تعليق
*الاسم الكامل  
*التعليق  
CAPTCHA IMAGE
*أدخل الرمز  
   
"البيئة والتنمية" (الشارقة) شباب الخليج
راغدة حداد جبال النار
نسرين عجب (بيروت) هل يبقى لبنان عقاراً للبيع؟
بيروت ـ «البيئة والتنمية» المدن الخضراء في 21 اغنيـة ومسرحيـة
 
بندر الأخضر صديق البيئة
(المجموعة الكاملة)
البيئة والتنمية
 
اسأل خبيرا
بوغوص غوكاسيان
تحويل النفايات العضوية إلى سماد - كومبوست
كيف تكون صديقا للبيئة
مقاطع مصورة
 
احدث المنشورات
البيئة العربية 9: التنمية المستدامة - تقرير أفد 2016
 
ان جميع مقالات ونصوص "البيئة والتنمية" تخضع لرخصة الحقوق الفكرية الخاصة بـ "المنشورات التقنية". يتوجب نسب المقال الى "البيئة والتنمية" . يحظر استخدام النصوص لأية غايات تجارية . يُحظر القيام بأي تعديل أو تحوير أو تغيير في النص الأصلي. لمزيد من المعلومات عن حقوق النشر يرجى الاتصال بادارة المجلة
©. All rights reserved, Al-Bia Wal-Tanmia and Technical Publications. Proper reference should appear with any contents used or quoted. No parts of the contents may be reproduced in any form by any electronic or mechanical means without permission. Use for commercial purposes should be licensed.