كل يوم أحد، يقصد عصام بدر وزوجته وأبناؤهما الثلاثة وسط بيروت لممارسة رياضة ركوب الدراجات، في جو هادئ لا تعكره زحمة السيارات وانبعاثاتها السامة. وتقول ابنته ليلى: "أحب أن أركب الدراجة هنا، لأن المساحة كبيرة والهواء نظيف، وبإمكان أمي وأبي أن يشاركانا في هذه الرياضة".
وفي المنطقة نفسها، يمارس محمد خضرا رياضة المشي التي وصفها له الطبيب بعد أن خضع لعملية القلب المفتوح. قال وقد بدت علائم الارتياح على وجهه: "أشعر أنني أفضل حالاً وقادر على استنشاق هواء غني بالأوكسيجين".
في تموز (يوليو) الماضي، أطلق نادي "بيروت على الدراجات"، الذي أسسته مجموعة من خريجي الجامعة الأميركية في بيروت، فكرة تخصيص مساحة حرة في وسط العاصمة اللبنانية، خالية قدر الامكان من الملوثات التي تخلفها محركات السيارات، لكل من يرغب في ممارسة رياضتي المشي وركوب الدراجات. وبعد الحصول على إذن من بلدية بيروت، وبالتعاون مع شركة "سوليدير" التي تعيد إعمار الوسط التجاري، تمكن الشابان ناصر ياسين وجواد سبيتي من إقفال مساحة وافرة من المدينة أمام السيارات كل يوم أحد. ويقوم النادي بتأجير الدراجات لمن لا يقتني دراجة. وينطلق اليوم البيئي الرياضي من الثامنة صباحاً لينتهي في الثامنة ليلاً. ويتجمع في المكان مئات المشاركين، من مختلف الأعمار، كل يزاول هوايته التي تصعب عليه ممارستها في الظروف البيئية والعمرانية الحالية للمدينة.
الفكرة، بالنسبة إلى الشابتين كارول وجينيفر، تذكرهما بأوروبا، وتريان فيها الكثير من الايجابية. تقول كارول: "المساحة كبيرة وحلوة وقريبة من الطبيعة والبحر، وتسمح لي بممارسة ساعتين من الرياضة التي أحب". وتضيف جينيفر أن الفكرة جعلت نهار الأحد عندها استثنائياً، وغيّرت من روتين يوم العطلة، "فبدل أن أذهب إلى السينما أو زيارة أصدقاء يمكن أن أراهم كل يوم، أرفّه عن نفسي برياضة تشد العضلات، واستنشق هواء نظيفاً يحتاجه جسمي".
يارا وشقيقها مصطفى يأتيان من الجنوب إلى بيروت مرتين في الشهر للاستمتاع بركوب الدراجة. وتقول يارا: "أحب هذه الرياضة كثيراً. وأمام منزلنا لا يوجد مكان مناسب، لذا أطلب من أمي أن نزور بيروت من وقت إلى آخر ونركب الدراجة". أما مصطفى فيظهر وعياً متنامياً لدى الناشئة لهدف إطلاق هذا النشاط، مشيراً إلى أنه تعلم في المدرسة فوائد الدراجة من الناحيتين البيئية والصحية، ومتمنياً أن تنتقل الفكرة إلى المدن اللبنانية كافة.
يقول ياسين ان الهدف الأساسي من فكرة "بيروت على الدراجات"توعية المجتمع الى المخاطر البيئية الناجمة من انبعاثات السيارات، وخصوصاً العاملة على المازوت (الديزل) من غير أن تستوفي، لا السيارة ولا المازوت، الشروط الصحية والبيئية. كما ترمي إلى تشجيع استعمال الدراجة، ليس فقط كهواية بل كوسيلة نقل بيئية تدخل في الحياة اليومية للفرد، كما هو الأمر في كثير من الدول الاوروبية والآسيوية.
ويسعى النادي إلى تشجيع فكرة استعمال الدراجة في العالم العربي. وستكون المحطة الثانية العاصمة الاردنية عمان، حيث من المتوقع أن يتأسس منتدى بيئي في حي عبدون في أيار (مايو) المقبل. وأشار سبيتي إلى أن أعضاء النادي يسعون لتكون دبي، في الامارات العربية المتحدة، محطتهم الثالثة، تليها المنامة عاصمة البحرين.
|