مخادع للفراشات، وقاعات رقص لفئران الحصاد، وفنادق للعلاجم (ضفادع الطين)، وبيوت للسحالي، تبنى وفق تصاميم كولن غرين الذي يفتخر بأن اسمه (Green أي الأخضر) يعكس اهتمامه بالبيئة وشغفه بالريف.
المعرفة الموسوعية والحماسة المتقدة تميزان عمله كمستشار بيئي لشركة مياه ترعى مئات الكيلومترات من المحميات الطبيعية والأحواض المائية في بريطانيا. وهو أيضاً محاضر ومقدم برامج اذاعية بيئية. ولا ينحصر اهتمامه بالكائنات اللطيفة والناعمة، بل استهوته حتى الأفاعي والعلاجم والعناكب. يقول: "انها جميلة كالفراشات في نظري، بل هي أكثر تشويقاً من ناحية التطور. ان مساعدة بيئتنا المهددة وحماية كائناتها قد لا تقتضي أحياناً أكثر من توفير مسكن مأمون لها، مجرد بيت!"
بعيداً عن كتبه وقاعات محاضراته، يبدو غرين بيئياً بارعاً، دائم الحركة، بحماسة تخالطها روح الفكاهة. يطوف البراري، عابراً الحقول الوعرة، متسلقاً الأشجار، خائضاً في الوحول، يدق المسامير لتثبيت بيوت خشبية للحيوانات البرية.
انه الآن في الخامسة والخمسين من العمر. وما زال يعتبر نفسه "ريفياً" من احدى قرى لسترشاير، شغوفاً بالطبيعة منذ نعومة أظفاره. يقول: "أعتقد أن جدتي هي التي نمت فيّ أولاً اهتمامي بالبيئة. عندما كنت طفلاً صغيراً، كنا نخرج سوية نمشط الغابة ونستكشف الأسيجة النباتية. وعندما بلغت السابعة، رحت أتردد على المتاحف المحلية ملتمساً رؤية الأحافير. وكانت غرفة نومي غير مألوفة بالنسبة لتلميذ، فلا ألعاب فيها، بل مئات من عينات الحشرات والحيوانات".
مضى غرين لدراسة موضوعه المفضل، علم الأحياء. لكن قلبه كان نزّاعاً الى العمل الميداني في الطبيعة، وفي كثير من المجالات تعلم على نفسه. وفي العام 1976 عرضت عليه وظيفة مأمور عقاري في شركة سيفرن ترنت لخدمات المياه. يقول: "كانت تلك الوظيفة أشبه باطلاق فتى نهم في متجر حلويات". وفي أوائل التسعينات، أصبح مستشاراً بيئياً في الشركة التي تفاخر بدعمها القضايا البيئية.
رجل يعتبر النوم شأناً قليل الأهمية، ويجيش في ذهنه دفق مستمر من الأفكار، ويجب التواصل مع الناس. هدفه دائماً عرض قضايا بيئية جدية بطرق "مختلفة" جذابة. وقد شملت هذه الطرق اطلاق "حملة بوندمونيوم" لصون البرك في القرى، كجزء من خطة عمل التنوع البيولوجي التي تسعى الى حماية الموائل الهامة والأنواع المهددة.
ومع السنين، حاز غرين تقدير جمعيات حماية الحياة البرية وهيئات صون الطبيعة، وساعد على تأسيس عدد منها. كما اهتم بالحدائق التي تستهلك قليلاً من الماء وتستخدم فيها مبيدات طبيعية، وفاز بجوائز من الجمعية الملكية للعناية بالحدائق ومن هيئة الاذاعة البريطانية (BBC) على حدائقه المميزة فـي المركز الوطني للمعارض فـي برمنغهام. وفـي العام 1998 تمـت تسميته "عضواً فـي الامبراطورية البريطانية" (MBE) تقديراً لخدماته الخيرية والبيئية. وفي السنة التالية مُنح جائزة "شخصية العام في صناعة المرافق العامة".
كما هي حال الطبيعة، فصل الربيع هو وقت للعمل بالنسبة الى كولن غرين. يعمل مع الطيور والقضاعات والغريرات، ويقيم محميات جديدة لأفاعي العشب مجهزة بفسحات للتشمس، ويبني تحت سطح الأرض كهوفاً للوطاويط وملاجئ للعناكب.
فتح مؤخراً خطاً هاتفياً خاصاً يتيح لعامة الناس إجراء المكالمات مع "الدكتور ضفدع" التماساً للنصح حول صغار الضفادع. يقول جذلاً: "يشاهد المواطنون بيوض الضفادع في برك حدائقهم، ويظنون أن عليهم اتلاف بعضها. والحقيقة أن بيضة واحدة من كل 3000 تكمل طريقها لتصبح ضفدعة. أعداد الضفادع عندنا في تناقص... وأنا طبعاً الدكتور ضفدع".
|