فكرة الوعي البيئي وادارة الموارد اكتسبت أهمية في الشرق الأوسط خلال السنوات الأخيرة. لكن شركة "غروهي لتكنولوجيا المياه" Grohe Water Technology أرست هذا الاتجاه منذ العام 1995، عندما بدأت بالتركيز على أهمية الاقتصاد بالماء في منطقة الشرق الأوسط، التي نعرف جميعاً أنها من المناطق الأشد قحلاً في العالم.
في أوروبا، بدأ التركيز على حماية الموارد الطبيعية في وقت أبكر بكثير، من خلال الحركة البيئية وانتشار الوعي "الأخضر" بين عامة الناس. ومنذ مدة أعلنت غروهي، من مقرها الرئيسي في هيمر (ألمانيا)، عن اهتمامها بالاستهلاك الكفيّ والحريص للماء، حين أصدرت بياناً حول سياسة الشركة:
"غروهي شركة مسؤولة، تعرض مجموعة كاملة من المنتجات والنظم الصحية للاستعمال في القطاعات العامة والخاصة والتجارية. ومنتجاتنا، التي لها الصدارة في العالم، تتماشى مع الاستهلاك الاقتصادي والايكولوجي للماء مقروناً بتصاميم بالغة التطور".
وكشركة تهتم بتكنولوجيا نقاط تسليم الماء، الذي هو عنصر الحياة، أدركت غروهي دائماً أهمية الاعتبارات البيئية والايكولوجية في هذا المجال. وقد انعكس هذا الادراك في منتجاتها قبل أن يصبح "الاخضرار" دارجاً بوقت طويل. وهذا يصح بنوع خاص على الشرق الأوسط، حيث ركزت غروهي منذ سنوات على مسألة الاقتصاد بالماء.
تؤمن غروهي بأن "منتجاتنا تجمع بين الاستهلاك الاقتصادي والايكولوجي للماء والتصميم الممتاز. لذلك فان حماية البيئة تشكل جزءاً متكاملاً وأساسياً من استراتيجية شركتنا الهادفة الى تحقيق زيادة في القيمة على المدى الطويل". وتحظى المتطلبات القانونية والاجتماعية الإقليمية بتركيز خاص. يلاحظ، مثلاً، أن تقرير غروهي البيئي لعام 2001 يفيد أن "التقيد بالأنظمة والقواعد القانونية التي تصدرها السلطات هو التزام نسلّم به".
ويضيف التقرير: "إلى ذلك، نريد أن نحسن منتجاتنا وعملياتنا الصناعية باستمرار، بحيث نتمكن أيضاً من الوفاء بمتطلبات حماية البيئة في المستقبل. فنحن نوفر المعلومات لموظفينا وندربهم ونعزز الوعي البيئي". والهدف إرساء حس بيئي قوي في صفوف الموظفين، بحيث يمكن نقله الى شركائنا أيضاً. وهكذا، فإن حماية البيئة تشكل جزءاً ضرورياً لا يتجزأ من استراتيجية غروهي.
وإذ تضع غروهي هذه الأهداف الواسعة نصب عينيها، فقد تجسدت نواحي عملياتها. وقد أقر مجلس إدارة الشركة "سياسة غروهي البيئية" في 11 أيار (مايو) 2000.
ولما كان تركيز غروهي يبلغ دائماً مقاماً أعلى من أرفع مقاييس الجودة والتكنولوجيا المعروفة، فإن مبادئ حماية البيئة التي تتبناها الشركة لا تشمل فقط المتطلبات التي تحددها حكومات البلدان التي تستخدم منتجاتها. وإنما تفوقها في حالات كثيرة.
والحقيقة أن غروهي تعتبر أن التقيد بالقوانين البيئية المعمول بها هو الحد الأدنى المطلوب. وهي غالباً ما تسبق زمانها، إذ تحسن منتجاتها وعملياتها باستمرار لتفي بالأنظمة البيئية في المستقبل.
خطوط توجيهية لحماية البيئة
صيغت المبادئ الواسعة التي اعتمدتها غروهي لحماية البيئة في مجموعة من الخطوط التوجيهية الراسخة والواضحة، يمكن تقسيمها الى الفئات التالية: المنتجات، العمليات، المورّدين، الموظفين، المسؤولية الاجتماعية. وهكذا:
منتجاتنا يجب أن تكون على مستوى رفيع من التكنولوجيا والجودة يتيح لمستعملها استهلاك الماء وموارد الطاقة بمسؤولية. واضافة الى ذلك، تراعى الدورة الحياتية الشاملة للمنتج في مرحلة التصميم والتطوير، بغية صنع منتجات ذات استهلاك اقتصادي للموارد ومدة خدمة طويلة.
إننا نبذل عناية كبيرة لنجعل عملياتها منسجمة مع البيئة الى أبعد حد ممكن، مع أخذ الجوانب الاقتصادية في الحسبان. لذلك يتم تقييم منهجي للعمليات من حيث مراعاتها للبيئة، بهدف تقليل التلوث الى أدنى الحدود. وتأخذ غروهي متطلبات المورّدين واعتباراتهم البيئية في الحسبان وتدعمها. وتعتبر مورّديها شركاء. لذلك تدعم أنشطتهم الهادفة الى تحسين جهود حماية البيئة.
وتوفر غروهي لجميع موظفيها في أنحاء العالم التدريب والمعلومات المكثفة حول المسائل البيئية، من أجل تعزيز مشاركتهم الفعالة في جهودها لحماية البيئة.
أخيراً، تشدد غروهي باستمرار على أن المسؤولية الاجتماعية لا تتوقف عند بوابة المصنع. لذلك، فهي تنخرط في حوار مفتوح مع جميع الأطراف المعنية في الحقل العام، وتشجع الأنشطة المناصرة للبيئة في جميع مواقعها الانتاجية والتمثيلية.
الاقتصاد بالماء من منظور غروهي
كبار مديري غروهي التنفيذيين في الشرق الأوسط شددوا دائماً على قضية الاقتصاد بالماء وتعزيز الوعي البيئي. ويشمل منظورهم للمنطقة رؤية واسعة، تأخذ في الاعتبار قضايا ندرة المياه المتأصلة فيها.
وقد بدأت غروهي تركز في الشرق الأوسط على قضايا الاقتصاد بالماء والحملات الصديقة للبيئة، في وقت لم تهتم أي شركة في المنطقة فعلياً بهذه القضايا.
في منتصف تسعينات القرن العشرين، بدأت غروهي تعمل وفق حقيقة أن الاقتصاد بالماء سيصبح قضية هامة في منطقة الشرق الأوسط، حيث تشكل الموارد المائية الشحيحة مشكلة رئيسية. وعلى سبيل المثال، ليس هناك نهر رئيسي ينبع من العالم العربي، ومعدل هطول الأمطار في المنطقة هو من أقل المعدلات في العالم. وفي الوقت ذاته، تتزايد أعداد السكان، ويصعب على الحكومات أكثر أن تتحمل عبء الدعم المالي لاستهلاك الماء بشكل مهدر.
وترى غروهي أن المستهلك النهائي هو المتغير الرئيسي في هذه المعادلة، خصوصاً في الشرق الأوسط. ولمزيد من التحديد، تشدد غروهي على ضرورة التركيز على الحقيقة التالية: أن كلفة الماء تزداد على المستهلك النهائي وعلى الحكومة معاً، في وقت يسود الاستهلاك المهدر من قبل الفرد.
الحل الواقعي الوحيد هو استهلاك الماء بكفاءة من أجل تقليل التكاليف، والاقتصاد بالماء بدلاً من هدره. وغروهي، كرائدة التكنولوجيا والأبحاث والتنمية المائية، هي الشركة الوحيدة التي يمكن أن تقدم حلاً كاملاً لنقاط تسليم الماء في هذا السياق. وبكلام آخر، أدركت غروهي وجوب ترسيخ وعي الاقتصاد بالماء في ذهن المستهلك النهائي.
تستخدم غروهي حالياً أسلوباً متعدد المستويات لتعزيز الوعي بهذه القضية في الشرق الأوسط. وبمعزل عن وسائل الاعلان المعتادة (المطبوعة أو المذاعة)، تلفت غروهي انتباه المحترفين في المنطقة، الذين يعملون في قطاعي البناء والترميم، من معماريين ومهندسين واستشاريين ومتعهدين وغيرهم، الى الدور الحاسم والايجابي الذي يمكن أن يؤدوه في نشر فكرة الاستهلاك الكفيّ والحريص للماء.