أصبح الجمهور في البلدان العربية أكثر إلماماً بمصطلح «الأبنية الخضراء» على مختلف المستويات. وفيما «الكودات» (codes أي مجموعات الأنظمة) هي ذات طبيعة إلزامية، فإن المقاييس ونظم المعايرة تبقى أدوات طوعية. وهناك معايير متنوعة تؤثر في إعداد عملية سن القوانين لاتخاذ قرار حول «كود» وتطوير المقاييس ونظم المعايرة.

من جهة أخرى، أصيب العالم بشبه شلل نتيجة الأزمة المالية المستمرة، مقترنة بقضايا استنزاف الموارد. والتركيز على قطاعي الطاقة والمياه، نظراً لأنهما يصبحان شحيحين، إضافة إلى التدهور البيئي، حضّ صناعة الإنشاء على البحث عن وسائل تؤدي الى حلول، من خلال قانون الإنشاء، ومقاييس كفاءة الطاقة، والاستخدام الكفوء للمياه ومقاييس كفاءة المياه، ومقاييس نوعية الهواء في الخارج والداخل، ومقاييس أخرى تتعلق بالبيئة، وعوامل اجتماعية واقتصادية متنوعة.

تتطلب الفئات المختلفة للأبنية أدوات مختلفة لتسهيل التطبيق المتماسك لمبادئ التصميم المستدام، ولتكون بمثابة مقياس للإنجاز يسفر عن مصادقة على التصنيفات.

تستأثر الأبنية بنحو 35 في المئة من اجمالي استهلاك الطاقة في العالم. لذلك فإن كفاءة الطاقة تصدرت عملية تعديل كودات الإنشاء في بلدان مختلفة. ويختلف سعر الطاقة بين بلد وآخر، ما يعني تفاوتاً في مساعي تحقيق كفاءة الطاقة، إلزامياً أو طوعياً.

والواقع أن قوانين أو كودات الإنشاء قديمة عادة، يعود تاريخها في معظم البلدان الى سبعينات القرن العشرين، وأي محاولة لتغييرها تواجه عادة معارضة. وتبين مواد الكودات عموماً ما يأتي: البصمة البيئية للمبنى، تصنيف الأراضي وإجمالي المساحة المبنية، وزجاج الرؤية النهارية.

وقد اتُخذت خطوات حديثة في بعض البلدان العربية حاولت إدخال مواد جديدة مثل: الغلاف، الكتلة والزجاج، العزل. واعتمدت مصر وتونس والأردن ولبنان وسورية والبحرين كودات نصت على إنشاء جدران خارجية متعددة الطبقات بهدف إيجاد حواجز إضافية تحول دون الكسب الحراري أو الفقد الحراري.

ويتم درس بنود أخرى تحصر استعمال الزجاج على واجهة المبنى في نسبة مئوية معينة، وتضبط التبادل الحراري. وتم إلزام بعض الأبنية بتوفير نظم لتسخين المياه بالطاقة الشمسية، كما في لبنان والأردن، كجزء من طلب الحصول على رخصة بناء. وقد أصدرت الأمانتان العامتان للمجلس الوزاري للكهرباء والمجلس الوزاري للاسكان في جامعة الدول العربية خطوطاً إرشادية لكفاءة الطاقة، وهما تدرسان كودات الأبنية الخضراء.

في البلدان التي تواجه نواقص في إمدادات الكهرباء، تصبح مقاييس كفاءة الطاقة التي تنشرها منظمات متعددة أدوات مفيدة تشجع على اتخاذ إجراء طوعي، يهدف بالدرجة الأولى الى خفض التكاليف. وتحدد هذه المقاييس عادة الغلاف، والإنارة، والأدوات الكهربائية ومعدات التدفئة والتهوئة وتكييف الهواء، إضافة الى اللاقطات الشمسية الخاصة بتسخين المياه وألواح الخلايا الفوتوفولطية. ويعتبر «دليل كفاءة الطاقة» الذي أصدره المنتدى العربي للبيئة والتنمية عام 2012 مثالاً على هذه المساهمات.

وقد صدرت نسخة كويتية من دليل المقاييس ASHRAE2010-90,1  الذي يشمل الأبنية السكنية المنخفضة. وكانت بلدان أخرى تتقيد بشكل غير مباشر بالمقاييس أثناء تطوير نظم المعايرة. ومن الأمثلة على اعتماد مقاييس كفاءة الطاقة نظام تقييم الاستدامة في قطر، ووضع بطاقات بيانية على الأدوات الكهربائية في الأردن، والمقاييس الحرارية في لبنان.

يتم تطوير نظم معايرة الأبنية كأدوات لتفحص أداء الأبنية القائمة أو الأداء المتوقع للأبنية الجديدة عند إنشائها، وترجمة ذلك إلى تقييم شامل يسمح بالمقارنة.

كثير من أدوات تقييم الأبنية إما يتم نسخها كما هي، وإما تطويرها لتركز على مجالات مختلفة من مكونات التنمية المستدامة، وهي تُصمم لأنواع واستعمالات مختلفة للأبنية. وهذه تستخدم غالباً نظم وضع علامات، بما في ذلك تقييمات استهلاك الطاقة، وكفاءة المياه والاستعمال الكفوء للمياه، وتقييم دورة الحياة، وتحديد كلفة دورة الحياة، وتصميم نظم الطاقة، وتقييم الأداء، وتحليل الإنتاجية، وتقييمات نوعية البيئة في الداخل، وإعادة التدوير والقيمة الاقتصادية والاجتماعية، والتشغيل ورفع مستوى الصيانة، وتصميم المبنى الكلي وتشغيله، إضافة الى أمور أخرى.

يأخذ نظام معايرة الأبنية المستدامة الخضراء قيماً متعددة في الاعتبار، بما فيها الأسس والافتراضات التقنية، ومنهج وضع العلامات لقياس أداء المبنى، والجوانب المتعلقة بمجتمع مستدام.

قطعت مجالس الأبنية الخضراء في لبنان والأردن ومصر وقطر والسعودية والإمارات مراحل مختلفة في تطوير نظم معايرة الأبنية الخضراء. سوف يمهد النجاح الطريق لجمع بيانات محددة تمكن من تنفيذ تصنيف لأبنية مستدامة في بلدان عربية أخرى.