في الإمارات حالياً أربعة برامج رئيسية لإصدار شهادات خضراء تضبط الإيقاع البيئي للقطاع السياحي المزدهر
الاستدامة مثار اهتمام جميع القطاعات. ويبحث اختصاصيو السياحة عن وسائل لتطوير عملهم بطريقة تنافسية ومستدامة. ومن الأسئلة التي تطرح كثيراً: هل يجب الانتساب الى نظام لإصدار الشهادات الخضراء؟ وأي نظام يجدر اختياره؟
للمساعدة في اتخاذ هذا القرار، تواصلنا مع إدارات النظم الأربعة الرئيسية لإصدار الشهادات السياحية العالمية العاملة حالياً في الإمارات العربية المتحدة، وسألناها عن برامجها وآرائها وخبراتها في مجال إصدار الشهادات السياحية في الإمارات.
في القطاع السياحي تعتبر برامج إصدار الشهادات الخضراء نظماً طوعية يمكن أن تؤدي دوراً مهماً في تحقيق سياحة أكثر استدامة، لأنها تزود المؤسسات المشاركة بخطة عمل لتحسين أدائها. وهي تقيّم العمليات في ضوء مؤشرات الاستدامة، وتراقب الأداء، وتقدم ضمانة مكتوبة بأن المؤسسة تتماشى مع متطلبات محددة.
لدى الإمارات قطاع سياحي مزدهر. ففنادق دبي وحدها استقبلت أكثر من 7.9 ملايين زائر خلال الأشهر التسعة الأولى من العام 2013. وتدل جميع المؤشرات على قطاع ناجح جداً يحظى بامكانات نمو ضخمة في المستقبل. لكن السياحة تتطور في بيئة هشة. فالإمارات تتصف بإحدى البيئات الأشد حرارة وجفافاً في العالم. ووفق تقرير «الكوكب الحي» للصندوق العالمي لحماية الطبيعة، تملك الإمارات ثالث أكبر بصمة بيئية بعد قطر والكويت. ويزداد الطلب على المياه في الإمارات، لكن مواردها المائية محدودة وتتأثر بتغيّر المناخ.
والإمارات أيضاً من أكبر منتجي النفايات على مستوى الفرد في العالم، كما تأتي في المقدمة من حيث الانبعاثات السنوية للفرد، وفق المكتب الوطني للاحصاءات عام 2011.
إدراكاً لهذه المسائل، تسعى الإمارات إلى تنفيذ مشاريع تتعلق بالاستدامة على نطاق واسع. وتتجلى عناصر الاستدامة في «رؤية الإمارات 2020» والعرض الذي قدمته لاستضافة معرض إكسبو 2020، في حين تمثل مبادرة «مصدر» ومحطة «شمس 1» للطاقة الشمسية دليلين أساسيين على هذا الالتزام.
برامج إصدار الشهادات السياحية
برنامج Green Key هو الأكبر عالمياً بين البرامج الأربعة والأكثر اعتماداً في سوق الإمارات. ويحتل Green Globe المرتبة الثانية في الدولة. أما Earth Check فيُعتمد على نطاق واسع في آسيا وأوستراليا.
يغطي «غرين غلوب» معظم شرائح صناعة السياحة، ويوفر «إرث تشيك» فرصاً استراتيجية لصنع السياسات، ليس فقط للمؤسسات التجارية وإنما أيضاً لمنظمات إدارة وجهات السفر. ويركز برنامج «Blue Flag» على الشواطئ وموانئ اليخوت، ويرفرف علمه الأزرق على أكثر من 3800 شاطئ في أنحاء العالم.
وفيما تشكل النواحي البيئية عناصر رئيسية للبرامج الأربعة، فهي تختلف في تركيبتها وفلسفتها. فكل من «غرين كي» و«بلو فلاغ» مملوك لمنظمة غير ربحية، وهما يركزان على أهمية التثقيف والتوعية البيئية. أما «غرين غلوب» فيتطلب نهجاً استراتيجياً يراعي جميع العناصر الرئيسية للاستدامة واعتباراتها الأساسية الثلاثية وهي المتطلبات البيئية والاجتماعية والاقتصادية، ويستخدم 337 مؤشر امتثال تطبق على 41 معيار استدامة، ويقدم لأعضائه خدمات إضافية للعلاقات العامة والحلول. ويرتكز «إرث تشيك» بشكل كبير على العلوم البيئية، مع التشديد على صياغة السياسات ونهج الاستدامة والامتثال والتواصل. ويوفر «بلو فلاغ» فرصة للشواطئ كي تحصل على شهادات خضراء.
تجدر الإشارة الى أن اعتماد خطة لإدارة الاستدامة وتدوين السياسات هو مطلب لبرنامجي «غرين غلوب» و«إرث تشيك» اللذين يتماشيان مع مبادئ التدقيق لدى المنظمة الدولية لتوحيد المقاييس (أيزو). وتزود البرامج الأربعة لإصدار الشهادات تدقيقاً حسابياً من طرف ثالث.
ليست لتلميع الصورة
من الواضح أن إصدار شهادات سياحية يلقى اهتماماً خاصاً في الإمارات. وهذا لا يساعد البيئة فقط، بل ينفع الأعمال السياحية أيضاً. فالمؤسسات السياحية الملتزمة ببرنامج شهادات يجب أن تثبت امتثالها لمجموعة من المؤشرات وأن تعد تقريراً عن أدائها. والأهم، من وجهة نظر تجارية، أن ذلك يؤدي الى وفورات في التكاليف قابلة للقياس، ويزيد ثقة المستهلك.
من أجل الاستفادة بشكل كامل من جهود الاستدامة، أشار خبراء في القطاع السياحي أجريت مقابلات معهم الى الاعتبارات الآتية:
● على الفنادق أن توفر مزيداً من الشفافية والأدلة على إنجازات حقيقية خالية من الالتباس، وأن تتجنب تخضير صورتها ظاهرياً (green washing) لتسويق نفسها كمؤسسات ذات أخلاقية عبر نشاطات خالية من فوائد حقيقية للبيئة أو المجتمعات المحلية.
● يجب أن تكون جميع برامج إصدار الشهادات مبنية على بيانات ومعايير صحيحة.
● هناك حاجة إلى قاعدة أساسية ثابتة للأداء التشغيلي، توفر معايير متماسكة لإعداد التقارير تتيح إجراء مقارنات داخل القطاعات والمناطق المناخية.
لقد غيَّر ممتهنو السياحة نظرتهم إلى الشهادات الخضراء باعتبارها تلميعاً لصورة المؤسسة، وباتوا مقتنعين بأن الالتحاق ببرنامج للشهادات السياحية الخضراء يساعد فعلاً في اتخاذ القرارات الصحيحة وله أيضاً أثر ايجابي على الحصيلة النهائية. عموماً، على الشركات السياحية أن تفكر كيف تجعل الاستدامة جزءاً من ثقافتها، وكيف تضمن أن كل موظف فيها ـ وليس فقط أولئك الذين يشاركون في عملية حصول الشركة على شهادة خضراء ـ يعرف إجراءات الاستدامة ويؤمن بها ويطبقها في عمله اليومي. ■