تتحول معظم دول العالم الى استعمال الطاقة المتجددة، حتى الدول الخليجية الغنية بالنفط. أما في لبنان، المفتقر الى النفط، فتُنزع نظم الطاقة المتجددة المركبة على طرقاته.
في أواخر شهر تشرين الأول (أكتوبر)، لاحظ السائقون الذين يسلكون طريق ظهر البيدر ليلاً أن جميع أنوار الطريق مطفأة، وهذا ليس جديداً. لكن الجديد المؤسف هو غياب 75 وحدة إضاءة بطاقة الشمس والرياح ركبتها وزارة الأشغال العامة قبل نحو سنتين، ووفرت الإنارة الوحيدة المضمونة قرب بلدة المريجات لمسافة كيلومترين على الطريق الدولية. وكانت هذه الوحدات جميعها تعمل بشكل جيد، واعتبرت نموذجاً لمشاريع كبيرة يمكن تنفيذها في أماكن أخرى.
تألفت كل وحدة من لوحة فوتوفولطية وتوربينة هوائية صغيرة وبطارية لتخزين الطاقة، رُكبت على أعمدة حديدية عالية. وهي زودت التيار الكهربائي للمصابيح التي أنارت الجزء الأكثر خطورة من الطريق.
بعد يومين من إزالة نظم توليد الطاقة المتجددة، أفاد مسؤول في مقابلة تلفزيونية أن «المشروع فشل» ولذلك تم التخلي عنه.
صحيح أن التوربينات الهوائية لم تكن تعمل بالشكل المطلوب، ربما نتيجة قصور في صيانتها. لكن من المؤكد أن المصابيح التي استمدت طاقتها من اللوحات الفوتوفولطية كانت تنير الطريق المظلمة كل ليلة وعلى مدى سنتين، مما لقي استحساناً كبيراً لدى السائقين. ويعتبر بيئيون أن إزالة هذه النظم «جريمة» وأن طرفاً ما استفاد من إزالتها.
في هذه الأثناء، تُقبل البلديات في لبنان على تركيب نظم إضاءة فوتوفولطية، وثمة جهات دولية مانحة تمول هذه المشاريع. كما أن وزارة الطاقة والمياه، من خلال المركز اللبناني لحفظ الطاقة، تروج لتطبيقات الطاقة المتجددة، الناجحة والموفّرة والتي يمكن اعتمادها في كل مكان من لبنان.
في مقابلة نشرتها صحيفة «النهار» في 30 آذار (مارس) الماضي، أشار مدير المركز اللبناني لحفظ الطاقة بيار خوري إلى ارتفاع الطلب على وحدات الاضاءة الفوتوفولطية في البلاد، مضيفاً أن «390 بلدية في كل لبنان سجلت اهتمامها بهذا الموضوع، وقمنابزيارتها لرؤية ما تحتاج إليه من معدات. وقد جُهزت 120 بلدية منها بالقطع الإلكترونية». وأكد أن الفريق التقني يقوم بتركيب المعدات اللازمة ويكشف عليها بعد فترة للتأكد من عملها.
وفي أول تشرين الثاني (نوفمبر) 2012، أعلنت دائرة المنشآت النفطية في وزارة الطاقة والمياه عن طلب عروض جديد لتزويد وتركيب ما بين 800 و1000 نظام إضاءة فوتوفولطية لإنارة طرق عامة. وهذا يدل على أن مشاريع الإضاءة الشمسية مطلوبة من البلديات، بسبب النجاح المحرز في هذا المجال خلال السنتين الأخيرتين في مناطق مختلفة من لبنان.
ليس هناك من مبرر لـ«فشل» نظم الإضاءة الفوتوفولطية على طريق ظهر البيدر. بل كان يجب تمديدها مسافة 10 كيلومترات أخرى على الأقل لضمان سلامة السير على هذه الطريق الدولية، خصوصاً في ظروف الضباب والمطر والثلج... وانقطاع التيار الكهربائي.
|