Saturday 23 Nov 2024 |
AFED2022
 
AFEDAnnualReports
Environment and development AL-BIA WAL-TANMIA Leading Arabic Environment Magazine
المجلة البيئية العربية الاولى
 
مقالات
 
خالد الهاجري هل السيارة عدو للبيئة؟  
أيار (مايو) 2007 / عدد 110
 في معرض جنيف للسيارات الذي أقيم في آذار (مارس) تم عرض مئات الطرازات الجديدة. لكن الأنظار اتجهت بشكل خاص الى السيارات "الصديقة للبيئة" التي يأمل صانعوها ألا تخفض الانبعاثات الملوثة واستهلاك الوقود فحسب، وانما تحقق أيضاً مزيداً من المبيعات.
اليابانيون، الذين جعلوا السيارة الهجينة (هايبريد) كلمة شائعة، واصلوا إضفاء صبغة خضراء على طرازاتهم. فشركة تويوتا، التي تعتبر رائدة "الهجائن" بسيارتها "بريوس"، ما زالت تحتل المركز الأول في هذا المجال. وقد عرضت سيارتها "هايبريد إكس" ذات المقاعد الأربعة، ما يشير الى اتجاهات تصميمية مستقبلية لمجموعة طرازاتها التي تجمع بين محرك كهربائي وبطارية ومحرك احتراق تقليدي، لخفض استهلاك الوقود.
وعرضت هوندا سيارة هايبريد رياضية صغيرة، في مسعى الى تبديد فكرة أن السيارات الرياضية تلتهم الوقود حُكماً.
وبعكس الاتجاه السائد في صناعة السيارات، جعلت شركة مازدا سيارتها "مازدا 2" أصغر من سابقتها، مما يساهم في توفير الوقود.
وأنتجت دايهاتسو نسخة "ايكولوجية" من سيارتها الصغيرة "كيور" تنفث 99 غراماً فقط من ثاني اوكسيد الكربون في الكيلومتر، ما يقل كثيراً عن الحد الأقصى البالغ 120 غراماً في الكيلومتر الذي اقترحته المفوضية الأوروبية كمعدل وسطي بحلول سنة 2012، نزولاً من 163 غراماً لكل كيلومتر كمعدل حالي.
وأنتجت شركة أودي نسخة مقتصدة من سيارتها "A3" المزودة بمحرك ديزل 1,9 ليتر تطلق فقط 120 غراماً من ثاني اوكسيد الكربون في الكيلومتر.
حتى بعض الطرازات الأوروبية المعروفة بمحركاتها القوية باتت تستلهم "الروح الخضراء" بانتاج سيارات أصغر حجماً.
فقد عرضت شركة "ايتالديزاين ـ جوجيارو" سيارة سباق بمحرك من ثماني اسطوانات يحرق الهيدروجين ولا ينفث إلا بخار الماء، ويجلس المرافق خلف السائق.
لكن كبار مسؤولي صناعة السيارات غير مقتنعين بأن المستهلكين على استعداد لدفع تكاليف اضافية لشراء سيارات فائقة النظافة ما لم تقدم الحكومات حوافز ضريبية مشجعة. وقال رئيس فرع ميتسوبيشي في أوروبا تيم توزير: "في الواقع، ليس هناك اتجاه حقيقي للمستهلكين نحو السيارات التي تبلغ منفوثاتها من ثاني اوكسيد الكربون 130 غراماً في الكيلومتر مثلاً". وترى شركات، مثل بورش وأودي، أن السياسيين يخدعون أنفسهم إذا ظنوا أن بإمكانهم فرض حدود قصوى موحدة للانبعاثات في حال لم يعتمد صانعو السيارات الاوروبيون الأهداف الطوعية لهذه الانبعاثات.
صانعو السيارات الألمان، الذين يوجه اليهم النقد أحياناً لانتاجهم سيارات مسرفة في استهلاك الوقود، سلطوا الضوء على محركاتهم الهجينة وعرضوا تكنولوجيات تتحكم بالانبعاثات.
مرسيدس ـ بنز التابعة لشركة دايملر كرايزلر كشفت النقاب عن تكنولوجيتها الزرقاء (BlueTec) عارضة محركاً بقوة 170 حصاناً يمكن تشغيله بنحو 5,5 ليترات من وقود الديزل في كل 100 كيلومتر. وقال توماس ويبر، عضو مجلس ادارة دايملر كرايزلر: "سنطلق سيارة دودج هجينة سنة 2008، وسوف ننتج أول سيارة هجينة من نوع مرسيدس ـ بنز سنة 2009".
وعرضت بي إم دبليو سيارة من سلسلة "1-series" مزودة بنظام يلتقط الطاقة الناتجة عن الفرملة وينقلها الى البطارية للمساعدة في زيادة السرعة. ومحركها الذي تبلغ قوته 143 حصاناً ينفث 123 غراماً من ثاني اوكسيد الكربون في الكيلومتر. وأكدت بي إم دبليو انخراطها مع شركتي جنرال موتورز ودايملر كرايزلر في انتاج محركات هجينة متطورة، اضافة الى عملها الخاص على طاقة الهيدروجين، "لكن المشترين لن يشهدوا هذه التكنولوجيا عملياً في القريب العاجل".
وكانت شركتا دايملر كرايزلر وفورد وشركة مان لصنع الشاحنات أعلنت العام الماضي مشروعاً مشتركاً مع شركتي شل هيدروجين وتوتال فرانس، لتطوير سبل استعمال الهيدروجين كوقود للشاحنات في أوروبا.
في هذه الأثناء، كشفت جنرال موتورز عن محرك توربو ـ ديزل V-6 سعة 2,9 ليتر يمتاز بتكنولوجيا جديدة للحقن والاحتراق تخفض الانبعاثات من دون اعاقة الأداء. المحرك الذي تبلغ قوته 250 حصاناً سوف يباع أساساً في أوروبا، وتقرر أن يستعمل في "كاديلاك سي تي إس" الجديدة سنة 2009. وقال ريك واغونر، كبير رئيس مجلس ادارة جنرال موتورز: "سوف نتحول الى الايثانول، كما سنشهد مزيداً من السيارات الهجينة. وفي النهاية سنستخدم خلايا الوقود".
ملوِّثة على عجلات
قبل مئة سنة، كان الناس ينتقلون بوسائل نقل بدائية ممتطين الخيول والجمال، أو يسيرون على أقدامهم مسافات طويلة، وفي أفضل الحالات يلجأون الى وسائل سفر عامة كالقطارات البخارية. جاء بعدها محرك الاحتراق الداخلي في بداية القرن العشرين، وما تلاه من سيارات تطورت متخذة أشكالاً وأحجاماً مختلفة، مما شكل ثورة صناعية واقتصادية واجتماعية و... معضلة بيئية في نهاية المطاف.
يعتقد كثيرون أن تأثير السيارة على البيئة يقتصر على الطرازات القديمة التي تنفث دخاناً كثيفاً داكن اللون كريه الرائحة. وهي بالطبع نظرة سطحية جداً، فثمة عوامل عديدة تحكم تراكيز الملوثات المنبعثة من السيارة، منها: عمر السيارة، حجمها ووزنها، التقنية المستخدمة في المحرك والعادم، نوعية الوقود، طريقة القيادة، الاختناقات المرورية، الصيانة الدورية، الى جانب عوامل طبيعية ومناخية مثل الموقع الجغرافي، درجة الحرارة والرطوبة، شدة الرياح واتجاهها، وأنظمة البيئة المعمول بها في كل بلد.
محرك السيارة أياً تكن سعته وعمره يطلق حرارة، مسبباً سخونة الهواء المحيط. ويزداد الاحساس بالسخونة في حالات الازدحام الشديد والاختناقات المرورية وسط المدن الكبرى، كما ترتفع تراكيز الملوثات الغازية وأهمها أوكسيدات النيتروجين. وتنبعث من علبة الكرنك (crankshaft) مواد هيدروكربونية متطايرة بسبب تبخر زيت المحرك. وتشكل الملوثات المنبعثة من المحرك ما مجموعه 25 في المئة من الانبعاثات الغازية من السيارة ككل، والنسبة المتبقية مصدرها العادم.
شهدت صناعة محركات السيارات تطوراً كبيراً، الا أن الكثير من الصانعين ما زال يستخدم محركات محسنة بعض الشيء لكنها امتداد للمحرك التقليدي الذي تعود تقنياته الى نحو 60 عاماً مضت، حين كان الصانع يضع في اعتباره عدداً من الأولويات ليس من بينها الاهتمام بالبيئة. ففي ذلك الزمان، عند التخطيط لصنع سيارة جديدة، كان هم الصانع الأول أن يكون مظهرها جميلاً ومبتكراً ومحلى بكميات وافرة من الكروم، وأن تتمتع بشخصية مميزة من ناحية الواجهة والمؤخرة والانحناءات والانبعاجات. بعدها يأتي الجانب الميكانيكي، من حيث قوة المحرك وسعته الليترية، اذ يجب ان يكون قوياً وكبيراً ليتمكن من دفع بدن السيارة الثقيل وتسريعها. فقبل أكثر من 25 عاماً لم يكن هناك عموماً من يفكر في الأثر البيئي أو غازات العادم أو حتى معايير السلامة والتماسك على الطريق.
أما الآن فقد اختلف الوضع، وأصبح الصانع يركز على عدد من الأهداف الأولية في تصاميم المحركات الجديدة، ومنها: تطبيق مبدأ اعادة تدوير المواد، تصغير حجم المحرك ووزنه مع تحقيق أداء وكفاءة عاليين بالنسبة لوزن السيارة وحجمها، تكاليف صيانة منخفضة وقطع غيار عالية الجودة، خفض استهلاك الوقود، إجراء أبحاث علمية على محركات جديدة تعمل بأنواع مختلفة من الطاقة.
تطور السيارة عبر العقود
تصنع السيارة من مواد أولية موجودة في الطبيعة، يستلزم انتاجها وصقلها استهلاك كميات كبيرة من الطاقة. ويدرس صانعو السيارات كمية الطاقة اللازمة لانتاج السيارة وعلاقتها بنوع المواد المستخدمة في صنعها، وقد وجدوا أن المواد البلاستيكية هي الأخف وزناً والأقل استهلاكاً للطاقة عند الانتاج وبعده وحتى عند انتهاء صلاحية السيارة والرغبة في اعادة الاستخدام. ومن المواد الصديقة للبيئة التي عرفت طريقها الى السيارة الألياف الكربونية والبوليمرات التي يصنع منها الكثير من الأجزاء، مثل: عجلة القيادة، التابلوه، المقاعد، المرايا، غطاء المحرك وصندوق الامتعة، الصدّام، الطبقة العازلة في أرضية السيارة، النوابض، المروحة، الخراطيم والتوصيلات، وكلها يمكن اعادة تصنيعها رغم بعض الصعوبات الفنية. وتبقى المواد البلاستيكية المختلفة أكثر ملاءمة من الحديد والألومنيوم. فمثلاً، عند استبدال الحديد بالبلاستيك نحصل على نقص في وزن السيارة، مما يقلل استهلاك الوقود ويخفف انبعاثات ثاني اوكسيد الكربون.
شهد شكل السيارة الخارجي العديد من التحولات. فمنذ العام 1910 وبدء خطوط انتاج السيارات في اوروبا وأميركا، تفنن المصممون حول العالم في اظهار جمال سياراتهم والاعتماد المطلق على الحديد والالومنيوم. في العشرينات كانت أشكال السيارات متشابهة الى حد كبير، فجميعها تقريباً تشبه "موديل تي" من فورد (Ford Model T) حتى ان هنري فورد الأب أطلق جملته الشهيرة: "جميع ألوان السيارات جميلة ما دامت سوداء"، حيث كانت جميع سياراته سوداء في البداية.
وظهرت في الثلاثينات سيارات فخمة تعد الآن تحفاً فنية، بالرغم من افتقارها الى اعتبارات البيئة والسلامة وعدم وجود وسائل للتحكم في الانبعاثات الغازية. مثال على ذلك Hispano Suizza.
وفي الأربعينات خرج المصممون عن خطوط فترة ما قبل الحرب العالمية الثانية، وظهرت سيارات ضخمة مكتنزة ذات مظهر مختلف وتصاميم غريبة لم يكن الجمال أبرز خصائصها. وجاءت حقبة الخمسينات التي تأثرت الى حد كبير بثورة الصواريخ وغزو الفضاء ليزداد حجم السيارة ولتظهر طرازات جديدة بالكامل يوحي مظهرها بالمركبات الفضائية، وهي مزينة بكميات وفيرة من الكروم والبهرجة المبالغ فيها أحياناً، خاصة مع الأجنحة الكبيرة الخلفية التي تشبه الزعانف أو الصواريخ في كثير من السيارات الأميركية. كما تميزت سيارات الخمسينات بالضخامة الشديدة التي وصلت الى حد البدانة والترهل أحياناً، مع تمتعها بأداء جيد نظراً لتزويدها بمحركات ضخمة ذات سعة ليترية عالية تتناسب مع وزنها.
في الستينات اختلفت الحال قليلاً، وتغير مظهر السيارة ليزداد حداثة وعرضاً وينخفض ارتفاعها قليلاً ويقل الكروم فيها الى حد ما. وازداد عدد السيارات الرياضية الكلاسيكية في تلك الفترة، وازدهرت المحركات الرياضية الكبيرة لتتجاوز في بعض الأحيان مؤشر الـ400 انش مكعب.
وفي بداية السبعينات وصلت السيارة الى الذروة من حيث الحجم واستهلاك الوقود... والتلوث بطبيعة الحال، لينتهي كل ذلك في العام 1973 بسببنا نحن العرب! كان الحظر النفطي العربي نقطة تحول جذري لجميع صانعي السيارات واتجاههم الى تغيير سياساتهم والبحث عن بديل اقتصادي مناسب للسيارات الثقيلة الوزن ذات الاستهلاك العالي للوقود. كما اكتشفوا الدور الذي تلعبه درجة الانسيابية، من خلال تجاربهم في ورش التصميم المزودة بما يسمى النفق الهوائي (wind tunnel). فوجدوا أنه كلما ازدادت انسيابية السيارة سهل مرورها عبر الهواء بأقل قدر ممكن من الاحتكاك والمقاومة، اضافة الى تخفيف العبء عن المحرك مما يرفع كفاءته ويخفض استهلاك الوقود، وبالتالي تقل تراكيز الانبعاثات الغازية الملوثة وما يترتب عليها.
هكذا، شهدت الثمانينات بداية توجه صانعي السيارات الى التصميم الانسيابي، حتى وصلت الحال الى ما هي عليه الآن، خاصة بعد ان حل التصميم بالكومبيوتر محل أنامل المصمم التقليدي. ويبدو أن العيب الوحيد للشكل الانسيابي هو صعوبة التفريق بين الطرازات المختلفة.
اما في القرن الحادي والعشرين فالأمر مختلف، اذ عادت التصاميم الفضائية الغريبة ممزوجة بحنين الى الماضي، لتطل علينا سيارات رائعة الشكل من الداخل والخارج، معظمها مستوحى من السيارات الكلاسيكية ولكن في قالب عصري.
ملوثات متعددة الأشكال والأخطار
أثناء السير العادي، تنثر السيارة الجزيئات والغبائر المستقرة على الطريق. كما يفرز بدنها جزيئات دقيقة من نواتج التآكل والصدأ، مثل اوكسيد الحديد والمطاط، وجميعها تؤثر على النسيج الداخلي لرئة الانسان. أضف الى ذلك تطاير ألياف الاسبستوس المسببة للسرطان والناجمة عن احتكاك أقمشة الفرامل أثناء السير.
يعتبر العادم المصدر الرئيسي للملوثات الغازية، الناجمة عن عملية الاحتراق الداخلي غير المكتمل في المحرك تحت ضغط وحرارة شديدين. وتقوم حكومات كثيرة بوضع ضوابط مشددة على تراكيز غازات العادم، وأعدت لهذا الغرض مجموعة من المقاييس البيئية الصارمة لمراقبتها في المصدر وفي الهواء المحيط.
تطلق السيارات اكاسيد النيتروجين (NOx) والهيدروكربونات (HC) والأوزون (O3) التي تتحد في ظروف حرارة ورطوبة معينة لدى تعرضها لأشعة الشمس. وبعد سلسلة من التفاعلات الكيموضوئية يتكون ما يعرف باسم "الضباب الدخاني" الذي يسبب أمراضاً مختلفة تتراوح من الحساسية والتهاب العين والأنف الى السرطان. كذلك ينطلق غاز أول أوكسيد الكربون الشديد السمية، الذي له القدرة على الاتحاد مع الهيموغلوبين في الدم ليحل محل الاوكسيجين مكوناً مركباً يسمى كربوكسي هيموغلوبين، فيمنع الاوكسيجين من الوصول الى الرئتين والقلب. وتزداد خطورته في الأنفاق والمرائب والمواقف المغلقة. وكثيراً ما نقرأ في الصحف عن وفاة أشخاص في سياراتهم داخل مرائب مغلقة، والسبب ترك المحرك دائراً وتسرب غاز أول أوكسيد الكربون الى داخل السيارة فيصل تركيزه الى الحد الذي يسبب الاغماء أو النوبة القلبية، واذا زاد عن 5 في المئة فقد يؤدي الى الوفاة. والخطير فيه أن الانسان لا يشعر باستنشاقه اذ انه عديم اللون والطعم والرائحة.
الرصاص من العناصر السامة، وله تأثير تراكمي شديد السمية على الجهاز العصبي والعظام والامعاء. وتظهر أعراضه عند تراكيز 40 ميكروغرام /100 ليتر من الدم. وترتفع نسبة الرصاص في هواء المدن المزدحمة التي تستخدم سياراتها وقوداً يضاف اليه الرصاص، لرفع رقم الأوكتان وخفض ضوضاء المحرك. اما الآن فتفرض بلدان كثيرة استخدام وقود خال من الرصاص، والاستعاضة عنه بمركب MTBE الهيدروكربوني، بعد جدل طويل بين العلماء حول آثاره البيئية.
في اطار خطة التنمية السادسة، قامت المملكة العربية السعودية منذ مطلع عام 2001 بالتحول الى الوقود الخالي من الرصاص، الذي يتم انتاجه في مصافي شركة أرامكو في رأس تنورة والرياض وجدة وينبع، مع بقاء معدلات الاوكتان عند حدود المستوى العادي 95. وفي خطوة ايجابية أخرى مع مطلع سنة 2007، تم إنزال نوعين من البنزين الممتاز الخالي من الرصاص وهما الممتاز 91 والممتاز 95.
غاز ثاني اوكسيد الكربون المنبعث من العادم نتيجة عملية حرق الوقود يساهم في ظاهرة الدفء العالمي، أو الاحتباس الحراري لأشعة الشمس المنعكسة من الكرة الأرضية، بسبب مقدرة جزيئاته على امتصاص هذه الحرارة. ويشير العلماء الى وجوب تخفيض هذه الانبعاثات.
أما انبعاثات الكلوروفلوروكربون (CFC) المستخدم في المكيّف، فترتفع الى طبقات الجو العليا ولها القدرة على استنزاف طبقة الاوزون التي تحمي سطح الأرض من أشعة الشمس فوق البنفسجية الضارة بالبيئة والصحة. ولهذا السبب تستخدم بعض السيارات الحديثة مكيفات خالية من غاز الفريون.
التلوث من السيارات يكون عادة على أشده في وسط المدينة، خصوصاً بسبب اختناقات مرورية لآلاف السيارات في موقع يكتظ بالحركة والبنايات العالية التي تحجب التهوئة الطبيعية وتجدد الهواء، مما يساعد على استقرار الملوثات في هذه الناحية من المدينة. وتكثر الدعوات  الى تخفيف استخدام السيارات في المدن، خصوصاً في أوقات الذروة.
على سبيل المثال، بلغ التلوث حداً لا يطاق في مدينة مكسيكو سيتي، حيث تنتشر أمراض الجهاز التنفسي والعين بين نسبة كبيرة من السكان. وكذلك الحال في لوس أنجلس التي أصبح الضباب الملوث احدى سماتها، نظراً الى موقعها الجغرافي، فهي محاطة بالجبال العالية مما يساعد في تراكم الملوثات الغازية الى درجة تنعدم معها الرؤية أحياناً وتسبب التهاب العين وأمراض التنفس والحساسية. وليست القاهرة ودمشق ومدن داخلية كثيرة في المنطقة العربية بعيدة عن هذه الصورة.
ورش السيارات ومحطات الوقود
تشكل ورش السيارات مصدر تلوث وازعاج لسكان الحي، خاصة اذا لم تطبق المواصفات. فالقرقعة العالية وغبائر الدهان والحديد منظر مألوف في الأحياء السكنية في كثير من دول العالم النامية. ونرى في الدول العربية ورشاً في الحارات الضيقة، بل أحياناً بجوار محلات الجزارة التي تعلق الذبائح في الهواء الطلق. ولمعالجة هذه المشكلة في المملكة العربية السعودية مثلاً، أوجدت البلديات مدناً صناعية خارج المدينة لاستيعاب الأنشطة الصناعية كافة، ومنها الورش ومعامل النجارة والحدادة والألومنيوم والمصانع المختلفة.
ولا ننسَ دور محطات البنزين في زيادة الانبعاثات الهيدروكربونية السرطانية، خاصة في أوقات ملء خزان المحطة أو تعبئة خزانات وقود السيارات. وتزداد هذه الانبعاثات في حال اهمال نواحي السلامة الواجب توفرها في محطات الوقود، علماً أن قوانين البيئة والدفاع المدني في السعودية تضع قيوداً مشددة على المحطات، خاصة من ناحية الخزانات الأرضية للوقود، تصل الى حد اغلاق أي محطة مخالفة الى حين تصحيح القصور.
علاوة على تلوث الهواء الذي تسببه السيارة، هناك صور أخرى للتلوث. وتصنف نفايات زيوت التشحيم وفضلات مصافي تكرير البترول ومعامل مضافات الزيوت ضمن فئة الفضلات الخطرة السامة، وتكاليف التخلص النهائي منها مرتفعة جداً. والطريقة المعتمدة عالمياً هي الحرق في مرافق خاصة في ظروف درجات حرارة عالية جداً، وهذه المرافق قليلة ان لم تكن معدومة في معظم الدول النامية. وكثيراً ما تلقى الزيوت التالفة في أماكن مهجورة ومنعزلة، ومع الوقت تكوّن مستنقعاً من الزيت أو تتسرب الى باطن الأرض وتلوث المياه الجوفية. وتزداد الخطورة عند وجود مراع للمواشي. وفي حالات أخرى أفضل قليلاً، يتم تخزين الفضلات الزيتية داخل حاويات خاصة في مرادم النفايات الى أجل غير مسمى.
في اطار تشجيع المستثمرين لدخول مجال البيئة ومعالجة النفايات في السعودية، بدأت بعض الشركات الوطنية منذ التسعينات جمع الزيوت المستهلكة وتخزينها في مرافق خاصة بغرض معالجتها أو حرقها أو اعادة استخدامها أو تصديرها الى الخارج.
مقابر السيارات والضوضاء وتشويه الطبيعة
لا تنتهي مشاكل السيارة كمسبب للتلوث حتى بعد انتهاء عمرها. وقد أصبحت مقابر السيارات ظاهرة مزعجة، نظراً لصعوبة التخلص من كل مكوناتها واعادة تصنيع أجزائها. اذ ان السيارة تتكون من تركيبة معقدة من المواد الخام، بينها الحديد الصلب والألومنيوم والبلاستيك والألياف الزجاجية والمطاط. وتستمر محاولات بعض الشركات العالمية لفصل مكونات السيارة القابلة لاعادة التصنيع كل على حدة.
حين ينقضي العمر الافتراضي لقطعة معينة في السيارة، مثل أقمشة الفرامل والكربوريتور والكومبريسور والعادم وغيرها من الأجزاء التي تطرح بأعداد خيالية في مرادم النفايات ومقابر السيارات، فانها تزيد العبء على مشاكل النفايات المنزلية والصناعية. وكذلك الحال بالنسبة للاطارات المستهلكة المقدرة أعدادها بالملايين سنوياً، مع وجود بعض المشاريع الطموحة في السعودية وبعض الدول العربية لاعادة تدويرها.
الضوضاء صورة اخرى للتلوث الناجم عن السيارات، من خلال هدير المحركات وأصوات العادم والأبواق العالية واحتكاك الاطارات بالاسفلت وضجيج ورش السيارات. ويتعرض سكان المدن الكبرى للتلوث الضوضائي وآثاره السلبية على الأذن، التي قد تؤدي في النهاية الى صمم جزئي أو كلي حسب الشدة وفترة التعرض. كما ان الضوضاء مضرة بالجهاز العصبي وتساعد في حدوث الأمراض النفسية، مثل القلق والتوتر والأرق، خاصة عند تجاوز حدود 65 ديسيبل المسموح بها حسب المقاييس العالمية.
وأدى استعمال السيارات بكثرة الى زيادة تشييد الطرق والجسور وما يصاحب ذلك من قطع لاشجار الغابات وردم للمواقع البحرية والأنهار ومنابع المياه. يضاف الى ما تقدم الملوثات الغازية والسائلة والصلبة المنبعثة من مصانع السيارات والصناعات المرتبطة بها، مثل مصافي تكرير النفط والزيوت ومصانع البلاستيك والاطارات والألياف الزجاجية وغيرها.
لعلاج هذه المشاكل البيئية والصحية العديدة، يتوجب على الحكومات والعلماء وصانعي السيارات إيجاد حلول بأسرع ما يمكن، مع تشديد المقاييس البيئية واعداد خطط ملائمة لأنظمة النقل. وها هي شركات السيارات العالمية قد بدأت سلوك المنهج الأخضر في سياساتها الانتاجية، من تطبيق تقنيات الاقتصاد في استهلاك الوقود الى إنتاج خلايا الوقود والسيارات الكهربائية والهجينة نصف الكهربائية (هايبريد) والهيدروجينية.

كادر

وقود نظيف لسيارة نظيفة
ركزت مجموعة بي إم دبليو على تطوير سيارات تعمل بالهيدروجين، وفق استراتيجيتها الطاقوية "BMW Clean Energy" الهادفة الى تخفيض الانبعاثات واستعمال الطاقة المستردة في عملية تجددية.
واعتماداً على نظام الدفع المعتمد، يمكن تحويل الطاقة المخزونة في الهيدروجين الى شكلين من الطاقة لتشغيل السيارة: إما بواسطة محرك احتراق تقليدي يحول هذه الطاقة مباشرة الى قوة دفع، أو من خلال احتراق "بارد" في خلية وقود تولد طاقة كهربائية. وتستعمل BMW كلا الخيارين، مع التركيز على محرك الاحتراق لدفع السيارة.
مجموعة BMW التي تنتج سيارات بي إم دبليو وميني ورولز رويس، انتجت أول سيارة في العالم تعمل بالهيدروجين هي BMW750hL التي قامت بـ "جولة عالمية للطاقة النظيفة" اجتازت خلالها 170 ألف كيلومتر عابرة عشرة بلدان.
في عام 2004، أظهرت سيارة أبحاث الهيدروجين BMW H2R أن الهيدروجين هو وقود المستقبل القوي، وسجلت تسعة أرقام قياسية لسيارات الهيدروجين، محققة سرعة قصوى فاقت 300 كيلومتر في الساعة.

 

 
 
 
 

اضف تعليق
*الاسم الكامل  
*التعليق  
CAPTCHA IMAGE
*أدخل الرمز  
   
 
بندر الأخضر صديق البيئة
(المجموعة الكاملة)
البيئة والتنمية
 
اسأل خبيرا
بوغوص غوكاسيان
تحويل النفايات العضوية إلى سماد - كومبوست
كيف تكون صديقا للبيئة
مقاطع مصورة
 
احدث المنشورات
البيئة العربية 9: التنمية المستدامة - تقرير أفد 2016
 
ان جميع مقالات ونصوص "البيئة والتنمية" تخضع لرخصة الحقوق الفكرية الخاصة بـ "المنشورات التقنية". يتوجب نسب المقال الى "البيئة والتنمية" . يحظر استخدام النصوص لأية غايات تجارية . يُحظر القيام بأي تعديل أو تحوير أو تغيير في النص الأصلي. لمزيد من المعلومات عن حقوق النشر يرجى الاتصال بادارة المجلة
©. All rights reserved, Al-Bia Wal-Tanmia and Technical Publications. Proper reference should appear with any contents used or quoted. No parts of the contents may be reproduced in any form by any electronic or mechanical means without permission. Use for commercial purposes should be licensed.