أعلنت الخطوط الجوية البريطانية وشركة "سولينا" الأميركية للطاقة الحيوية الشهر الماضي أنهما ستنشئان أول محطة في أوروبا لانتاج وقود أخضر للطائرات، في الطرف الشرقي لمدينة لندن.
وعندما يكتمل المعمل ويبدأ تشغيله سنة 2014، سوف يحول 500 ألف طن من نفايات المطامر المنزلية والصناعية الى 73 مليون ليتر من الوقود المحايد كربونياً كل سنة. وهذا يكفي لتشغيل ضعفي مجموع رحلات الخطوط البريطانية من مطار المدينة القريب. وستكون الانبعاثات أقل 95 في المئة من انبعاثات الكيروسين التقليدي، وهذا يعادل إخراج 48 ألف سيارة من الطرقات. وتعتزم الشركة تأمين 10 في المئة من كل وقود طائراتها من عملية تحويل النفايات بحلول سنة 2050.
هناك أربعة مواقع قيد الدرس للمعمل، الذي ستقوم ببنائه وتشغيله شركة "سولينا" ومقرها واشنطن، بعد تعهد الخطوط البريطانية شراء كل انتاجه. وسوف يشغل المعمل نحو 1200 شخص. وعلاوة على تخفيض الكربون المنبعث من وقود الطائرات، سوف يخفض المعمل أيضاً انبعاثات الميثان من مطامر النفايات، اذ سيولد من هذا الغاز 20 ميغاواط من الكهرباء كل سنة كمنتج ثانوي.
لكن الوقود الذي سينتجه المعمل سيكون مختلفاً تماماً. فخلافاً لأنواع الوقود الحيوي الحالية، التي يجب مزجها بوقود الطائرات التقليدي، تعتزم "سولينا" انتاج وقود أخضر يشغل الطائرة من دون أن يضاف اليه أي وقود آخر.
ويرى الرئيس التنفيذي للخطوط البريطانية ويلي والش أن الخطة سوف تساعد شركته في الوفاء بهدفها لخفض الانبعاثات الكربونية الصافية بنسبة 50 في المئة بحلول سنة 2050. كما يدعم عمدة لندن بوريس جونسون هذه الخطة التي سوف تستبعد عن المطامر المحلية أكبر كمية ممكنة من النفايات. وهو قال ان المجلس البلدي يريد "الاستفادة من الامكانات الضخمة للنفايات في توليد طاقة أقل تلويثاً، وإلا فستكون وجهتها المطمر"، مضيفاً: "إننا نعمل لاجتذاب مزيد من المؤسسات الى هذه التكنولوجيا لحصاد نفايات العاصمة".
وتؤكد الخطوط البريطانية أن المعمل سيشغّل على النفايات فقط، ولن يلجأ الى استعمال المحاصيل التي تزرع خصيصاً لتحويلها الى وقود. لكن بعض الناشطين البيئيين يشككون في هذا التعهد، مشيرين الى مبادرات الوقود الحيوي للسيارات التي أسفرت عن بصمة كربونية أكبر وأثر عالمي مدمر من خلال إحلال محاصيل الوقود مكان المحاصيل الغذائية. وقال كينيث ريختر من منظمة أصدقاء الأرض: "كان القصد من إنتاج وقود حيوي للسيارات استخدام زيت الطبخ المستعمل، لكن الشركات التجارية عمدت الى سلب الغذاء من الفقراء وتدمير غابات المطر إفساحاً في المجال لزراعة محاصيل الوقود الحيوي".
لكن وقود الطائرات المصنوع من النفايات يجب أن يخضع لموافقة السلطات البريطانية المختصة، التي سوف تجري مزيداً من الاختبارات لتضمن أنه لا يعرض سلامة الطائرات أو أداءها للخطر.
كادر
حافلات تسير على زيت الطبخ
ليست الخطوط البريطانية شركة النقل الوحيدة التي تنظر الى النفايات المنزلية كمصدر لوقود "أخضر" في المستقبل. فشركة الحافلات Stagecoach بدأت استخدام الزيوت والدهون المستعملة، بعد إعادة تدويرها، لتشغيل حافلاتها في كيلمارنوك بمقاطعة ايرشاير عام 2007، ثم توسعت خطتها لتشمل 20 حافلة في كامبريدج، وسوف تطورها لتشغيل أطول خط حافلات في العالم لدى افتتاحه لاحقاً هذه السنة.
وتقدم هذا الوقود شركة "أرجنت إنرجي"، التي تنتجه من زيت الطبخ المتخلف عن صناعة المواد الغذائية والشحم المتخلف من المنتجات الحيوانية المصنعة. والسبب الوحيد الذي يمنع الشركة من تشغيل جميع حافلاتها السبعة آلاف على الوقود الأخضر هو حجم النفايات المتوافرة وانعدام البنية التحتية لتحويلها الى وقود. لكنها تنظر في جميع البدائل، وقال أحد مدرائها: "أحد الخيارات المحتملة هي أن نعزل الأوساخ من مياه المجارير ونصنع منها وقوداً حيوياً ممتازاً".
|