على وقع التطور العالمي السريع في تكنولوجيات معالجة النفايات الصلبة، يعمل الأردن على تنفيذ مشاريع للتخلص من نفاياته المتزايدة بأساليب تتيح توليد الطاقة منها.
وتتولى أمانة عمّان جمع ما يقارب 3000 طن يومياً من النفايات الصلبة من عشرين منطقة تابعة لها، ما يشكل نحو 50 في المئة من حجم نفايات البلاد. أما في المناطق الأخرى، فتقوم البلديات بجمع النفايات في اشراف وزارة الشؤون البلدية والقروية، ونقلها إلى مكبات محلية، ومنها مكب الأكيدر في إربد والحصينيات في المفرق والحمرة في السلط واللجون في الكرك. وتتولى وزارة البيئة معالجة النفايات الخطرة والسامة في مركز سواقة الذي يبعد نحو 125 كيلومتراً جنوب عمان.
ويؤكد المهندس زيدون النسور، مستشار البيئة في أمانة عمّان الكبرى، الاهتمام العملي بإدارة النفايات من خلال خطط مرحلية، تتضمن حالياً إزالتها وتوريدها إلى مطمر صحي. وذلك بتغليف خلايا في باطن الأرض للاستفادة من النفايات لاحقاً في توليد الطاقة أو تدوير ما يمكن إعادة تصنيعه. ويضيف أن معالجة النفايات الصلبة تأخذ حيزاً كبيراً من عمل البلديات الأردنية وميزانياتها، بحيث قد يؤثر ذلك بصورة سلبية على خدمات أخرى مثل المياه والصحة.
كهرباء من مكبّ مغلق
عام 2003 أغلقت أمانة عمّان مكب الرصيفة الرئيسي الواقع في قرية أبو صياح بالقرب من الطريق السريع الذي يربط مدينة عمان بالزرقاء، وذلك بسبب آثاره السلبية وانبعاثات الغازات والروائح الكريهة نتيجة للتخمر. وكان الدخان الناتج من حرق النفايات يتصاعد في الجو ويكاد يحجب الطريق السريع، كما حصل تلوث للمياه الجوفية بسبب عدم مطابقة المكب للمواصفات العالمية.
ويقول المهندس النسور إن العمل في مكب الرصيفة لم يتوقف بإغلاقه، «فقد تحول إلى مشروع فريد من نوعه في العالم العربي، بتغليفه من أجل إنتاج الطاقة الكهربائية من الغاز المستخرج منه عبر آبار أنشئت في داخله». وقد اختار برنامج الأمم المتحدة الإنمائي هذا المشروع ليكون نموذجاً في دول العالم النامي لتطبيقات آلية التنمية النظيفة.
وكانت شركة الغاز الحيوي الأردنية، المملوكة مناصفة بين أمانة عمان الكبرى وشركة توليد الكهرباء المركزية، وبعد إنشاء مصنع الغاز الحيوي في منطقة مكب الرصيفة عام 1999، قامت بتنفيذ مشـروع استغلال المكونات العضوية للنفايات المفصولة من المصدر بطاقة 60 طناً يومياً. واعتُمدت في ذلك طرق حديثة للحؤول دون انبعاث غازات الدفيئة، عن طريق سحب الغاز من خلال آبار ومعالجته لإنتاج الكهرباء منذ العام 2004.
وتنتج الشركة شهرياً نحو 550 ميغاواط من الكهرباء بواسطة الغاز المستخرج من33 بئراً فعالة في المكب. إلا أن النسور يقول إن تلك الكميات تقل عما كانت في بداية تنفيذ المشروع، بسبب ضياع كميات كبيرة من الغاز لأن مكب الرصيفة لم يؤسس وفقاً لمعايير هندسية وصحية.
مطمر حديث بمواصفات عالمية
تزامناً مع إغلاق مكب الرصيفة، بدأ العمل عام 2003 على إنشاء مطمر الغباوي الصحي، من خلال تغليف خلايا جمع النفايات على أرض مساحتها ثلاثة ملايين متر مربع تبعد نحو 25 كيلومتراً شرق عمّان. تم اختيار الموقع بعد إجراء دراسات فنية للتأكد من تقليل الأثر البيئي الناجم عن تجميع النفايات بكميات كبيرة في بقعة واحدة، خصوصاً أن التربة صنفت على أنها ذات نفاذية قليلة. ويتميز موقع المطمر الجديد ببعده عن المناطق السكنية، وقد روعي فيه اتجاه الرياح السائدة، مع الاسترشاد بالمواصفات العالمية التي تراعي حماية الموارد الطبيعية والتنوع الحيوي في المنطقة شبه الصحراوية.
ترسل النفايات التي يتم جمعها يومياً إلى ثلاث محطات تحويلية داخل عمان. ويتم تفريغها داخل مكابس كهربائية، ثم تعبأ في شاحنات ضخمة تنقلها إلى المطمر حيث تطمر بالتراب، من دون فرز مسبق. وتشغّل أمانة عمّان أكثر من 4500 عامل في جمع النفايات من مناطق العاصمة، وقد وزعت أكثر من 25 ألف حاوية من مختلف الأحجام لتخزينها قبل نقلها إلى المحطات التحويلية.
يتضمن مشروع الغباوي إنشاء تسع خلايا لتجميع النفايات، مع نظام لتصريف عصارتها في قاع الخلية التي يتم تغليفها من الأسفل لمنع أي تسرب للملوثات إلى المياه الجوفية. ويُسترشد في هذا الصدد بالمواصفات المعتمدة لدى منظمة الصحة العالمية.
تم حتى الآن إنشاء أربع خلايا وتخزين أكثر من 13 مليون طن من النفايات. ويصف النسور الخلية بأنها «مفاعل بيولوجي» على عمق عشرة أمتار، يرتفع مستوى النفايات فيه لأكثر من 15 متراً فوق مستوى الأرض الطبيعي عبر مساحة تبلغ 120 ألف متر مربع. تغلف الخلايا لمنع انبعاث الغازات الناجمة عن تحلل النفايات، التي يتم طمرها بالأتربة فور تفريغها، مع حفر آبار لجمع الغازات المتولدة. ويعتبر الميثان، وهو من الغازات المسببة للاحتباس الحراري، من أهم الغازات التي تتولد في الخلية، كما أنه من أهم مكونات الغاز الطبيعي، ويتم حرقه حالياً بواسطة حارقة ونظام يخضع للسيطرة لتخفيف أثره في الغلاف الجوي. وتعمل أمانة عمّان على مشروع للاستفادة من الميثان المستخرج من الخلايا لتوليد الطاقة الكهربائية، وقد تم طرح عطاء لتنفيذه.
واتفقت الأمانة مع شركات خاصة بحيث تزودها بالنفايات القابلة للتدوير، التي أنشأت لها حظيرة في منطقة المطمر لتجميعها. وليست هناك مشاريع تدوير واسعة في البلاد، وتشير بعض التقديرات إلى أن تدوير النفايات لا يتجـاوز نسبة 5 في المئة. ولكـن ثمـة محاولات في القطـاع الخاص لإنتاج أسمدة جيدة النوعية من النفايات العضويـة. ■