Thursday 21 Nov 2024 |
AFED2022
 
AFEDAnnualReports
Environment and development AL-BIA WAL-TANMIA Leading Arabic Environment Magazine
المجلة البيئية العربية الاولى
 
مقالات
 
غسان جرادي سلاحف وطيور مهاجرة أنقذت في جزر النخل  
تشرين الأول (أكتوبر) 2006 / عدد 103
 فقست بيوض السلاحف البحرية على شاطئ جزيرة النخل في شمال لبنان، وزحفت الفراخ على الرمال المنظفة من التلوث النفطي الى مياه البحر المتوسط. هذه السلاحف المهددة بالانقراض لا تبيض قبل بلوغها عامها العشرين، وهي تعود الى المكان الذي ولدت فيه لتضع بيوضها مرة كل سنتين
تعتبر محمية جزر النخل الطبيعية في شمال لبنان، قبالة شاطئ الميناء في طرابلس، بمنأى عن التلوث التقليدي الذي تسببه النفايات الصلبة والسائلة، وذلك لكونها تبعد عن الساحل نحو خمسة كيلومترات. لذا يقصدها سكان المنطقة خصوصاً، ولبنان عموماً، للراحة والاستجمام على رمال شواطئها النظيفة والسباحة في مياهها الصافية والتمتع بمناظرها البرية البعيدة عن تدخل الإنسان وإنشاءاته الإسمنتية المشوهة للبيئة.
في 13 تموز (يوليو) الماضي، قصف الإسرائيليون معمل الجية الحراري على بعد 30 كيلومتراً جنوب بيروت، وأصابوا خزاناته النفطية، الأمر الذي أدى إلى تسرب الوقود الذي يعرف بالزيت الثقيل إلى البحر. وفي التاسع والعشرين من ذلك الشهر وصل الزيت المتسرب إلى محمية جزر النخل الطبيعية ليلحق بها الضرر الخبيث، بعد أن مر على السواحل الممتدة بين الجية وطرابلس وأمعن فيها تلويثاً وقتلاً للحياة البحرية وتشويهاً للمناظر الطبيعية.
تلوَّث الشاطئ الرملي للمحمية، حيث كانت السلاحف الضخمة الرأس (كاريتا كاريتا) المهددة بخطر الانقراض على المستوى العالمي قد وضعت بيضها. وجاء التلوث في وقت يسبق فقس البيض بنحو أسبوعين. فما كان من القيمين على المحمية سوى المسارعة العفوية إلى منع الضرر عن جيل السلاحف الجديد بتنظيف الشاطئ الرملي من الزيوت، في وقت لم تكن الحرب قد توقفت بعد. وفي 19 آب (أغسطس) توجهوا بصحبة خبراء من الاتحاد العالمي لصون الطبيعة (IUCN) لتقييم الأوضاع، فهالهم ما شاهدوه من تلوث على صخور جزر سنني ورامكين والأرانب. فكانت التوصية بأن تزال الزيوت العالقة بين الصخور بأسرع وقت ممكن، وذلك لسببين: أولهما أن باستطاعة البحر استرجاعها بأمواجه العاتية ليلوث بها أماكن أخرى، وثانيهما أن الطيور البحرية المهاجرة التي بدأت قدومها إلى الجزر قد تتلوث بهذه الزيوت، الأمر الذي يؤدي إلى إعاقتها أو نفوقها. وعلى الأثر قامت لجنة المحمية بحملة لتنظيف الصخور، وهي مستمرة بذلك حتى كتابة هذه السطور.
تخفيض الضرر عن الطيور
أكثر أنواع الطيور هشاشة أمام التلوث بالزيوت هي الطيور البحرية المائية أو الشاطئية. فهي بحكم بيئتها ملزمة بالعيش ضمن مناطق الخطر. البعض منها يقتات على حشرات وديدان ورخويات يأتي بها الموج إلى الشاطئ، والبعض الآخر يبحث عن غذائه بين الصخور أو يرتاح عليها أو يعشش في تجاويفها وبين ثناياها. وهكذا تتناول الطيور غذاءً مسموماً أو تعلق بريشها زيوت تفقدها القدرة على تحمل مقاومة البلل، مما يؤدي إلى انخفاض درجة حرارتها حتى الموت أو إلى غرقها أو إعاقتها عن الطيران، فتصبح إما فريسة لغيرها وإما غير قادرة على الاقتيات. تتعدد الأسباب والموت هو النتيجة في جميعها. ومن الطيور ما يصاب بتلوث طفيف، لكنه مميت أيضاً لأن من عادة الطيور أن تحاول تنظيف ريشها بمنقارها، الأمر الذي يتسبب بدخول عرضي للزيوت إلى الجهاز الهضمي فتحدث تسمماً قاتلاً.
ولتخفيف الآثار على هذه الطيور، هنالك ثلاث وسائل مكملة بعضها لبعض:
أولاً، العمل بسرعة على إزالة الزيوت بالطرق الموصى بها من الخبراء، وهي كثيرة على صفحات الإنترنت.
ثانياً، إبعاد الطيور عن الأماكن الملوثة. وتقضي هذه الطريقة بوضع عصاً مائلة فوق الصخور أو الرمال، يربط في رأسها خيط يتدلى منها وفي نهايته قرص مدمج (CD) مثقوب في طرفه حيث يربط الخيط بالقرص. ولأن معظم الطيور تكره كل ما هو يلمع أو يغمز، ولكون القرص خفيف الوزن ويتأثر بالهواء ولو كان الهواء شبه ساكن، فإن القرص يتحرك مسبباً لمعاناً تتجنب الطيور الاقتراب منه فتنجو.
ثالثاً، الإمساك بالطيور الملوثة والعاجزة، وأخذها إلى حيث يمكن تنظيفها بسائل غسل الصحون، وليس سائل الجلي. وإن لم يتوفر الأول فيمكن استعمال الثاني. وفي كلتا الحالتين يخفف السائل بالماء ويغسل به ريش الطائر، ثم يجفف بعناية بوساطة المنشفة أو مجفف الشعر، ويوضع في صندوقة كرتون مغلقة ومظلمة توفر له الهدوء وتمنع عنه التوتر. وإذا كان الطائر في حالة تسمم عن طريق جهازه الهضمي، فإن عملية تغذيته يدوياً ستسبب له غثياناً يتبعه تقيؤ يخلصه من بعض السموم، مثل عملية غسل المعدة. وعندما يسترد عافيته يطلق في أماكن غير ملوثة. ولأننا أمام هجرة الخريف التي تتجه جنوباً، فان إطلاق الطائر جنوب معمل الجية هو الطريقة الآمنة، فالتيارات البحرية تنقل الزيوت من الجنوب إلى الشمال ومن المفترض أن البحر جنوب معمل الجية غير ملوث.
السلاحف والحياة البحرية
تؤثر الزيوت على الحياة البحرية بشكل مقلق جداً. فهي تقضي على صغار الكثير من الأنواع السمكية، التي ما أن تفقس حتى تتجه إلى سطح البحر فتعلق بالزيوت وتموت. كما أن الزيوت التي تعلق على الصخور، خارج الماء وتحت سطحه بفعل حركة البحر، تقتل الكثير من الرخويات والأصداف والديدان والحشرات والأعشاب التي تتغذى عليها بعض الأسماك، مما يفرط السلسلة الغذائية مؤدياً إلى اضطراب الأجهزة البيئية بكاملها.
أما بيض السلاحف فقد يتوقف عن النمو إذا ما تسربت الزيوت إليه. وإذا لم تصله فإن الفراخ عندما تخرج من الرمل وتتوجه إلى البحر قد تعلق بالزيوت إذا كان سطح الشاطئ ملوثاً. وإذا نجت من ذلك فإن الاحتمال كبير جداً أن تعلق ببقعة زيت طافية في عرض البحر، لأنها في هذه المرحلة الباكرة من عمرها تسبح على سطح الماء ولا تغوص كما تفعل كبار السلاحف.
كل هذه الأمور لا يمكن أن تعالج كما هي الحال بالنسبة الى الطيور. فالوضع سيئ وخارج عن السيطرة، حتى لو اعتقدنا أننا نظفنا البحر وسواحله من التلوث كلياً. ثمة آثار لا يمكن إدراكها بالعين المجردة قد تبقى لتمعن في قتل الحياة البرية بأشكالها المتنوعة جداً.
مع ذلك، فإن أقل ما يمكن القيام به هو تنظيف البحر وشواطئه الرملية والصخرية بأسرع وقت ممكن، كي نخفف من الأخطار المتربصة بصحة الحيوان والنبات والإنسان على السواء.
الدكتور غسان رمضان جرادي اختصاصي بالطيور ومدير محمية جزر النخل.
 
 
 
 

اضف تعليق
*الاسم الكامل  
*التعليق  
CAPTCHA IMAGE
*أدخل الرمز  
   
 
بندر الأخضر صديق البيئة
(المجموعة الكاملة)
البيئة والتنمية
 
اسأل خبيرا
بوغوص غوكاسيان
تحويل النفايات العضوية إلى سماد - كومبوست
كيف تكون صديقا للبيئة
مقاطع مصورة
 
احدث المنشورات
البيئة العربية 9: التنمية المستدامة - تقرير أفد 2016
 
ان جميع مقالات ونصوص "البيئة والتنمية" تخضع لرخصة الحقوق الفكرية الخاصة بـ "المنشورات التقنية". يتوجب نسب المقال الى "البيئة والتنمية" . يحظر استخدام النصوص لأية غايات تجارية . يُحظر القيام بأي تعديل أو تحوير أو تغيير في النص الأصلي. لمزيد من المعلومات عن حقوق النشر يرجى الاتصال بادارة المجلة
©. All rights reserved, Al-Bia Wal-Tanmia and Technical Publications. Proper reference should appear with any contents used or quoted. No parts of the contents may be reproduced in any form by any electronic or mechanical means without permission. Use for commercial purposes should be licensed.