Thursday 21 Nov 2024 |
AFED2022
 
AFEDAnnualReports
Environment and development AL-BIA WAL-TANMIA Leading Arabic Environment Magazine
المجلة البيئية العربية الاولى
 
مقالات
 
راغدة حداد (مسندم، عُمان) نمور عربية في جبال عُمان  
أذار (مارس) 2007 / عدد 108
 بعدما كاد الأمل يتلاشى ببقاء النمر العربي في جبال مسندم العُمانية، ظهرت هذه السنة آثار أقدام حديثة تؤكد وجوده. راغدة حداد استكشفت المنطقة مع ترعى بعثة ''بيوسفير'' العلمية للبحث عن النمر العربي بالتعاون مع مكتب مستشار حفظ البيئة في ديوان البلاط السلطاني
حين غادرتُ مسندم السنة الماضية، كنت واثقة أني لن أعود اليها في حياتي. فقلة في العالم تحظى بزيارة الى شبه الجزيرة العُمانية الجاثمة فوق مضيق هرمز مدخل الخليج العربي.
النمر العربي أعادني الى هناك. ومن نافذة الطائرة الصغيرة التي أقلتني من العاصمة مسقط، تراءت الجبال الشاهقة المنبثقة من البحر والمترامية بعضها خلف بعض الى الداخل البعيد. تلك المرتفعات كانت في الماضي مرتعاً للظباء والأوشاق والذئاب والنمور. لكن هذه الحيوانات اختفت أو كادت تختفي نتيجة الصيد وموجات الجفاف الطويلة.
وتواصل البعثة العلمية الدولية ''بيوسفير'' البحث عن النمر العربي (Panthera pardus nimr)، شبه المنقرض في البرية، بالتعاون مع مكتب مستشار حفظ البيئة في ديوان البلاط السلطاني. وكانت استكشافات العام الماضي لا تبعث على التفاؤل، اذ لم يُعثر على أثر أكيد لنمر في مسندم، وأفاد السكان المحليون أنهم لم يروا نمراً منذ أكثر من 15 سنة. كما لم تعثر البعثة على أثر لظبي أو طَهْر أو أي من الفرائس التي تمثل غذاءه الرئيسي، فالجفاف المتواصل منذ سنوات أيبس الغطاء النباتي الذي تقتات عليه، فهلكت جوعاً أو عطشاً أو ارتحلت الى حيث الكلأ والماء.
قلة الفرائس الطبيعية اضطرت النمور الى افتراس الأغنام، مما جعل الأهالي يصطادونها منذ عشرات السنين. وهذا أدى الى القضاء على النمور العربية في جبال عُمان والسعودية والامارات واليمن وشمال الأردن، مما حدا الجهات المعنية على اتخاذ إجراءات متفاوتة لحمايتها من الانقراض. وقد توقفت عمليات القتل في عُمان منذ صدر أمر سلطاني باعتبار النمر العربي تحت الحماية وبمنع صيده. وبدأ مشروع مسح لأماكن وجوده وتعداده في الجبال.
لكن استكشافات هذه السنة حملت أملاً جديداً. فقد تم العثور على آثار أقدام وخدوش مخالب لنمر عربي لم يمضِ عليها أكثر من شهرين، إذ انها انطبعت على التراب بعد الأمطار الباكرة التي سقطت في تشرين الثاني (نوفمبر) .2006 وقد عثر عليها دليل محلي دربته البعثة، فأخبر هادي الحكماني الذي يتابع عمليات المسح ميدانياً من قبل مكتب حفظ البيئة، فهرع الى المكان مع قائدة بعثة ''بيوسفير'' تيسا ماغريغور. ولعل الفضل في هذه العودة الميمونة هو للأمطار التي هطلت بوفرة هذا الشتاء بعد طول انحباس. وقد بدت المسطحات الجبلية خضراء يانعة، وما شبهتُه بطاسة غبار في هذا الوقت من العام الماضي تحوّل جنة عشبية مشجرة ومزهرة. وأخبرتني ماغريغور أن ثلاثة من أهالي المنطقة أفادوا أنهم رأوا نمراً  في الليل خلال الأشهر الماضية.
إجازة علمية
من مطار مدينة خصب على الساحل انطلقنا صعوداً على الطريق الوعرة المؤدية الى مخيم البعثة. الوصول الى هناك كان عسيراً لولا سيارات اللاندروفر المصممة لسلوك الدروب الصخرية والحصوية، فلا طرق معبدة في جبال مسندم. وترعى لاندروفر بعثات ''بيوسفير'' التي تستكشف أوضاع الحيوانات المهددة بالانقراض في أنحاء العالم، ومنها بعثة النمر العربي.
بعد مسيرة ثلاث ساعات على منحدرات الجبال الشاهقة وصلنا الى المخيم. كانت الساعة قاربت السابعة مساء، وأفراد البعثة في انتظارنا وقد أعدوا عشاء من السمك والسلطة والفواكه. أكلنا، ونصبنا الخيم في تلك البقعة المنبسطة وسط دائرة من الجبال كأنها فوهة بركان. هناك تكثر الكهوف التي كانت تأوي اليها النمور في الماضي غير البعيد. جلسنا نتحادث مع أفراد البعثة الذين أتوا من بلدان مختلفة، ودفع كل منهم مساهمة مالية للمشاركة في اقتفاء آثار النمر وقضاء ''إجازة'' ذات رسالة علمية في ناحية مميزة من العالم. وكثيرون منهم شاركوا في بعثات مماثلة في بلدان أخرى.
بعد فطور سريع في الصباح انطلقنا الى مواقع في الجبال، حيث ساعدنا فرق البعثة على نصب كاميرات تصور بالأشعة تحت الحمراء، في ممرات ضيقة اعتادت النمور والضواري الأخرى أن تعبرها في الماضي. هذه المواقع يتفقدها هادي كل يوم، ويدرب شباناً من المنطقة على الاهتمام بالكاميرات وتعبئتها بالأفلام كي يتابعوا المهمة بعد مغادرة البعثة. فمشاركة السكان المحليين عنصر رئيسي في عمليات الاستكشاف وحماية ما تبقى من فلول النمر العربي وغيره من الحيوانات البرية.
آخر النمور
توجهنا بعد ذلك الى قرى صغيرة حيث قابلنا الأهالي الذين رووا لنا قصص أجدادهم عن النمور، وعن حياتهم البسيطة التي يتشبثون بها في تلك الأرض النائية، وعن أملهم بأن تتبع البعثات العلمية حركة سياحة مسؤولة وتنمية للمنطقة تدعم بقاء أهلها وعدم نزوح شبابها الى المدن.
عملية المسح في جبال مسندم شارفت على الانتهاء. وتقول تيسا ماغريغور ان وجود النمر العربي في المنطقة تأكد بعد العثور على آثاره الحديثة، لكن أعداده لا تتجاوز الخمسة في أبعد تقدير، مرجحة أن ليس بينها أي أنثى: ''قد تكون هذه آخر نمور مسندم، اذ لم تعد هناك فرائس طبيعية، فباتت تعتمد كلياً على افتراس الماعز''.
في العام المقبل تنتقل بعثة ''بيوسفير'' الى غرب صلالة لمتابعة مشروع مسح النمور في مرتفعاتها الأكثر اخضراراً والمعرضة لهبوب الرياح الموسمية، وحيث ما زالت بقايا غابات. ويعتقد أن النمور العربية موجودة بأعداد أكبر في موائلها الطبيعية هناك.
 
 
 
 

اضف تعليق
*الاسم الكامل  
*التعليق  
CAPTCHA IMAGE
*أدخل الرمز  
   
 
بندر الأخضر صديق البيئة
(المجموعة الكاملة)
البيئة والتنمية
 
اسأل خبيرا
بوغوص غوكاسيان
تحويل النفايات العضوية إلى سماد - كومبوست
كيف تكون صديقا للبيئة
مقاطع مصورة
 
احدث المنشورات
البيئة العربية 9: التنمية المستدامة - تقرير أفد 2016
 
ان جميع مقالات ونصوص "البيئة والتنمية" تخضع لرخصة الحقوق الفكرية الخاصة بـ "المنشورات التقنية". يتوجب نسب المقال الى "البيئة والتنمية" . يحظر استخدام النصوص لأية غايات تجارية . يُحظر القيام بأي تعديل أو تحوير أو تغيير في النص الأصلي. لمزيد من المعلومات عن حقوق النشر يرجى الاتصال بادارة المجلة
©. All rights reserved, Al-Bia Wal-Tanmia and Technical Publications. Proper reference should appear with any contents used or quoted. No parts of the contents may be reproduced in any form by any electronic or mechanical means without permission. Use for commercial purposes should be licensed.