Thursday 21 Nov 2024 |
AFED2022
 
AFEDAnnualReports
Environment and development AL-BIA WAL-TANMIA Leading Arabic Environment Magazine
المجلة البيئية العربية الاولى
 
مقالات
 
رجب سعد السيد إستراتيجيات الإسْبَات  
أيار / مايو 2017 / عدد 230
الامتناع عن تناول الطعام ظاهرة طبيعية عند بعض الحيوانات، تكون مرتبطة غالباً بحالة مشهورة هي (الإسبات) أو البيات الشتوي. ولا تحتاج الحيوانات التي تمضي فصل الشتاء ساكنة لطاقة، لذلك تقلل من سرعة الأيض، أو التمثيل الغذائي في أجسامها، فتستطيع البقاء بغير طعام زمناً طويلاً. ومن الحيوانات التي تعرف درجات متفاوتة من البيات الشتوي الجرذ والفأر الجبلي والضفدع والعظاءة والتمساح. أما القنفذ والخفاش والغُريْر، فإنها لا تمتنع في سباتها الشتوي عن الطعام، وحسب، بل تقلل أيضاً من معدل تنفسها وسرعة دورتها الدموية وكفاءة أيضها. ويترتب على ذلك شبه توقف لوظائف أجسامها الحيوية، فتنخفض درجة حرارتها، وتخفتُ ضربات القلب، ويفقد الحيوان نحو 40 في المئة من وزنه خلال هذه الفترة، وتستمر أعضاء الجسم المختلفة في القيام بمعظم وظائفها الحيوية في مستوى منخفض جداً.
 
وبصفة عامة، فإن هذا الهجوع أو الإسبات أو البيات المرتبط بأحوال الطقس يتطلب من الكائن الحي أن يُجري بعض التعديلات الفسيولوجية والبيوكيميائية المتصلة بدرجة الحرارة والضوء وندرة الغذاء، وأهمها زيادة عنصر المغنيسيوم في الدم والإقلال من نشاط الغدد الصماء، وبخاصة الغدد التناسلية. كما يستعد للسبات الطويل بزيادة ترسيب الدهون في العضلات وبعض الأعضاء، وضبط ما يمكن تشبيهه بمنظم الحرارة أو ثرموستات الجسم. ولا يبدأ البيات الشتوي إلا بعد نوم الحيوان نوماً طبيعياً، فلا يخرج منه إلا وقد انتهى موسم الشتاء.
 
والبيات الشتوي أسلوب للحفاظ على الطاقة. وتجدر الإشارة هنا إلى أن الحيوانات التي تمارس البيات الشتوي تتحسن صحتُها بشكل ملحوظ، وتكتسب مقاومة كبيرة ضد الأمراض المعدية وضد الإشعاع، الأمر الذي يجعل منه آليةً تدعم بقاء الحيوانات التي تمارسه.
 
وبديهي أن أي كائن حي يحتاج لمواد غذائية كوقود لعملياته الحيوية، فهي مصدر الطاقة، وهي التي توفر الضروري من المواد اللازمة لإصحاح ما يطاله أذىً أو عُطبٌ من أنسجةٍ وأعضاءٍ، وللشفاء من الأمراض، وللتوالد. وثمة احتياج لمواد أخرى لا غنى عنها، مثل الأملاح المعدنية والفيتامينات ووظيفتها تنظيم العمليات الحيوية في الجسم. إذاً، فمن المستحيل أن يبقى كائن حي على قيد الحياة بدون مغذيات.
 
وللعديد من الحيوانات التي تمتنع عن تناول الطعام زمناً طويلاً أساليبها المختلفة لاختزان الغذاء في أجسامها. فالعظاءة العملاقة المعروفة باسم "جيلا" التي تعيش في صحراء المكسيك خصصت ذيلها الضخم كمستودع للمواد الغذائية، فيمكنها أن تمتنع عن تناول الطعام لمدة تزيد عن شهرين. كذلك الحال بالنسبة للأغنام الإيرانية دهنية الذيل. أما في حالة الجمل، فإنه يختزن الماء والدهون في السنام، فيحتمل ندرة الطعام والماء في الرحلات الصحراوية الطويلة.
 
ولا يحسبنَّ أحدٌ أن البيات الشتوي يعني الركود في كل الحالات، فثمة حيوانات لا تكف عن الحركة والنشاط في فترات امتناعها عن تناول الغذاء، منها، ثور فقمة الفراء القطبية، الذي يستوطن ألاسكا، وسمكة السالمون. فالأول لا يكاد يهدأ، ويبذل جهداً خارقاً خلال فترة التوالد التي تمتد لنحو شهر يمتنع فيه عن الطعام تماماً. أما سمكة السالمون فإنها تصوم خلال هجرتها الموسمية من مياه البحر المالحة إلى مياه الأنهار العذبة، وتقطع خلالها مسافات تقدر بمئات الكيلومترات.
 
كما أن الصيام أو الامتناع عن تناول الطعام يمكن أن يحدث في فترات حرجة من حياة الحيوان، نتوقع منه خلالها أن يكون أشد حرصاً على تناول غذائه بانتظام. ولننظر إلى أبي ذنيبة أو الشرغوف، وهو يتحول إلى ضفدعة كاملة. إنه لا يتخلص من الذيل إلا بعد انتهاء عملية التحول تماماً، إذ يختزن فيه دهوناً وسكريات وبروتينات وأملاحاً معدنية وفيتامينات، يستهلكها في عملية التحول. والمعروف أن المواد الغذائية المختزنة بالجسم لا يستفيد منها الجسم في صورتها كنشا حيواني "جليكوجين" أو دهون أو بروتين، وغيرها، فلا بد أن تمر بعملية الهضم، لتصبح قادرة على إمداد الحيوان المتحول بالمواد الغذائية الأساسية حتى يتخذ هيئته الجديدة كضفدع مكتمل.
 
 
 
 
 
 

اضف تعليق
*الاسم الكامل  
*التعليق  
CAPTCHA IMAGE
*أدخل الرمز  
   
 
بندر الأخضر صديق البيئة
(المجموعة الكاملة)
البيئة والتنمية
 
اسأل خبيرا
بوغوص غوكاسيان
تحويل النفايات العضوية إلى سماد - كومبوست
كيف تكون صديقا للبيئة
مقاطع مصورة
 
احدث المنشورات
البيئة العربية 9: التنمية المستدامة - تقرير أفد 2016
 
ان جميع مقالات ونصوص "البيئة والتنمية" تخضع لرخصة الحقوق الفكرية الخاصة بـ "المنشورات التقنية". يتوجب نسب المقال الى "البيئة والتنمية" . يحظر استخدام النصوص لأية غايات تجارية . يُحظر القيام بأي تعديل أو تحوير أو تغيير في النص الأصلي. لمزيد من المعلومات عن حقوق النشر يرجى الاتصال بادارة المجلة
©. All rights reserved, Al-Bia Wal-Tanmia and Technical Publications. Proper reference should appear with any contents used or quoted. No parts of the contents may be reproduced in any form by any electronic or mechanical means without permission. Use for commercial purposes should be licensed.