درب المشاة تأخذك مسافة طويلة وسط الجبال على امتداد الصدع الجيولوجي العظيم الذي يفصل شمال غرب اسكوتلندا عن بقية البلاد. تلك المنطقة تضم بحيرة نيس الغامضة، موطن الوحش الاسطوري العملاق "نيسي" الذي أثير حول وجوده جدل حام ما زال دائراً.

الدرب التي افتتحت مؤخراً (Great Glen Way) تبدأ عند قلعة وليام، في ظل جبل بن نفيس وهو الأعلى في بريطانيا بارتفاع 1340 متراً. تحوطها الجبال، وتتبع خط بحيرات لوكي واويك ونيس لتصل الى انفرنيس على بعد 117 كيلومتراً. وأحياناً تحاذي القناة الكاليدونية التي تربط البحيرات وتؤمن ممراً للمراكب بين بحر الشمال والمحيط الأطلسي. ولا عجب أن يخفّ عناء المشي في مكان مهيب يزخر بالحياة الفطرية والجسور والقلاع والمعالم الأثرية.

هاميش بيل هو أحد الحراس الذين يحفظون وجهة السير ويوجهون المشاة. يعتقد أن الدرب اذا انجزت حسب الاصول يمكن أن يسلكها 25 ألف شخص في السنة. يقول: "الحياة الفطرية والتاريخ هما الجاذبان الكبيران. فهناك القناة وبواباتها الـ29 المخصصة لعبور المراكب. والزائر يمر في أماكن مثل بئر السبعة رؤوس، حيث غسل زعيم احدى العشائر رؤوس سبعة أشخاص من عائلة ماكدونيل قطعت في نزاع عشائري سنة 1663".

يرى المشاة الطيور البرية مثل العوسق ومالك الحزين والعقاب النسارية، والطيور البحرية مثل النورس والغاق التي تفرد أجنحتها لتجف في ميناء انفرموريستون. وفي الغابات والمستنقعات ترتع الغزلان والأرانب الوحشية والترمجان، وقد يشاهد دلق الصنوبر النادر (pine marten) وهو المفترس الوحيد القادر بسرعته على الامساك بالسنجاب الأحمر.

ويتجلى أروع المناظر على الطريق فوق بحيرة نيس في تيكات، بالقرب من قرية درومنادروكيت. هنا يشاهد الزوار الانقاض الرومانسية لقلعة اوركوهارت التي شهدت معارك كثيرة بين الانكليز والاسكوتلنديين في القرن الثالث عشر. ولا يتمالك المرء من الانبهار أمام بحيرة نيس، بسطحها الازرق الذي يداعبه النسيم وترصعه بعض الأشرعة. هذه البحيرة التي يبلغ عمقها 210 أمتار هي أعمق من بحر الشمال، ويتندر سكان المنطقة بأنها تحوي كمية من المياه تفوق ما تحويه بحيرات انكلترا وويلز مجتمعة.