المطلوب إدخال تحسينات سريعة وعالمية على كفاءة الطاقة في المباني والمصانع والسيارات، إلى جانب دعم مصادر الطاقة المتجددة، من أجل التغلب على اعتماد العالم المفرط على الوقود الأحفوري. هذا بعض ما خلص إليه وزراء بيئة أكثر من 150 بلداً في نهاية الدورة الخاصة لمجلس ادارة برنامج الأمم المتحدة للبيئة والمنتدى البيئي الوزاري العالمي اللذين عقدا في دبي من 7 الى 9 شباط (فبراير) 2006.
وقد كان هناك اتفاق عام على أن الاقتصاد في استهلاك الطاقة، واستخدامها بمزيد من الكفاءة في المنزل والعمل وعلى الطريق، يوفران "أكبر مجال فوري" للتصدي لأزمة الوقود التي تتحدى اقتصادات العالم المتقدم والنامي، كما يثمران فوائد مباشرة في مكافحة تغير المناخ وخفض الملوثات المضرة بالصحة. وطالب الوزراء باعتماد قوانين ومقاييس طاقوية للمباني والأجهزة الكهربائية والسيارات والآليات الزراعية في أنحاء العالم، وبأن تكون الحكومات قدوة من خلال تركيز قوتها الشرائية على شراء سلع ومعدات وخدمات مقتصدة بالطاقة.
التوصيات التي تم التوصل اليها سوف ترسل الى الدورة المقبلة لمؤتمر القمة العالمي للتنمية المستدامة التي ستعقد في نيويورك في أيار (مايو).
وقال كلاوس توبفر، المدير التنفيذي لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة: "الوزراء الذين اجتمعوا في الامارات العربية المتحدة دخلوا في عمق المشكلة الأكثر الحاحاً التي تواجه كوكب الأرض، الا وهي الطاقة. فارتفاع الطلب وتصاعد أسعار الوقود الأحفوري لهما تداعياتهما على النمو الاقتصادي ومكافحة الفقر والبيئة المحلية والعالمية. وهذا انعكس بشكل حازم في مباحثاتنا، وآمل مخلصاً أن يستثير عملاً دولياً حقيقياً".
واهتمت حكومات الدول المشاركة بالمستقبل الواعد لمصادر الطاقة المتجددة، مثل الرياح والطاقة الشمسية. كما ركزت المباحثات على سبل نقل تكنولوجيات الطاقة النظيفة والتدابير المالية المبتكرة التي تعكس التكاليف الكاملة لانتاج الطاقات المختلفة واستهلاكها واستخدامها.
السياحة: أكبر صناعة في العالم
شدد المؤتمرون على الدور الهام لأكبر صناعة في العالم، وهي السياحة، في مكافحة الفقر وتحقيق تنمية مستدامة والمساعدة في صون النظم الايكولوجية الحيوية، من الشعاب المرجانية الى الغابات. وأقرّوا بأن المشاريع السياحية والترفيهية غير المدروسة بعناية يمكن أن تلحق ضرراً كبيراً بالبيئة وبالهوية الاجتماعية والثقافية للناس الذين يعيشون في مواقع هذه المشاريع أو في جوارها.
وكانت دعوات الى إجراء أبحاث أفضل حول "قدرة التحمل"، أي عدد الزوار الذي يستطيع موقع معين تحمله من دون تعريض البيئة للخطر، وذلك من أجل تخطيط أفضل للمشاريع السياحية.
وشدد مندوبون آخرون على العلاقة بين التغيرات المناخية والسياحة، واقترحوا اقامة مزيد من شبكات النقل العمومية الكفوءة في المنتجعات كوسيلة لخفض انبعاثات غازات الدفيئة. كما دعوا الى تحسين الجهوزية ضد الكوارث في المقاصد السياحية الهشة، بالتنسيق مع السلطات المحلية.
المواد الكيميائية: اتفاق عالمي لادارتها
وافق مندوبو الدول المشاركة على مبادرة عالمية جديدة لجعل المواد الكيميائية أكثر أماناً للبشر والأرض، هي "النهج الاستراتيجي للادارة الدولية للمواد الكيميائية" الذي يشمل عمليات تقييم مخاطر المواد الكيميائية ووضع عناوين متجانسة لها ومعالجة المنتجات المخزونة المنتهية الصلاحية. وتتضمن المبادرة مخصصات دعم لمراكز وطنية تتولى مساعدة البلدان النامية، خصوصاً في العالم العربي، وتدريب الموظفين على السلامة الكيميائية، بما في ذلك معالجة الانسكابات والاصابات.
وقد وردت المبادرة في "إعلان دبي" الذي وقعه أكثر من 100 وزير للبيئة والصحة، وهي تضع العالم في المسار الصحيح للوفاء بالالتزامات الطوعية التي تم التعهد بها في مؤتمر القمة العالمي للتنمية المستدامة عام 2002. ووافقت الحكومات في هذا الاعلان على استخدام المواد الكيميائية وانتاجها بطرق تقلل من تأثيراتها المعاكسة على الصحة البيئية. وكانت الحكومات في وقت سابق قدمت الدعم لصندوق دعي "برنامج البداية السريعة"، يرمي الى تمويل خطط عمل وطنية، خصوصاً في البلدان الأقل نمواً والدول الجزرية الصغيرة.
وقد حصل برنامج الأمم المتحدة للبيئة على ما سعى اليه كلاوس توبفر، مديره التنفيذي، وهو إدارة الأمانة العامة للنهج الاستراتيجي للادارة الدولية للمواد الكيميائية في جنيف. لكن هذا النهج يبقى اتفاقاً طوعياً، وليس ملزماً، اذ تم التوصل اليه كصيغة تسوية بين الولايات المتحدة وبقية الدول. فالتمويل طوعي، والتدابير الاحترازية لضبط تصنيع المواد الكيميائية بقيت في العموميات. وقد علَّق وزير أوروبي على هذا الأمر قائلاً: "إنه اتفاق بلا أسنان، ولكنه خطوة على الطريق".
في ختام اجتماع مجلس إدارة "يونيب" والمنتدى الوزاري العالمي في دبي، اعتبر كلاوس توبفر أن "هذه الدورة انعقدت عند مفترق هام حيث تلتقي البيئة بعلم الاقتصاد، وحيث يستجاب أخيراً لإلحاحية توازن التنمية مع نظم دعم الحياة على الأرض، وحيث الاقتصادات المتقدمة والنامية والسريعة النمو تعرف أن التدهور البيئي هو عائق التنمية الاقتصادية، وحيث بات مفهوماً أن حماية البيئة ليست ترفاً بل ضرورة لمكافحة الفقر".