Thursday 21 Nov 2024 |
AFED2022
 
AFEDAnnualReports
Environment and development AL-BIA WAL-TANMIA Leading Arabic Environment Magazine
المجلة البيئية العربية الاولى
 
مقالات
 
"البيئة والتنمية" (واشنطن) حقن آبار النفط بغاز الكربون   
تشرين الثاني (نوفمبر) 2006 / عدد 104
 ثاني أوكسيد الكربون يحقن في آبار النفط لاضافة 89 مليار برميل الى الاحتياط النفطي الأميركي وحفز الانتاج في حقل نروجي. لكن ثمة مخاوف من كوارث قد تنجم عن تسرب الغاز من مكامنه نتيجة نشاطات بركانية أو زلزالية
 الانتاج النفطي الأميركي في انخفاض منذ سبعينات القرن العشرين. وتعمل الولايات المتحدة حالياً على زيادة احتياطها أربعة أضعاف باستعمال تكنولوجيا متطورة لحقن ثاني أوكسيد الكربون في حقول النفط المستنزفة.
فقد أعلنت وزارة الطاقة الأميركية في آذار (مارس) الماضي عن نجاح عمليات حقن كميات محدودة من ثاني أوكسيد الكربون في حقول النفط والغاز الطبيعي المستنزفة، لدفع محتوياتها التي يصعب الوصول اليها الى أعلى. وتنفذ هذه العمليات منذ سبعينات القرن العشرين، قبل أن يشكل تغير المناخ مصدر قلق. واعتبرت الوزارة أن هذه التكنولوجيا قادرة على إضافة 89 مليار برميل الى الاحتياطات النفطية الحالية المؤكدة في الولايات المتحدة والبالغة 21,9 مليار برميل، ما يعادل استهلاك البلاد في 12 سنة على أساس الطلب الراهن. وأشارت الوزارة الى أن هذا يتوقف على توافر ثاني أوكسيد الكربون التجاري، معتبرة أن تكنولوجيا الاستخراج المستقبلية المتطورة سوف "تغير اللعبة" في انتاج النفط وتضاعف كفاءة الاستخراج. وأضافت انه يمكن اضافة كميات تصل الى 430 مليار برميل من خلال ضخ الغاز في حقول لم تكتشف بعد.
يقول تقرير صدر عن الأمم المتحدة في أيلول (سبتمبر) 2005 ان دفن كميات ضخمة من ثاني أوكسيد الكربون يمكن أن يؤدي دوراً كبيراً في مكافحة الاحترار العالمي، وأن يوفر 15 ـ 55 في المئة من جميع التخفيضات في انبعاثات غازات الدفيئة المطلوبة حتى سنة 2100. ويقدر أن ترتفع كلفة توليد الكهرباء في محطة تعمل على الفحم الى 6 ـ 10 سنتات لكل كيلوواط ساعي باستخدام تكنولوجيا احتجاز وتخزين ثاني اوكسيد الكربون، في مقابل 4 ـ 5 سنتات من محطة طاقة لا توجد فيها مصافٍ.  لكنه سيكون خياراً مكلفاً. وتوقعت اللجنة الحكومية المشتركة لتغير المناخ، التي أعدت التقرير، أن ترتفع أسعار الكهرباء بين 25 و80 في المئة اذا تبنت شركات تشغيل محطات الطاقة هذه التكنولوجيا.
وتعتبر الولايات المتحدة المستهلك الأول للنفط والنافث الأول للغازات المسببة للاحتباس الحراري، وأهمها ثاني اوكسيد الكربون. وكان الرئيس الاميركي جورج بوش انسحب عام 2001 من بروتوكول كيوتو الذي يطلب من الدول المتقدمة خفض انبعاثاتها من غازات الدفيئة، مدعياً أنه يضر باقتصاد بلاده ومفضلاً استخدام التكنولوجيا والطرق الطوعية لخفض الانبعاثات.
احتجاز غازات الدفيئة تكنولوجيا ناشئة تدرس شركات انتاج الطاقة امكانات استخدامها تداركاً لفرض قيود إلزامية في المستقبل على الانبعاثات، التي يعتقد معظم العلماء أنها ترفع حرارة جو الأرض. لكن هذه التكنولوجيا لم تستعمل تجارياً بسبب ارتفاع كلفتها. وفي اجتماع عقد في أوستراليا أوائل هذه السنة وضم ستة من كبار الملوثين في العالم، تتقدمهم الولايات المتحدة، روَّج المجتمعون لتبني تكنولوجيات الطاقة النظيفة كوسيلة بديلة للتصدي لظاهرة الاحترار العالمي خارج بروتوكول كيوتو. وكان احتجاز ثاني أوكسيد الكربون وعزله تحت الأرض وضخه في آبار من التكنولوجيات التي تداولوها. لكن كثيراً من العلماء وأنصار البيئة يقولون ان كميات كبيرة من ثاني اوكسيد الكربون المحقون سوف تتسرب الى الجو من جديد، خصوصاً من حقول النفط والغاز التي حفرت فيها ثقوب كثيرة خلال العقود الماضية، وسيكون من المستحيل قياس مدى هذا التسرب.
احتجاز الكربون تحت بحر النروج
التقدم التكنولوجي الذي بات يتيح دفن ثاني أوكسيد الكربون تحت قاع البحر مهَّد الطريق للنروج، أكبر مصدّر للغاز في أوروبا، كي تبدد المناهضة المحلية لحرق الغاز من أجل انتاج الكهرباء. يقول هانس هنريك رام، وهو مستشار مستقل ومسؤول كبير سابق في وزارة النفط: "النروج بلد منتج للطاقة، لكن لدينا حركة خضراء قوية".
في آذار (مارس) الماضي كشفت مجموعة ستاتويل وشل في النروج عن خطط لاقامة أكبر مشروع في العالم لدفن ثاني أوكسيد الكربون في قاع البحر قبالة الساحل النروجي، بهدف حفز زيادة انتاج النفط في حقل تابع لشركة شل. ويشمل المشروع بناء محطة طاقة ضخمة على الساحل الغربي تعمل بالغاز وتبلغ قدرتها الانتاجية 860 ميغاواط، تؤدي وظيفتين: إنتاج ثاني أوكسيد الكربون اللازم، وإطفاء الظمأ الى الطاقة في وسط النروج. واذا تأمنت الاستثمارات في نهاية 2008 كما هو متوقع، فسيبدأ تشغيل المحطة سنة 2010 أو 2011.
المحطة المزمع انشاؤها في مجمع الميثانول التابع لشركة ستاتويل في تيلدبرغودين ستكون أول محطة طاقة تعمل بالغاز في النروج، التي تنتج 15 في المئة من الغاز المستهلك في اوروبا ونحو 30 في المئة من الغاز المستعمل في فرنسا، لكنها لا تحرق أي غاز لانتاج الكهرباء في الداخل النروجي. وسيتم ضخ ثاني أوكسيد الكربون من المحطة بواسطة أنابيب الى حقل دروجين النفطي التابع لشل قبالة الساحل النروجي، ومن ثم الى حقل هيدرون التابع لستاتويل، حيث يحقن في مكامن تحت قاع البحر لرفع النفط الى السطح. وسيتيح المشروع دفن 2 ـ 2,5 مليون طن من ثاني أوكسيد الكربون سنوياً. وقد امتدحه الصناعيون والنقابات وبعض الهيئات البيئية، لكن منظمة "غرينبيس" اعتبرت أنه لن يؤدي إلا الى مزيد من استهلاك النفط. ان استعمال الغاز الطبيعي في محطات الطاقة يلقى ترحيباً في كثير من البلدان على أنه بديل أنظف من الفحم والنفط. لكنه مثار جدل في النروج التي تولد كل كهربائها تقريباً في محطات كهرمائية غير ملوِّثة شكلت قاعدة التصنيع في البلاد منذ أكثر من قرن. والنروج ثالث أكبر مصدّر للنفط في العالم بعد المملكة العربية السعودية وروسيا، وقد استنفدت الأنهار الصالحة لاقامة السدود وباتت تحتاج الى رفع انتاجها من الكهرباء لتلبية الطلب المتزايد. ومحطة توليد الكهرباء المرتقبة العاملة على الغاز سوف تساعد في تجنب حدوث نقص طاقوي في المنطقة المستهدفة.
يبقى السؤال: من سيسدد نفقات هذا المشروع الضخم الذي سيكلف بين 1,2 و1,5 مليار دولار ويحتاج الى دعم كبير من الحكومة.
ثمة شركات نفط كثيرة أخرى تبحث عن وسائل لخفض الانبعاثات الكربونية. ففي كندا والجزائر وحقل سليبنر التابع لستاتويل قبالة الساحل النروجي مشاريع قيد التشغيل لاحتجاز وتخزين ما لا يقل عن مليون طن من ثاني أوكسيد الكربون سنوياً. وثمة مشروع لحقن هذا الغاز لرفع الانتاجية في حقل الروضتين في شمال الكويت، حيث أفادت النتائج المخبرية ودراسة المحاكاة للمكامن النفطية أن انتاج النفط باستخدام أسلوب الحقن هو الأفضل تقنياً.
مخاوف من التخزين
أثارت مئات من حالات الوفاة نتيجة تسرب غاز ثاني اوكسيد الكربون من باطن الأرض، جراء أنشطة بركانية وزلزالية، قلق خبراء يبحثون في سبل دفن الغازات المنبعثة من الأنشطة الصناعية. فالحكومات والشركات لم تبذل جهداً يذكر لشرح التكاليف الباهظة وخطر التسرب من مشاريع دفن مليارات الأطنان من الغاز. وقال برت ميتز، رئيس الفريق الذي أعد تقرير الأمم المتحدة حول احتجاز الكربون، إن مقاومة جماهيرية ضخمة قد تنشأ، مثلما حدث مع الطاقة النووية، فقد أخفقت الحكومات في إقناع الناخبين بأن التخزين مأمون.
ثاني أوكسيد الكربون غاز غير سام، ينبعث طبيعياً من تنفس الحيوانات والنباتات ليشكل نسبة ضئيلة في الهواء هي 0,04 في المئة. لكن النسبة ارتفعت 30 في المئة منذ الثورة الصناعية، ويرى معظم العلماء أن هذه الزيادة هي السبب الرئيسي لارتفاع درجة حرارة الأرض. وفي حالته المجردة، يمكن أن يكون هذا الغاز خانقاً، لأنه أثقل من الهواء ولذلك يأخذ مكان الأوكسيجين الضروري لحياة الانسان.
في أسوأ حادث خلال العقود الأخيرة، توفي 1700 شخص عام 1986 إثر انبعاث 1,2 مليون طن من ثاني اوكسيد الكربون من أعماق بحيرة نيوس في الكاميرون، وفق الوكالة الدولية للطاقة. وقد مات 37 شخصاً عام 1984 من انبعاث مماثل من بحيرة مونون في الكاميرون أيضاً بفعل نشاط زلزالي. وفي عام 1979، انبعث 200 ألف طن من الغاز نتيجة انفجار في بركان دينغ في إندونيسيا، ما أسفر عن اختناق 142 شخصاً في سهل على سفح البركان. وفي نيسان (ابريل) 2006، مات ثلاثة عمال في منتجع للتزلج على جبل ماموث في كاليفورنيا، مختنقين من انبعاث ثاني اوكسيد الكربون أثناء محاولتهم تسييج فتحة بركانية خطرة.
يقول فيليب لاكور غاييه، كبير علماء الأبحاث والتطوير في مجموعة "شلومبرجيه" لخدمات النفط والغاز: "تخزين الغاز لا يخلو من المخاطر، لكننا نعتقد أن هذه المخاطر يمكن السيطرة عليها". ويتوقع أن تقام مستودعات غازات الدفيئة في مناطق مستقرة جيولوجياً بعيدة عن مناطق الزلازل، مضيفاً أن هناك مستودعات تجارية لثاني اوكسيد الكربون تعمل الآن بأمان في النروج وكندا والجزائر، وأن مواقع التخزين ينبغي أن تراقب على الدوام.
ثمة جدل قوي حول قبول الجمهور بهذه التكنولوجيا. فثمة من يقول إن الناس يقبلون مجموعة من المخاطر كل يوم، من البنزين القابل للاشتعال في خزانات سياراتهم، الى الغاز الذي يضخ بالأنابيب الى منازلهم، الى الكهرباء التي تولدها الطاقة النووية. ويقول ديفيد ريمر، الاستاذ المحاضر في سياسة التكنولوجيا في جامعة كامبريدج البريطانية، ان جميع أنواع السوائل والغازات السامة تخزن تحت سطح الأرض، وثاني أوكسيد الكربون يشكل خطراً أقل كثيراً من أخطار كثيرة مقبولة. ففي مدينة برلين مثلاً مستودع تحت سطح الأرض للغاز الطبيعي القابل للانفجار قرب الملعب الذي جرت فيه المباراة النهائية لكأس العالم في كرة القدم هذه السنة. ويخزن غاز حمضي تحت سطح الأرض قرب مدينة ادمنتون في كندا.
قد تبدو مخاطر تخزين ثاني اوكسيد الكربون باهتة إذا قورنت بالتهديدات المأسوية لتغير المناخ. فارتفاع درجات الحرارة يمكن أن يستثير حدوث فيضانات وموجات حر وجفاف، وأن ينشر الأمراض ويرفع مستويات البحار. لكن التخزين يعني خطوط أنابيب ومستودعات تحت الأرياف من أقصى الأرض الى أقصاها، وتحويل غاز غير مضر عادة الى شكل مركز أكثر خطراً وبكلفة قد تبلغ عشرات مليارات الدولارات.
 
 
 
الصورة
رئيس وزراء بريطانيا طوني بلير ووزير التجارة والصناعة أليستير دارلينغ امام مزرعة رياح بحرية في مقاطعة كنت جنوب شرق بريطانيا. وفي اسكوتلندا، بدء العمل في أيلول (سبتمبر) الماضي على بناء أكبر مزرعة رياح على اليابسة في أوروبا، ستولد طاقة كهربائية تكفي 200,000 منزل. والمشروع جزء من تعهد الحكومة بخفض الانبعاثات الكربونية ورفع كمية الكهرباء المنتجة من مصادر متجددة الى 20 في المئة بحلول سنة 2020 مقابل 4 في المئة حالياً. وكانت الحكومة البريطانية أعلنت في تموز (يوليو) الماضي، في مراجعة لسياستها الطاقوية، أن الطاقة النووية يمكن أن تضيف كمية لا يستهان بها الى الاحتياجات الطاقوية للبلاد، اضافة الى المصادر المتجددة، لكن الجماعات البيئية دعت الى استثمار أموال أكثر في الطاقة المتجددة والعمل على خفض الاستهلاك.
كادر
بليونا دولار من البنك الدولي لتخزين ثاني اوكسيد الكربون
كشف لاسي رينغيوس من البنك الدولي، خلال "المؤتمر الدولي الأول لآلية التنمية النظيفة" الذي عقد في الرياض في أيلول (سبتمبر) الماضي، أن البنك الدولي يشرف على إدارة تسعة صناديق بقيمة بليوني دولار لمشاريع تجميع ثاني اوكسيد الكربون وتخزينه، منتشرة حول العالم ومقسمة بين القطاعين العام والخاص. وأشار إلى أن البنك يولي اهتماماً خاصاً لمشاريع آليات التنمية النظيفة، وقد بلغ نصيب دول شرق آسيا والباسفيك 73 في المئة من التمويل العام الماضي، و2 في المئة للشرق الأوسط، و5 في المئة لقارة افريقيا، إضافة الى 8 في المئة لدول أوروبا ووسط آسيا، و9 في المئة لدول أميركا والكاريبي.
وقال خبير الطاقة عدنان شهاب الدين: "إن الحديث عن سوق لثاني أوكسيد الكربون في المنطقة العربية سابق لأوانه ويندرج حالياً ضمن الإطار النظري. إذ يجب أولاً البدء بالتطبيق الفعلي لآليات التنمية النظيفة، باعتبارها نقطة الارتكاز الرئيسية لمشاريع تتطابق مع ما نص عليه بروتوكول كيوتو". ولفت إلى أن الدول العربية مقبلة على تحد كبير هو مواصلة تنمية مصادر الطاقة، ليس للاستهلاك المحلي فقط بل أيضاً للتصدير على اعتباره من مصادر التنمية الوطنية، إضافة الى تحقيق آليات التنمية النظيفة.
وفيما أكد وزير البترول والثروة المعدنية السعودي علي النعيمي أن الوقود الاحفوري، ومنه النفط، سيظل يساهم في توفير النصيب الأكبر من تشكيلة مصادر الطاقة في العقود المقبلة، لفت الى ما تتمتع به دول الخليج من طاقة كامنة كبيرة لاحتضان مشاريع التنمية النظيفة، وبينها تجميع غاز ثاني اوكسيد الكربون الناجم عن النشاطات الصناعية وتخزينه في باطن الأرض، مشيراً الى أن من شأن هذه التكنولوجيا أن تحقق أكبر نسب خفض للانبعاثات.
 
 
 
 

اضف تعليق
*الاسم الكامل  
*التعليق  
CAPTCHA IMAGE
*أدخل الرمز  
   
 
بندر الأخضر صديق البيئة
(المجموعة الكاملة)
البيئة والتنمية
 
اسأل خبيرا
بوغوص غوكاسيان
تحويل النفايات العضوية إلى سماد - كومبوست
كيف تكون صديقا للبيئة
مقاطع مصورة
 
احدث المنشورات
البيئة العربية 9: التنمية المستدامة - تقرير أفد 2016
 
ان جميع مقالات ونصوص "البيئة والتنمية" تخضع لرخصة الحقوق الفكرية الخاصة بـ "المنشورات التقنية". يتوجب نسب المقال الى "البيئة والتنمية" . يحظر استخدام النصوص لأية غايات تجارية . يُحظر القيام بأي تعديل أو تحوير أو تغيير في النص الأصلي. لمزيد من المعلومات عن حقوق النشر يرجى الاتصال بادارة المجلة
©. All rights reserved, Al-Bia Wal-Tanmia and Technical Publications. Proper reference should appear with any contents used or quoted. No parts of the contents may be reproduced in any form by any electronic or mechanical means without permission. Use for commercial purposes should be licensed.