الصين ثاني أكبر منتج لغازات الدفيئة بعد الولايات المتحدة. وسيبقى الوقود الاحفوري، وخصوصاً الفحم، المحرك الرئيسي لاقتصادها المتعاظم الذي يعتبر حالياً السابع في العالم. لكن مزارع الرياح قطاع ناشئ ومتنامٍ في الصين ضمن سياسة استغلال الطاقات المتجددة لرفد الاقتصاد وتخفيف التلوث والانبعاثات
إقليم غوانغدونغ في أقصى جنوب الصين له تاريخ طويل كقاعدة صناعية تعتمد على العمالة المهاجرة، وكان من الأقاليم الأوائل التي تقبلت نظاماً رأسمالياً. يعرفه الغربيون غالباً باسمه القديم "كانتون"، وهو انفتح للاستثمار الأجنبي في ثمانينات القرن العشرين، ويضم مئات المصانع التي تنتج ثلث صادرات الصين.
بات هذا الاقليم شبيهاً ببعض البلدان الغربية في أواسط القرن العشرين: تصاعد في الجريمة وتزايد في التلوث. الضباب الدخاني يزداد كثافة، وتموت من أمراض القلب والرئتين أعداد من الناس أكبر مما في أنحاء كثيرة أخرى من العالم.
لكن، كمكان للعمل مفعم بالنشاط، يفاخر غوانغدونغ بريادة أخرى: فقد أصبح أول اقليم يفرض أسعاراً محددة لطاقة الرياح، وبات يحتضن عدداً من مزارع الرياح التي بدأت تنشأ في الصين.
تتماشى بيئة غوانغدونغ مع الظروف التي بموجبها اختيرت هيئة "شراكة الطاقة المتجددة وكفاءة الطاقة" (REEEP) لوضع خطة من أجل انطلاق طاقة الرياح الصينية. فهناك كثير من الصناعات المتنافسة التي سيواصل معظمها استهلاك الطاقة القائمة على الوقود الأحفوري، واقتصاد قد ينمو أسرع كثيراً من قطاع الطاقة النظيفة، مما سيطيح ببعض فوائده. يقول وانغ زونغيينغ، وهو مسؤول تنفيذي يساعد الهيئة في ادارة الخطة: "ان حكومة الصين تطور استخدام الرياح لتوليد الطاقة، وتريد أيضاً تطوير التصنيع المحلي، وهذا ما دفعنا الى تطوير خريطة طريق للرياح".
لا يتوهم أحد أن تغير المناخ أو حتى أمن الطاقة يتصدران الأجندة الصينية. الهدف خلق صناعة متنامية وايجابية تجلب مزيداً من الثروة للصينيين، وفتح الصناعة للاستثمارات والخبرات الأجنبية، وفي الوقت ذاته تخفيف حدة الضباب الدخاني.
ان امكانات هذه الصناعة هائلة، والوضع يتحسن لصالح طاقة الرياح. ولم تكتف الحكومة الصينية باصدار قانون للطاقة في شباط (فبراير) 2006، وانما رفعت مؤخراً أرقامها المستهدفة للطاقة المتجددة. فبدلاً من 10 في المئة، تقول الحكومة ان الطاقة المتجددة ستشكل 15 في المئة من الاستهلاك القومي بحلول سنة 2020.
وستعمل "شراكة الطاقة المتجددة وكفاءة الطاقة" و"المركز الصيني لتطوير الطاقة المتجددة" (CRED) على تحديد سبل التوصل الى تلك الـ15 في المئة، من قاعدة حالية مقدارها 764 ميغاواط. ويقول المركز ان امكانات الصين لتطوير موارد على اليابسة تقدر بـ250 جيغاواط (الجيغاواط = 1000 ميغاواط) وامكاناتها لتطوير موارد في المناطق البحرية تقدر بـ750 جيغاواط. وسيكون الهدفان الرئيسيان على خريطة الطريق طاقة رياح اجمالية مقدارها 5 جيغاواط بحلول سنة 2010، و30 جيغاواط بحلول سنة 2020.
السعر تحدده السوق
يشير زونغيينغ الى أن "كل المشروع الحالي ستقرره السوق، لا فرق اذا كان المطوِّر مواطناً أو أجنبياً. وسوف يتحدد السعر وفق تعرفة تتقرر تماشياً مع نصوص قانون الطاقة المتجددة. لكن اذا أبدى أكثر من مقاول اهتماماً في تطوير موقع الرياح ذاته، فان الحكومة ستجري مناقصة لاختيار المقاول الأصلح".
ولوضع خريطة الطريق أو الاطار التخطيطي الذي يراقب الأهداف والحاجات والأفعال والانجازات، تم تشكيل لجنة توجيهية تضم استشاريين ونافذين في وكالات حكومية، وستكون صارمة في هيكلة أربعة مواضيع رئيسية: التصور والاطار اللازمان لتطوير طاقة الرياح، الحاجات الانمائية والاستراتيجيات الرئيسية لقطاعات التكنولوجيا والصناعة والتسويق، اطار منطقي لعمل الجهات المعنية الرئيسية لبلوغ الأهداف البعيدة المدى، ومجموعة من المعايير والأهداف الوسيطة المناسبة.
تشمل الجهات المعنية محطات الطاقة، ومصنعي التوربينات، والوكالات الحكومية، والمستثمرين، ومصنعي المكونات، ومطوري المشروع. وستكون "شراكة الطاقة المتجددة وكفاءة الطاقة" نقطة مركزية للتنسيق بين الجهات المعنية وضمان أن اللجنة تتصرف وتفكر وفق المطالب التي تقتضيها الخطة الخمسية الصناعية وقانون الطاقة المتجددة والوكالات الحكومية.
انه دور مهم للشراكة. والتغييرات الأخيرة التي أدخلتها الحكومة الصينية مؤشر ايجابي يفترض التزاماً بالفوائد البيئية للطاقة المتجددة. ومع ذلك، ليس هناك شك في أن الصناعات الأكثر تلويثاً، مثل الفحم والنفط والغاز، ستواصل أداء الدور الأكبر في البلاد، خصوصاً عندما يبقى فارق السعر بين الوقود الأحفوري والطاقة المتجددة كبيراً كما هو في الصين.
لي يونفنغ أمين عام اتحاد صناعات الطاقة المتجددة في الصين ومدير أمانة REEEP الاقليمية لشرق آسيا في بيجينغ.