شهد العام 2012 توظيف نحو 5.7 ملايين شخص في قطاع الطاقة المتجددة حول العالم، ويمكن إضافة 11 مليون وظيفة أخرى حتى سنة 2030. ويتركز أكبر عدد من الوظائف في الوقود الحيوي (1.38 مليون وظيفة) تليه النظم الفوتوفولطية الشمسية (1.36 مليون وظيفة). وتوظف صناعات كل من التدفئة والتبريد بالطاقة الشمسية، وتوليد طاقة الرياح، وإنتاج الحرارة والكهرباء من الكتلة الحيوية، مئات الألوف من الأشخاص. أما صناعات الغاز الحيوي والطاقة الحرارية الجوفية ومحطات الطاقة الكهرمائية الصغيرة والطاقة الشمسية المركزة فتوفر عدداً أقل كثيراً من الوظائف.
وردت هذه الأرقام في تقرير «الطاقة المتجددة والوظائف» الصادر عن الوكالة الدولية للطاقة المتجددة (آيرينا) في كانون الثاني (يناير)، خلال القمة العالمية لطاقة المستقبل 2014 وفي إطار أسبوع أبوظبي للاستدامة.
وجد التقرير أن التوظيف في هذا القطاع يلقى اهتماماً متزايداً حول العالم. ويتوجه صانعو السياسة نحو الطاقة المتجددة ليس فقط لتحقيق مزيد من أمن الطاقة أو لاعتبارات بيئية، ولكن أيضاً لما يمكن أن تحققه من فوائد اجتماعية واقتصادية، بما في ذلك إضافة ملايين الوظائف.
تتركز غالبية هذه الوظائف حالياً في الصين والاتحاد الأوروبي والبرازيل والولايات المتحدة والهند، وهي الدول الرئيسية المصنِّعة لمعدات الطاقة المتجددة والمنتجة لمحاصيل الطاقة الحيوية والمركبّة لأنظمة إنتاج الطاقة. لكن بلداناً أخرى كثيرة تعزز باستثماراتها وسياساتها تطوير مصادر الطاقة المتجددة، ما يزيد فرص التوظيف التي تنشأ غالباً من أنشطة التشغيل والصيانة.
تؤثر مجموعة واسعة من السياسات في خلق هذه الوظائف. وهي تشمل سياسات نشر الطاقة المتجددة، والتجارة والاستثمار، والأبحاث والتطوير، فضلاً عن التنمية الإقليمية وتكوين التكتلات. وتكون هذه السياسات أكثر فعالية عندما تمارس مقرونة بعضها ببعض، وفي سياق سياسات اقتصادية وصناعية وعمالية ومالية أوسع. وعلى رغم أن سياسات الدعم الحكومية يجب أن تتماشى مع الأوضاع المتغيرة في الأسواق، فان الاستقرار والقدرة على توقع الأوضاع المستقبلية أمران أساسيان لضمان استمرار النمو في التوظيف. كما يتطلب الانتشار الناجح لتكنولوجيات الطاقة المتجددة تنسقياً وثيقاً مع السياسات التعليمية والتدريبية، لتلبية الارتفاع المتوقع في الطلب على الموارد البشرية المؤهلة في القطاع.
وبالإضافة إلى البرامج الوطنية والمحلية الخاصة بإيصال الطاقة إلى الناس، هناك مبادرات عالمية متعددة، مثل مبادرة «الطاقة المستدامة للجميع» التي أطلقتها الأمم المتحدة، وهي تحرك العمل باتجاه تحقيق هدف الوصول العالمي الكلي الى الطاقة بحلول سنة 2030.
ويرى تقرير «آيرينا» أن تكنولوجيات الطاقة المتجددة خارج الشبكة العامة لا توفر فقط خدمات الطاقة الأساسية، بل تخلق أيضاً قيمة كبيرة محلياً من حيث التوظيف وفرص النمو الاقتصادي وتمكين النساء.
وتتوقع «آيرينا»، وفق خريطة طريق الطاقة المتجددة (REmap 2030) التي وضعتها، أن يزداد عدد العاملين في تكنولوجيا الطاقة المتجددة الخاصة بالكهرباء والمباني والمواصلات بحلول سنة 2030 إلى نحو 16.7 مليون فرد حول العالم.
وفود 167 دولة في اجتماع «آيرينا»
عقدت «آيرينا» في أبوظبي الاجتماع الرابع لجمعيتها العامة، بحضور وفود من 124 دولة عضو في الوكالة و43 دولة هي في طور الانضمام اليها، إضافة الى ممثلين عن 120 منظمة دولية.
تركزت النقاشات حول الدور الهام للطاقة المتجددة في الانتقال نحو طاقة مستدامة، والمشاريع الرائدة التي ستقوم بها الوكالة وبرامجها في السنتين 2014 و2015. وعقدت اجتماعات وزارية نوقشت خلالها مسائل حيوية، مثل زيادة الاستثمار في مشاريع الطاقة المتجددة في المنطقة والتمويل وتقييم الموارد والتخطيط للمشاريع.
وكشفت «آيرينا» النقاب عن أهم الحقائق التي تضمنها تقريرها REmap 2030 وهو خريطة طريق لمضاعفة حصة الطاقة المتجددة في مزيج الطاقة العالمي بحلول سنة 2030. وأطلقت نسخة موسعة من أطلس العالم لموارد الطاقة المتجددة، وهو منصة للتقييم مفتوحة على شبكة الإنترنت تساعد صناع السياسات والمستثمرين على فهم مصادر الطاقة المتجددة بشكل أوضح. كما تم إطلاق تحالف خاص يوفر للشركات والمنظمات العاملة في مجال الطاقة المتجددة فرصة التشارك بأحدث المعلومات حول كلفة المشاريع.
وأعلنت «آيرينا» وصندوق أبوظبي للتنمية عن تقديم تمويل بقيمة 41 مليون دولار لعدد من المشاريع المبتكرة، التي تساعد في عملية التحول الى الطاقة المستدامة والقابلة للاستنساخ، كجزء من اتفاقية التعاون بين الوكالة والصندوق لتمويل مثل تلك المشاريع في الدول النامية.
واتفق وزراء الطاقة ومندوبو 19 دولة، الى جانب عدد من شركاء التنمية، على خطة عمل «ممر الطـاقة النظيفـة في أفريقيا»، وهو مبادرة تهدف الى تطوير البنية التحتية وتوسيع عملية إنتاج الطاقة المتجددة في شرق وجنوب أفريقيا، بما في ذلك الطاقة المائية وطاقة حرارة جوف الأرض والطاقة الحيوية وطاقة الرياح والطاقة الشمسية. ومن المتوقع أن يزداد الطلب على الطاقة الكهربائية ثلاثة أضعاف في دول أفريقيا الجنوبية وأربعة أضعاف في دول شرق أفريقيا خلال السنوات الخمس والعشرين المقبلة.
وتهدف المشاريع الجديدة الى ايصال الطاقة المستدامة التي يمكن الاعتماد عليها الى مناطق ريفية في دول تم اختيارها لتمثل التنوع الجغرافي للدول الأعضـاء في الوكالـة، وبينها مناطق نائية تفتقر الى شبكات الكهرباء التقليدية. وستوفر الطاقة لأكثر من 300 ألف شخص وشركة، وستنتج مجتمعة طاقة إجمالية تصل الى 35 ميغاواط، كما سيتم إنتاج 4 ملايين ليتر من الديزل الحيوي كل عام. وتبلغ قيمة المشاريع الممولة مجتمعة نحو 80 مليون دولار.
مسودة الاستراتيجية العربية للطاقة المتجددة 2030
قدمت «آيرينا» خلال قمة أبوظبي مسوَّدة «الاستراتيجية العربية للطاقة المتجددة 2030»، التي تتضمن حصة هذه الطاقة في المزيج الطاقوي للدول العربية خلال فترتين زمنيتين: من 2010 إلى 2020، ومن 2020 إلى 2030.
ويعتمد احتساب الأهداف المستقبلية خلال هاتين الفترتين على الأهداف الوطنية الرسمية التي أعلنتها الدول العربية خلال التحضير للاستراتيجية عام 2011، وفق السيناريوهات الثلاثة الآتية:
السيناريو المنخفض: مبني على الأهداف المعلنة، ويتوقع أن تبلغ مساهمة قدرات توليد الكهرباء من الموارد المتجددة نحو 2.3 في المئة من المزيج الطاقوي خلال الفترة 2010 ـ 2030.
السيناريو المتوسط: يفترض تنامي اهتمام الدول العربية بمصادر الطاقة المتجددة، لرغبتها إما في تنويع موارد الطاقة أو في خفض الاعتماد على الوقود الأحفوري. وهكذا فان معدل نمو الطاقة المتجددة خلال الفترة 2010 ـ 2020 سوف يتكرر خلال السنين العشر التالية، فتصل مساهمتها الى نحو 4.7 في المئة بحلول سنة 2030.
السيناريو المرتفع: يفترض أن معدل النمو خلال الفترة 2020 ـ 2030 سيكون ضعفي المعدل الذي تحقق خلال الفترة 2010 ـ 2020. وهذا سيؤدي إلى زيادة حصة قدرات توليد الطاقات المتجددة بنسبة 9.4 في المئة.
وتسعى «الاستراتيجية العربية للطاقة المتجددة 2030» لتحقيق الأهداف الآتية: الاستفادة من وفرة موارد الطاقة المتجددة، تعزيز أمن الطاقة في المستقبل من خلال تنويع مصادرها، تلبية متطلبات التنمية الوطنية والإقليمية، الحفاظ على النفط والغاز الطبيعي كاحتياط استراتيجي لأطول مدة ممكنة، المساهمة في حل القضايا البيئية المرتبطة بالتنقيب عن النفط والغاز ونقلهما واستعمالهما.
وكانت القمة العربية الثالثة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية، في كانون الثاني (يناير) 2013، تبنت «الاستراتيجية العربية لتطوير استخدامات الطاقة المتجددة 2010 ـ 2030». وهي تشمل أهدافاً تصاعدية لزيادة حصة الطاقة المتجددة لتبلغ نحو 75 جيغاواط من القدرات المركبة لتوليد الكهرباء في البلدان العربية بحلول سنة 2030، علماً أن متوسط النمو في الطلب على الكهرباء يبلغ 6 في المئة سنوياً. وقد أعدت إدارة الطاقة في جامعة الدول العربية مؤخراً هيكلية الطاقة المتجددة (AREF) كي تسترشد بها الدول الأعضاء لتطوير خطط عملها المتوسطة والبعيدة المدى.
ووفقاً لجامعة الدول العربية والبنك الدولي، من المتوقع أن يزداد الطلب على الكهرباء في الدول العربية بحلول 2020 بنسبة 84 في المئة مقارنة بالعام 2010، ما يتطلب قدرة توليد إضافية مقدارها 135 جيغاواط. وهذا يعني أن الاستثمار المطلوب في البنى التحتية للكهرباء سيبلغ نحو 450 بليون دولار بحلول سنة 2020.
وإدراكاً لأهمية التنسيق الإقليمي، تعاونت «آيرينا» مع جامعة الدول العربية والمركز الإقليمي للطاقة المتجددة وكفاءة الطاقة (RCREEE) بوضع خريطة طريق لتنفيذ الاستراتيجية العربية للطاقة المتجددة 2030.
كادر
مؤتمر «آيرينا» حول الوظائف في قطاع الطاقة المتجددة
عقدت الوكالة الدولية للطاقة المتجددة (آيرينا) في أبوظبي مؤتمراً حول التوظيف وفرص العمل في قطاع الطاقة المتجددة حول العالم، وذلك في إطار أسبوع أبوظبي للاستدامة والقمة العالمية لطاقة المستقبل 2014.
حضر المؤتمر عدد كبير من الخبراء الدوليين والأكاديميين والمهتمين بقضايا التوظيف في قطاع الطاقة المتجددة، وناقشوا مسائل هامة تخص هذا القطاع، بما في ذلك الحقائق التي وردت في تقرير «الطاقة المتجددة والوظائف» الذي أطلقته «آيرينا».
وعقدت خمس جلسات عمل نوقشت خلالها الآليات والقوى التي تحرك قطاع التوظيف في العالم اليوم، والسياسات التي يمكن أن تدعم توفير فرص عمل جديدة، إضافة إلى سياسات التدريب والتعليم والتطوير الواجب اتباعها، وعمليات التنمية الوطنية بما في ذلك تمكين المرأة.
وقال عدنان أمين مدير عام «آيرينا»: «في عـالم يتعافى اليوم من الأزمة الاقتصادية ويتحمل أعباء معدلات البطالـة المرتفعة، على صناع القرار أن يأخـذوا بعين الاعتبار حجم الوظائف التي يمكـن أن توفرهـا مشـاريع الطاقة المتجـددة حول العالم». وأضاف: «من المهم جـداً تسخير كل الإمكـانات البشرية لمواجهة التحديات التي يفرضهـا بناء اقتصاد يعتمد على الطاقـة الخضراء، وهو الدعامة الأساسيـة المقبلـة لتحقيق النمـو المستدام».
كادر
2030 REmap: خريطة طريق عالمية مضاعفة حصة الطاقة المتجددة
يمكن أن تصل حصة الطاقة المتجددة عالمياً إلى 30 في المئة أو أكثر بحلول سنة 2030، والتكنولوجيات متوافرة حالياً لتحقيق هذا الهدف. وإذا تمت مضاعفة تحسينات كفاءة الطاقة وتم إيصال خدمات الطاقة إلى الجميع من مصادر متجددة، فيمكن أن ترتفع حصة الطاقة المتجددة الى 36 في المئة. أما الذهاب أبعد من ذلك فيتطلب إجراءات من منظور مختلف، مثل التخلي المبكر عن مرافق الطاقة التقليدية وابتكار تكنولوجيات ثورية وإحداث تغيير مجتمعي يقوده المستهلكون. هذه حصيلة تقرير REmap 2030 الذي أعدته الوكالة الدولية للطاقة المتجددة (آيرينا) من خلال مشاورات ومشاركات واسعة النطاق. وهو خريطة طريق عالمية لمضاعفة حصة المصادر المتجددة في مزيج الطاقة. هنا أبرز ما جاء في التقرير:
● يقوى الدافع الاقتصادي للتحول إلى الطاقات المتجددة عند اعتبار الفوائد الاجتماعية ـ الاقتصادية، وتوفير الوظائف وتحسين الصحة بتقليل التلوث الناجم عن حرق الوقود. كذلك عند اعتبار أثر تغير المناخ، إذ يمكن تجنب انبعاث 8.6 جيغاطن من ثاني أوكسيد الكربون سنة 2030 بمضاعفة حصة الطاقة المتجددة.
● يجب أن يحدث نمو الطاقات المتجددة في كل القطاعات الأربعة المستهلكة للطاقة، وهي: المباني والنقل والصناعة والكهرباء. وسوف يستمر الاستهلاك العالمي للكهرباء في النمو بوتيرة أسرع من إجمالي الاستهلاك النهائي للطاقة، إلى نحو 25 في المئة سنة 2030.
● زيادة استهلاك الكهرباء المتجددة، والاستبدال المباشر لاستخدام الوقود الأحفوري في القطاعات الثلاثة للاستهلاك النهائي وهي المباني والنقل والصناعة، عاملان أساسيان للوصول إلى مضاعفة حصة الطاقات المتجددة. وإذا اعتُمدت خيارات REmap فيمكن أن تصل حصة الطاقات المتجددة الحديثة سنة 2030 الى 44 في المئة في الكهرباء و38 في المئة في المباني و26 في المئة في الصناعة و17 في المئة في النقل. وسيكون نحو 40 في المئة من قدرة الطاقات المتجددة سنة 2030 في توليد الكهرباء، و60 في المئة في القطاعات الثلاثة الأخرى ذات الاستخدام النهائي. وسيتجاوز استهلاك مجموع الطاقات المتجددة استهلاك كل من أنواع الوقود الأحفوري الثلاثة من ناحية الطاقة الأولية.
● تؤدي الأسواق وصانعو السياسة أدواراً حاسمة. فالأسواق توفر حلولاً معقولة الكلفة، لكن ضمان مستقبل مستدام يتطلب توجيهاً سياسياً. وعلى السياسات أن تعزز الاستثمارات وتحفز التحول ونمو الأسواق، مع التركيز ليس فقط على مكاسب قصيرة الأجل وإنما أيضاً على الأثر البعيد المدى.
● التعاون الدولي يتيح حدوث طفرة في تبني الطاقات المتجددة واستخدامها.