Thursday 21 Nov 2024 |
AFED2022
 
AFEDAnnualReports
Environment and development AL-BIA WAL-TANMIA Leading Arabic Environment Magazine
المجلة البيئية العربية الاولى
 
مقالات
 
رانية حلبي متى ينتج لبنان كهرباء الشمس والرياح؟  
تشرين الأول (أكتوبر) 2002 / عدد 55
 تشير الأرقام الى أن حرارة الأرض ارتفعت بين عامي 1990 و2000 بين 0,3 و0,6 درجة مئوية، مما يؤدي الى نتائج مناخية وبيئية خطيرة. ويعزو مزيد من العلماء ذلك الى انبعاثات غازات الدفيئة، وفي مقدمها ثاني اوكسيد الكربون الذي بلغت كمية انبعاثاته في لبنان عام 1999 حوالى 4,3 ملايين طن، أي بمعدل 900 كيلوغرام للفرد.
صحيح أن هذا الرقم يبدو ضئيلاً اذا ما قورن بانبعاثات دول صناعية، كالولايات المتحدة التي تطلق سنوياً ما لا يقل عن 5,6 بلايين طن من ثاني اوكسيد الكربون. الا أن المنفوثات اللبنانية تشكل ملوثاً خطيراً للهواء المحلي، علماً أن 42 في المئة منها ناجم عن قطاع الكهرباء. ويذهب الدكتور رياض شديد استاذ الطاقة المتجددة في الجامعة الاميركية في بيروت الى أن "قطاع الطاقة مسؤول عن نحو 90 في المئة من غازات الدفيئة التي تبث الى الجو وتشكل غالبية الملوثات الموجودة عندنا، وذلك نتيجة لحرق المشتقات البترولية لتوليد الطاقة".
خلال العقد الماضي، صرف على قطاع الكهرباء في لبنان، من محطات وشبكات واعادة تأهيل، أكثر من بليوني دولار. وقد وعد المواطنون مرات كثيرة بتأمين التغذية الدائمة من دون انقطاع وإلغاء التقنين بشكل نهائي. وبصرف النظر عن الضربات الاسرائيلية المتعددة لمحطات الكهرباء، واصلاح الأعطال بمساعدات من دول صديقة وعربية، فان وعود المسؤولين لم تتحقق، بل سارت الامور من سيئ الى أسوأ، من تبادل اتهامات وفضائح وصولاً الى وضع القضاء يده على هذا الملف الحيوي.
يقول المهندس انطوان رباط مفوض الحكومة السابق لدى كهرباء لبنان: "اشترينا عام 2000 محروقات بـ392 مليون دولار، يضاف اليها مئة مليون دولار من كهرباء سورية، أي اشترينا بنحو 500 مليون دولار، يتم فوترة نصفها ويدفع 85 في المئة منها. وهذا يعني أننا ندفع 500 مليون دولار ونسترد 40 في المئة، وذلك نتيجة الهدر والسرقات والتعليق غير المشروع على الشبكات. وفي العام 2001 بلغت الخسارة 51,4 في المئة بين فنية وغير فنية".
ان لبنان بحاجة الى ألفي ميغاواط لسد احتياجاته من الكهرباء، التي استهلكت عام 2000 نحو 1,9 مليون طن من المحروقات يشتريها لبنان من الخارج، ما يكبده فاتورة نفطية لا يستهان بها.
لقد نصت اتفاقية تغير المناخ، التي انضم اليها لبنان، على أن تحقيق التنمية الاجتماعية والاقتصادية المستدامة في الدول النامية يتوقف على استهلاك الطاقة مع مراعاة امكان تحسين كفاءة استخدامها والتحقق من انبعاثات غازات الدفيئة. كما يشمل استخدام الطاقات المتجددة. وقد وقع لبنان عام 2001 اتفاقية تتعلق بتنفيذ مشروع لترشيد استهلاك الطاقة، من أهدافه الرئيسية تخفيض انبعاثات غازات الدفيئة.
شمس وماء ورياح
ان تعبير "الطاقات المتجددة" لا يعني ابتكار او اكتشاف طاقات جديدة غير معروفة. انها طاقات طبيعية موجودة يمكن استثمارها بأساليب وتقنيات جديدة ومتطورة وبأسعار اقتصادية، بالاضافة الى أنها توفر بيئة نظيفة وتساهم في الحد من ارتفاع حرارة الأرض الى حدود كارثية.
لقد استخدمت الطاقة الشمسية منذ آلاف السنين لسد حاجات اجتماعية واقتصادية، من تسخين المياه الى تجفيف المحاصيل الزراعية، وذلك بطرق بدائية بسيطة. أما العصر الحالي، فقد شهد منذ ثمانينات القرن العشرين بداية ثورة في استثمار الطاقة الشمسية على نطاق واسع في كثير من التطبيقات، كاضاءة الشوارع وتحصين المؤسسات بالأسلاك المكهربة وآلات التبريد الصغيرة واعلانات الطرق.
لقد انتقلت شركات تصنيع الأجهزة الشمسية من بيع أجهزة قدرتها 3000 كيلوواط سنة 1980 الى 60 ألف كيلوواط سنة 1992 فالى 75 ألف كيلوواط سنة 1998. والطاقة الشمسية المركبة اليوم في العالم هي بحدود 270 ميغاواط، منها في اليابان وحدها 100 ميغاواط. أما حصة العالم العربي فهي بين 5 و6 ميغاواط، ثلاثة أرباعها في المغرب.
والطاقة المائية معروفة منذ حقب غابرة. فالطواحين استخدمت المياه المتدفقة لتشغيل أحجار الرحى لطحن الحبوب. ولم يقتصر دور الطاقة المائية على العمليات المحلية، بل بدأت المحطات المائية تنتج من الطاقة الكهربائية منذ بداية القرن العشرين، وبأسعار اقتصادية. ويعتبر توليد الكهرباء من المحطات المائية سليماً من الناحية البيئية، وذلك ضمن نطاق محدود لا يؤذي الطبيعة.
الطاقة الهوائية كانت معروفة قديماً أيضاً. فالرياح كانت توجه السفن وتدير رحى طواحين الهواء. وتأمين المياه من قاع الآبار كان يتم في بعض البلدان، ومنها لبنان، بواسطة مراوح تثبت على أعمدة عالية توجهها الرياح. وفي منطقة أنفة الساحلية، لا تزال مياه البحر تضخّ الى الملاحات منذ مئات السنين بواسطة مراوح مثبتة تحركها الرياح، فيجري تبخيرها بتعريضها للشمس لانتاج الملح.
ان تقدم العلوم والتكنولوجيا أتاح لطاقة الرياح أن تقطع شوطاً كبيراً في عملية انتاج الطاقة الكهربائية. وقد جاء في دراسة للدكتور رياض شديد أن "الكلفة الانشائية للكيلوواط الواحد هي اليوم بين 1000 ـ 1500 دولار، وسعر انتاج الكهرباء يتراوح بين 6 و9 سنتات لكل كيلوواط ساعي متأثراً بسرعة الرياح. وتعد الدنمارك واليونان وهولندا وبريطانيا والصين من الدول الأكثر نشاطاً في استخدام وصناعة أجهزة الطاقة الهوائية. وقد قررت الدنمارك مع بداية سنة 2000 توليد 10 في المئة من حاجاتها الكهربائية بواسطة الطاقة الهوائية. أما الصين فما زالت تعمل منذ 1996 على رفع قدرة الأجهزة الهوائية لتمكنها من انتاج 1000 ميغاواط".
وفي كانون الأول (ديسمبر) 2001 أعلنت بريطانيا عزمها على اقامة أكبر محطة في العالم في شمال اسكوتلندا، لتوليد الكهرباء باستخدام طاقة الرياح بكلفة 600 مليون جنيه استرليني (نحو بليون دولار). وفد بدأ العمل على المحطة التي ستبلغ طاقتها 600 ميغاواط. وستقام على البر والبحر في جزيرة لويس وقبالتها، وستضم نحو 300 توربينة. ويتوقع ان تنتج كهرباء مماثلة لما تنتجه المحطات المتوسطة الحجم التي تعمل بالوقود التقليدي. ويزيد هذا المشروع فور بدء تشغيله من حجم الطاقة النظيفة في بريطانيا. وقد دعا تقرير حكومي الى انتاج 20 فـي المئة على الأقل من الكهرباء من مصادر الطاقة المتجددة بحلول سنة 2020.
وفي ايرلندا، أعطت الحكومة خلال شهر كانون الثاني (يناير) الماضي الضوء الأخضر لاطلاق مشروع انشاء محطة في البحر جنوب العاصمة دبلن لانتاج الطاقة من الرياح، وهي تعتبر أكبر محطة من نوعها في العالم. ويفترض ان ينتج هذا المشروع عند انتهائه 10 في المئة من الطاقة الكهربائية في البلاد. وسيضم بعد انجازه 200 توربينة هوائية، ارتفاع كل منها 80 متراً، بقدرة 520 ميغاواط. وترغب ايرلندا في الحد من تبعيتها للطاقة المستوردة التي تمثل نحو 86 في المئة من الطاقة المستخدمة في البلاد.
وفي ألمانيا، يستأثر قطاع طاقة الرياح بأكثر من ثلث الانتاج العالمي. وهو يتنامى بسرعة فائقة، فقد ازداد انتاجه في منتصف 2001 بنسبة 13,5 في المئة عما كان آخر عام 2000. وهذا الازدياد حققته 673 طاحونة هواء جديدة بدأت العمل خلال النصف الأول من سنة 2001 وبلغت قدرتها 821 ميغاواط. وبحلول سنة 2010 سوف ترتفع الانتاجية لتبلغ نحو 15 ألف ميغاواط، أي 6 في المئة مما تنتجه ألمانيا من كهرباء في مقابل 2,5 في المئة عام 2000. وسوف يؤدي تشغيل طواحين الهواء بهذه الطاقة الى خفض مجمل منفوثات ثاني اوكسيد الكربون في ألمانيا بمقدار 18 مليون طن سنوياً. كما ان استخدام طاقة الرياح سيكون له أثر ايجابي على سوق العمل. فعدد الأشخاص الذين يعملون في ألمانيا في انتاج وتركيب وتجهيز وصيانة منشآت طاقة الرياح تجاوز 33 ألفاً في بداية العام 2000.
أما في الدول العربية، فيبرز الاهتمام باستخدام طاقة الرياح لتوليد الكهرباء في المغرب الذي ينشئ مزرعتي رياح في شمال البلاد وجنوبها. وقد خصص المكتب الوطني للكهرباء 200 مليون دولار لمشروع تركيب توربينات هوائية قدرتها 200 ميغاواط في طنجة وطرفاية. وهاتان المحطتان هما جزء من مجموعة مزارع رياح ستخفف اعتماد المغرب على محطات التوليد الحرارية. وستبلغ قدرة محطة طنجة القريبة من جبل طارق 140 ميغاواط، فيما تبلغ قدرة محطة طرفاية على حدود الصحراء الغربية 60 ميغاواط. وفي مصر عدة مزارع رياح في مناطق مختلفة، وخصوصاً في الغردقة. وهناك جهود مماثلة تبذل في الأردن.
متى دور لبنان
كان مشروع التخرج للسنة الماضية لثلاثة طلاب في كلية الهندسة في الجامعة اللبنانية، هم جاد حلبي وكلود قديسة ومروان نصر، انشاء توربينة هوائية لتوليد الكهرباء من طاقة الرياح. فالطبيعة الجبلية وقرب سلسلتي الجبال الشرقية والغربية من البحر يجعلان لبنان مستفيداً من طاقة الرياح بشكل جيد. وتفيد دراسات أولية أن متوسط سرعة الرياح في مختلف المناطق اللبنانية هي 6 أمتار في الثانية على مدار 9 أشهر بين آذار (مارس) وتشرين الثاني (نوفمبر)، أي في فصول ثلاثة باستثناء فصل الشتاء. وفي مناطق معينة تتوافر الرياح على مدار السنة، ومنها عمشيت حتى أنفه شمالاً، والبقاع الشمالي في الهرمل والقاع، ومنطقة المريجات ـ بوارج وحمانا، وشمال عكار، وأماكن اخرى متعددة في الجنوب والشمال والجبل.
ان ما قام به المهندسون الثلاثة الشباب محاولة متواضعة أرست قاعدة لتجربة يجب أن تعم وتأخذ ما تستحق من اهتمام. فبامكانيات شبه معدومة، وبتمويل خاص، قدموا هذا المشروع على أمل تطويره وتمويله في المستقبل.
تتألف مروحة التوربينة من ثلاث شفرات، طول الواحدة متران ونصف متر، ضمن قاعدة تثبيت هرمية الشكل ضيقة في الأعلى مع اتساع تدريجي الى الأسفل وبطول يبلغ حوالى ثمانية أمتار. أما الذيل الملتصق بالمروحة على 90 درجة أفقياً فمهمته التوجيه مع اتجاه الرياح. وسرعة هذه المروحة 220 دورة في الدقيقة حين تكون سرعة الرياح 8,5 أمتار في الثانية أي 30,6 كيلومتراً في الساعة. وهناك جهاز تحكم بسرعة المروحة في حال تجاوز سرعة الرياح 54 كيلومتراً في الساعة لتمكين الشفرات ومقاومة الضغط، بالاضافة الى وجود مكبح يدوي للاستعمال عندما تتعدى سرعة الرياح 73 كيلومتراً في الساعة.
قدر المهندسون الثلاثة الطاقة التي يمكن أن تولدها هذه التوربينة بنحو 3000 واط، ما يساوي 13 أمبير على كهرباء 220 فولط، أي بقوة تتيح تجهيز فيلا بكامل مستلزماتها من انارة وتبريد وتشغيل لجميع الأدوات المنزلية. وذلك بسرعة 30,6 كيلومتراً في الساعة، ويمكن ان تزداد هذه الطاقة في حال اشتداد سرعة الرياح.
ليس لاستخدام طاقة الرياح في توليد الكهرباء انعكاسات سلبية سوى الصوت الذي يحدثه دوران المروحة. كما أنها لا تحتاج الى وقود، بل الى صيانة دورية تقتصر غالباً على التنظيف والتشحيم. وبالامكان وضع التوربينات في أماكن نائية عن المناطق السكنية، حيث تستطيع توربينة واحدة بقوة معينة تأمين التغذية الكهربائية لقرية كاملة من دون إزعاج ضوضائي.
ان توليد الطاقة من الرياح، التي هي ثروة مجانية، وتخزينها وربط التوربينات بالشبكة العامة، يمكن أن تعطي طاقة كهربائية نظيفة تساهم في الحفاظ على ما تبقى من جزر بيئية سليمة، لا بد أن يشملها التلوث في ظل انعدام التخطيط وخدمة مصالح ضيقة لا تأخذ في الحسبان جمال الطبيعة وسلامة الانسان.
كادر
شمس ضائعة
في بداية 2002 أعلنت الجمعية اللبنانية للطاقة الشمسية اعادة احياء نشاطها. ووعدت باصدار خريطة شمسية للبنان بالتعاون مع المجلس الوطني للبحوث العلمية والجامعة الاميركية. وقال نقيب المهندسين آنذاك سمير ضومط "ان لبنان يملك طاقة ضخمة غير مستغلة بشكل جيد، يمكن أن يحل بها الكثير من المشكلات المتعلقة بقطاع الكهرباء".
 
 
 
 

اضف تعليق
*الاسم الكامل  
*التعليق  
CAPTCHA IMAGE
*أدخل الرمز  
   
 
بندر الأخضر صديق البيئة
(المجموعة الكاملة)
البيئة والتنمية
 
اسأل خبيرا
بوغوص غوكاسيان
تحويل النفايات العضوية إلى سماد - كومبوست
كيف تكون صديقا للبيئة
مقاطع مصورة
 
احدث المنشورات
البيئة العربية 9: التنمية المستدامة - تقرير أفد 2016
 
ان جميع مقالات ونصوص "البيئة والتنمية" تخضع لرخصة الحقوق الفكرية الخاصة بـ "المنشورات التقنية". يتوجب نسب المقال الى "البيئة والتنمية" . يحظر استخدام النصوص لأية غايات تجارية . يُحظر القيام بأي تعديل أو تحوير أو تغيير في النص الأصلي. لمزيد من المعلومات عن حقوق النشر يرجى الاتصال بادارة المجلة
©. All rights reserved, Al-Bia Wal-Tanmia and Technical Publications. Proper reference should appear with any contents used or quoted. No parts of the contents may be reproduced in any form by any electronic or mechanical means without permission. Use for commercial purposes should be licensed.