بيت اختباري لأربعة أشخاص افتراضيين يولّد كمية الطاقة التي يستهلكها ولا يحرم سكانه من وسائل الراحة
ديبرا زابارنكو (مريلاند)
على هضبة خارج العاصمة الأميركية واشنطن، يجثم "مختبر صفر طاقة" شبيهاً بالمنازل المترفة المجاورة، مع اختلافين جوهريين: إنه يولد طاقة بقدر ما يستهلك، و"تعيش" فيه أجهزة تحسس، لا بشر.
هذا المختبر التابع للحكومة الأميركية، والمصمم ليتامشى مع حي سكني عادي، يشغل مساحة 372 متراً مربعاً في حرم المعهد الوطني للمعايير والتكنولوجيا. وهو كفوء طاقوياً بحيث يتوقع أن ينتج من الطاقة على مدار السنة بقدر ما يحتاج، إذ يجب أن يكون استهلاكه الصافي من الشبكة العامة صفراً.
لقياس استهلاك الطاقة في المختبر، ابتكر خبراء المعهد عائلة افتراضية من أربعة اشخاص: أب وأم يعملان، وولدين في الرابعة عشرة والثامنة من عمرهما. ووضعوا سيناريو لوجباتهم وتنقلاتهم واغتسالهم وكل ما يفعلون. وتتم مراقبة الاستهلاك الطاقوي لهذه العائلة النموذجية.
تحاكي أجهزة التحسس والبرامج الكومبيوترية أناساً افتراضيين يدخلون غرفة الجلوس وينتقلون من غرفة إلى أخرى ويغتسلون ويطبخون ويشغلون الكومبيوتر والتلفزيون ومحمصة الخبز وغيرها. ويتم التحكم بالأجهزة المنزلية وتمديدات المياه من "مركز قيادة" في مرأب منفصل، حيث تحاكي أجهزة صغيرة الحرارة والرطوبة التي ينتجها سكان فعليون في منزل من طبقتين وأربع غرف نوم.
قال هنتر فاني، رئيس مختبر البيئة المبنية في المعهد، عند الاطلاق الرسمي للمشروع في أيلول (سبتمبر) الماضي: "هذه العائلة متعاونة جداً، وهي تفعل تماماً ما نريدها أن تفعل خلال كل دقيقة من اليوم".
لقياس استهلاك المياه، زُود الحمام بميزان. وعند دخول الحمام والدوس على الميزان، تظهر قراءة الوزن في الخارج. ويكتشف النظام بناء على الوزن ما اذا كان أحد أفراد العائلة يستحم وكمية المياه الساخنة التي يستهلكها. وتفترض المحاكاة مثلاً أن الولد الذي عمره 14 عاماً يمضي الوقت الأطول في الاستحمام.
اختبار تكنولوجيا "ارتشاف" الطاقة
على سطح مبنى المختبر لاقطات شمسية تولد الكهرباء وتسخن المياه. ولا توجد "مزاريب" على السطح، حفاظاً على جمال المبنى، ولأنه محاط بطبقة من الحصى ترشح من خلالها مياه الأمطار.
وبُني المرأب عبر ممر للنسيم قرب المنزل، بحيث لا تضيف الحرارة الناتجة من أجهزة المراقبة إلى حمل الطاقة في المختبر. وهناك مأخذ تيار لشحن سيارة كهربائية، ومنحدر لكرسي المقعدين، من دون سلالم، يوصل إلى مدخل المبنى.
هذا ليس المنزل الوحيد في الولايات المتحدة الذي يولد الطاقة التي يستهلكها. لكنه الأول الذي تم ابتكاره ليكون مثل منزل عادي في الضواحي يحفل بوسائل الراحة. أما المنازل الأخرى التي تنتهج مبدأ "صفر طاقة"، فتسعى إلى تحقيق هذا الهدف من خلال تقليص حجمها وتقليل وسائل الراحة التي تحويها.
وهناك منزل مماثل للمختبر في كونكورد بولاية مساتشوستس بُني بكلفة 600 ألف دولار، ما عدا ثمن الأرض. أما منزل المعهد الوطني للمعايير والتكنولوجيا فبلغت كلفته 2.5 مليون دولار، لأنه سوف يفعل أكثر من مراقبة استهلاك الطاقة، ولأن أجهزة المراقبة باهظة الثمن، وبعد سنة يشكل "فرشة اختبار" لتكنولوجيا جديدة. وقد تم تمويله بموجب القانون الأميركي للاستصلاح وإعادة الاستثمار لسنة 2009، الذي جعل البناء الصديق للبيئة أولوية وطنية.