اذا كنت ماراً بسيارتك بين القرى والبساتين المحيطة بمدينة صيدا في جنوب لبنان أو طرابلس في شماله، أوائل فصل الربيع، فسوف يستوقفك أريج زهر الليمون المنعش. من هذه القـرى مغدوشة، القريبة من صيدا والرابضــة على هضبـة تحيط بهــا بسـاتين ليمــون الـ ''أبوصفير''، أو البرتقال المر. وهي تشتهر بحصاد أزهاره التي تصنع منها منتجات تقليدية، خصوصاً ماء الزهر ومربى الزهر.
مع نهاية شباط (فبراير) ومطلع آذار (مارس) تتفتح أزهار الأبوصفير، فتقطف باليد وتنقّى وتباع في السوق. ويحتاج صنع نصف ليتر من ماء الزهر ''البلدي'' الى نحو كيلوغرام من الأزهار الطازجة، التي تمزج بالماء ويتم تقطيرها بواسطة الانبيق (الكركة). ويستعمل ماء الزهر في كثير من أطباق الحلوى العربية، كما يستعمل لتحضير ''القهوة البيضاء'' باضافة قطرات منه الى الماء الساخن مع شيء من السكر بحسب المذاق. انه شراب صحي ممتاز ينقّي الصوت ويريح الأعصاب ويساعد على الهضم.
ويصنع من ورق الزهر نوع مميز من المربى يستخدم في تزيين الحلويات العربية.
أما ثمرة الأبوصفير، أي البرتقالة المرة، فلا تؤكل نيئة كفاكهة، وانما تستعمل لصنع مربى قشر الليمون ومربى المارملاد والشراب.
ويُستخرج صنفان من الزيوت الأساسية بالتقطير من نوعين مختلفين من أشجار الأبوصفير، ويستعملان في المعالجة العطرية وصنع العطور (ماء الكولونيا). زيت ''نيرولي'' (Neroli) يستخرج من أزهار الأبوصفير من نوع Citrus aurantium Bigaradia المقطوفة حديثاً، وهو مرخٍ للأعصاب ومضاد للاكتئاب، لكنه باهظ الثمن، اذ ان صنع ليتر منه يحتاج الى طن من الأزهار. أما زيت ''بتيغران'' (Petitgrain) فيستخرج من أوراق وغصينات شجر الأبوصفير من نوع Citrus aurantium amara وهو علاج مضاد للارهاق والتعب.
|