أشجار الأرض ترمى في سلال المهملات. فلا قيمة للورق، الذي يزداد استهلاكه حول العالم بشكل استنزافي، مما يتسبب في انحسار الغابات التي تقطع أشجارها لصنع عجينة الورق، وفي تلوث الهواء والماء والتربة نتيجة الصناعة الورقية.
المكاتب مستهلك رئيسي للورق. ويبلغ معدل ما يستهلكه الموظف المكتبي في الغرب حوالى 12.000 ورقة في السنة. وهذا يصح أيضاً على موظفي شركات كثيرة في بلداننا العربية.
هنا أفكار للاقتصاد في استهلاك ورق المكاتب.
استهلاك الورق في المكاتب عملية مكلفة غالباً ما يتم إغفالها، علماً أن كثيراً من المؤسسات الكبرى تنفق عليه مئات ألوف الدولارات سنوياً. وكلفة الورقة البيضاء ضئيلة بالمقارنة مع كلفة الورقة المطبوعة، التي تتضمن الحبر واستخدام الطابعة أو الناسخة وصيانة الآلتين، فترتفع الكلفة بين 5 و10 أضعاف. تضاف الى ذلك أجور البريد، وثمن خزائن حفظ الملفات وبدل ايجار المساحة المخصصة لها، ورسوم التخلص من النفايات، وغير ذلك.
ولا بد من التوقف عند نقطة مهمة جداً: فعالية الأداء والانتاجية. ان إرسال مستند بالبريد الالكتروني، خصوصاً الى مجموعة من المتلقّين، يستغرق وقتاً أقل بكثير من ادخال الورق في الطابعة، وتكبيسه وتحضيره للارسال، وكتابة أو طباعة العناوين على المغلفات، وفرز المغلفات وتوزيعها، وحفظ الورق في إضبارات، والتخلص من الورق المستعمل. وعند ارسال المستندات الكترونياً تصل الى المتلقين فوراً.
واذا خفضت مؤسسة ما استخدام الورق، فهي تحقق أيضاً فوائد بيئية جمة. وتمثل المنتجات الورقية في معظم بلدان الغرب، وفي مدن عربية كثيرة، نحو 35 في المئة من كمية النفايات البلدية الصلبة. وخفض استخدام الورق في المصدر يبقيه بعيداً من المطامر والمحارق. وهذا يخفض أيضاً استهلاك الوقود والماء، وينقذ الأشجار التي تمتص ثاني أوكسيد الكربون وتنتج الاوكسيجين وتوفر الموائل للحياة البرية.
لقد اتخذت مؤسسات كثيرة حول العالم خطوات لخفض استخدام الورق. في الولايات المتحدة، مثلاً، اعلنت صحيفة "بوسطن غلوب" مؤخراً خططاً لتقصير عرض صفحاتها، وهذا ما فعلته صحف أخرى. ومنذ سنوات، خفضت "بل أتلانتيك" حجم أدلتها الهاتفية بادخال مزيد من المعلومات في كل صفحة والتقليل من المساحات الفارغة. وخفضت "هارفارد هيلث كير" حجم أدلتها الخاصة بالأطباء بمقدار الثلث، فوفرت 40 مليون صفحة وأكثر من 200 ألف دولار في السنة. وخفض "بنك أوف أميركا" استهلاكه الورقي 25 في المئة خلال سنتين، بتنفيذ حملة متعددة الجوانب للاقتصاد بالورق في مكاتبه وعملياته.
هنا بعض الطرق التي يمكنك اعتمادها لخفض استخدام الورق في مؤسستك:
- دقق في مطبوعاتك الكبيرة الحجم، مثل المنشورات والمراسلات البريدية الرئيسية الموجهة الى الزبائن، وفكر في امكانات خفض استهلاك الورق في هذا المجال. استخدم في مراسلاتك حروفاً طباعية أصغر وتحتل مساحة أقل، وهوامش أضيق، وصوراً أصغر. واعلم أن الطباعة على جهتي الورقة يمكن أن تخفض المصروف الى النصف. وفكر في استعمال ورق أخف وزناً.
- اختصر باستمرار قوائم توزيعاتك. المؤسسات التي تراجع قوائم زبائنها ومورّديها وموظفيها، وتنقحها وتحدّثها دورياً لالغاء من لم يعد لازماً، تحقق وفراً كبيراً في استهلاك الورق وأجور البريد ووقت الموظفين.
- أجرِ مراسلاتك وعملياتك مع الزبائن والموردين الكترونياً. ففي عصر الانترنت وتكنولوجيا الكومبيوتر، بات ممكناً الاستغناء عن الورق وإرسال المستندات على قرص مدمج (CD) أو بواسطة البريد الالكتروني الذي يضمن سرعة الوصول، والرد، مجاناً. أدخل الاستمارات في موقع المؤسسة على الانترنت بحيث يمكن تعبئتها وإرسالها الكترونياً.
- استخدم شبكة الكومبيوتر الداخلية في شركتك الى أقصى الحدود. وادخل في خدمتها المشتركة ما أمكن من قواعد البيانات ومحاضر الاجتماعات والنشرات الاعلامية والترويجية وغيرها من المستندات العامة، بحيث يتسنى للموظفين الاطلاع عليها الكترونياً. ودرِّبهم على استخدام الشبكة الداخلية والأنظمة المشتركة لتخزين المستندات وللاتصال، بحيث يمكن للمؤسسة استخراج المستندات بسهولة مع توفير الوقت وخفض النفقات. وليتعلموا استعمال كلمة سر لحماية المستندات السرية.
- استعمل برامج كومبيوترية مكثّفة لتخزين كميات كبيرة من المعلومات الكترونياً بدلاً من طباعتها على الورق.
- اشترِ ماكينات طباعة ونَسْخ مجهزة للطبع والتصوير على جهتي الورقة.
- ابحث مع الموظفين في أهمية التقليل من استهلاك الورق. شجعهم على حفظ الملفات الكترونياً، واستعمال جهتي الورقة، وطبع رسائل البريد الالكتروني عند الضرورة فقط، وتصحيح النصوص المطبوعة على الشاشة لا على الورق، واستخدام الورق المستعمل كلما أمكن ذلك. اشرح لهم الأسباب والفوائد، اقتصادياً واجتماعياً وبيئياً.
- احتسب الفوائد التي جناها برنامجك. ولتحديد المبلغ الذي توفره مؤسستك، اعتمد تقديراً متحفظاً هو "سنت" واحد ثمناً لكل صفحة. وأضف النفقات المرتبطة باستخدام الورق والتي سبقت الاشارة اليها. وقدر قيمة الوقت الذي توفره مؤسستك اذا استبدلت الورق بالتخزين والاتصال الالكترونيين. واحتسب عدد الاشجار التي يتم انقاذها باستخدام الرقم 27.500 صفحة لكل شجرة. ثم وزع الانجاز الذي حققه برنامجك. ان موظفيك وشركاءك وزبائنك والمتعاملين معك وأولادك سوف يقدرون هذا الجهد.