فرح العطيات (عمّان)
رفض البيئيون ما أطلقته الحكومة الأردنية من مبررات لقرارها المفاجئ إلغاء وزارة البيئة ودمجها بوزارة الشؤون البلدية بحجة ترشيد الإنفاق. واعتبر بعضهم أن القرار جاء لإضعاف دور الهيئات والمنظمات البيئية، وصولاً حتى إلى منح الموافقات على تنفيذ مشاريع استثمارية كبرى من دون إجراء دراسات لتقييم أثرها البيئي. وحذروا من أن المضي بالقرار سيرفع وتيرة التدهور البيئي في البلاد.
وكان رئيس الوزراء الدكتور عبدالله النسور أعلن عن قرار إلغاء وزارة البيئة في تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي، ضمن خطة الحكومة الرامية إلى إعادة هيكلة القطاع العام لضبط النفقات وتقليص عجز الموازنة العامة للدولة. وكان الأردن في العام 2003 الدولة الثانية في العالم العربي، بعد مصر، التي أنشأت وزارة مستقلة للبيئة نتيجة تزايد حجم الضغوط البيئية، وتلتهما معظم الدول العربية.
اعتبر وزير البيئة الأسبق خالد الإيراني أن الابقاء على استقلالية وزارة البيئة أمر في غاية الأهمية. فهو يمنح البلد اهتماماً خارجياً من الهيئات الدولية المعنية بالشأن البيئي، كما يستجلب مساعدات مالية إضافية لتحسين الأوضاع البيئية. ونفى أن يكون قرار الدمج عائداً إلى ترشيد النفقات وتخفيض عجز الموازنة، خصوصاً أن وجود الوزارة يتماشى والتطور الاقتصادي الذي تشهده المملكة. ولفت إلى أن هذا التطور يتطلب وضع ضوابط ذات علاقة بالأثر البيئي المترتب على تنفيذ الاستثمارات، والذي يعني بالضرورة وجود وزارة مختصة ووزير مختص قادرين على تنفيذها من دون أي ضغوط.
وقال الناشط البيئي باتر وردم إن "قرار الإلغاء ربما جاء من أجل تمرير الموافقات على تنفيذ العديد من المشاريع الاستثمارية من دون أن تقف دراسات تقييم الأثر البيئي عائقاً أمامها. واعتبر أن إلغاء الوزارة يعني القضاء على نظام الرقابة والعقوبات والقوانين المتعلقة بالبيئة، ما يؤدي إلى ارتفاع وتيرة المخالفات الصارخة. وحذر من تقليص المساعدات خارجية من الدول والمنظمات المانحة في ما يتعلق بالمجال البيئي، مذكراً بأن الوزارة تنفذ حالياً مشاريع دولية بقيمة تصل إلى 150 مليون دولار، بينما لا يتجاوز مجمل المخصصات المالية المقدمة لها من الخزينة العامة 3.4 مليون دولار، مما يعني أن الوزارة هي مصدر دخل أكثر من كونها مستنزفة للموارد المالية للدولة.
ولا ينكر المتابعون تدني أداء الوزارة في الحفاظ على البيئة وتنفيذ المشاريع، خصوصاً نتيجة التغير السريع للحكومات، إلا أنهم يعتبرون أن ذلك ليس مبرراً لإعدامها. وقد عقد "الاتحاد النوعي للجمعيات البيئية" الشهر الماضي مؤتمراً صحافياً أكد فيه ضرورة إيقاف قرار إلغاء الوزارة. وأوضح المدير التنفيذي لجمعية البيئة الأردنية أحمد الكوفحي أن الاتحاد وجه رسالة إلى رئيس الحكومة عبدالله النسور يوضح فيها أهمية الإبقاء على وزارة البيئة. ويضم الاتحاد الجمعية الملكية لحماية الطبيعة، وجمعية البيئة الأردنية، والحديقة النباتية الملكية، وجمعية حفظ الطاقة واستدامة البيئة، والجمعية الملكية لحماية البيئة البحرية، والجمعية الأردنية للطاقة المتجددة، والجمعية الأردنية لمكافحة التصحر، وجمعية الزراعة العضوية، والمنظمة العربية لحماية الطبيعة، والمجلس الأردني للأبنية الخضراء.
وأشار الكوفحي إلى أن الضرر سيقع أيضاً على الجمعيات البيئية، لعدم قدرتها على توقيع أي اتفاقات لمشاريع بيئية مستقبلية نظراً لارتباط الموافقة على ذلك بأن تكون الوزارة مشرفة عليها.
|