Sunday 22 Dec 2024 |
AFED2022
 
AFEDAnnualReports
Environment and development AL-BIA WAL-TANMIA Leading Arabic Environment Magazine
المجلة البيئية العربية الاولى
 
مقالات
 
بول جيفري عودة الى التراث لانتاج محاصيل أفضل  
أيلول (سبتمبر) 2008 / عدد 126
 ظنّ زينون بورفيديو غوميل أبازا أنه بات يعرف كل شيء عن الزراعة. ففي العام 1994 حزم كتبه وأمتعته وعاد من كلية العلوم الزراعية الى قريته في جبال الأنديز البيروفية حيث كان أسلافه يحرثون الحقول منذ أجيال. ولكن في منطقة ألتيبلانو (السهل العالي) التي ترتفع 4000 متر عن سطح البحر، أدرك ان الأساليب الزراعية الحديثة التي درسها غالباً ما أنتجت ميراثاً من المحاصيل الفاشلة والأتربة المستنزفة وشقاء العيش. يقول: "كان ذلك نقطة تحول في حياتي، فعلومي الجامعية لم تناسب حقيقة ألتيبلانو. لذلك قررت أن أنسى جل ما تعلمته كي أدع الخبرة اليومية للحياة في جبال الأنديز تعلمني كيف أتصرف".
أصغى زينون الى جيرانه من شعب كيتشوا، وجال وإياهم في حقولهم، فعرف أن الكثير مما يريد معرفته لتحسين انتاج المحاصيل كان موجوداً في تراثهم القديم. وترسخ هذا الاعتقاد لديه عندما أعطى دروساً لأعضاء الجمعية الأهلية "شويما آرو"، وأدرك أن الزراعة يمكن أن تكون مبنية على معرفة محلية. وفي 1995، أطلق في قريته بوكارا جمعية "سافيا أندينا بوكارا" لترويج زراعة تشكيلة واسعة من البطاطا والنباتات المتوطنة الأخرى.
خلال عقد من الزمن، أثبت زينون وجيرانه أن تنويع البذور والدرنيات، اضافة الى أساليب تقليدية لاعداد التربة، زادت انتاج المحاصيل والمراعي. وعلى رغم فقر المنطقة اقتصادياً، أظهر أن إحياء تنوع التراث المحلي بدلاً من اللجوء الى المواد الكيميائية والتكنولوجيات المستوردة يتيح لجميع المزارعين انتاج غذاء كاف لعائلاتهم.
 
مهد البطاطا
زينون بورفيديو غوميل أبازا الذي لم يتجاوز الأربعين من العمر، فاز عام 2006 بالمرتبة الثانية لجائزة رولكس لروح المغامرة، بمشروع طموح يهدف الى تشجيع أكثر من 500 عائلة في المناطق المجاورة لقريتي أوروريلو وبوكارا على توسيع التنوع الجيني لمحاصيلها. وتم تنظيم أكثر من 100 تجمع قروي حيث يتبادل وفريقه المعلومات مع المزارعين. وهو يقول ان تشجيع التنوع الزراعي مدخل الى محاربة الجوع، "فتنوع النباتات يحظى بفرصة أكبر للنجاة من ظروف بيئية قاسية. عندنا طقس متطرف جداً في المرتفعات، فإذا الصقيع قاسياً وكان لديك نوع واحد من البطاطا فقد تخسر كل شيء. أما اذا كان هناك تنوع، فقد تموت بعض الأنواع ولكن تنجو أنواع أخرى".
على سبيل المثال، تنتسب غالبية أصناف البطاطا في أنحاء العالم الى نوع واحد هو solanum tuberosum. أما في جبال الأنديز، مهد البطاطا، فتزرع عشرة أنواع مختلفة، وهناك 200 نوع اضافي من البطاطا البرية. وقد رصد المركز الدولي للبطاطا، ومقره في البيرو، نحو 5000 صنف من البطاطا في المنطقة، ويقول العلماء ان ليس هناك محصول غذائي آخر يتمتع بهذا التنوع الجيني (الوراثي). وتكمن وراء تعددية الدرنيات (حبوب البطاطا) براعة مزارعي جبال الأنديز الذين أنتجت معرفتهم العميقة بالزراعة الجبلية تنوعاً جديداً على الدوام، ما أتاح لهم زراعة أصناف من البطاطا يتم اختيارها لتناسب نوعية التربة ودرجة الحرارة وزاوية ميلان الأرض ووجهتها وتعرضها للعوامل الجوية. ومنذ أكثر من 10 آلاف سنة أغنوا مخزونهم الجيني عن طريق مقايضة البذور.
لكن المزارعين أنفسهم الذين اعتادوا زراعة عشرات الأنواع طوال سنوات تعرضوا لضغوط من مهندسين وتجار زراعيين لتقليل الأنواع التي يزرعونها. وأدت "الثورة الزراعية" في ستينات القرن الماضي، بتركيزها على المبيدات والماكينات والأنواع الهجينة ذات الانتاجية العالية، الى ازدياد "هشاشة" سكان جبال الأنديز وإضعاف ظروفهم المعيشية، بسبب تقليص القاعدة الجينية لمجتمعاتهم الزراعية التي كانت مكتفية ذاتياً في الماضي.
 
احترام الأرض
كان والد زينون يزرع عشرات أنواع البطاطا، بعضها للشي وبعضها للحساء وأنواع أخرى لأغراض طبية. لكنه عاصر بدع التكنولوجيا الحديثة والثورة الخضراء، وبات لا يزرع إلا خمسة أنواع. ويعمل ابنه حالياً على ابطال ضرر السنوات السابقة بتنويع المزروعات والاحتفاظ جانباً بمدخرات طبيعية تضم أنواعاً نباتية قد يؤدي بعضها يوماً الى شفاء أمراض.
وكما هي حال البطاطا، تجرى أيضاً أبحاث على نباتات درنية أخرى مثل الأوكا والايزانو والأولوكو، وعلى حبوب مثل الكينوا والكانيهوا، في منطقتي بوكارا وأوروريلو. وسوف يحمي المشروع 22 هكتاراً من الموائل الصغيرة لنباتات متوطنة، و تستعاد المرتفعات التي عرّتها التقنيات الزراعية غير الملائمة، وتستغلّ بطرق تقليدية مستدامة بيئياً. ويساعد زينون في اعادة احياء الأسواق والمعارض الاقليمية، حيث يتجمع المزارعون لتبادل البذور ومناقشة أوضاع محاصيلهم.
واضافة الى ترويج التنوع البيولوجي الزراعي في تجمعات المزارعين، يوسع زينون رسالته لتشمل ميادين شعبية تعليمية أخرى، مستخدماً اعلانات إذاعية ومتعاوناً مع مؤسسات لترويج زراعات تناسب طبيعة جبال الأنديز. وهو يحث المدارس الاعدادية على توسيع المناهج وتنسيق مواقيت الدراسة لتتلاءم مع التقويم الزراعي الذي صمد دهراً طويلاً.
وقد اجتذبت أعماله دعم منظمات أُعجبت باعتماده أساليب تقليدية لحل المشاكل الضاغطة. ويقول هيليودورو دياز سيسنيروس، وهو مدير سابق لبرامج مؤسسة "كيلوغ" التي دعمت مشروعه في بوكارا، انه من خلال تشجيعه المزارعين للاعتماد على المعرفة الموروثة من أسلافهم "يشجع التعاون مع الجيران واحترام البيئة".
زينون أبازا مقتنع بأن الاستفادة من دروس الماضي سوف تنتج أكثر من البطاطا، فهي ستغير الطريقة التي تحكم بها المجتمعات، إذ سيتعلم الجيران من جديد احترام الأرض وبعضهم بعضاً، وهذا ما يشدد عليه التراث المحلي. وهو يرى أن "الزراعة الأنديزية ليست تحويراً لطبيعة الأرض، بل هي تجميل لها"، مضيفاً أن "العلاقة بين الناس والطبيعة قائمة ضمن اطار من العناية والتقاليد والشعور بأنك تنتمي الى كل ما هو موجود".
 
 
 
 

اضف تعليق
*الاسم الكامل  
*التعليق  
CAPTCHA IMAGE
*أدخل الرمز  
   
 
بندر الأخضر صديق البيئة
(المجموعة الكاملة)
البيئة والتنمية
 
اسأل خبيرا
بوغوص غوكاسيان
تحويل النفايات العضوية إلى سماد - كومبوست
كيف تكون صديقا للبيئة
مقاطع مصورة
 
احدث المنشورات
البيئة العربية 9: التنمية المستدامة - تقرير أفد 2016
 
ان جميع مقالات ونصوص "البيئة والتنمية" تخضع لرخصة الحقوق الفكرية الخاصة بـ "المنشورات التقنية". يتوجب نسب المقال الى "البيئة والتنمية" . يحظر استخدام النصوص لأية غايات تجارية . يُحظر القيام بأي تعديل أو تحوير أو تغيير في النص الأصلي. لمزيد من المعلومات عن حقوق النشر يرجى الاتصال بادارة المجلة
©. All rights reserved, Al-Bia Wal-Tanmia and Technical Publications. Proper reference should appear with any contents used or quoted. No parts of the contents may be reproduced in any form by any electronic or mechanical means without permission. Use for commercial purposes should be licensed.