Saturday 21 Dec 2024 |
AFED2022
 
AFEDAnnualReports
Environment and development AL-BIA WAL-TANMIA Leading Arabic Environment Magazine
المجلة البيئية العربية الاولى
 
مقالات
 
نبيل زغدود (تونس) الزراعـة البيولـوجيـة في تـونس  
نيسان (أبريل) 2010 / عدد 145
 دعت وكالة النهوض بالاستثمارات الفلاحية في تونس، وهي هيئة رسمية لاعداد الدراسات حول القطاع الزراعي وترويجه، إلى وضع استراتيجية للنهوض بالمنتجات البيولوجية التونسية في الأسواق المحلية والخارجية، وإعداد علامة تونسية في هذا المجال وإحداث آلية للتصرف فيها. وأكدت في دراسة حديثة أنّ النهوض بالمنتجات البيولوجية يرتكز على التعريف بخصوصياتها ودعم وجودها في الأسواق الداخلية والخارجية عبر التزويد المنتظم، والنهوض بالعلامة الوطنية لهذه المنتجات.
وتعتمد الزراعة البيولوجية، أو العضوية، على تناوب المحاصيل واستخدام السماد الأخضر ومكافحة الآفات البيولوجية واعتماد الوسائل الميكانيكية، للحفاظ على انتاجية التربة ومكافحة الآفات مع الحد من استخدام الأسمدة والمبيدات الاصطناعية وضوابط نمو النبات والحيوان وإضافات علف الماشية والكائنات المعدلة وراثياً. ويعرِّفها الاتحاد الدولي لحركات الزراعة العضوية بأنها ''نظام الإنتاج الذي يحافظ على التربة والنظام البيئي والناس''، فهو يعتمد على العمليات البيئية والتنوع البيولوجي والدورات التي تتماشى مع الظروف المحلية بدلاً من استخدام المدخلات بنتائجها الوخيمة. وقد بدأت الحركة العضوية في بداية الثلاثينات كرد فعل على النمو الزراعي المعتمد على الأسمدة الاصطناعية.
وتهدف تونس إلى بلوغ اعتماد 50 منتوجاً على العلامة البيولوجية الوطنية خلال السنوات الثلاث المقبلة، والتعريف بهذه العلامة على المستوى الدولي. وتسعى الى بلوغ استهلاك الانتاج البيولوجي نسبة 1 في المئة من الاستهلاك المحلي للمواد الغذائية سنة 2014. وتتركز الجهود على إنتاج 18,250 طناً من المنتجات البيولوجية سنة 2011، بما قيمته 90 مليون دولار، في مقابل 10 آلاف طن عام 2008 بقيمة 40 مليون دولار. وذلك عبر تطوير كميات زيت الزيتون المعبأ المنتظر أن تبلغ 1600 طن في 2011 في مقابل 400 طن عام 2008، وزيادة كميات زيت الزيتون غير المعبأ الى 11 ألف طن في 2011 مقابل 6 آلاف طن عام 2008.
الى ذلك، سيتمّ دعم كميات التمور لتبلغ 4000 طن سنة 2011 مقابل 2300 طن في 2008، مع تحسين الأسعار بالتنسيق بين المعنيين، إضافة إلى تنويع شبكات التوزيع. واقترحت الدراسة مخطط عمل لتحقيق أهدافها، يتمحور أساساً حول توفير تمويلات بمبلغ 1,8 مليون دولار، منها 300 ألف دولار لترويج الزراعة البيولوجية وتطويرها.
 
أولوية وطنية
نظراً الى أهمية القطاع الزراعي في اقتصادات الدول، خصّصت الحكومة التونسية عدة جلسات وزارية لدفع قطاع الزراعة البيولوجية، والنظر في الاستراتيجية التي وافق عليها الرئيس التونسي لتطويره وتحقيق الأهداف التي رسمت له خلال السنوات الخمس المقبلة، خصوصاً مضاعفة المساحات المخصصة للزراعات البيولوجية سنة 2014. وتمّ إقرار جملة إجراءات ترمي إلى بلوغ الأهداف المرسومة لهذا القطاع والتحسيس بالفوائد الصحية لمنتجاته. وذلك عبر رفع سقف المنحة السنوية للمراقبة والتصديق للمنتجين المنضوين في إطار مجامع تنمية أو شركات تعاونية أو مجموعات مهنية، من 3000 دولار الى 7000 دولار سنوياً.
ولتعريف المواطن أكثر بأهمية المنتجات البيولوجية، تمّ إقرار ''أسبوع المنتوج البيولوجي التونسي'' سنوياً، إلى جانب تنظيم حملات إعلامية وترويجية في الداخل والخارج، ودعم المشاركة في المعارض العالمية، وتنظيم ملتقيات شراكة للتعريف بالمنتجات البيولوجية التونسية. ووضع برنامج لتطوير استغلال هذه المنتجات في القطاع السياحي. كما تمّ إقرار إحداث لجنة وطنية لبرمجة وتقييم ومتابعة الأعمال البحثية المتصلة بالزراعة البيولوجية، وتوسيع تجربة شبكة المدارس الحقلية في أهم مناطق الإنتاج.
جملة الحوافز والتشجيعات والآليات التي أحدثت لتطوير هذا القطاع وضمان جودة منتجاته ومطابقتها للمقاييس العالمية أتاحت استغلال مساحة 285 ألف هكتار خلال العام 2008. ومن المنتظر أن تبلغ هذه المساحة 500 ألف هكتار سنة 2014. ومن شأن التشجيعات الضريبية والمالية أن تساهم في الإقبال على الزراعة البيولوجية وتطويرها، نظراً لما تتميز به منتجاتها من أهمية على مستوى الصحة والبيئة، إلى جانب آفاقها الواعدة في التصدير.
 
تعزيزات تشريعية وتسويقية
تخضع الزراعة البيولوجية في تونس لمنظومة تصرلاف في الإنتاج بطريقة مستدامة، تستوجب إحكام توظيف الموارد الطبيعيةواستخدام مستلزمات محلية ملائمة ومتجددة، بما يتيح الحصول على إنتاج متنوع وصحي وذي جودة عالية بات يحقق رواجاً عالمياً. كما تخضع لدفاتر شروط تضبط مقاييس الإنتاج والتحويل وقوائم المدخلات المسموح بها في تخصيب الأرض وتحضير الإنتاج، إلى جانب هيكل مراقبة ومصادقة للتثبت من احترام هذه المواصفات.
وعلى رغم حداثة عهد هذا القطاع، شهد دفعاً قوياً في السنوات الأخيرة بفضل إصدار القوانين والتشريعات الخاصة والمصادقة على أربعة هياكل للمراقبة والتصديق، وإحداث هياكل مختصة كالمركز الفني للفلاحة البيولوجية وإدارة فرعية للفلاحة البيولوجية والمركز المحلّي للبحوث حول البستنة والفلاحة البيولوجية وجامعة وطنية للفلاحة البيولوجية. وتمّ العمل أيضاً على تبسيط الحوافز والتشجيعات، خصوصاً من خلال إقرار منح لتوفير التجهيزات ووسائل الإنتاج والمساهمة في تغطية تكاليف المراقبة والتصديق على الإنتاجالبيولوجي، فضلاً عن إسناد جائزة رئاسية كبرى لأفضل منتج في الزراعة البيولوجية.
إلى ذلك، شهد القطاع تكوين شبكات محليّة مختصة من الفنيين، وتكثيف الإحاطة الفنية والاقتصادية للمتدخلين، وإدماج تدريس الزراعة البيولوجية في معاهد التعليم العالي الفلاحي، وبعث برامج بحوث خصوصية، وإرساء تعاون دولي مع بعض البلدان الأوروبية ومنظمة الأغذية والزراعة (فاو) في مجال تبادل الخبرات والمعلومات. وهي كلها عوامل تضافرت لتفسير التطور السريع المسجل في المساحات والإنتاج النباتي وعدد المتدخلين قياساً بالتوقعات الأولية. وتبرز الإحصاءات مدى قدرة القطاع على التوسع، إذ تطورت المساحات البيولوجية إلى 285 ألف هكتار عام 2008 مقابل 18,6 ألف هكتار عام 2002.
وتبرز آفاق واعدة في ضوء التدخلات المزمع القيام بها، على غرار تحديد مناطق نموذجية للزراعة البيولوجية، وتعزيز إدماج تدريسها بإرساء اختصاصات بهذا المجال في معاهد التعليم العالي، وتكثيف البحوث، ودعم تأهيل الفنيين والمتدخلين، والعناية بالمحاصيل السهلة التحويل إلى الزراعة البيولوجية كالزيتون والتمور.
ومن العوامل الأخرى التي تعتبر مدعاة تفاؤل بمستقبل هذا القطاع، الوعي المتزايد في أوساط المهنيين بأهمية الاستغلال الأجدى للظروف المناخية والأصناف المحلية والطرق الزراعية الملائمة، إلى جانب العناية المتزايدة بالخضر والغلال والنباتات الطبية والعطرية والمنتجات الغابية. ويتجلى هذا الوعي لدى القائمين على القطاع من خلال تسهيل عملية تسجيل المدخلات البيولوجية وخصوصاً مواد حماية النباتات في القوائم الرسمية، ودعم المختبرات لتحليل الرواسب الكيميائية من أجل الاعتماد والتصديق عليها، ومزيد من تنظيم القطاع ضمن هياكل مهنية مشتركة فاعلة على مستوى الإنتاج والترويج الداخلي والخارجي، والتعريف بالمنتجات البيولوجية، وتطوير السوق الداخلية عبر المتاجر الكبرى ونقاط بيع مختصة.
 
صعوبات يمكن تجاوزها
تقف صعوبة ترويج المنتجات على رأس العقبات التي تحول دون انخراط المزارعين في هذا المجال الواعد، خصوصاً إذا ما وضعنا في الاعتبار أن زيت الزيتون هو من أكبر الكميات في الإنتاج البيولوجي. فلا تتوافر بعد آفاق وقنوات للتصدير، وهي تتطلّب مصاريف باهظة للحصول على المصادقة من المكتب الأوروبي المختص (ايكوسورت) الذي يضع شروطاً ويضرب مراقبة صارمة للمصادقة على المنتوج البيولوجي لكي يكون قابلاً للتصدير بحسب الاتفاقية الإطارية.
وتتمثل عقبة أخرى في عدم استيعاب السوق الداخلية لهذه الأصناف، سواء لعدم توفر فضاء مخصص لها أو لفارق السعر الذي يأمل الفلاح أن يروج به منتوجه البيولوجي الصحي الذي يباع أحياناً في الصيدليات الأوروبية. ولا ننسَ أيضاً جهل المستهلك لأمر المنتوج البيولوجي وخصوصيته ونفوره من ارتفاع أسعاره. ويرى معنيون أن هذا النمط الإنتاجي متاح للميسورين فقط، خصوصاً أن الفلاح الذي يروم أن يسلك هذا الاتجاه يجب أن تتوافر لديه بعض الامتيازات، أولها الإمكانات المادية الضخمة للتمويل ومواجهة النفقات، إلى جانب ما يدعى ''الرؤية التصديرية الواضحة''، وأن يكون له إنتاج كبير يجلب اهتمام الموردين. وهذا يتطلّب بعث منظومات إنتاج جماعية كما في البلدان الأوروبية.
ان التقدم بهذا النمط الزراعي وفتح أسواقه الداخلية وخطوط تصديره يتطلب ''شجاعة'' وقرارات وإجراءات مرنة، إلى جانب حملات الدعاية والترويج ومرافقة المزارع في مختلف مراحل الإنتاج، فضلاً عن التدريب والبحوث. ولعل القرارات التي اتخذها المجلس الوزاري تكون بداية الإقلاع لهذا القطاع الواعد.
 
 

التعليقات
 
koko
sidi dawed
koko
sidi dawed
nounou
gooooooooooooooooood gob
 
 

اضف تعليق
*الاسم الكامل  
*التعليق  
CAPTCHA IMAGE
*أدخل الرمز  
   
 
بندر الأخضر صديق البيئة
(المجموعة الكاملة)
البيئة والتنمية
 
اسأل خبيرا
بوغوص غوكاسيان
تحويل النفايات العضوية إلى سماد - كومبوست
كيف تكون صديقا للبيئة
مقاطع مصورة
 
احدث المنشورات
البيئة العربية 9: التنمية المستدامة - تقرير أفد 2016
 
ان جميع مقالات ونصوص "البيئة والتنمية" تخضع لرخصة الحقوق الفكرية الخاصة بـ "المنشورات التقنية". يتوجب نسب المقال الى "البيئة والتنمية" . يحظر استخدام النصوص لأية غايات تجارية . يُحظر القيام بأي تعديل أو تحوير أو تغيير في النص الأصلي. لمزيد من المعلومات عن حقوق النشر يرجى الاتصال بادارة المجلة
©. All rights reserved, Al-Bia Wal-Tanmia and Technical Publications. Proper reference should appear with any contents used or quoted. No parts of the contents may be reproduced in any form by any electronic or mechanical means without permission. Use for commercial purposes should be licensed.