Sunday 22 Dec 2024 |
AFED2022
 
AFEDAnnualReports
Environment and development AL-BIA WAL-TANMIA Leading Arabic Environment Magazine
المجلة البيئية العربية الاولى
 
مقالات
 
محمد التفراوتي - الرباط مدرجات زراعية في جبال الأطلس  
آذار-نيسان/ مارس-أبريل 2016 / عدد 216
 أنشأها سكان الجبال المغربية ليقدروا على زراعة المنحدرات، لكن الإهمال والتغيرات المناخية تهدد باندثارها
 جبال شامخة في سلسلة الأطلس الصغير في المغرب تحمل علامات حضارة زراعية باهرة، يمكن قراءتها على المنحدرات المهيأة بمدرجات لا تحصى تضفي على المكان مظهر الطبيعة «المشيدة». ويعود إنشاء بعضها إلى مئات، وربما آلاف، السنين.
المدرجات الزراعية خاصية جغرافيـة للمناطق الجبلية الوعرة في أنحاء العالم، حيث يتم تحويلها إلى مساحات قابلة للاستغلال الزراعي وتلبية الحاجات الغذائية. ويلاحظ أن المزارعين في هذه المناطق المتضرسة ابتكروا حلولاً تقنية وتنظيمية متشابهة لمواجهة الظروف الطبيعية، على رغم اختلاف انتماءاتهم الثقافية والتاريخيـة والجغرافية، إذ نجد الآلية ذاتها تقريباً في المكسيك والصين ودول البحر المتوسط وغيرها.
تحولت بعض المنحدرات في الأطلس الصغير إلى سلسلة متتالية من المدرجات تدعى بالأمازيغية المحلية «إغرامان»، للدلالة على الجدار الحجري الداعم للتربة في حقول المدرجات، كما توحي الكلمة بالدفاع والحماية والتحصين. وليست هناك زراعة ممكنة على تلك المنحدرات من دون هذه التقنية الممتازة.
يتطلب العيش والإنتاج في هذه المناطق الوعرة تدبيراً متكاملاً للموارد والوسائل وتسخيراً مبتكراً للتقنية والمعرفة، في إطار مؤسساتي وتنظيمي خاص. فبعد استقرار الإنسان هناك ونمو الحاجة إلى الغذاء، تم اللجوء إلى إنشاء المدرجات لتوسيع المساحات المزروعة حسب عدد الأسر المستفيدة منها. وعلى رغم صغر هذه المساحات وصعوبة التضاريس، تمكن السكان من تحقيق إنتاج زراعي متنوع من أشجار مثمرة وخضر في المدرجات المرويّة، وشعير ومحاصيل موسمية وأشجار أخرى تحتمل الجفاف في الأراضي البعلية المعتمدة على مياه الأمطار.
يقول الباحث عبدالرحمن آيت الحاج، منسق مشروع إعادة تأهيل المدرجات لتعزيز قدرات التكيف مع تغير المناخ في المجتمعات القروية الهشة في الأطلس الصغير، إن معظم المدرجات الزراعية في منطقة سوس في جنوب المغرب تشهد إهمالاً ملحوظاً، خصوصاً مع ازدياد تواتر الجفاف، نظراً لانخفاض مردودية المحاصيل وانجذاب الشباب إلى أنشطة أخرى. ذلك أن دخل سكان قرى الأطلس الصغير يعتمد على استغلال الموارد الطبيعية والزراعة وتربية المواشي، فضلاً عن استغلال شجر الأركان والمدرجات.
يعد بناء المدرجات الزراعية الوسيلة الأكثر نجاعة لحماية التربة واستغلالها، مقترنة مع تجميع مياه الأمطار. وتتميز هذه المناطق بقلة الأمطار وتذبذبها، مع سقوطها غزيرة أحياناً. وللمدرجات دور هام في التكيف مع هذه المتغيرات، وهي من ركائز «اقتصاد الندرة» الذي يعتمد أيضاً على تخزين البذور والمؤن واعتماد آليات الري التقليدية المقتصدة. وتسهل المدرجات نفاذ الفائض من الماء إلى التربة، وتقلل من سرعة جريانه على السفوح، مع الحد من التعرية وضياع التربة بفعل هذا الجريان.
لكن هذه المدرجات تستوجب العناية والتطوير لتستمر في دعم قدرات السكان والنظم البيئية، خصوصاً لما تعرفه المنطقة اليوم من تغيرات مناخية وما يترتب عنها من عواقب. وقد كان للجفاف وقلة الأمطار أثر سلبي على المدرجات، بحيث انخفض مستوى استغلالها والعناية بها. ويرتبط التخلي عن استغلال هذه المدرجات بالمردودية الاقتصادية المتناقصة لممارسة الزراعة، مقارنة مع بدائل كالهجرة وأنشطة اقتصادية أخرى، وقد أدى إلى تدهور ملحوظ في هذه المدرجات ازداد حدة مع تواتر الأمطار الطوفانية مؤخراً. وأثر ذلك على بنيات أخرى، كتوحل السدود وانهيار الطرقات وانجراف التربة، مما بات يهدد بانهيار المدرجات واندثارها كلياً. وهذا يستدعي اتخاذ تدابير عاجلة لتفادي فقدان هذا النظام البيئي والموروث الزراعي للأطلس الصغير.
ويعمل مشروع إعادة تأهيل المدرجات، بتعاون بين المرصد الجهوي للبيئة والتنمية والمديرية الإقليمية للقلاعة في أكادير والوكالة الألمانية للتعاون الدولي (GIZ)، على تنفيذ برنامج تدريبي وإعلامي لتقاسم المعرفة في منطقة عدد من القرى، وقام بإعادة تأهيل المدرجات وغرس أنواع نباتية ذات فائدة من قبيل أشجار الأركان واللوز والصبار، فضلاً عن برنامج توعوي سنوي يدمج إشكالية تغير المناخ والتكيف مع آثاره في الأنشطة المدرسية.
 
 
 
 

اضف تعليق
*الاسم الكامل  
*التعليق  
CAPTCHA IMAGE
*أدخل الرمز  
   
عبدالرحمن الصقير الزراعة العضوية
ستيفن مسنجر (دلهي) 111 شجرة لكل طفلة
رائد الرافعي ونادين حداد (بيروت) الفريز: فاكهة أم سم؟
محمد التفراوتي (أغادير) العطش وتدهور التربة في المناطق الجافة
"البيئة والتنمية" (عجلون، الأردن) قطاف النباتات البرية
 
بندر الأخضر صديق البيئة
(المجموعة الكاملة)
البيئة والتنمية
 
اسأل خبيرا
بوغوص غوكاسيان
تحويل النفايات العضوية إلى سماد - كومبوست
كيف تكون صديقا للبيئة
مقاطع مصورة
 
احدث المنشورات
البيئة العربية 9: التنمية المستدامة - تقرير أفد 2016
 
ان جميع مقالات ونصوص "البيئة والتنمية" تخضع لرخصة الحقوق الفكرية الخاصة بـ "المنشورات التقنية". يتوجب نسب المقال الى "البيئة والتنمية" . يحظر استخدام النصوص لأية غايات تجارية . يُحظر القيام بأي تعديل أو تحوير أو تغيير في النص الأصلي. لمزيد من المعلومات عن حقوق النشر يرجى الاتصال بادارة المجلة
©. All rights reserved, Al-Bia Wal-Tanmia and Technical Publications. Proper reference should appear with any contents used or quoted. No parts of the contents may be reproduced in any form by any electronic or mechanical means without permission. Use for commercial purposes should be licensed.