Sunday 22 Dec 2024 |
AFED2022
 
AFEDAnnualReports
Environment and development AL-BIA WAL-TANMIA Leading Arabic Environment Magazine
المجلة البيئية العربية الاولى
 
مقالات
 
عزة عبد المجيد (عمّان) مشروع الـمليون شجرة  
شباط (فبراير) 2005 / عدد 83
 كانت صورة ذلك الشيخ الطاعن في السن وهو يبكي أشجاره التي اقتلعتها قوات الاحتلال الاسرائيلي من ارضه، ومن جذورها التي امتدت عبر مئة عام، تماماً كما بكى ابنه الشهيد، كافية لإشعال تلك الرغبة لدى عدد من الناشطين لحماية الأرض والبيئة الزراعية في فلسطين، وإعادة زراعة اشجارها بما تشكله من مصدر رزق وتراث تاريخي وانساني.
كان ذلك الشيخ واحداً من آلاف الأسر الفلسطينية التي تعرضت مصادر عيشها للدمار نتيجة لإجراءات قوات الاحتلال الاسرائيلي، التي عملت على جرف الأراضي الزراعية واقتلاع اشجارها طوال أعوام لبناء أو توسيع المستوطنات اليهودية والطرق المؤدية اليها، أو لإنشاء الجدار العازل ومناطق عسكرية في الضفة الغربية وقطاع غزة المحتلين.
لقد قدرت احصائيات السلطة الوطنية الفلسطينية عدد المزارعين الذين تضرروا، بسبب الممارسات الاسرائيلية من هدم للمنازل والآبار والمنشآت الزراعية في الضفة الغربية وقطاع غزة المحتلين، بنحو 14474 مزارعاً للفترة بين عامي 2000 و2005. كما قدر مركز المعلومات الوطني الفلسطيني، الأضرار الناتجة عن تجريفات الأشجار في الفترة نفسها بنحو 1,300,000 شجرة نخيل وحمضيات ولوزيات وعنب وموز وفواكه أخرى، وأحراج بمساحة قدرت بنحو 45 ألف دونم. يضاف الى ذلك ان المستوطنين اليهود يقومون احياناً بسرقة الأشجار من الأراضي الفلسطينية وزراعتها في مستوطناتهم.
تدل تقارير حملة مقاومة جدار الفصل العنصري ايضاً على ان أكثر من 14 ألف دونم من الأراضي الفلسطينية تم جرفها واقتلاع نحو 102 ألف شجرة منها، وذلك لدى الانتهاء من المرحلة الأولى من بناء الجدار في الضفة الغربية المحتلة في نهاية عام 2003. وتعيش نحو ثلاثة آلاف أسرة فلسطينية شرق الجدار، وهي ستفقد مصدر رزقها بسبب وجود اراضيها الزراعية في المنطقة الواقعة غربه.
تشير المعلومات ايضاً الى ان تجريف الأراضي أدى الى إزالة الطبقة السطحية من التربة الزراعية والقضاء على امكانية نمو النبات فيها لمدة طويلة جداً، مما يؤدي الى إحداث خلل في التنوع الحيوي والحياة البرية.
مشروع المليون شجرة
''يقلعون شجرة، نزرع عشرا''، كان ذلك الشعار بداية عمل منظم لمواجهة اقتلاع الأشجار في فلسطين، وعلى الأخص اشجار الزيتون التي ترمز لحياة الانسان الفلسطيني على ارضه، اذ اطلق عدد من الناشطين اقتراح اعادة زراعة الأشجار في مواقع في المناطق الفلسطينية المحتلة، وذلك عبر لجنة مؤازري مؤسسة التعاون الفلسطينية عام 2001. وقد تحول العمل بعد تأسيسهم الجمعية العربية لحماية الطبيعة في العاصمة الاردنية عمّان، في اوائل عام 2003، الى مشروع ''المليون شجرة''، الذي يتم تنفيذه بالتعاون مع جمعية التنمية الزراعية (لجان الإغاثة الزراعية الفلسطينية) ومقرها مدينة رام الله، وهي تعتبر من أبرز الهيئات الزراعية في مجال الخدمات والإغاثة والارشاد الزراعي.
وتقول المهندسة رزان زعيتر، رئيسة ''العربية لحماية الطبيعة''، ان الباعث الأساسي لإطلاق المشروع هو ذلك الشعور بخطورة التدمير المنهجي للبيئة والزراعة الفلسطينية الذي تقوم به قوات الاحتلال الاسرائيلي، وقلة الوسائل المتاحة للفلسطينيين لمواجهته. وتضيف بأن المشروع من ناحية اخرى يهدف الى إبطاء مصادرة الأراضي الفلسطينية، لأن اسرائيل تستند لقانون عثماني يشجعها على مصادرة الأراضي البور.
يتضمن المشروع اعادة زراعة نحو مليون شجرة فواكه وزيتون ونخيل، وذلك بتوزيع الشتول على المزارعين المتضررين وأصحاب الأراضي القابلة للزراعة. وتعطى الأولوية للأسر ذات الدخل المتدني التي فقد معيلها العمل نتيجة لإجراءات الاحتلال الاسرائيلي، وللأسر التي تعيلها النساء او التي تتضمن معاقين، وتلك التي بادرت بتهيئة اراضيها للزراعة بامكانات ذاتية.
تتولى طواقم جمعية التنمية الزراعية الفلسطينية، التي تضم مهندسين زراعيين وعدداً من المتطوعين، تنفيذ المشروع بالقيام بحملات توزيع الأشجار وتنظيم برنامج ارشادي للمزارعين. وقد تواجهها في بعض الاحيان عقبات بسبب اجراءات الاحتلال الاسرائيلي، مما يضطرها الى الانتقال الى موقع آخر اذ ان هناك حاجة كبيرة لزراعة الشتول في أماكن كثيرة.
وترى زعيتر ان تلك الشراكة مع جمعية التنمية الزراعية دفعت بجهود تنظيم اعادة زراعة الأشجار الى مراحل متقدمة، تكتمل من خلالها اجراءات الحصول على الشتول وتوزيعها وتهيئة الأرض وارشاد المزارعين وتدريبهم.
قدرت كلفة المشروع بأكثر من خمسة ملايين دولار أميركي. وتعمل ''العربية لحماية الطبيعة'' على تأمين الحصول على التمويل اللازم له من خلال المساعدات والتبرعات، ضمن حملة اعلامية منظمة تقوم بها وتتضمن توعية الرأي العام بآثار الاحتلال الاسرائيلي على البيئة والأرض الزراعية الفلسطينية.
وقد تم في شهر تشرين الأول (أكتوبر) من العام المنصرم اطلاق مبادرة شراكة مع جمعية التنمية الزراعية الفلسطينية واللجنة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا (اسكوا)، اثناء انعقاد المنتدى العربي الدولي حول إعادة التأهيل والتنمية في الأرض الفلسطينية المحتلة في بيروت. وتهدف الشراكة الى العمل على التوعية بكارثة الأشجار في فلسطين وأثرها على المجتمع الفلسطيني وجمع التبرعات لجهود إعادة زراعتها في الأرض الفلسطينية.
واثناء حفل خيري لجمع التبرعات اقيم في عمان في شهر ايلول (سبتمبر) عام 2004، وحضره الناشط الدولي ارون غاندي حفيد زعيم الهند الروحي المهاتما غاندي، قال الدكتور اسماعيل دعيق رئيس جمعية التنمية الزراعية الفلسطينية انه تمت زراعة نحو 236 ألف شجرة في المرحلة الأولى من مشروع زراعة المليون شجرة. وأوضح أن الجمعية، وهي شريك للعربية لحماية الطبيعة، اختارت اسلوب نضالها بمساعدة المزارعين الفلسطينين على التمسك بأرضهم وزراعتها وحمايتها بزراعة الأشجار فيها والحفاظ على موارد المياه وتوفير الأمن الغذائي للأسر الفلسطينية الفقيرة.
عقبات وتحديات
يقول الدكتور دعيق ان قوات الاحتلال الاسرائيلي تعمل دائماً على اعاقة مشاريع زراعة الشتول نظراً لأهميتها في حماية الأرض الفلسطينية من المصادرة، اذ تقدم على تدمير العديد من المشاتل وإعاقة وصول الشتول الى المواقع المستهدفة. ويضيف بأن من أبرز المشاكل التي تواجه المزارعين تهريب كميات من الشتول المصابة من المشاتل الاسرائيلية، ليتم زراعتها في أراضي المزارعين الفلسطينيين، مما يؤدي إلى تفشي الآفات.
ولتفادي تلك المشكلة، عملت التنمية الزراعية، بالتعاون مع وزارة الزراعة الفلسطينية، على تشكيل لجان فنية لفحص المشاتل وتحديد اماكنها وحصر محتوياتها لمنع دخول كميات أخرى بطريقة غير شرعية. كما انه يحظر توزيع أية شتول على المزارعين اثناء حملات التشجير الا بحضور مجموعة من المهندسين الزراعيين ذوي الخبرة، لضمان توزيع الشتول ذات المواصفات الجيدة.
الآثار المتوقعة للمشروع
ان استكمال مراحل المشروع، التي يتوقع ان تنتهي عام 2007، سيؤدي الى نمو آلاف الأشجار مرة اخرى وإعادة الخضرة للأرض وزيادة مساحتها، وهو ما سيساهم في الحفاظ على التوازن البيئي. كما ان من شأن ذلك ان يدعم قدرات المزارعين واصحاب الأراضي على الحفاظ على الأرض والتربة والصمود عليها.
يقدر القائمون على تنفيذ المشروع بأنه سيسهم في زراعة 30 ألفدونم من الأراضي الزراعية، تعود ملكيتها لنحو 12 ألف عائلة زراعية، وسيعمل على زيادة دخلها من منتجاتها وتحقيق جزء من الأمن الغذائي لها وتنشيط التبادل التجاري بصفة عامة. بالإضافة الى ذلك، فإن المشروع سيدعم العشرات من اصحاب المشاتل الذين واجهتهم ظروف معيشية صعبة بسبب احداث الانتفاضة.
يتوقع ايضاً ان تؤدي اعادة زراعة آلاف الدونمات بالأشجار الى حماية تربتها من الانجراف، اذ من المعروف ان المساحات المزروعة تعمل على تغلغل المياه الى داخل التربة، مما يساعد على زيادة المياه الجوفية والطاقة الانتاجية للينابيع، وهو ما يعود بالفائدة على عدد كبير من المزارعين.
 
 
 
 

اضف تعليق
*الاسم الكامل  
*التعليق  
CAPTCHA IMAGE
*أدخل الرمز  
   
 
بندر الأخضر صديق البيئة
(المجموعة الكاملة)
البيئة والتنمية
 
اسأل خبيرا
بوغوص غوكاسيان
تحويل النفايات العضوية إلى سماد - كومبوست
كيف تكون صديقا للبيئة
مقاطع مصورة
 
احدث المنشورات
البيئة العربية 9: التنمية المستدامة - تقرير أفد 2016
 
ان جميع مقالات ونصوص "البيئة والتنمية" تخضع لرخصة الحقوق الفكرية الخاصة بـ "المنشورات التقنية". يتوجب نسب المقال الى "البيئة والتنمية" . يحظر استخدام النصوص لأية غايات تجارية . يُحظر القيام بأي تعديل أو تحوير أو تغيير في النص الأصلي. لمزيد من المعلومات عن حقوق النشر يرجى الاتصال بادارة المجلة
©. All rights reserved, Al-Bia Wal-Tanmia and Technical Publications. Proper reference should appear with any contents used or quoted. No parts of the contents may be reproduced in any form by any electronic or mechanical means without permission. Use for commercial purposes should be licensed.