Sunday 22 Dec 2024 |
AFED2022
 
AFEDAnnualReports
Environment and development AL-BIA WAL-TANMIA Leading Arabic Environment Magazine
المجلة البيئية العربية الاولى
 
مقالات
 
وسيم حسن (دبي) لماذا نستنزف المياه العذبة ولا نروي بمياه البحر؟   
تشرين الأول (أكتوبر) 2005 / عدد 91
 بين مشكلة ندرة المياه واستنزافها، خصوصاً في الري والزراعة، ومتطلبات الأمن الغذائي بتوفير الطعام للبشر والأعلاف للحيوانات، برزت الحاجة إلى تطوير زراعات يمكن ريها بمياه مالحة أو عالية الملوحة. ولما كانت غالبية أراضي المنطقة العربية قاحلة وشبه جافة، أنشئ المركز الدولي للزراعة الملحية، ومقره دبي، بهدف تطوير تقنيات استخدام المياه المالحة لزراعة الأعلاف والخضر والاشجار المثمرة والحرجية وأشجار الزينة.
السبوروبولس نوع من العلف يروى حالياً بمياه ملوحتها 25 ألف جزء في المليون، ويحتاج شهرين إلى ثلاثة أشهر بين كل جزة وأخرى ويسهل قطعه آلياً. والدخن اللؤلؤي يستخدم كعلف أخضر ويتحمل ملوحة تصل حتى 10 آلاف جزء في المليون، وهناك نحو 90 صنفاً منه تحت التجربة. والليبيد نبات عشبي ذواحتياجات مائية قليلة، وهو متوفر في مناطق مختلفة من العالم وينتشر بشكل واسع في دولة الإمارات، وتجرى حالياً اختبارات على 800 سلالة منه بشأن تحملها للملوحة.
تجرى هذه الأبحاث وغيرها في المركز الدولي للزراعة الملحية منذ العام 1999. والمركز، الذي أنشئ في دبي، جاء تلبية لحاجة الدول العربية والاسلامية إلى مركز أبحاث لاستخدام المياه المالحة والمياه المعالجة في الزراعة، خصوصاً الأعلاف ونباتات وأشجار الزينة. فقد نبه العلماء في أكثر من مناسبة علمية إلى أن العالم الاسلامي، وخاصة الدول الفقيرة الواقعة في المناطق الجافة والصحراوية، سيتعرض لمجاعات وأزمات غذاء تهدد حياة ملايين البشر خلال الخمسين سنة المقبلة، وذلك لتناقص المياه العذبة بسبب قلة الأمطار وزحف الصحراء وتملح مساحات زراعية كبيرة وتضاعف السكان في هذه الدول.
يقول الدكتور محمد حسن العطار، رئيس مجلس الإدارة ومدير عامالمركز، ان اتفاقية وقعت بين دولة الإمارات والبنك الاسلامي للتنمية لإنشاء المركز. استضافته الإمارات وخصص له البنك 22 مليون دولار لإنشاء المقر وتجهيزه وللميزانيات التشغيلية لمدة عشر سنوات من 1999 إلى 2009، على أن تؤول ملكيته بعد ذلك إلى دولة الإمارات. كما تلقى المركز دعماً إضافياً من صندوق أوبك للتنمية الدولية، والصندوق العربي للإنماء الاقتصادي والاجتماعي، وبلدية دبي، وحكومة دولة الإمارات ممثلة بوزارة الزراعة والثروة السمكية.
مشاريع في الإمارات والخليج
يعمل المركز الدولي للزراعة الملحية على أربعة برامج رئيسية. الأول، برنامج المصادر الوراثية النباتية، الذي أنشأ بنك جينات، لتجميع وإدخال مجموعات وراثية نباتية متحملة للملوحة واختبارها في الظروف البيئية لدولة الإمارات، ومن ثم إكثارها وحفظها وتوزيعها على شركاء المركز محلياً وعالمياً. وقد جمع حتى الآن الأصول الوراثية لأكثر من 8200 سلالة من البذور تمثل اكثر من 200 نوع من النباتات المتحملة للملوحة، جمعت من دول العالم المختلفة.
يهتم البرنامج الثاني بإدارة الأنظمة الزراعية، لتطوير أساليب مستدامة للتربة والمياه تستخدم المياه المالحة والمعتدلة الملوحة في زراعة المحاصيل والأعلاف والنباتات التجميلية والأشجار والشجيرات. أما برنامج الإعلام وإدارة المعلومات والربط الشبكي، فيعمل على جمع وحفظ وتنسيق ونشر المعلومات عن الزراعة الملحية من خلال شبكة دولية من المراكز العلمية والأفراد. ويتولى برنامج التدريب والإرشاد تدريب اختصاصيين وفنيين في مجال الزراعة الملحية ليساهموا في نقل التقنية الى حيث يستفاد منها.
أسس المركز بالتعاون مع وزارة الزراعة والثروة السمكية في الامارات مزرعة نموذجية لتقنيات الزراعة الملحية في رأس الخيمة، لنقل هذه التقنيات إلى المزارعين وتطبيق نظم وأساليب الإدارة المتكاملة في المزارع المتضررة بالملوحة. ويتم التركيز على انتاج الأعلاف التقليدية وغير التقليدية باستخدام مياه عالية الملوحة. وهو ينفذ مشروعين رئيسيين آخرين مع الوزارة، الأول لتقييم أنظمة الري ومتطلبات التسميد لزيادة إنتاجية نوعين من الأعشاب الملحية هما الليبيد والدخنة، بالتعاون مع البرنامج الإقليمي لشبكة الجزيرة العربية التابـع للمركز الدولي للبحوث الزراعية في المناطق الجافة (إيكاردا). والثاني لاستخدام مستدام للمياه الجوفية المالحة والمياه المعالجة في الإنتاج الزراعي، بالتعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، بهدف تحديد إنتاجية النباتات المتحملة للملوحة من الشجيرات والأشجار المستخدمة كأعلاف وأخشاب ومدى الاستفادة منها في الزراعات التجميلية.
وقد أجرى المركز أبحاثاً مكثفة حول الأشجار المثمرة، مثل النخيل، حيث تنفذ دراسة على أفضل 10 أصناف من الإمارات وأفضل 8 أصناف منالسعودية بالتعاون مع وزارتي الزراعة في البلدين، بهدف تحديد مدى تحملها للملوحة. كما يجري دراسة على 4 أصناف من أشجار الزيتون التي تروى بمياه ملوحتها 10 آلاف جزء في المليون.
ويتعاون المركز مع جامعة الإمارات في مشروع لاختيار الأساليب الزراعية المثلى لزيادة إنتاجية نوعين من الأعشاب المتحملة الملوحة وآخر لتحديد الأساليب الزراعية لإنتاج ثلاثة أنواع من الرغل في مستويات ملوحة عالية. وثمة مشروع اختباري، بالتعاون مع بلدية أبوظبي، لحل مشاكل الملوحة والتغدق المائي في بعض المزارع المتضررة في أبوظبي تبلغ مساحاتها 500 هكتار، حيث جهزت بشبكة للصرف الزراعي. وقد حلت المشكلة بشكل كامل وعادت المزارع إلى الإنتاج، وسوف يطبق النظام نفسه على 1800 هكتار إضافية من مزارع المواطنين وعلى مناطق مختلفة حول مطار أبوظبي تقدر مساحتها بـ 50 كيلومتراً مربعاً من ضمنها مدينة خليفة.
وينفذ المركز، بالتعاون مع المكتب الخاص للشيخ سلطان بن زايد آل نهيان ومن خلال دائرة الأشغال في أبوظبي، مشروع مزرعة نموذجية لأشجار تتحمل الملوحة، يتم خلاله استصلاح أراض متسبخة في منطقة قرين العيش الخاصة.
وفي مشروع مهم لزيادة التنوع الحيوي لنباتات القرم، بمشاركة هيئة أبحاث البيئة والحياة الفطرية وتنميتها في أبوظبي، يجري المركز أبحاثاً اختبارية وميدانية لادخال وتبني أنواع جديدة من هذه الأشجار الحيوية في المناطق الساحلية. ووقع المركز اتفاقية مع مشروع النخلة في دبي ليكون مستشاراً في مجال تخصصه لكل مشاريع النخلة.
ومن أبرز المشاريع التي ينفذها المركز خارج الإمارات، مشروع مع شركة تنمية نفط عمان، يستفيد من تقنيات الزراعة الملحية في معالجة المياه المصاحبة لعمليات استخراج النفط في الحقول البرية، وذلك لتحويل منطقة جرداء إلى منطقة لمعالجة المياه بنبات القصب المائي. وهناك أيضاً مشروعتقييم وإجراء توصيف وراثي لأصناف  فريدة من نبات السليكورنيا الذي تنتجه شركة بحار في المملكة العربية السعودية.
وهناك مشاريع بحوث تطبيقية ينفذها المركز بدعم من صناديق ومنظمات دولية، ستصب نتائجها في خلق نظم جديدة في مجال زراعة الأعلاف في الدول الخليجية والإسلامية ومنها: السبوروبولس والديستكلس والبتوكلوا والباسبالام والليبيد ونوعان من الدخن اللؤلؤي. كما يجري المركز تجارب وتطبيقات على الأشجار الحرجية، حيث تم إدخال نوع من الأكاسيا يسمى امبليسيبس، يروى بمياه تصل ملوحتها إلى 25 ألف جزء في المليون ويتحمل ملوحة تصل إلى 40 ألف جزء في المليون. والأكاسيا شجرة دائمة الخضرة كبيرة الحجم، ويمكن استخدامها بيئياً للتزيين والتخضير والاستفادة منها لتغذية الحيوانات.
مردود مستقبلي
حول المردود الاقتصادي لأبحاث المركز ومشاريعه، يقول الدكتور العطار ان للبحوث العلمية بشكل عام والبحوثالزراعية بشكل خاص مردوداً اقتصادياً مهماً تنعكس آثاره على الجوانب الاقتصادية والاجتماعية والمعيشية للدول، قد لا تكون ظاهرة بشكل سريع إذ تحتاج إلى وقت طويل وخبرات كبيرة وميزانيات ضخمة لإنجازها. ويرى أن "أي إنفاق يتم في هذا الشأن من الدولة سوف تكون له آثاره الهامة في المستقبل القريب في تخفيف استنزاف مصادر المياه العذبة وزيادة إنتاجية الأعلاف والمحاصيل الحقلية وتحقيق الأمن الغذائي. وفي المجال البيئي، فإن نتائج البحوث التطبيقية التي يجريها المركز ستنعكس إيجاباً من خلال استصلاح الأراضي الهامشية والصحارى، كالتي تقام عليها محطات توليد الطاقة واستخراج النفط وتصفيته وهذا بدوره سيساهم في وقف زحف الصحراء وتنقية الهواء من الملوثات الصناعية".
ويقوم المركز بنقل نظم وتقنيات الزراعة الملحية الى الدول المعنية عبر برنامجين. الأول، برنامج التدريب والإرشاد الزراعي، الذي يعنى بإقامة الدورات التدريبية وورش العمل والندوات والمؤتمرات. وقد زاد عدد المستفيدين من هذه الدورات عن 270 متدرباً من نحو 35 دولة عربية وإسلامية منذ العام 2000. كما ينظم المركز مؤتمرات وندوات علمية ويشارك بأبحاثه في كثير من المؤتمرات العلمية محلياً وعالمياً. والبرنامج الثاني هو لإدارة المعلومات والربط الشبكي، ويعنى بنشر الخبرات ونتائج البحوث للمستفيدين منها، والتعاون مع المؤسسات العلمية المختلفة عبر المطبوعات وشبكة الإنترنت، وكذلك عبر إشراف المركز على أعمال الشبكة العالمية للزراعة الملحية والشبكة الإسلامية للزراعة الملحية.
ويتعاون المركز مع عدد من الهيئات والمنظمات الإقليمية، مثل المنظمة العربية للتنمية الزراعية، والمركز العربي لدراسات المناطق الجافة والأراضي القاحلة (أكساد)، والهيئة العربية للاستثمار والإنماء الزراعي، والصندوق العربي للإنماء الاقتصادي والاجتماعي، ومدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية، وشركة بحار في السعودية. ودولياً، يتعاون المركز في مشاريعه مع منظمة الأغذية والزراعة (الفاو)، والوكالة الدولية للطاقة الذرية، وبرامج المجموعة الاستشارية للبحوث الزراعية الدولية وخصوصاً المركز الدولي للبحوث الزراعية في المناطق الجافة (ايكاردا) والمعهد الدولي لبحوث المحاصيل في المناطق المدارية شبه الجافة (إكريسات)، والمعهد الدولي لإدارة المياه، والصندوق الدولي للتنمية الزراعية (ايفاد)، ومنظمة الأبحاث العلمية والصناعية لدول الكومونولث. وينفذ المركز برامج مع وزارات الزراعة في دول عربية وإسلامية مثل السودان وايران وبنغلادش وباكستان.
المشكلة: الميزانية التشغيلية
هل تواجه المركز أية معوقات في عمله؟ يقول الدكتور العطار: "ان أهم المشكلات التي تواجه المركز اليوم تتمثل في تناقص وقلة دعم الميزانية التشغيلية التي من خلالها يتم التوسع وتوظيف الخبراء وشراء التكنولوجيا للقيام بالمشاريع. وفي المقابل، فإن المشاريع التي ينفذها المركز لخدمة الدول الإسلامية النامية تنال الدعم من منظمات وبنوك تنمية دولية، ولكن لا تستخدم تلك الأموال في الموازنات التشغيلية للمركز. وهكذا فإن الكثير من الدول الإسلامية في حاجة إلى خبرات المركز، والصناديق العربية والدولية مستعدة لتمويل مشاريعنا في الدول الفقيرة، ولكن العجز في الميزانية التشغيلية يعرقل تطوير الموارد البشرية والفنية والتكنولوجية".
وتجدر الإشارة إلى أن حكومة دبي أعفت المركز من دفع فواتير المياه الجوفية المستخدمة في التجارب الحقلية. وساهم الشيخ منصور بن زايد آل نهيان وزير شؤون الرئاسة في العام 2004 بمبلغ 450 ألف دولار كدعم من دولة الإمارات للتغلب على العجز في الميزانية التشغيلية.
 
 
 
 

اضف تعليق
*الاسم الكامل  
*التعليق  
CAPTCHA IMAGE
*أدخل الرمز  
   
 
بندر الأخضر صديق البيئة
(المجموعة الكاملة)
البيئة والتنمية
 
اسأل خبيرا
بوغوص غوكاسيان
تحويل النفايات العضوية إلى سماد - كومبوست
كيف تكون صديقا للبيئة
مقاطع مصورة
 
احدث المنشورات
البيئة العربية 9: التنمية المستدامة - تقرير أفد 2016
 
ان جميع مقالات ونصوص "البيئة والتنمية" تخضع لرخصة الحقوق الفكرية الخاصة بـ "المنشورات التقنية". يتوجب نسب المقال الى "البيئة والتنمية" . يحظر استخدام النصوص لأية غايات تجارية . يُحظر القيام بأي تعديل أو تحوير أو تغيير في النص الأصلي. لمزيد من المعلومات عن حقوق النشر يرجى الاتصال بادارة المجلة
©. All rights reserved, Al-Bia Wal-Tanmia and Technical Publications. Proper reference should appear with any contents used or quoted. No parts of the contents may be reproduced in any form by any electronic or mechanical means without permission. Use for commercial purposes should be licensed.