Sunday 22 Dec 2024 |
AFED2022
 
AFEDAnnualReports
Environment and development AL-BIA WAL-TANMIA Leading Arabic Environment Magazine
المجلة البيئية العربية الاولى
 
مقالات
 
رجب سعد السيد قضية الجندي آفـــي: تفضح النشاط الكيميائي العسكري الإسرائيلي  
تشرين الثاني (نوفمبر) 2002 / عدد 56
 نقلت وكالة "أسوشييتد برس" في 11 أيلول (سبتمبر) 2002 ـ يا لغرابة المصادفة! ـ حكاية مجند إسرائيلي سابق يشكو من إصابة متفاقمة بالسرطان، ويقول إن السبب المباشر لهذه الإصابة هو عمله في ظروف غير آمنة في أحد مختبرات الأسلحة الكيميائية.
ذلك المجند، الذي اكتفي بإعلان اسمه الأول "آفــي"، حاصل على درجة دكتوراه في الكيمياء، ويعمل حالياً باحثاً في مجال كيمياء السموم. وهو يطالب الجيش الإسرائيلي بتعويضات مالية وبتحمل نفقات علاجه من الداء الخطير. فخلال فترة تجنيده الإجباري التي استمرت ثلاث سنوات في ثمانينيات القرن الماضي، عمل كمساعد باحث في أحد مختبرات الجيش الإسرائيلي، التي تحيط بها أعلى درجات السرية، والتي كانت مهمتها تطوير طرق لتطهير الأفراد والمعدات والأسلحة من التلوث الكيميائي، وإيجاد وسائل سريعة ودقيقة للكشف عن الغازات السامة، واختبار كفاءة الملابس العسكرية الواقية من "ضربات الغاز".
يقول آفـي إنه وزملاءه من المساعدين الفنيين، بل والعلماء المجندين، كانوا يزاولون أعمالهم داخل المختبر في ظروف اعتيادية، وإن أحداً من رؤسائهم لم يهتم بتوفير وسائل الأمان التي تجنبهم التعرض المباشر للمواد السامة والخطيرة. كما أن أحداً لم يلفت انتباههم للمخاطر التي يتضمنها عملهم في ذلك المختبر الفائق السرية، فلم تكن لهم أردية خاصة، بل كانوا يرتدون الزي العسكري الرسمي، ووسيلة الحماية الوحيدة التي عرفوها كانت واقيات زجاجية للأعيـن. وكانت اصابات الحروق تحدث كل يوم، حتى أصبحت أمراً معتاداً. ويضيف آفي: "إنني الآن أحمل أعلى الدرجات العلمية في الكيمياء، وأستطيع أن أؤكد أن المواد التي كنا نتداولها في المختبر العسكري كانت على درجة عالية من الخطورة، ومعظمها كان من النوع المسرطن. ولكننا، في ذلك الوقت، قبل أكثر من عشرين سنة، كنا نجهل طبيعتها المهلكة، فغاب عنا اتخاذ الاحتياطات الضرورية لاتقاء أذاها. وهكذا، كنا نتعرض لها في كل يوم، وكان اهتمام قادتنا يتركز بالدرجة الأولى على توفير أعلى درجات السرية لبرامج العمل في المختبر".
بدأ آفي يتنبه لما كان يتعرض له من أخطار حين تقدم في أبحاثه ودراساته. وعثر في الإنترنت على موقع عسكري أميركي نشر علانية حقائق عن المواد التي تعرض لها في ذلك المختبر، وفيها تأكيدات على أنها ذات طبيعة مسرطنة تشوه المادة الوراثية في الخلية.
الرقابة العسكرية الاسرائيلية رفضت ـ بطبيعة الحال ـ الإعلان عن أسماء وخصائص المواد التي ذكرها آفي في ادِّعـائــه. وتقاعست وزارة الدفاع والجيش الإسرائيلي عن إبداء موقفيهما من القضية. ثم أذاع "راديو إسرائيل" مؤخراً تصريحاً مقتضباً صادراً عن الوزارة، بأنه لم يثبت وجود علاقة بين السرطان الذي أصيب به المجند السابق وعمله في المختبر العسكري. كما أذاع الراديو بياناً مشابهاً للجيش الإسرائيلي، جاء فيه أن المختبر الذي أدى فيه آفي خدمته العسكرية الإجبارية لم يكن يستخدم الغازات السامة الأصلية، بل كان يجري تجاربه باستخدام مواد بديلة أقل خطورة. وقد ردَّ آفي على هذا البيان بأن المختبر كان يستخدم كلا النوعين: الغاز السام بذاته، والمواد البديلة.
وانتهت الزوبعة التي أثارها ذلك المجند، ضحية النشاط الكيميائي العسكري الإسرائيلي، الى تشكيل وزارة الدفاع لجنة للتحقيق في ادعاءاته. ويتوقع آفي أن تنحاز اللجنة ضده، فهي تابعة لوزارة الدفاع، التي سبق أن أعلنت رسمياً انتفاء الصلة بين مرضه وعمله في مختبر الحرب الكيميائية. وفي حال عدم إنصاف تقرير اللجنة له، فإنه سوف يتوجه بقضيته إلى المحاكم المدنية.
وكان القضاء المدني الإسرائيلي سبق أن نظـر في قضية مشابهة، أقامها عدد من أفراد القوات الخاصة الإسرائيلية ضد الجيش بعدما اكتشفوا إصابتهم بأنواع من السرطان. وقد ربطوا بين مرضهم وقيامهم بتدريبات في ميناء كيشون، على الساحل الإسرائيلي للبحر المتوسط، كانت تضطرهم للغوص فترات طويلة تحت مياه الميناء الملوثة.
إن قضية الجندي آفي قد لا تهمنا في كثير أو قليل، لكنها قرينة دامغة، قادمة من "داخل البيت"، تتضمن إشارات واضحة إلى أن لإسرائيل نشاطها القديم والمتقدم في إنتاج وتطوير الأسلحة الكيميائية. وهو نشـــاط لا يزعج أحداً في العالم، ولا تذهب من أجله لجان تفتيش إلى إسرائيل. كما يجب ألاَّ تخفى علينا الإشارة الكامنة في قضية أفراد القوات الخاصة. فأي ملوثات بحرية تلك التي أصابتهم بالسرطان؟ وهل ذلك التلوث محلي، قاصر على تلك البقعة في ميناء كيشون؟ وهل توقف مصدر تلك الملوثات المسرطنة، أم انه لا يزال نشطاً، يهدد الحوض الشرقي للبحر المتوسط، بل ربما البحر كله، بالملوثات الخطيرة التي يتكتم الجيش الإسرائيلي عن أسرارها؟
 
 
 
 

اضف تعليق
*الاسم الكامل  
*التعليق  
CAPTCHA IMAGE
*أدخل الرمز  
   
 
بندر الأخضر صديق البيئة
(المجموعة الكاملة)
البيئة والتنمية
 
اسأل خبيرا
بوغوص غوكاسيان
تحويل النفايات العضوية إلى سماد - كومبوست
كيف تكون صديقا للبيئة
مقاطع مصورة
 
احدث المنشورات
البيئة العربية 9: التنمية المستدامة - تقرير أفد 2016
 
ان جميع مقالات ونصوص "البيئة والتنمية" تخضع لرخصة الحقوق الفكرية الخاصة بـ "المنشورات التقنية". يتوجب نسب المقال الى "البيئة والتنمية" . يحظر استخدام النصوص لأية غايات تجارية . يُحظر القيام بأي تعديل أو تحوير أو تغيير في النص الأصلي. لمزيد من المعلومات عن حقوق النشر يرجى الاتصال بادارة المجلة
©. All rights reserved, Al-Bia Wal-Tanmia and Technical Publications. Proper reference should appear with any contents used or quoted. No parts of the contents may be reproduced in any form by any electronic or mechanical means without permission. Use for commercial purposes should be licensed.