تلوث الهواء هو واحد من الكوارث البيئية والصحية التي حلت بلبنان بسبب أعمال القصف واستهداف خزانات الوقود التابعة لمعامل الطاقة، خاصة في منطقة الجية الساحلية. ان احتراق كميات كبيرة من مادة الفيول أويل على مدى عدة أسابيع في معمل الجية الحراري أدى الى نشوء حالة تلوث شديدة بسبب كثافة الغازات الناتجة عن هذا الاشتعال، خاصة اوكسيدات الكبريت والكربون والنيتروجين. يضاف الى هذه الغازات الدخان الأسود الكثيف الناتج عن الاحتراق غير الكامل للفيول أويل. هذا الاحتراق غير الكامل يؤدي الى مضاعفة نسبة الغازات الصادرة عنه، وبالتالي يضاعف كثافة الملوثات في الهواء. وقد أشارت تقارير المستشفيات والمراكز الطبية في المناطق القريبة من المعمل الى ازدياد ملحوظ في عدد الحالات المرضية المتعلقة بالجهاز التنفسي تحديداً خلال فترة الحرب.
أما الفيول أويل المتسرب الى مياه البحر، والذي امتد على مسافة تجاوزت 130 كيلومتر حتى وصل الى الشواطئ السورية شمالاً، فهو كذلك مصدر لتلوث الهواء. وتشير تقديرات وزارة البيئة الى ان قرابة 2000 طن من هذه المادة تبخرت بفعل العوامل المناخية والحر الشديد، وبالتالي فإن سكان المناطق الساحلية على طول الشاطئ اللبناني معرضون لتنشق هذه الأبخرة التي يمكن أن تؤدي الى أمراض سرطانية وتنفسية مختلفة.
المصدر الثالث لتلوث الهواء يكمن في النتائج المباشرة للقصف ونوعية الأسلحة المستعملة للقتل العشوائي للبشر، اضافة الى الغبار الكثيف الصادر عن الانفجارات في المناطق المستهدفة. وقد عانى الكثير من المراسلين والاعلاميين، الذين استطاعوا الدخول الى منطقة الضاحية الجنوبية لساعات قليلة، من حالات حكاك وطفح جلدي وبعض البقع الحمراء في اليدين والوجه. وقد نصح هؤلاء، وكل العاملين الآن على ازالة الركام، بوجوب استعمال كمامات للتخفيف من تنشق الملوثات الموجودة حالياً في الهواء.
وفي الختام، تجدر الاشارة الى أن عمليات ازالة الركام وبدء الاعمار سوف تشكل مصدراً هائلاً للغبار والضجيج. وبالتالي، يجب اتخاذ التدابير اللازمة واعتماد التقنيات الحديثة للتخفيف من هذه المشاكل قدر الامكان.
الدكتور فريد شعبان أستاذ الكهرباء والطاقة في كلية الهندسة في الجامعة الأميركية في بيروت.
|