نسمع من وقت الى آخر عن فقدان مواد نووية ومشعة. وقد تكون المعلومات التي تحصل عليها وكالة الطاقة الذرية التابعة للأمم المتحدة حول هذه الأحداث جزءاً ضئيلاً مما يحدث. ويحذر خبراء من خطر فقدان أو سرقة مواد مشعة عالية التخصيب، لأن عناصر إرهابية قد تحاول استعمالها لصنع سلاح نووي خام أو ما يدعى «قنبلة قذرة».
وأفاد خمار مرابط، مدير مكتب الأمن النووي في الوكالة، عن إحراز تقدم خلال السنوات الأخيرة لمنع حدوث ذلك. لكنه أضاف، على هامش اجتماع استضافته الوكالة في فيينا في تموز (يوليو) 2013 لأكثر من 100 دولة حول ضمان عدم وقوع مواد نووية في الأيدي الخطأ: «يجب أن نرفع قدراتنا باستمرار، لأن هناك أيضاً أشراراً يحاولون رفع قدراتهم في الإفلات من فعلتهم. التهديد عالمي لأن هؤلاء الأشخاص يعملون بلا حدود».
تساعد الوكالة دولاً على مكافحة تهريب اليورانيوم أو البلوتونيوم أو مواد أخرى يمكن استعمالها لصنع سلاح نووي أو قنبلة قذرة تستخدم فيها متفجرات تقليدية لنشر المواد المشعة عبر مساحة واسعة، ما يتسبب بأخطار صحية ونفقات ضخمة على أعمال التنظيف.
ويتم الإبلاغ عن نحو 200 حالة سنوياً الى «قاعدة بيانات الحوادث والتهريب» في الوكالة. ويشارك أكثر من 120 بلداً في مشروع تبادل المعلومات هذا، الذي يشمل السرقة والتخريب والوصول غير المصرح به إلى المواد المشعة والتحويلات المالية غير القانونية.
وأكد مرابط أن معظم الحوادث لم تكن خطيرة من ناحية الأمن النووي، لكن بعضها كان جدياً إذ اشتمل على مواد نووية مثل اليورانيوم أو البلوتونيوم. وأضاف أن هذه الحوادث تعني أن «المواد ما زالت خارج السيطرة النظامية».
في إحدى الحالات التي تم الابلاغ عنها، صادر رجال الشرطة في مولدوفا (السوفياتية سابقاً) قبل سنتين كمية من اليورانيوم العالي التخصيب نقلها مهربون في مستوعب مدرَّع لتفادي كشفها، ما يشير إلى تطور حيل هذه العصابات. لكن بعكس ما كان يحدث خلال تسعينات القرن الماضي، بعدما أدت الحرب الباردة وانهيار الاتحاد السوفياتي إلى إضعاف السيطرة على ترسانته النووية، فان الحالات القليلة التي يتم الابلاغ عنها حالياً تشتمل على غرامات من اليورانيوم أو البلوتونيوم المخصّب، وليس على كيلوغرامات. وقال مرابط: «لقد تحسنت أوضاع كثيرة».
ويقول محللون إن في وسع مجموعات متطرفة، نظرياً، صنع سلاح نووي بدائي ولكن مميت، اذا توفر لها المال والخبرة التقنية والكمية المطلوبة من المواد القابلة للانشطار مثل اليورانيوم أو البلوتونيوم العالي التخصيب. لذا يجب حماية هذه المواد في المرافق المدنية والعسكرية على حدّ سواء.
إذا وضعت كمية بلوتونيوم بحجم تفاحة في سلاح نووي وتم تفجيرها في منطقة مكتظة بالسكان، فيمكن أن تقتل وتجرح مئات آلاف الأشخاص على الفور، بحسب «مجموعة خبراء حوكمة الأمن النووي» (NSGEG). ولأن العثور على مواد مشعة بات أقل صعوبة، وصنع السلاح بات أكثر سهولة، يقول خبراء إن «القنبلة القذرة» باتت تهديداً أكثر احتمالاً من قنبلة نووية.
تستخدم في القنابل القذرة متفجرات تقليدية لنشر الاشعاع من مصدر مشع يمكن العثور عليه في مستشفيات أو مصانع أو أماكن أخرى لا تحظى بحماية مشددة. وقد جاء في مقال كتبه جورج مور، المحلل الرئيسي السابق في وكالة الطاقة الذرية ونشر في «دورية العلماء الذريين» في حزيران (يونيو) الماضي: «يعتقد خبراء كثيرون أن استعمال قنبلة قذرة أو سلاح آخر ناشر للإشعاع ليس إلا مسألة وقت».
|