مشاريع وتشريعات
لحماية البيئة في لبنان
منذ تسلّم الوزير ناظم الخوري حقيبة البيئة في لبنان عام 2011، عمل في أكثر من اتجاه لتحسين الأوضاع البيئية في البلاد. وذلك بالتعاون مع الجهات المعنية والأطراف المانحة، وفي مقدّمها برنامج الأمم المتحدة الإنمائي الذي يدير ثمانية مشاريع مشتركة مع الوزارة. ويهدف عدد من هذه المشاريع إلى حلّ قضايا بيئية معينة، كالنفايات الصلبة والطبية والطيور المهاجرة وطبقة الأوزون، في حين يركز جانب آخر على الإطار القانوني والتنظيمي وعلى التوعية.
شكل الشق الخاص بتطوير التشريعات وتعزيز الوعي جانباً من مشروع "الدعم المؤسسي لوزارة البيئة" بالتعاون مع برنامج الامم المتحدة الإنمائي. وتم في هذا الإطار إعداد تقرير عن واقع البيئة في لبنان، صدر عام 2011 بثلاث لغات، تلاه في العام 2012 تقرير لبنان إلى مؤتمر الأمم المتحدة حول التنمية المستدامة (ريو+20) الذي شاركت في وضعه جهات حكوميةً ومن المجتمع المدني والقطاع الخاص.
وخلال فترة الأشهر الـ18 المنصرمة، قام مشروع الدعم المؤسسي بتنسيق عملية إعداد برنامج عمل الوزارة تحت شعار "البيئة السياسية في خدمة السياسة البيئية"، وذلك بطريقة تشاورية، مع إعداد جداول دورية بتقدّم العمل.
ولكي لا يبقى البرنامج حبراً على ورق، تم توفير الموارد المالية الآتية للمساعدة في تطبيق البرنامج:
ـ توقيع هبة بقيمة 8 ملايين يورو مع الاتحاد الاوروبي لتنفيذ مشروع تطوير الحوكمة البيئية.
ـ الإعداد لهبة بقيمة 12 مليون يورو من الاتحاد الاوروبي لتعزيز النمو المستدام وفرص العمل، من المتوقّع أن يبدأ تنفيذها في مطلع 2013.
ـ بدء الاعداد لهبة بقيمة 33 مليون يورو من الاتحاد الأوروبي لدعم تحديث البنية التحتية مع مراعاة التغيّر المناخي، ومن المتوقّع أن يبدأ التنفيذ في مطلع 2014.
ـ متابعة الإعداد لمشروع متكامل للحد من التلوّث المركزي المصدر، بالتنسيق مع البنك الدولي، بقيمة مرتقبة للمرحلة الاولى قدرها نحو 20 مليون دولار يشكل قروض ميسّرة.
ـ المشاركة في مشروع إقليمي مموّل من مرفق البيئة العالمي عبر البنك الدولي حول "الحوكمة ونقل المعرفة في بلدان البحر المتوسّط"، حيث ستكون حصّة لبنان نحو300 ألف دولار، تستخدم من جهة لإجراء تقييم بيئي لاستراتيجية قطاع المياه، ومن جهة أخرى لمساعدة فنيّة في مجال التلوّث الصناعي.
ـ تخصيص اعتماد بقيمة خمسة بلايين ليرة (3.33 مليون دولار) ليرة من الموازنة لبدء تأهيل مكبّ صيدا، استناداً بالاستناد إلى المخطط التوجيهي الشامل لإعادة تأهيل المكبّات الذي أعدّه مشروع الدعم المؤسسي.
ـ السعي لتوفير المبالغ اللازمة لتطبيق الخطة الإدارية لمكافحة تلوّث بحيرة القرعون (نحو 150 مليون دولار) التي مشروع الدعم المؤسسي بالتنسيق مع لجنة البيئة النيابية.
مجلس وطني للبيئة
تطوير التشريعات البيئية
تم إقرار عدد من مشاريع القوانين المعدّة سابقاً. فوافق مجلس الوزراء في كانون الثاني 2012 على أربعة مشاريع متصلة بالنيابة العامة البيئية، والمحميات الطبيعية، والإدارة المتكاملة للنفايات الصلبة، وحماية نوعية الهواء. وصدرت في آذار (مارس) 2012 أربعة مشاريع مراسيم تتعلق بالمجلس الوطني للبيئة، وتقييم الأثر البيئي، والتقييم البيئي الاستراتيجي، والالتزام البيئي للمنشآت. وسوف يضم المجلس الوطني للبيئة 14 عضواً من القطاعين العام والخاص ومنظمات المجتمع المدني، وتحديداً، إلى جانب وزارة البيئة، وزارات المالية، والداخلية والبلديات، والزراعة، والأشغال العامة والنقل، والطاقة والمياه، والصناعة، ونقابات الأطباء والمحامين والمهندسين، وجمعية المصارف، وجمعية شركات التأمين، والمؤسسات التي لا تتوخّى الربح، والقطاع الاكاديمي. وتكمن أهمية هذا المجلس في أنه يشكل نوعاً من "جمعية عمومية" للعمل البيئي، ويتيح مشاركة جميع الأطراف والجهات المعنية في رسم السياسات والاستراتيجيات البيئية، مما يساهم في تحسين هذه السياسات والاستراتيجيات إعداداً وتطبيقاً. كذلك يفتح المجلس الوطني الباب أمام إدراج المفاهيم والاعتبارات البيئية في سياسات القطاعات الأخرى واستراتيجياتها بطريقة سلسة.
على الأرض، تولى مشروع الدعم المؤسسي تنسيق تنفيذ مشروعين، أحدهما تركيب سخّانات شمسية بتمويل من ايطاليا في عدد من السجون ودور الأيتام والمستشفيات (900 وحدة)، وإقامة أوّل حَيد بحري اصطناعي في منطقة العبده.
ومن أوجه التعاون الأخرى مع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، مشروع الإدارة المتكاملة للنفايات الصلبة في قضاء بعلبك، الذي بدأ العمل به في كانون الثاني (يناير) 2012. وهو مموّل من الحكومة الإيطالية لمدّة سنتين، ويهدف إلى إعادة تأهيل مكب كيّال الحالي وتزويد اتحاد بلديات بعلبك مطمراً صحياً حديثاً.
وفي موازاة الجهدين التشريعي والميداني، عمل المشروع "الدعم المؤسسي" على خط التوعية البيئية بدعم من الوكالة الإيطالية للتعاون. وتم في هذا الإطار تحديث الموقع الإلكتروني للوزارة، وإطلاق حملة للاقتصاد في استهلاك الطاقة، وتعميم تقرير واقع البيئة في لبنان من خلال الملصقات والمعارض وورش العمل والحلقات الدراسية، وإعداد برنامج للتواصل البيئي. وتم الاحتفال بيوم البيئة العالمي 2012 على نحو مميّز، من خلال إطلاق التقرير الوطني إلى قمّة ريو+20 من القصر الجمهوري؛ وتنظيم اجتماع تقييمي لوزراء البيئة السابقين وآخر للاعلاميين.
النفايات الصحية
يمول مرفق البيئة العالمي (GEF) مشروع تشجيع استخدام أفضل التقنيات والممارسات لتخفيض إنتاج النفايات الصحية، الذي يهدف بشكل خاص إلى تجنب وخفض انبعاثات الديوكسين والزئبق، وبالتالي حماية البيئة والصحة العامة من تأثيراتها. وتم من خلال هذا المشروع، الذي انتهى في كانون الأول (ديسمبر)2012. إنشاء مرافق نموذجية لإدارة نفايات المؤسسات الصحيّة ضمن مستشفى حمود الجامعي في صيدا ومستشفى النبطية الحكومي، وذلك من خلال وضع خطة نموذجيّة لإدارتها، بالإضافة إلى استبدال ميازين الحرارة التي تحتوي على الزئبق ببدائل خالية من هذه المادة الخطرة.
تضمن المشروع أيضاً تطوير برنامج تدريبي حول إدارة نفايات المؤسسات الصحية، وتنظيم دورات تدريبيّة لنحو 85 مدرباً من المستشفيات العامة والخاصة. واستكملت النصوص التشريعية الخاصة بهذا القطاع، من خلال إصدار المسودة الأولى للشروط البيئية لإنشاء وتشغيل مراكز تعقيم نفايات المؤسسات الصحية الخطرة والمعدية، وتحضير إرشادات وشروط لإدارة نفايات المؤسسات الصحية، بدءاً بتخفيف إنتاجها، مروراً بفرزها وجمعها ونقلها وتخزينها ومعالجتها.
تغير المناخ وحماية الأوزون
نفذت الوزارة، بتمويل من مرفق البيئة العالمي وبالتعاون مع برنامجي الأمم المتحدة الإنمائي والبيئي، مشروع "تقييم الاحتياجات التكنولوجية لمكافحة تغيّر المناخ". ويشمل التقرير النهائي للمشروع تقييم الاحتياجات التكنولوجية ذات الأولوية للتخفيف من الانبعاثات الناتجة عن قطاعي إنتاج الطاقة والنقل، ولتكييف قطاعي الموارد المائية والزراعة مع آثار تغير المناخ. كذلك يتضمن خطط عمل في شأن نقل التكنولوجيا إلى لبنان. ويجري العمل حالياً على ثلاثة مشاريع في هذا الإطار، هي التقرير الوطني الثالث لاتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغيّر المناخ، ووضع برنامج لتعزيز القدرات في مجال تخفيف الانبعاثات، ومأسسة التنسيق بين الجهات المعنيّة بالتغيّر المناخي.
وفي إطار تنفيذ البرنامج الوطني لحماية طبقة الأوزون، الذي تتولاه وزارة البيئة بالتعاون مع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي منذ العام 1998 بتمويل من الصندوق المتعدّد الأطراف، تواصل العمل على الحد من استخدام المواد المستنفدة لطبقة الأوزون، وجعل الصناعات التي تستخدمها تتحول إلى مواد بديلة لا تسبب ضرراً للأوزون. وبعد تمكين نحو 100 مصنع من تحقيق هذا التحول، وإنشاء مركز لتجميع الغازات المستعملة وتدويرها، وتدريب مراقبي الجمارك على ضبط عمليات تهريب المواد المستنفدة للأوزون، تم هذه السنة توقيع هبة جديدة بقيمة مليونين ونصف مليون دولار للتخلص النهائي من مواد الهيدروكلوروفلوروكربون المستنفدة لطبقة الأوزون، وبوشر تنفيذ المرحلة الأولى منها.
تطوير مراقبة الموارد البيئية
ويهدف مشروع "تطوير مراقبة الموارد البيئية" المموّل من الحكومة اليونانية، بإدارة برنامجي الأمم المتحدة البيئي والإنمائي والبيئي، إلى تحسين مفهوم الجودة البيئية في لبنان وآثارها على الصحة والأنظمة الإيكولوجية، عبر تطوير مراقبة الموارد البيئية الساحلية والبحرية ورصد نوعية الهواء. من جهة أخرى .وقد انطلق المشروع في صيف 2011 ويمتدّ عامين، وأنجز الدراسات الأوّلية تمهيداً لوضع برامج إدارية وسياسات بيئية مناسبة. وهو يلحظ دعم قدرات وزارة البيئة لقياس الملوثات الهوائية ومراقبتها.
ويسعى مشروع الطيور المهاجرة في معبر الوادي المتصدع – البحر الأحمر، الذي يموّله مرفق البيئة العالمي، إلى الحدّ من الانتهاكات التي تتعرض لها الطيور. وقد انطلق في مطلع 2010 ويمتدّ ثلاث سنوات، ويلحظ تحديد خريطة الصيد البري في لبنان بالتنسيق مع البلديات، وإقامة ورشات تدريبية لقوى الأمن الداخلي وأمناء الأحراج لتمكينهم من التمييز بين أنواع الطيور.
واستكمالاً للاستراتيجية الوطنية لحماية الثروة الحرجية في لبنان وإعادة تأهيلها، التي وضعتها وزارة البيئة سابقاً، يعمل مشروع المحافظة على موارد لبنان الحرجية وإعادة تأهيلها(2009-2014) المموّل من مرفق البيئة العالمي، على تجارب ميدانية لتطوير هذه الاستراتيجية وتحسين نتائجها.
ثمة من يسعى إلى إبعاد البيئة عن "زواريب" السياسة والتركيز على "السياسة البيئية"، بالتعاون مع الجهات الشريكة والداعمة. ولكن في ظل التجاذبات المجلية والإقليمية الطاغية وشبه الشلل في المؤسسات، هل تفلح وزارة البيئة في تنفيذ مشروع بيئي على نطاق البلاد، وليس على نطاق نموذجي؟ وكيف نرى تشريعات إصلاحية وسياسات بيئية صالحة والمشرِّعون لا يجتمعون ليشرِّعوا؟