Thursday 21 Nov 2024 |
AFED2022
 
AFEDAnnualReports
Environment and development AL-BIA WAL-TANMIA Leading Arabic Environment Magazine
المجلة البيئية العربية الاولى
 
مقالات
 
وحيد مفضل أوروبا تتصحّر وتراب أفريقيا يصل الى أميركا  
تشرين الأول (أكتوبر) 2007 / عدد 115
 لا جدل في أن ظاهرة التصحر وتحول الأراضي الزراعية الخصبة إلى أراض قاحلة غير منتجة تعد من أخطر المشكلات البيئية التي تواجه العالم حالياً. فهي تفرض أعباء وتداعيات اجتماعية واقتصادية وسياسية ممتدة ويصعب حلها. ولقد تفاقمت حدة هذه الظاهرة المدمرة بشكل لافت، واتسع نطاق الدول المتأثرة بها إلى أكثر من 110 دولة تخسر سنوياً ما يقدر بـ 65 بليون دولار نتيجة بوار الاراضي والتصحر، بحسب تقديرات الأمم المتحدة. وتشير هذه التقديرات أيضاً إلى أن نحو ‏135‏ مليون شخص يتضررون بشكل أو آخر من آثار التصحر حالياً، ويتوقع معه أن يضطر نحو 50 مليوناً منهم إلى هجر مواطنهم والنزوح إلى مناطق أخرى أكثر اخضراراً بحلول سنة ‏2020.‏
من هنا ليس غريباً أن يولي المجتمع الدولي اهتماماً خاصاً بهذه الظاهرة. وقد أبرمت اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر ودخلت إلى حيز التنفيذ عام 1996، وتم تخصيص يوم عالمي لمكافحة التصحر في 17 حزيران (يونيو)، وسنة دولية للتصحر (2006)، وأقيمت ندوات ومؤتمرات إقليمية ودولية لبحث أسباب هذه الظاهرة وتحديد سبل مواجهتها ومكافحتها.
في هذا الإطار، استضافت العاصمة الاسبانية مدريد في 3 ـ 14 أيلول (سبتمبر) المؤتمر الثامن لأطراف اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر، بمشاركة ما يقرب من 2000 خبير ينتمون إلى 191 دولة. وتمثل الغرض الأساسي للمؤتمر في تحديد الأولويات المستقبلية وإعداد خطة عمل استراتيجية محددة على مدى عشر سنين من أجل مكافحةاتساع هذه الظاهرة التي تلتهم سنوياً نحو 10 ملايين هكتار من الأراضي الزراعية المنتجة في العالم.
التصحر في اسبانيا وظاهرة "الأفرقة"
قد يبدو لكثيرين أمراً غريباً أن يقام مؤتمر أممي عن التصحر في العاصمة الاسبانية، باعتبار الدولة المضيفة من بلاد الثلج الأوروبية وبعيدة جداً عن حزام الصحارى الممتد عبر جميع قارات العالم إلا أوروبا. لكن هذه الدهشة ستزول عند معرفة أن اسبانيا أصبحت مهددة الآن بخطر التصحر، وأنها تسير بخطى ثابتة على طريق "الأفرقة"، كما يحلو للبعض التشبيه، أي جفاف أراضيها وتحول مناخها بشكل يماثل طبيعة الأراضي والمناخ السائد في الصحراء الكبرى وشمال أفريقيا. فبحسب ما قالت وزيرة البيئة الاسبانية كريستينا نربونا، أصبح التصحر يهدد فعلياً أكثر من ثلث مساحة البلاد، وتعتبر الأجزاء الجنوبية الغربية وجزر الكناري المواجهة للسواحل المغربية من أكثر المناطق تأثراً.
ولكن يبدو أن المشكلة أكثر تعقيداً، خصوصاً إذا علمنا أن اسبانيا تعاني بشكل مزدوج من آثار التصحر. فمن جهة، يتعرض جزء كبير من أراضيها وتربتها الزراعية للتآكل والتصحر بدرجة متسارعة. ومن جهة أخرى، تستقبل الدولة سنوياً مئات الألوف من المهاجرين غير الشرعيين النازحين من منطقة الساحل الأفريقي وشمال غرب أفريقيا بسبب التصحر وبوار الأراضي الزراعية. وإذا أضفنا هذا إلى مشاكل التصحر الأخرى، ومنها العواصف الترابية التي تنطلق من الصحراء الكبرى في أفريقيا، ومن غيرها، ضاربة الأجواء والأراضي الاسبانية وجنوب أوروبا عموماً من آن الى آخر بطبقة كثيفة من الغبار والأتربة الناقلة للأمراض والآفات، تصبح استضافة اسبانيا أو أي دولة أوروبية أخرى لمؤتمر من هذا النوع أمراً طبيعياً لا يدعو الى الدهشة على الإطلاق.
عولمة التصحر
على رغم إخفاق المؤتمر في اعتماد التمويل اللازم لتسيير خطة العمل الاستراتيجية والأولويات المستقبلية التي أمكن الاتفاق عليها، إلا أن مداولات الأطراف أفادت في تسليط الضوء على أبعاد ومفاهيم جديدة بخصوص التصحر.
البعد الأول هو الآثار الكونية للتصحر، أو ما يسمى "عولمة التصحر". فعلى رغم أنه غالباً يتركز في مناطق أو أقاليم معينة، إلا أن الأضرار السياسية والاجتماعية والمشاكل المنبثقة منها عموماً يمكن أن تهدد العالم بأسره. وهذا من واقع ما تفرضه هذه الظاهرة المدمرة من قلاقل دولية وإقليمية ونزاعات مسلحة وهجرات جماعية، كنتيجة لتزايد المجاعات والصراع على الموارد المائية والغذائية.
من الاعتبارات الأخرى التي ترسخ فكرة عولمة التصحر امتداد آثاره البيئية إلى مناطق أبعد كثيراً من البلاد أو المناطق المتضررة أو حتى المجاورة لها. ومن ذلك ما يقال عن "هجرة غبار الصحراء الكبرى" من أفريقيا إلى السواحل الأميركية المواجهة، عبر المحيط الأطلسي ولمسافة تزيد على 6500 كيلومتر، وتسبب هذا الغبار في انتشار مجموعة من الأمراض الطفيلية للإنسان والحيوانات الفطرية، كما حصل في سواحل فلوريدا والمناطق المجاورة. ويماثل ذلك تأثير غبار صحراء غوبي في الصين على صحة الموائل الطبيعية في اليابان.
تشمل الآثار البيئية للتصحر أيضاً زيادة نسبة الغبار في الجو، وهذا بدوره يؤدي إلى زيادة شدة ومعدل حدوث العواصف الترابية، وتغيير أنماط هطول الأمطار ومعدلاتها في مناطق عديدة من العالم، كما يمكن أن يؤدي إلى تفشي بعض الأمراض الوبائية الخطيرة من خلال انتقال الميكروبات المحمولة مع الغبار جواً. وهذا ليس بمستبعد، خصوصاً إذا علمنا أن غراماً واحداً من الغبار العالق في الجو يمكن أن يحتوي على 10 آلاف خلية بكتيرية، قد يكون ثلثها أو أكثر ممرضاً وضاراً بالكائنات الحية. كما أن هذه الجراثيم تتميز بالقدرة على تحمل العوامل الجوية القاسية، ما يعني إمكان انتقالها من مكان إلى آخر، بل من قارة إلى أخرى، من دون أن تتأثر أو تخمد قدرتها على نقل الأمراض.
وقد أشار ولي عهد اسبانيا الأمير فيليب إلى فكرة عولمة التصحر في كلمته الافتتاحية للمؤتمر، بطريقة غير مباشرة، حينما شدد على أن "مشكلة التصحر تعد من أخطر التحديات التي تواجه المجتمع البشري حالياً"، وحينما حاول لفت نظر المؤتمرين إلى الآثار الكونية للتصحر بقوله: "يجب الانتباه إلى أن مشاكل التصحر لا تقتصر على الأماكن المتأصلة فيها، بل تمتد إلى مناطق أخرى بعيدة جداً".
الاحتلال يصحّر الأرض
من الأبعاد الجديدة التي أفاد المؤتمر أيضاً في تسليط الضوء عليها الارتباط الوثيق والعلاقة التبادلية بين التصحر والمشكلات البيئية الأخرى، وعلى الأخص قضيتي فقد التنوع البيولوجي والتغير المناخي. وقد حاول ايفو دي بوير، السكرتير التنفيذي لاتفاقية الأمم المتحدة الاطارية لتغير المناخ، لفت الانتباه إلى أن التصحر والتغير المناخي وجهان لعملة واحدة. أي أن كلاً منهما يمكن أن يؤدي إلى الآخر، بحيث يسهم التصحر في زيادة وتيرة التغير المناخي نتيجة فقد مساحات كبيرة من الغطاء النباتي الممتص لثاني أوكسيد الكربون، كما يمكن أن يؤدي التغير المناخي إلى تعرض مناطق جديدة للجفاف، ومن ثم التصحر، بسبب تغير نمط وخريطة توزّع الأمطار السائدين حالياً. الأمر نفسه ينطبق على العلاقة بين التصحر وفقد التنوع البيولوجي. وهذا كله يعني في المجمل أن التراخي في علاج مشكلة التغير المناخي أو التنوع البيولوجي سوف يؤدي بلا شك إلى تفاقم مشكلة التصحر مستقبلاً، والعكس صحيح.
هذا بدوره يوضح أهمية توسيع وتعزيز مفهوم الشراكة بين الجهود الدولية وآليات العمل الخاصة بالاتفاقيات الأممية الثلاث الخاصة بالتصحر والتغير المناخي والتنوع الأحيائي، باعتبار أن تنسيق الجهود القائمة سيفيد في الوصول إلى الأهداف المرجوة بسرعة وعبر أقصر طريق. وقد شدد المؤتمر في إعلانه الختامي على هذه الحقيقة، وعلى أهمية دور الهيئات المحلية في مكافحة التصحر، وأهمية تفعيل دور النساء والشباب في الجهود القائمة لوقف اتساع هذه الظاهرة.
من المفاهيم الجديدة التي تم طرحها في المؤتمر دور الاحتلال في زيادة التصحر وإعاقة جهود مكافحته. وهو المفهوم الذي قدمه رئيس الوفد السوري الدكتور نصرالدين خيرالله. فهو قدم وجهة نظر موثقة عن تداعيات الاحتلال الإسرائيلي على أراضي الجولان السورية، ودور قوات الاحتلال في تهجير أكثر من 450 ألف سوري منها، والاستيلاء على مواردها الغذائية والمائية، وهي كلها من الممارسات التي ساهمت في تصحر تلك المنطقة.
ومثلما قدم المؤتمر آليات ومفاهيم جديدة، قدم أيضاً صورة نمطية محزنة عن شح الدول الغنية وتلكؤها المعهود في دعم الاتفاقيات الدولية. فقد تمنعت اليابان والولايات المتحدة عن تقديم الدعم المادي اللازم لإقرار خطة العمل الاستراتيجية المتفق عليها، ليبقى نقص التمويل كما هو دائماً عقبة على طريق تفعيل الآليات المقترحة والمفاهيم الجديدة.
 
 

التعليقات
 
Utkarsh
This "free sharing" of inmtfraoion seems too good to be true. Like communism.
Fadime
People nolrmaly pay me for this and you are giving it away! http://iwweeijpvkk.com [url=http://ejxxauy.com]ejxxauy[/url] [link=http://hydydvowotc.com]hydydvowotc[/link]
Carlester
Way to use the internet to help people solve prsbelmo! http://ecwvclfyjub.com [url=http://ncdqctbsg.com]ncdqctbsg[/url] [link=http://vtqqwc.com]vtqqwc[/link]
 
 

اضف تعليق
*الاسم الكامل  
*التعليق  
CAPTCHA IMAGE
*أدخل الرمز  
   
 
بندر الأخضر صديق البيئة
(المجموعة الكاملة)
البيئة والتنمية
 
اسأل خبيرا
بوغوص غوكاسيان
تحويل النفايات العضوية إلى سماد - كومبوست
كيف تكون صديقا للبيئة
مقاطع مصورة
 
احدث المنشورات
البيئة العربية 9: التنمية المستدامة - تقرير أفد 2016
 
ان جميع مقالات ونصوص "البيئة والتنمية" تخضع لرخصة الحقوق الفكرية الخاصة بـ "المنشورات التقنية". يتوجب نسب المقال الى "البيئة والتنمية" . يحظر استخدام النصوص لأية غايات تجارية . يُحظر القيام بأي تعديل أو تحوير أو تغيير في النص الأصلي. لمزيد من المعلومات عن حقوق النشر يرجى الاتصال بادارة المجلة
©. All rights reserved, Al-Bia Wal-Tanmia and Technical Publications. Proper reference should appear with any contents used or quoted. No parts of the contents may be reproduced in any form by any electronic or mechanical means without permission. Use for commercial purposes should be licensed.