تمّ الإعلان مؤخراً عن أزمات إنسانية في السودان واليمن والنيجر ومالي والصومال، وهذه أثّرت على ما لا يقل عن 450.000 شخص، ويعود ذلك إلى الفيضانات والانهيارات الأرضية. ومن المرجح أن تتعرض المناطق ذات التغطية الشجرية المنخفضة ونوعية التربة السيئة للفيضانات والجفاف، حيث ان التربة أقل قدرة على الاحتفاظ بمياه الأمطار الغزيرة.
ترحب دول مثل المغرب، المعرضة بشدة للجفاف لفترات طويلة، بجهود إعادة التشجير لتحسين الزراعة. وبالشراكة مع المجتمع المدني، ستزرع الحكومة المغربية 800 ألف شجرة في جميع أنحاء البلاد بحلول عام 2024.
مثل المغرب، يتجه الكثيرون إلى الحراجة الزراعية، أو زراعة الأشجار، كحلّ صديق للبيئة لقضايا المناخ. وعلى الصعيد العالمي، يتم استخدام ما لا يقل عن 650 مليون هكتار من الأراضي (13.3 في المئة من إجمالي الأراضي الزراعية) لأنظمة الحراجة الزراعية. كما تؤدي زراعة الأشجار إلى تنويع الزراعة.
وتشير التقديرات إلى أن مزارع الغابات يمكن أن تكون أكثر ربحية بثمانية أضعاف من المحاصيل الأساسية مثل الحبوب، الأمر الذي يمكن أن يزيد من دخل المزارعين ويحدّ من الفقر في المناطق القروية.
إزالة الغابات والفقر مترابطان معا ً
حوالي 30 في المئة من 821 مليون شخص يعانون من سوء التغذية في العالم يعيشون في أفريقيا، وهو أعلى معدل انتشار حسب المنطقة. على الرغم من التحسينات الإجتماعية والإقتصادية في المغرب (خرج 1.7 مليون مغربي من براثن الفقر في العقد الماضي)، لا يزال الجفاف يهدد الإنتاج الزراعي الذي يمثّل 20 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي و30 في المئة من القوة العاملة المغربية. زيمكن أن يؤدي انخفاض غلّة المحاصيل إلى تفاقم الفقر، لا سيما في المناطق القروية، حيث يعمل ثلثا الأشخاص الذين يعيشون في فقر مدقع كعمّال زراعيين.
ومع ذلك، بدأ المزارعون الأفارقة في تنويع مدخولهم، وهي طريقة نجح المغرب من خلالها في تحسين الاقتصادات القروية والحد من الفقر في جميع أنحاء المنطقة. وبالنسبة للمزارعين المغاربة، كان هذا يعني الاستثمار في المحاصيل النقدية، مثل الأشجار المثمرة والأركان، بدلاً من إنتاج المحاصيل الرئيسية، مثل القمح والشعير.
واحة في الصحراء
حدائق الغابات، أو "غابات الطعام" موجودة منذ العصور القديمة. تحتوي هذه الغابات المزروعة على عدة طبقات. الطبقة العليا، عادة الأشجار المثمرة أو الجوز، توفّر الظل وتحبس الرطوبة للنباتات الصغيرة الصالحة للأكل، مثل الشجيرات والمحاصيل الجذرية.
ومن أشهر حدائق الغابات في المغرب، الواقعة في أكادير، غابة إينرارين، وهي عبارة عن شريط من أشجار الفاكهة الإستوائية يغطي حوالي 65 فداناً. وفي حين أن الأصول الدقيقة للغابة لا يمكن تعقبها، يعتقد الكثيرون أنها كانت موجودة منذ 2000 عام على الأقل.
بدأت المنطقة كتجمّع صغير الحجم من النباتات، كبديل لنقل وزراعة مصادر الغذاء بعيداً عن المنزل. وقام السكان المحليون برعاية المنطقة على مدى آلاف السنين، وإنشاء نظام دعم، من الحشرات المفيدة، وتقنيات الزراعة، والمعرفة البستانية التقليدية. وكانت النتيجة النهائية إنشاء نظام بيئي "مستدام ذاتياً"، ما يسمى بواحة الصحراء، حيث يمكن للمنتجات المحلية، مثل الماعز والدجاج وطيور الدراج، أن تعيش داخلها وتساهم في بقاء الأشجار والمحاصيل.
وبالإضافة إلى المواد الغذائية الأساسية والمنتجات غير الأصلية، توفّر هذه الغابات مساحات مظللة حيث يمكن أن يتجمع الهواء البارد الرطب، مما يحافظ على الأرض المحيطة ثابتة ومتأصلة للماء. الهدف من مطوّري الغابات الغذائية هو إنشاء هذه الغابات في المناطق التي تكون فيها التربة عرضة لأن تصبح فضفاضة وجافة.
المرونة من خلال غرس الأشجار
ومن أجل مكافحة آثار الإحتباس الحراري، تتبنى الحكومات مبادرات التشجير. قد تتضمن مبادرة بسيطة غرس الأشجار كنشاط. لقد قامت الحكومة الصينية، على سبيل المثال، بوضع برنامج في عام 1982 لمكافحة آثار تغيُّر المناخ داخل البلاد، ومن خلاله ألزمت جميع المواطنين الأصحاء الذين تتراوح أعمارهم بين 11 و60 عاماً بزراعة ثلاث إلى خمس أشجار كل عام. ومطلوب من الحكومات المحلية تنظيم أنشطة طوعية لزراعة الأشجار يشارك فيها جميع المواطنين. هذا يضمن عدم زراعة الأشجار في مناطق غير مرغوب فيها يمكن أن تضرّ بالأرض أو الناس. ومنذ بدء البرنامج، تمت زراعة 42 بليون شجرة في جميع أنحاء البلاد.
تقدم مؤسسة الأطلس الكبير (HAF)، وهي مؤسسة غير ربحية تعمل في مجال التنمية مقرّها مراكش، وسيلة للحدّ من الفقر القروي من خلال تزويد المزارعين بالأشجار المثمرة والجوز الطبيعية لتنويع الدخل المحلي وتعزيزه.
يربط النهج بين ثلاثة مستويات من أصحاب المصلحة، الأفراد داخل المجتمع والحكومة والمنظمات المحلية، ويوفّر حلاً للحواجز التي قد يواجهها المزارعون المحليون في محاولة زراعة الأشجار الخاصة بهم. حيث قد لا يتوفّر للمزارعين المحليين الأراضي أو المعدات المناسبة لزراعة الشتلات من البذور، وقد تكون المشاتل القريبة مكلفة للغاية للشراء منها.
تستخدم مشاتل مؤسسة الأطلس الكبير الأراضي الممنوحة عينياً من الجهات المانحة مثل الإدارات المحلية للمياه والغابات ووزارة الشباب والرياضة والطائفة اليهودية المغربية. يزرع السكان المحلّيون البذور داخل هذه المشاتل، مما يحافظ على العملية داخل المجتمع. ثم تُباع شتلات الأشجار بأسعار مخفضة للمزارعين المحليين، وتُزرع وتُراقب من أجل النمو المناسب. وبهذه الطريقة، قامت المؤسسة بزراعة 1.38 مليون بذرة شجرة هذا العام، بالإضافة إلى شراكة مع إكوزيا (Ecosia).
وقد ساعد دعم مماثل داخل المغرب في بناء تعاونيات نسائية لزيت الأركان من خلال توفير أشجار الأركان، وبالتالي الحد من عدم المساواة وإعادة الأموال إلى الإقتصادات المحلية.
ومع استمرار تغيُّر المناخ في التأثير على المجتمعات في جميع أنحاء العالم، توفّر أساليب إعادة التحريج وزراعة الأشجار حلاً. وعلى أية حال، يمكن للجوانب الاقتصادية والسياسية لملكية الأراضي أن تتحدى هذه المبادرات. وسيكون من المهم لأولئك الذين يختارون زراعة الأشجار أن يفعلوا ذلك في الأماكن الصحيحة.
جاكلين سكالسكي-فوتس طالبة دراسات عالمية جامعية في جامعة فيرجينيا.