أعلنت الحكومة الهولندية أن عليها انفاق بليوني يورو سنوياً في العقود المقبلة لحماية أراضيها المنخفضة من الفيضانات الساحلية. فقد اعتبرت "لجنة الدلتا"، التي يرأسها وزير الزراعة السابق كيس فيرمان، أنه مع توقع ارتفاع مستوى البحر بمقدار 1,3 متر في هذا القرن، وبين مترين وأربعة أمتار في القرن المقبل، فان الدفاعات الحالية ضد الفيضانات وارتفاع مستوى البحر لن تكفي لحماية البلاد التي يبلغ عدد سكانها 16 مليون نسمة من الأمواج العاتية. وقال فيرمان: "الخطر الأكبر هو ألا ندرك الخطر. هناك تحديات، ولكن لا أخطار نعجز عن تذليلها".
هولندا هي "الدلتا" حيث تنصبّ مياه أنهار أوروبية رئيسية مثل الراين والموز في بحر الشمال. وثمة مخاوف جدية من حصول كوارث اذا تعين أن تصبَّ هذه الأنهار كمية أكبر من المياه في حين يرتفع مستوى البحر، وهاتان نتيجتان منتظرتان لتغير المناخ. فمياه الأنهار الفائضة لن تستطيع التدفق الى البحر اذا ارتفع مستواه، ما يزيد خطر اغراق مساحات كبيرة من هولندا.
وبعد أن قتلت الفيضانات أكثر من 1800 شخص عام 1953، تم اطلاق "مشروع الدلتا" لاقامة سدود بحرية واقفال مصبات الأنهار وانشاء حاجز ضخم لصد اندفاع أمواج البحر بفعل العواصف. وفي العام 2007 شكلت لجنة الدلتا، التي قدمت في تقريرها الشهر الماضي 12 توصية ستكلف أكثر من 100 بليون يورو هذا القرن، أي نحو 0,5 في المئة من الدخل الوطني الاجمالي. ومن ضمن التوصيات بناء سدود وحواجز بحرية إضافية، واقامة أحواض نهرية، وإضافة أراض الى الساحل الهولندي الذي يبلغ طوله 350 كيلومتراً بطريقة تعزز تراكم الرمل.
يقع ربع هولندا تحت مستوى سطح البحر، حتى أنها عرفت باسم "الأراضي الواطئة". وهي سجلت تاريخاً طويلاً من التكنولوجيات الرائدة لاستعادة الأراضي من البحر ومكافحة الفيضانات المتكررة. وقال رئيس الوزراء يان بيتر بالكنندي: "سوف يرث أطفالنا هذه البلاد، تماماً كما ورثناها من آبائنا. وإننا نشعر بالمسؤولية. هذا التقرير يرسي أساساً لمستقبل هولندا".
أصدرت لجنة الدلتا تقريرها في 3 أيلول (سبتمبر)، بعد أيام من انحسار الاعصار غوستاف عن الساحل الأميركي، بعد أن هدد بتكرار فيضانات 2005 المدمرة في نيوأورليانز نتيجة الاعصار كاترينا. وأعلن بالكنندي أنه سيقدم مشروع قانون للتمويل في السنة المقبلة، بما في ذلك "صندوق الدلتا" ليغذى بأموال من دخل الغاز الطبيعي وسندات حكومية طويلة الأجل. وقد جاء في التقرير أن "تمويل الصندوق يجب أن يكون مستقلاً عن الأولويات السياسية القصيرة الأجل أو الدورة الاقتصادية".
لقد قادت شركات هولندية مشاريع ساحلية كبيرة في أنحاء العالم، وطلب مسؤولون أميركيون نصائح هولندية حول الادارة المائية بعد أن دمرت الفيضانات مدينة نيوأورليانز عام 2005. والشركتان الهولنديتان اللتان تأملان الاستفادة من الخطط الجديدة هما "بوسكاليس" وهي أكبر شركة تجريف في العالم ومنافستها "فان أورد". وإذ ستكون عدة ادارات حكومية مسؤولة عن المشروع، سوف يضطلع رئيس الوزراء بدور تنسيقي، فيما تتولى لجنة برلمانية مراقبة المشروع.
واقترح مشترعون هولنديون بناء جزيرة اصطناعية تتخذ شكل زنبقة توليب، مستوحاة من جزيرة النخلة في دبي التي ساهمت شركات تجريف هولندية في انشائها. لكن اللجنة لم تدخل مثل هذه الجزيرة في استنتاجاتها.
|