لماذااصطاد؟سؤاللاأطرحهعلىنفسيكثيراً،لأنالصيدجزءمنحياتيمنذنعومةأظفاري.ماأعرفههوأننيلاأصطادللأسبابالتيقدتخطرلمعظمالناس.

فالبعض يقولون انهم مولعون بالصيد لتوقهم الى الخروج من المنزل. وأنا أحب الخروج من المنزل، لكن اذا كان هذا هو دافعي الى الصيد، فالاحرى بي أن أركب دراجتي الهوائية متنقلاً في أحضان الطبيعة، أو أن أذهب مع أصحابي في رحلة تخييم. والبعض يقولون انهم يخرجون الى الصيد من أجل التعارف وتوطيد العلاقات، وقد يسردون ذكريات حلوة مع أصدقاء. أما أنا فأصطاد وحيداً، وأقوم بنشاطات أخرى مع أصدقائي وأسرتي.

الصيد بالنسبة الي ليس مجرد متعة. فان أردت المتعة، يمكنني أن آخذ زوجتي الى السينما أو المسرح. أنا أخرج الى الطبيعة لأقتل حيواناً، وهذا امر خطير جداً، وعاطفي جداً.

لقد عشت طوال حياتي بين الحيوانات. وكمدرس لعلم الاحياء، نذرت نفسي لتعليم الآخرين عن الطبيعة. لذلك لا أضمر الكره أو الموت للكائنات الحية. وببساطة، أنا أفهم السلسلة الغذائية على أنها نسيج الحياة، ولا أرى نفسي منفصلاً عنها، ولا أريد أن أكون كذلك. أنا في وسطها، وقد كنت كذلك دائماً.

أعتقد أن ما ينبغي أن أعترف به هو أن لدي غريزة معينة تجعلني مرتاحاً حيال الخروج الى الطبيعة ممتشقاً سلاحي وقاصداً قتل كائن حي. لا أريد أن الطّف هذه الصورة، لأنني أعتبر المسألة جدّية للغاية ومسؤولية كبيرة.

أنا أخرج بهدف القضاء على حيوان. لا أستخف بهذا الأمر. أتمرّن طوال الصيف على الرمي بالقوس، وأصنع كل سهامي بنفسي. أقضي ساعات أتمرن كي أكون بارعاً في استعمال هذا السلاح. انه قوس اعتيادي ينحني الى الوراء. وهو السلاح ذاته الذي كان الصيادون يستعملونه منذ مئات السنين.

الصيد يتطلب منك أن تتفاعل مع البيئة بطريقة مختلفة تماماً. فأنت لست مجرد مراقب أو عابر سبيل، بل عليك أن تتآلف مع الطبيعة جيداً كي لا يشعر الحيوان بوجودك. لا مطاردة أخرى تتطلب هذا المستوى من التفاعل.

عندما أطلق سهماً على غزال وأصيبه، ينتابني انقباض فوري في معدتي: هل الاصابة موفقة؟ لا أريد الحيوان أن يتعذب، ولا أطلق سهماً ان كنت أشك في اصابته مقتلاً. فأنا أصولي محافظ من هذه الناحية. واذا كان هدفي غزال، وأصبته اصابة جيدة قاتلة، فهو يحتاج ما بين ثلاث ثوان وخمس كي يموت.

قد يشعر البعض أن تصرفي بغيض. أما في نظري، فالبغيض هو فعل شخص يصطاد بصورة غير مشروعة ويطلق النار على حيوان ويتركه ملقى على الارض ينازع من دون أن يرف له جفن. هذا ليس بصياد حقيقي. انه شخص متهور لا يجمعني به شيء. الصياد الحقيقي لا يعامل الحيوان بهذا الاستخفاف.

عليك أن تحترم الحيوانات التي تصطادها. لقد اصطدت بعض الغزلان الجميلة، وفي كل مرة كنت أضع الحيوان في صندوق عربتي وأقفل الباب عليه وأمضي الى المنزل. لا أرى حاجة الى اخراج رأسه من الباب الخلفي بغية عرضه على الملأ. أنا لا أخجل من قتل الحيوان، لكني لا أريد أن أنتقص من قيمته بأن استعرضه في الشارع ليراه الجميع.

على رغم خروجي الى البرية قاصداً قتل حيوان، فاني ملمّ بهذه الحيوانات أكثر من أي شخص عادي، وتشدني اليها علاقة أقوى مما هي عند غالبية الناس. عندما أخرج للصيد، يشرفني أن أكون وجهاً لوجه مع الحيوان، وهذا يشرفه أيضاً. قد يبدو ذلك عاطفة زائفة، ولكن أعتقد أن الحيوان يجب أن يعامل باحترام بالغ، والصيد يجب أن يكون عملاً منصفاً وعادلاً. الحظوظ يجب أن تكون دائماً لصالح الحيوان، ودائماً ضد الصياد.

يسعدني الصيد أكثر من الذهاب الى الملحمة وشراء لحم بقرة رعت في أرض زرعت بالعلف وسمّدت تربتها بالاسمدة الملوِّثة، أو دجاجة حقنت بالهورمونات والمواد الكيميائية والمضادات الحيوية. اني بذلك أتبع الطريقة ذاتها التي مارسها الانسان منذ القدم. فأنا جزء من بيئتي، ولست شخصاً ''متمَدْيناً'' يستهلك لحوماً معلبة يبتاعها من المتجر.

ما لم تكن نباتياً ملتزماً، وتمتنع عن ارتداء ثياب صنعت من منتجات حيوانية أو اقتناء أشياء صنعت من جلود الحيوانات أو فرائها، ما لم تكن على هذه الدرجة من الثبات في معتقداتك وأفعالك، فعليك أن تتأنى في انتقادك الصيد. لقد دعوت تلاميذي دائماً لأن يؤمنوا بما يشاؤون، شرط أن يثبتوا على مبدأ. احصلوا على الحقائق والمعلومات، ثم أظهروا شيئاً من الثبات في معتقداتكم وتصرفاتكم.

عندما يعتاد الناس حياة المدينة وينسلخون عن الطبيعة، يصبح قتل الحيوان في نظرهم أمراً بالغ الوحشية، وخطأ جسيماً، لأنهم بعيدون جداً عما يجري. لكن، بصفتي متخصصاً بعلم الاحياء، أقول لك إنك لا تستطيع العيش من دون القضاء على كائن حي، سواء أكان نباتاً أو حيواناً، بطريقة مباشرة أو غير مباشرة. فليكن ذلك بانصاف وانسانية وثبات مبدأ.