إحدى المنظمات الدولية المعنية بالتنمية بعثت إلينا برسالة من مركزها الرئيس تمتدح فيها مجلة "البيئة والتنمية"، وتثني على دورها الرائد في اطلاق حوار جدي حول التنمية في العالم العربي. وأرفقت الرسالة بمجموعة من المواد الاعلامية بهدف نشرها في المجلة.
الطريف في الموضوع أن الرسالة انتهت بمقطع تعتذر فيه دائرة الإعلام في المنظمة عن الاشتراك في المجلة "لعدم توافر اعتمادات في الميزانية"، وتطلب ارسال المجلة هدية مجانية. وعلى أي حال، فالمجلة لم تطلب من المنظمة الاشتراك.
هذه المنظمة، التي تعجز عن دفع ثلاثين دولاراً بدل اشتراك في المجلة الوحيدة المختصة بموضوع عملها في المنطقة العربية، ترسل لنا ولغيرنا من وسائل الاعلام عشرات البيانات أسبوعياً بواسطة الفاكس. وقد أجرينا حساباً بسيطاً تبين منه أن كلفة المخابرات الهاتفية والورق لهذه البيانات تتجاوز أسبوعياً قيمة الاشتراك السنوي في مجلة "البيئة والتنمية".
أما محتوى هذه البيانات التي تحرص المنظمة على إرسالها، فهو أقرب الى مادة إعلانية عن نشاطات وحفلات اجتماعية ترفيهية، منه الى مواضيع التنمية والبيئة والفقر والجوع والغذاء.
المنظمات التي تستخدم المال العام للترويج لمديريها وتسويق سياساتهم، بدل الاستثمار في ما يخدم عمليات التنمية نفسها، هي عدو للتنمية. وقد تكون الخدمة الأفضل التي يمكن لدوائرها الإعلامية تقديمها للبيئة هي التوقف عن استخدام الورق. ففي هذا، على الأقل، مساهمة متواضعة في الحفاظ على موارد الطبيعة.