في إطار استراتيجية التغيُّر المناخي لإمارة أبوظبي ومبادرة القرم أبوظبي، واستضافة الإمارات للدورة الثامنة والعشرين لمؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغيُّر المناخ (COP28)، الذي سيعقد في الفترة من 30 تشرين الثاني (نوفمبر) إلى 12 كانون الأول (ديسمبر) القادم، في مدينة إكسبو دبي، أعلنت الهيئة عن إطلاق مبادرة "غرس الإمارات" لزراعة أشجار القرم لزوار المؤتمر.
وسيتم من خلال المبادرة، التي تأتي بالتزامن مع عام الاستدامة، زراعة أشجار القرم باستخدام أساليب مبتكرة مثل الزراعة باستخدام الطائرات بدون طيار، حيث سيتم زراعة ما يقرب من 10 أشجار قرم لكل زائر مشارك في المؤتمر. وسيتم زراعة القرم خلال الربع الاخير من هذا العام والتي تعتبر الفترة المناسبة لزراعة هذ النوع، وذلك ضمن المناطق الساحلية التي تعتبر من البيئات المناسبة لزراعة أشجار القرم مثل محمية مروح البحرية للمحيط الحيوي ومدينة المرفأ وجزيرة الجبيل.
كما تدعم هذه المبادرة أهداف مبادرة القرم-أبوظبي التي أطلقت في شباط (فبراير) 2022، لتوفير منصة لتطوير حلول مبتكرة لزراعة أشجار القرم والمساهمة في تخفيف آثار التغيُّر المناخي والتوعية بأهميتها وضرورة استعادتها، وتعزيز مكانة أبوظبي بصفتها مركزاً عالمياً رائداً للأبحاث والابتكار في مجال الحفاظ على أشجار القرم.
كذلك تهدف هذه المبادرة دعم الهدف 13 من أهداف الأمم المتحدة للتنمية المستدامة المتعلق "بالعمل المناخي"، والذي يحثّ على اتخاذ إجراءات عاجلة للتصدي لتغيُّر المناخ والتكيُّف مع آثاره. كما أنها تدعم المبادرات الوطنية بما في ذلك المبادرة الاستراتيجية للحياد المناخي 2050 والتي تتماشى مع هدف الإمارات المتمثّل في زراعة 100 مليون شجرة قرم بحلول عام 2030. كما تساهم هذه المبادرة أيضاً بإبراز التزام الإمارات بتحقيق الحياد المناخي وتعزيز اتباع الحلول المبنية على الطبيعة للحدّ من تأثيرات التغيُّر المناخي وخفض البصمة البيئية لزوار المؤتمر وذلك بمعدل امتصاص طن واحد من الكربون لكل 5000 شجرة قرم.
وتُعدّ أشجار القرم من أكثر النظم البيئية الساحلية إنتاجية في العالم، وبالتالي فهي مهمة للغاية لأنها توفر مجموعة متنوعة من الخدمات البيئية والاقتصادية. فأشجار القرم تساعد في التخفيف من آثار تغيُّر المناخ إذ انها تعتبر من المصادر التي تمتص الغازات الدفيئة، ولها القدرة على تخزين وعزل الكربون. فلأشجار القرم القدرة على امتصاص الكربون تصل إلى 4 أضعاف أشجار الغابات المطيرة في الامازون.
كما تدعم أشجار القرم في أبوظبي مجموعة واسعة من صور التنوُّع البيولوجي، التي تتخذ من أشجار القرم موئلاً لها. وتلعب أشجار القرم أيضاً دوراً مهماً في حماية الموائل المجاورة مثل طبقات الأعشاب البحرية والشعاب المرجانية من الترسبات، فضلاً عن المساعدة في تحسين جودة المياه ودعم أنشطة السياحة البيئية.
يُشار إلى أن أبوظبي تحتضن 85 في المئة من مساحة أشجار القرم في الإمارات، وكجزء من استراتيجيتها، تعمل الهيئة على دراسة هذه الموائل الساحلية الهامة والمحافظة عليها. وقد شهدت أبوظبي زيادة في مساحة أشجار القرم على مدى العقود الماضية بسبب برامج إعادة التأهيل وزارعة أشجار القرم، ويعود تاريخ الجهود لاستعادة أشجار القرم في الإمارات إلى سبعينيات القرن الماضي.
ومنذ إنشائها واصلت الهيئة هذه الجهود من خلال تنفيذ العديد من برامج التشجير بالتعاون مع شركائها المعنيين، والتي شملت زراعة أشجار القرم وأثمرت عن زراعة 40 مليون شجرة قرم خلال الـ 10 سنوات الماضية، في جزر ومناطق مختلفة منها السعديات والجبيل وياس والحديريات وأبو الأبيض والظنة.
وقد ساعدت هذه البرامج على زيادة مناطق أشجار القرم بمقدار 64 كيلومتراً مربعاً، بالتوازي مع تطبيق قوانين الحماية الصارمة، حيث ازدادت مساحة مناطق أشجار القرم في أبوظبي بمعدل يتخطى 35 في المئة. واليوم تصل مساحة أشجار القرم في أبوظبي إلى 176 كيلومتر مربع، بما يشمل الأشجار الطبيعية والمزروعة.
يُشار إلى أن الهيئة كانت أطلقت مشروع أبوظبي الإرشادي للكربون الأزرق الذي ساهم في دراسة أهمية أشجار القرم ودورها في مكافحة التغيُّر المناخي، من خلال عزل الكربون، وأهمية موائل الكربون الأزرق والنظم البيئية. وكشفت نتائج الدراسة أن أشجار القرم في أبوظبي تحتوي على 98 طن من الكربون لكل هكتار، أي ما يعادل 1.7 مليون طن لمساحة 17,500 هكتار. وفي عام 2020، تم تنفيذ "الدراسة التجريبية السنوية لعزل الكربون بأشجار القرم" لتقييم معدلات عزل الكربون في التربة في غابات أشجار القرم، والتي كشفت قدرتها على تخزين الكربون بمعدل 0.5 طن لكل هكتار سنوياً. وهذا يعادل 8750 طن، أي ما يوازي استهلاك الطاقة في 1000 منزل بشكل سنوي.