كانت الغابات في قلب النقاشات المناخية خلال COP30 في مدينة بيليم البرازيل، وسط إدراك عالمي أن الغابات عنصر أساسي لتحقيق اتفاق باريس وأهداف المناخ والتنوع البيولوجي. وقد شهدت القمة إطلاق آلية تمويل جديدة للدول الاستوائية Tropical Forests Forever Facility (TFFF) بتعهدات تقارب 6.6–6.7 بليون دولار أميركي، مع تخصيص ما لا يقل عن 20 في المئة من التمويل للسكان الأصليين والمجتمعات المحلية.
ورغم التوافق السياسي حول وقف إزالة الغابات بحلول عام 2030، لم يتم اعتماد خارطة طريق عالمية ملزمة لتنفيذ ذلك، ما ترك فجوة كبيرة بين التعهدات والنتائج العملية. كما برزت قضايا حقوق الأراضي والمشاركة العادلة للمجتمعات الأصلية بشكل واضح. في الوقت نفسه، أكدت الـ FAOوالشراكة التعاونية للغابات (CPF) أن العالم ما زال بعيداً عن المسار المطلوب لتحقيق هدف 2030. أما الرسالة الأساسية فهي تقدّم مهم في التمويل والاعتراف بدور الغابات، ولكن التنفيذ لا يزال دون المستوى المطلوب لضمان مستقبل آمن للغابات العالمية.
الخلفية والسياق
غالبية الغابات ذات الأهمية المناخية تقع في دول نامية، خاصة الأمازون، أفريقيا وآسيا الاستوائية. تلعب الغابات دوراً حيوياً في:
• امتصاص CO₂ وتخزين الكربون
• حماية التربة والمياه والحياة البرية
• دعم سبل العيش والأمن الغذائي
• تنظيم المناخ المحلي والإقليمي
أما استضافة القمة في قلب الأمازون فقد حملت دلالة قوية وهي أن أي فشل في حماية الغابات في هذه المنطقة يعني تقويض الجهود المناخية العالمية. كما جاء COP30 بعد اتفاقيات دولية تضمنت التزاماً بوقف إزالة الغابات بحلول 2030، مما جعل هذه القمة اختباراً حقيقياً للوفاء بالوعود. أما أبرز الاتفاقيات الدولية والتي تضمنت التزاماً بوقف إزالة الغابات بحلول 2030 كانت:
• إعلان قادة غلاسكو بشأن الغابات واستخدام الأراضي (2021)، الذي التزم بوقف وعكس فقدان الغابات بحلول عام 2030
• الإطار العالمي للتنوُّع البيولوجي – كونمينغ مونتريال (2022)، الذي يتضمن أهدافاً لحماية النظم البيئية واستعادتها
• الخطة الاستراتيجية للأمم المتحدة للغابات 2017–2030، والتي تشمل هدفاً عالمياً بوقف إزالة الغابات
كيف تم تناول قطاع الغابات فيCOP30؟
• إدراج الغابات في القرارات السياسية
• الاعتراف بدور الغابات في الوصول لهدف 1.5 درجة مئوية
• ربط إزالة الغابات بهدف 2030 الخاص بالانبعاثات والتكيُّف
• دعوة لتعزيز حماية الغابات عبر خطط وطنية طوعية
لكن، غياب خطة دولية مُلزِمة بقي نقطة ضعف أساسية.
إطلاق آلية التمويلTFFF:
أهداف الآلية هي جعل الحفاظ على الغابات اقتصادياً أكثر جدوى من قطعها وتمويل طويل الأمد لدول الغابات الاستوائية ودعم شامل لإعادة التأهيل بعد الحرائق. أما نقاط القوة تكمن في ضخ موارد كبيرة في وقت قصير وتركيز واضح على حقوق المجتمعات المحلية وتشجيع نهج "الدفع مقابل إبقاء الغابات قائمة". ويبقى التحدي في ضمان أن التمويل سيترجم إلى سياسات واقعية على الأرض.
الاعتراف بدور السكان الأصليين والمجتمعات المحلية
شهِدت القمة تعزيز الاعتراف الرسمي بحدود أراضيهم وتمويل مخصص لحماية حقوقهم ومشاركتهم كصانعي قرار وشركاء في الحوكمة. أما الدروس المستفادة فهي أن حماية الغابات تنجح عندما تكون حقوق الأرض واضحة، والمجتمعات المحلية جزءاً من القرار.
الغابات عبر أجندة التكيُّف والتخفيف
• دمج الغابات في التمويل المناخي
• التأكيد على دور الغابات في الأمن المائي والغذائي
• إبراز دور الغابات في الحدّ من مخاطر الكوارث الطبيعية
الفجوات والنقاشات الرئيسية
لا تزال هناك فجوات رئيسية تعيق التقدّم في حماية الغابات وتنفيذ التعهدات الدولية، حيث يشكّل غياب خارطة طريق واضحة لوقف إزالة الغابات عائقاً أساسياً أمام المحاسبة ومتابعة التقدم بشكل فعّال. كما أن ضعف الربط بين سياسات الغذاء والغابات يدفع نحو استمرار إزالة الغابات لأغراض التوسع الزراعي، بما يؤثر سلباً على النظم البيئية. وتبرز كذلك الحاجة إلى شفافية أكبر في إدارة التمويل لضمان حوكمة سليمة وتوزيع عادل للموارد، تفادياً لأي سوء إدارة قد يُقوّض الثقة في آليات الدعم الدولية. إضافة إلى ذلك، يُعدّ استمرار الصراعات على الأراضي تهديداً مباشراً للمسارات الطويلة الأمد في حماية الغابات وضمان حقوق المجتمعات المعتمدة عليها.
دلالات السياسات على الدول الغنية بالغابات
التوصيات الأساسية:
• دمج التعهدات الدولية في قوانين وطنية ملزمة
• تسريع إصلاحات حوكمة الأراضي وتأمين حقوق ملكية المجتمعات المحلية
• ربط الدعم الزراعي بالتزامات عدم إزالة الغابات
• تعزيز نظم المراقبة والإنذار المبكر للحرائق والتعديات
• توسيع الشراكات مع المؤسسات البحثية والمجتمعية
توصيات ذات أولوية للمجتمع الدولي:
• التركيز على النتائج لا الوعود
• تبني آليات تمويل عادلة وشفافة
• زيادة الدعم للفئات الأكثر تأثراً بتغيُّر المناخ
• وضع معايير دولية للتجارة بالسلع المرتبطة بإزالة الغابات
• اعتماد اجراءات مشتركة لمواجهة حرائق الغابات عبر الحدود
في الخلاصة تُعدّ COP30 لحظة فاصلة في مسار حماية الأمازون والغابات العالمية. فقد قدمت زخماً سياسياً وتمويلياً جديداً، ولكن الطريق نحو وقف إزالة الغابات بحلول 2030 لا يزال طويلاً. ولتكون هذه القمة نقطة تحوُّل حقيقية، يجب أن تتحوّل التعهدات إلى:
• إجراءات وطنية ملموسة
• تمويل فعّال وعادل
• مشاركة فاعلة للمجتمعات المحلية
• مراقبة وشفافية على جميع المستويات
ويبقى أن المستقبل المناخي لكوكبنا يعتمد بشكل كبير على مستقبل غاباتنا.
د. جورج متري، مدير برنامج الأراضي والموارد الطبيعية في معهد الدراسات البيئية، جامعة البلمند