Thursday 18 Apr 2024 |
AFED2022
 
AFEDAnnualReports
Environment and development AL-BIA WAL-TANMIA Leading Arabic Environment Magazine
المجلة البيئية العربية الاولى
 
 
موضوع الغلاف
 
البيئة والتنمية نفايات في الفضاء: تلوّث خطير تعزّزه الشركات الناشئة  
حزيران / يونيو 2019 / عدد 255
خلال قيامهم بمهمة لصالح وكالة الفضاء الأميركية "ناسا"، تعرّض رواد فضاء لسلسلة من الحوادث الكارثية بعد إطلاق صاروخ روسي لتدمير قمر إصطناعي قريب منهم. تسبب الحطام الفضائي الناتج عن الانفجار بإلحاق ضرر كبير بالمركبة الأميركية، مما أجبر الروّاد على مغادرتها والالتحاق بمحطة فضاء دولية تابعة للصين من أجل العودة إلى الأرض.
 
هذه الحادثة هي من فيلم أميركي بعنوان "جاذبية". ولكن هذا النوع من الدراما المثيرة، التي تقوم على الخيال العلمي، ربما تصبح قريباً واقعاً مأساوياً، مع ازدياد مخاطر النفايات الفضائية التي يتسبب بها البشر.
 
شركات ناشئة تغزو الفضاء
قبل أيام قليلة، نجحت شركة "سبيس إكس" في إطلاق الصاروخ "فالكون 9"، الذي عمل على نقل ستّين قمراً إصطناعياً مخصصاً للاتصالات إلى مدار خارجي يرتفع 2000 كيلومتر عن سطح الأرض. هذه الشركة الخاصة، التي يديرها رائد الأعمال المعروف إيلون ماسك، رئيس شركة "تيسلا" للسيارات الكهربائية، تخطط في نهاية المطاف لإطلاق نحو 12 ألف قمر إصطناعي لتشكيل شبكتها الخاصة بالاتصالات التي تغطي الكوكب.
 
ولا يقتصر الأمر على شركة "سبيس إكس"، إذ إن شركات ناشئة أخرى تبذل مساعيها لاقتحام سوق الاتصالات الفضائية، التي تعتمد على الأقمار الإصطناعية، مثل شركة "وان ويب" التي تتخذ من بريطانيا مقراً لها، وشركة "أمازون" عملاق تجارة التجزئة عبر الإنترنت. لكن طموح هذه الشركات يجعل من قضية السلامة في الفضاء مثار قلق.
 
في مطلع شهر يونيو (حزيران) 2019 كان في الفضاء نحو 2200 قمر إصطناعي، بما فيها 45 قمراً تملكه أو تستثمره هيئات عربية. ويؤشر ذلك على زيادة بمقدار 15 في المائة خلال سنة واحدة، ومن المتوقع أن تصل إلى 30 في المائة سنوياً قبل أن يتراجع المعدل مرةً أخرى.
 
ويخشى المختصون من أن وجود هذه الأقمار ضمن ما يمكن وصفه بـ "الطرق المدارية السريعة" قد يؤدي إلى حصول تصادم وإنتاج حطام فضائي يؤدي إلى مزيد من الحوادث الكارثية.
 
وتحاول شركة "سبيس إكس" التقليل من هذه المخاوف يإضافة تقنية جديدة إلى أقمارها تمنحها القدرة على تتبع الحطام المداري وتجنبه. وتشير الشركة إلى أن مجمل مكونات الأقمار الخاصة بها جرى تصنيعها من مواد تحترق بسرعة عند إيقاف تشغيلها وعودتها إلى الغلاف الجوي، وذلك وفقاً لتصاميم تتفوق على معايير السلامة الحالية.
 
 
فرص التصادم في الفضاء تزداد نتيجة زيادة كمية الحطام
 
وتمثّل الأجسام التي يصنعها البشر ويرسلونها إلى الفضاء مصدر قلق دائم منذ إطلاق القمر الإصطناعي الأول "سبوتنك 1" عام 1957. وعلى إثر هذه المهمة الروسية الناجحة، بدأت قيادة دفاع الفضاء الجوي الأميركية الشمالية في بناء قاعدة بيانات (كاتالوغ الأجسام الفضائية) لجميع إطلاقات الصواريخ المعروفة والأجسام التي تصل إلى الفضاء، بما فيها الأقمار الإصطناعية والدروع الواقية وأجزاء الدفع الصاروخي.
 
كان العاملون في تسجيل البيانات على دراية بمعطيات أخرى تحصل في المدار، لاسيما حوادث الاصطدام المدمرة. بعض هذه الحوادث كانت متعمدة أثناء اختبار الأسلحة المضادة للأقمار الإصطناعية في الستينيات، وبعضها حصل خلال مراحل إطلاق الصواريخ وتحرير خزانات الوقود.
 
خلال السبعينيات، كان من الشائع الاعتقاد بأن انحدار الحطام الفضائي إلى المدارات الأرضية الأدنى سيؤدي إلى زواله بسرعة. لكن العالِم دونالد كيسلر من وكالة ناسا أطلق عام 1978 نظريته التي تربط بين زيادة أعداد الأقمار الإصطناعية في الفضاء وازدياد فرصة اصطدامها بعضها بعض، ما يؤدي إلى تكوّن غيوم من الشظايا تتسبب بدورها في مزيد من التصادمات.
 
المهمات الفضائية خلال الأعوام الستين الماضية أنتجت، وفقاً لمعطيات نشرتها وكالة الفضاء الأوروبية في مايو (أيار) 2019، حوالي 130 مليون قطعة حطام في الفضاء، يتراوح حجمها ما بين بضعة ملليمترات وعدة أمتار. وتعتبر الوكالة أن أكثر من 900 ألف قطعة هي من حجم يكفي لإلحاق ضرر أو تدمير مركبة فضائية حال التصادم معها. ويمكن لحادث كهذا أن يترك آثاراً خطيرةً على الخدمات اليومية القائمة على الأقمار الإصطناعية، مثل الملاحة والاتصالات ومراقبة الطقس والمناخ.
 
حوادث اصطدام خطرة
مع ازدياد أعدادها، باتت المخلفات الفضائية تهدد سلامة المركبات والأجسام الفضائية، لاسيما محطة الفضاء الدولية. ففي مارس (آذار) 2009، جرى إخلاء المحطة إثر اقتراب جسم فضائي بصورة خطيرة منهاـ وفيما قُدّر طول الجسم بأقل من سنتيمتر واحد، كانت له قدرة تخريبية تكفي لتهديد مستقبل المحطة الدولية، التي تقدّر قيمتها بنحو 100 مليار دولار. ونتيجة لتأخر إبلاغ رواد المحطة بالجسم، لم يعد بمقدورهم المناورة حوله، مما اضطرهم إلى إخلاء المحطة ولجوئهم إلى كبسولة الإنقاذ سويوز كإجراء احترازي.
 
وفي السنة ذاتها، حصل أول اصطدام بين قمرين إصطناعيين عندما تصادم القمر الروسي "كوسموس 2251" مع القمر الأميركي "إيريديوم 33" على ارتفاع 800 كيلومتر فوق شمال سيبيريا، وقد أدى الاصطدام إلى تدمير القمرين وتشكيل حطام فضائي.
 
وفي سنة 2017، أجرت ناسا 21 مناورة لمنع حدوث ارتطام فضائي بمركبات غير مأهولة، أربع منها كانت لتجنب مخلفات قمر دمرته الصين سنة 2007 في اختبار للصواريخ المضادة للأقمار الإصطناعية، واثنتين لتفادي الارتطام ببقايا المحطة "إيريديوم 33".
 
أما أسوأ الحوادث المتعلقة بدخول المخلّفات الفضائية إلى المجال الجوي فكان في شهر يوليو (تموز) 1979، عندما اخترقت المحطة الأميركية "سكاي لاب" المجال الجوي للأرض قبل الموعد المحدد لها، وسقطت أجزاؤها التي تزن 78 طناً على مواقع متفرقة من أوستراليا.
 
وفي سنة 2001 سقطت وحدة الحمل المساعد للقمر الإصطناعي "ستار 48" الخاص بتحديد الموقع الشامل (جي بي إس) على بعد 240 كيلومتراً من العاصمة السعودية الرياض. وكانت هذه الوحدة أنجزت عملها في سنة 1993، حيث استغرقها الأمر 8 سنوات لتسقط عائدةً إلى الأرض بعد مسارها المداري.
 
 
حطام فضائي بوزن 70 كيلوغراماً سقط قرب الرياض سنة 2001
 
وفي مارس (آذار) 2019، انضمت الهند إلى الولايات المتحدة وروسيا والصين في سباق التسلّح الفضائي، بعد تدميرها لقمر إصطناعي يتبع لها بصاروخ أرضي. وعلى إثر ذلك أعلنت وكالة الفضاء الأميركية أن التجربة الهندية أنتجت 400 شظية تدور حول الأرض، وأكدت زيادة احتمال خطر اصطدام المخلفات بمحطة الفضاء الدولية بنسبة 44 في المائة خلال الأيام العشرة التي تلت التجربة.
 
وتتعاون العديد من وكالات الفضاء والهيئات المعنية على تعقّب الحطام الفضائي لتجنّب أضراره. وقبل أيام، وقّعت الهيئة المصرية للاستشعار عن بعد اتفاقيتي تعاون مع روسيا والصين، للحصول على برمجيات وتلسكوب ليزري لرصد الحطام الفضائي من خلال كاميرات موزعة في مناطق القطامية وحلوان والسويس.
 
ونتيجة لحوادث التصادم المتكررة ومخاطرها المتزايدة، بسبب التنافس المحموم باتجاه الفضاء، يعمل حالياً فريق مشترك من معهد ماساشوستس التقني ووكالة الفضاء الأوروبية على وضع نظام مستقل لتقييم قرارات المشغلين عند إطلاق أقمار إصطناعية جديدة أو أي نوع من المركبات الفضائية.
 
ويهدف النظام الجديد، الذي أطلق عليه اسم "تصنيف استدامة الفضاء"، إلى مساءلة الشركات والحكومات عن تصرفاتها في الفضاء الخارجي، مع تزايد عدد مهماتها الفضائية. ويسعى القائمون على المشروع إلى وضع مقياس يحدد مدى اتباع أنظمة الأقمار الإصطناعية إرشادات ضمان استدامة الفضاء على المدى الطويل. ويتصور مؤيدو المشروع أن هذا التصنيف سيكون مشابهاً إلى حد ما لنظام الريادة في الطاقة والتصميم البيئي (LEED) المستخدم في تحديد كفاءة استخدام الطاقة ضمن المباني.
 
لكن خطر النفايات الفضائية ليس محصوراً في حوادث التصادم، إذ قد يكون لتكاثرها في المستقبل أثر على نوعية الهواء. ووفق علماء البيئة، يشكّل هذا تحدّياً جدّياً من الضروري مراقبته عن كثب.
 
 
 
 
 
 

اضف تعليق
*الاسم الكامل  
*التعليق  
CAPTCHA IMAGE
*أدخل الرمز  
   
 
بندر الأخضر صديق البيئة
(المجموعة الكاملة)
البيئة والتنمية
 
اسأل خبيرا
بوغوص غوكاسيان
تحويل النفايات العضوية إلى سماد - كومبوست
كيف تكون صديقا للبيئة
مقاطع مصورة
 
احدث المنشورات
البيئة العربية 9: التنمية المستدامة - تقرير أفد 2016
 
ان جميع مقالات ونصوص "البيئة والتنمية" تخضع لرخصة الحقوق الفكرية الخاصة بـ "المنشورات التقنية". يتوجب نسب المقال الى "البيئة والتنمية" . يحظر استخدام النصوص لأية غايات تجارية . يُحظر القيام بأي تعديل أو تحوير أو تغيير في النص الأصلي. لمزيد من المعلومات عن حقوق النشر يرجى الاتصال بادارة المجلة
©. All rights reserved, Al-Bia Wal-Tanmia and Technical Publications. Proper reference should appear with any contents used or quoted. No parts of the contents may be reproduced in any form by any electronic or mechanical means without permission. Use for commercial purposes should be licensed.