Thursday 18 Apr 2024 |
AFED2022
 
AFEDAnnualReports
Environment and development AL-BIA WAL-TANMIA Leading Arabic Environment Magazine
المجلة البيئية العربية الاولى
 
 
موضوع الغلاف
 
البيئة والتنمية المناطق الحضرية والكوارث الطبيعية: ثلاث من خمس مدن في العالم عرضة للخطر  
كانون الثاني / يناير 2019 / عدد 250
أدت الكوارث الطبيعية على مدار السنوات الثلاثين الماضية إلى وفاة ما يزيد عن 2.5 مليون شخص وخسارة نحو 4 تريليونات دولار، وتضاعفت الخسائر العالمية من 50 بليون دولار سنوياً في الثمانينات إلى 200 بليون دولار خلال العقد الأخير. وجاءت 2017 لتقرع ناقوس الخطر في هذا الشأن، إذ بلغت خسائر العالم 340 بليون دولار نتيجة كوارث طبيعية مدمرة حيث كانت الولايات المتحدة الأكثر تضرراً في هذه السنة بخسائر قياسية تجاوزت 300 بليون دولار.
 
وتشير التقديرات الأولية إلى أن خسائر 2018 نتيجة الكوارث الطبيعية بحدود 145 بليون دولار، وهذه الأرقام تضع السنة الفائتة في المرتبة الرابعة بعد 2017 و2011 و2005 كأكثر السنوات التي تضررت من الكوارث الطبيعية خلال نصف قرن. وفيما كانت أغلب خسائر 2017 ناتجة عن ثلاثة أعاصير ضربت الساحل الشرقي الأميركي، فإن خسائر 2018 هي محصلة لعدد كبير من الكوارث الطبيعية الصغيرة والمتوسطة الحجم التي أصابت أماكن متفرقة من العالم.
 
  
قيمة خسائر الكوارث المؤمن عليها بين 1970 و2018، المصدر: مجموعة Swiss Re
 
ويرتبط مفهوم "الكارثة الطبيعية" بالنشاط البشري، ذلك أن أي ظاهرة طبيعية مهما بلغت من الشدة لا تصنف على أنها كارثة ما لم تلحق ضرراً بالتجمعات البشرية أو تعرض مستقبلها ومواردها للخطر. والكارثة، وفقاً لتعريف مكتب الأمم المتحدة للحد من مخاطر الكوارث UNISDR، هي "اضطراب خطير في سير الحياة في جماعة أو مجتمع على أي نطاق بسبب أحداث خطيرة تتفاعل مع ظروف التعرض للأخطار والضعف والقدرة، بما يؤدي إلى واحدة أو أكثر من الخسائر والآثار التالية: الخسائر والآثار البشرية والمادية والاقتصادية والبيئية".
 
ويؤدي النمو السكاني والتوسع السريع في المدن إلى زيادة مخاطر الكوارث. وتشير تقديرات الأمم المتحدة إلى أن أكثر من ثلثي سكان العالم سيعيشون في المدن بحلول 2050. وبحسب تقرير صادر عن البنك الدولي بعنوان "الاستثمار في قدرة المدن على الصمود" فإنه بحلول 2030، وفي غياب ضخ استثمارات ضخمة لجعل المدن أكثر قدرة على الصمود، قد تكلف الكوارث الطبيعية المدن في جميع أنحاء العالم 314 بليون دولار سنوياً.
 
المدن عرضة للكوارث الطبيعية
يورد كتيّب البيانات "مدن العالم في 2018"، الصادر عن "إدارة الشؤون الاقتصادية والاجتماعية التابعة للأمم المتحدة" UNDESA نهاية تشرين الأول (أكتوبر) الماضي، أن نحو ثلاث من كل خمس مدن في جميع أنحاء العالم، التي يقطن بها 500 ألف نسمة على الأقل، معرضة لخطر الكوارث طبيعية. وبشكل جماعي، تضم هذه المدن 1.4 بليون شخص أو حوالي ثلث السكان الحضر في العالم.
 
وأشارت الإدارة إلى أن 679 من بين 1166 مدينة يبلغ عدد سكانها أكثر من نصف مليون نسمة، كانت عرضةً إما للأعاصير أو الفيضانات أو الجفاف أو الزلازل أو الانهيارات الأرضية أو الانفجارات البركانية، أو مزيج من هذه الكوارث.
 
وأوضحت الإدارة أن بعض المدن الكبرى تتعرض لما يصل إلى أربعة أو خمسة أنواع مختلفة من هذه الكوارث الطبيعية، وتشمل عدداً من المراكز الحضرية الكبيرة مثل مانيلا وطوكيو وسانتياغو وغواتيمالا. وأضافت أن المدن الضخمة التي يزيد عدد سكانها عن 10 ملايين نسمة معرضة أكثر من غيرها، وأن ثلاث مدن فقط هي موسكو والقاهرة وكينشاسا تعتبر أقل عرضة أو غير معرضة لهذه المخاطر الستة.
  
 
المدن المعرضة لمخاطر الكوارث الطبيعية، المصدر: UNDESA
 
ويزداد انكشاف المناطق الحضرية على مخاطر الكوارث الطبيعية نتيجة عدة عوامل، منها تنامي عدد سكان المدن وتركزهم في مناطق محدودة ما يضع المزيد من الضغوط على الأرض والخدمات، خاصةً إذا كان الاستيطان في الأراضي الساحلية المنخفضة، أو على طول المنحدرات غير المستقرة، أو في المناطق المعرضة للأخطار المختلفة.
وكذلك تركيز الإيرادات والقدرات على المستوى الوطني، وحرمان السلطات المحلية من الموارد المادية والبشرية مع غياب التفويضات الصريحة للحد من مخاطر الكوارث والاستجابة لها. وإضعاف مشاركة الجهات المعنية المحلية في الحكم والتخطيط والإدارة الحضرية.
 
كما يرتبط خطر الكوارث الطبيعية بقلة كفاءة إدارة الموارد المائية وشبكات الصرف الصحي وسوء إدارة النفايات الصلبة، وقد ينتج عن ذلك مشاكل صحية وفيضانات وانهيارات أرضية. في شهر آذار (مارس) 2017، أدى انزلاق ضخم لأكوام نفايات في مكب يقع في ضواحي العاصمة الأثيوبية أديس أبابا إلى مقتل 115 شخصاً على الأقل على إثر قيام السلطات بمعاودة تشغيل الموقع نتيجة قيام مزارعين بمنعهم من استثمار موقع بديل.
 
ومما يعزز فرص حصول الكوارث الطبيعية تدهور النظم البيئية نتيجة للنشاطات البشرية مثل بناء الطرق والتلوث واستصلاح الأراضي الرطبة، والاستخراج غير المستدام للموارد الذي يهدد القدرة على توفير الخدمات الأساسية كالحماية من الفيضانات. قبل ثلاث سنوات، باشرت الحكومة المكسيكية بناء مطار جديد بالقرب من العاصمة مكسيكو سيتي تبلغ كلفته 13 بليون دولار، إلا أن تصويتاً شعبياً في تشرين الأول (أكتوبر) أدى إلى إيقاف المشروع بسبب مشاكل كثيرة، من بينها تشييد المطار فوق حوض بحيرة شبه جافة توفر المياه للعاصمة المكسيكية وتحول دون غرقها بالفيضانات.
 
 
إيقاف العمل بمطار في المكسيك بعد مخاوف من تعريضه العاصمة للفيضانات
 
كما تؤثر الكوارث وتتأثر بالبنية التحتية المتهالكة ومواد البناء غير الآمنة وخدمات الطوارئ غير المنسقة. وهي في كثير من الحالات ناتجة عن تغير المناخ الذي يتجلى في ارتفاع أو انخفاض الحرارة وازدياد أو نقص الأمطار تبعاً للظروف المحلية، ويؤثر بشدة وموقع ومعدلات تكرار الفيضانات وغيرها من الكوارث المرتبطة بالمناخ.
 
في 2018، بلغ إجمالي تكلفة الخسائر الناجمة عن التطرف المناخي في العالم نحو 100 بليون دولار. وطالت الكوارث أرجاء واسعة من العالم بدءاً من الجفاف في الأرجنتين وأوستراليا وجنوب أفريقيا وانتهاءً بموجات الحرارة المرتفعة في أوروبا، مروراً بالفيضانات في الهند واليابان وحرائق الغابات والأعاصير في الولايات المتحدة.
 
اتجاهات الكوارث الطبيعية في العالم العربي
عربياً، بدا التداخل بين الكوارث الطبيعية، وآثار تغير المناخ، وندرة المياه، والتوسع الحضري، كتحد خطير أمام واضعي السياسات. وخلال السنوات الأخيرة، كانت الفيضانات ونوبات الجفاف مدمرةً للمنطقة، ما تسبب في ندرة المياه، وخسائر اقتصادية، وآثار اجتماعية سلبية فضلاً عن العديد من الوفيات. ويُظهر تحليل طبيعة الكوارث في الدول العربية أنه في الفترة بين 1982 و2011 عانت المنطقة من 14477 حدث مناخي مائي و422 حدث جيوفيزيائي (زلازل)، أي 97 في المئة مقابل 3 في المئة.
 
ورغم تراجع مخاطر الوفاة الناجمة عن الفيضانات عالمياً منذ سنة 2000، فإنها مازالت في تزايد مطرد عربياً حيث ارتفع عدد السيول والمتضررين منها أو من يقتلون بسببها بمقدار الضعف خلال السنوات العشر الماضية، كما زادت نسبة إجمالي الناتج المحلي المعرّض للفيضانات ثلاثة أضعاف بين عقد السبعينات في القرن الماضي والعقد الأول في الألفية الثالثة.
 
في جيبوتي، تضرر 120 ألف شخص بموجة الجفاف التي حدثت عام 2011. وبين 2008 و2011، تسبب الجفاف في خسائر اقتصادية تعادل 3.9 في المئة من إجمالي الناتج المحلي السنوي لجيبوتي. وفي اليمن، قدرت الخسائر الناجمة عن الفيضانات التي ضربت حضرموت والمهرة سنة 2008 بنحو 1.6 بليون دولار، أي ما يعادل 6 في المئة من إجمالي الناتج المحلي للبلاد.
 
وفي 2009، شهدت مدينة جدة سيولاً جارفةً أودت بحياة عشرات الأشخاص، وفي 2011 تكررت الكارثة بتفاصيلها في المدينة ذاتها لتجتاحها السيول القادمة من المرتفعات في شرق المدينة إلى البحر الأحمر في غربها. وفي 2018، كان الأردن على موعد مع كارثتي سيول فقد فيهما أكثر من ثلاثين شخصاً حياتهم.
 
  
فيضانات مدينة جدة 2011 تسببت بوفاة أكثر من 100 شخص
 
ويزيد التوسع الحضري في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا من تعرض الناس والأصول الاقتصادية للكوارث. ويشكل سكان الحضر بالفعل نحو 62 في المئة من إجمالي عدد السكان، ويتوقع أن يزيد هذا العدد الضعف خلال العقود الثلاثة القادمة.
 
والمسألة ليست في التوسع الحضري بحد ذاته، بل هي في الطريقة التي يتم بها التعامل مع عملية التوسع الحضري. فالنمو السريع للمناطق العشوائية يؤدي إلى تعريض الفقراء للمزيد من مخاطر الفيضانات والإجهاد المائي. ويزيد هذا من التأكيد على حاجة واضعي القرارات إلى التركيز على التنمية المستدامة للمدن، وعلى قدرة الحكومات المحلية على الاستعداد للكوارث والتصدي لها.
 
كيف تواجه المدن الكوارث؟
يقترح خبراء الأمم المتحدة عشرة إجراءات أساسية يمكن أن تتخذها الحكومات المحلية لجعل مدنها أكثر قدرة على مجابهة الكوارث. وهي تشمل وجود تنظيم وتنسيق لفهم المخاطر والحد منها على أساس مشاركة المواطنين والمجتمع المدني، ووجود ميزانية مخصصة للحد من مخاطر الكوارث، وإعداد تقييمات للمخاطر يتم تحديثها بشكل دوري، والاستثمار في إقامة البنى التحتية وصيانتها للحد من أثر الكوارث.
 
كما تضم هذه الإجراءات تقييم سلامة جميع المدارس والمرافق الصحية ورفع مستوياتها، وتطبيق كودات البناء الوطنية ومبادئ التخطيط السليم لاستخدامات الأراضي، وضمان وجود برامج للتعليم والتدريب على التعامل مع الكوارث لاسيما في المدارس، وحماية النظم البيئية الطبيعية للتخفيف من آثار الفيضانات والعواصف، ووضع نظام للإنذار المبكر مع توفير متطلبات إدارة الطوارئ، إلى جانب وجود ضمانات لتلبية احتياجات الناجين بعد أية كارثة.
 
إن المدن في جميع أنحاء العالم تعمل حالياً لدعم قدراتها على الصمود والاستدامة في مواجهة الكوارث. فقد استصلحت عاصمة الإكوادور كيتو أكثر من مئتي ألف هكتار من الأراضي لتعزيز الحماية من الفيضانات وتقليل التعرية وحماية إمدادات المياه العذبة والتنوع البيولوجي في المدينة.
 
وفي جوهانسبرغ، تُشرك المدينة السكان في الجهود المبذولة لتحسين الأماكن العامة بحيث يمكن استخدامها بأمان للاستجمام والرياضة والمناسبات المجتمعية والخدمات بما فيها الرعاية الطبية المجانية. وبعد معاناة من جراء استمرار ندرة الأمطار والاعتماد الشديد على الزراعة البعلية لسنوات طويلة، عملت إثيوبيا على وضع برنامج شبكات الأمان الإنتاجية بقيمة 550 مليون دولار، ما أدى إلى انتشال ما يزيد على 7.5 مليون مواطن من براثن الفقر المدقع.
 
وفي أعقاب الدمار الهائل الذي خلفه إعصارا إيرما وماريا في 2017، حصلت ثمانية بلدان من منطقة الكاريبي على مبالغ تجاوزت 50 مليون دولار في إطار مرفق التأمين ضد المخاطر ومخاطر الكوارث، وهو أداة تأمين في حالة الكوارث. ودفع المرفق أكثر من 100 مليون دولار لـ 12 بلداً من بين مجموع أعضائه، وهم 17 بلداً. وهو يعد واحداً من بين أدوات البنك الدولي العديدة التي تمك!ن البلدان من الحصول بشكل سريع على الموارد المالية بعد وقوع الكارثة.
 
وفي مواجهة الجفاف المتزايد، تستخدم مدينة سيدي إفني المغربية تقنية حصاد المياه من الضباب باستخدام الشباك. وتوفر هذه التقنية المياه النقية لنحو 800 شخص بمعدل 18 ليتراً يومياً بدلاً من 8 ليترات كان يحصل عليها الشخص في السابق.
 
وتطبق بعض السلطات المحلية فكرة "المدن الإسفنجية" لمواجهة مشكلة الفيضانات وحفظ مياهها لموسم الجفاف، وذلك من خلال تأهيل شبكة المسيلات والمجاري المائية التي تحيط بها لتأمين منظومة مناسبة لجريان وتخزين مياه الأمطار، وفي مرحلة متقدمة تستطيع المدن الإسفنجية الاستفادة من شبكتها المائية في معالجة المنصرفات وتخليصها بيولوجياً من الملوثات التي تحملها. وذلك كما فعلت بانكوك عندما بن مرافق ضخمة لتخزين المياه الجوفية لمواجهة خطر الفيضانات المتزايد وادخار المياه لفترات زيادة الجفاف.
  
 
الحديقة المركزية في بانكوك تساعد في تطبيق فكرة المدينة الإسفنجية
 
ولتشجيع المدن على الاستعداد بشكل أفضل، أطلق "مكتب الأمم المتحدة للحد من مخاطر الكوارث" في 2010 حملة تمكين المدن على مواجهة الكوارث، وشجّع البلديات المحلية على إنشاء برامج الحد من مخاطرها. ومن بين 3858 مدينة وبلدة انضمت إلى الحملة حتى سنة 2017، كانت هناك 350 مدينة وبلدة من العالم العربي، أغلبها في لبنان.
 
لكن بشكل عام، يقول خبراء الحد من مخاطر الكوارث أن المدن العربية لا تزال تمنح الأولوية لقضايا أخرى أكثر وضوحاً مثل نقص المياه والأمن، وتكاد تكون غير مستعدة على الإطلاق لمواجهة الكوارث الكبرى لاسيما الزلازل، على الرغم من الآثار المدمرة التي يمكن أن تنتج عنها.
 
 
 
 
 
 

اضف تعليق
*الاسم الكامل  
*التعليق  
CAPTCHA IMAGE
*أدخل الرمز  
   
 
بندر الأخضر صديق البيئة
(المجموعة الكاملة)
البيئة والتنمية
 
اسأل خبيرا
بوغوص غوكاسيان
تحويل النفايات العضوية إلى سماد - كومبوست
كيف تكون صديقا للبيئة
مقاطع مصورة
 
احدث المنشورات
البيئة العربية 9: التنمية المستدامة - تقرير أفد 2016
 
ان جميع مقالات ونصوص "البيئة والتنمية" تخضع لرخصة الحقوق الفكرية الخاصة بـ "المنشورات التقنية". يتوجب نسب المقال الى "البيئة والتنمية" . يحظر استخدام النصوص لأية غايات تجارية . يُحظر القيام بأي تعديل أو تحوير أو تغيير في النص الأصلي. لمزيد من المعلومات عن حقوق النشر يرجى الاتصال بادارة المجلة
©. All rights reserved, Al-Bia Wal-Tanmia and Technical Publications. Proper reference should appear with any contents used or quoted. No parts of the contents may be reproduced in any form by any electronic or mechanical means without permission. Use for commercial purposes should be licensed.